عيون خنساء

ريما الدغرة البرغوت

زرعتُ عينيك يا خنساءُ في الشهبِ

فرافقتني ظلالُ الأيكِ في السحبِ

تسقيكِ من قطراتِ ما بها بللٌ

وتلثمُ الغيثَ يدعوها إلى العَجَبِ

من روحِ جذركِ ألقى الموجَ يلطُمني

فيولدُ الغصنُ أوراقًا لها انتسبي

مصباحُ نورِكِ في قلبِ النجومِ نما

من لمعةِ العشقِ في أفيائكِ انقلبي

ولتُرسلي الغيثَ من صحراءَ قد رَسَمتْ

عبرَ القُدامى بعمقِ الريحِ فاقتربي

صُبّي لهيبَكِ في أجفانِ قافيتي

فقد طغى الليلُ حتى عاثَ بالحُقبِ

ولتزحفي في أثيرِ القلبِ راجفةً

ولْتزرعي الكونَ بالأشلاءِ والنُّوَبِ

من سودِ أحداقِكِ الثّكلى أرى وطنًا

يَستلُّ عمقَ الأسى من أعينِ الحُجُبِ

ويشرَئبُّ لأزمانِ السّرورِ فما

في مقلتيكِ سوى دمعاتِ منتهَبِ

وفوقَ أهدابِكِ الجذلى بنَوْا ألمًا

في ساحةِ الريحِ رغمَ الثّلجِ في الهُدُبِ

خنساءُ عيناكِ ما عادتْ بها نظرٌ

لُفّي جفونَكِ بالأكفانِ واحتجبي

ولْتَعْزفي في سماءِ الكونِ لحنَ دمٍ

كي تقطفي الخزيَ من أعرابِكِ النُّجُبِ

ولْتُطلقي في سماءِ الظلمِ صرختَنا

(السيفُ أصدقُ أنباءً من الكتبِ)

زرقا اليمامةِ في الساحاتِ قد نُحِرَتْ

تناثرتْ في رحابِ الجوعِ والنَّصَبِ

قدْ بلَّغَتْكِ سلامًا لا رجوعَ بهِ

حطَّ السوادُ على أثوابِها القُشُبِ

يا عابثَ الطَّلِّ هلْ غازلتَ غيمتَنا

كيْ يغسلَ الغيثُ عارًا في فضا العَرَبِ

وسوم: العدد 701