الغجرية والقمر

(الجزء الأول)

غجريةٌ وَرَدَتْ بِلَيْلٍ مُقْمِرٍ

نَبْعًا وهزّتْ للسّما أهدابَا

*

"يا بدرُ أسألُكَ اللُّقى بِمُتَيَّمي

ذاكَ الذي سَلَبَ النُّهى وأذابا

*

ذاك الفتى الممشوقُ مُتَّئِدُ الخُطى

أتَرى حبيبي الأسمرَ الجذّابَا؟؟

*

كمْ ذا وطِئْتُ الشَّوْكَ كَيْ أخلُو بِهِ

كمْ ذا اسْتَقَيْتُ لأجلِهِ الأكوابَا

*

يمشي وقدْ لَثَمَتْ رُجُولَتَهُ الرُّبى

فمِنَ الرُّجولَةِ ما غوى الألبابا "

*

"يا طِفلَتي العَذراءَ ترجو عاشِقًا

من خالفَ الأعرافَ يَلْقَ عِقابَا

*

ذاك الفتى الغَجَرِيُّ مُتَّقِدُ الجوى

لكنّهُ سكَنَ الفلاةَ وغَابَا

*

ما بينَ عُنقُودِ الوصالِ وبينَهُ 

طَيْرُ الدُّجى ....أَوَ تَلْمَحينَ غُرابَا؟؟

*

كَيْ تَقْتُلي العُصْفورَ دُسّي خِنْجَرًا

تروي الدّماءُ الحالكاتُ تُرابَا"

*

_"يا سيّدَ النُّورِ البَهِيِّ هُنا يدي

تترَقَّبُ السُّمَّ الخَفِيَّ مُذابَا"

*

ألقى لها البدرُ المسمَّمَ خِنْجَرًا

"إيّاكِ أن تَرَيِ المِياهَ سَرابَا 

*

لا تُخلِفي الميعادَ مُكْتَمِلَ السّنا 

ما البدرُ إنْ لمْ يَكْتَمِلْ خَلاّبَا؟"

*

رَكَضَتْ لِميعادِ الرّجاءِ وتَمْتَمَتْ

تَعْويذَةً حلّتْ لها الأبوابَا 

*

ودَنَتْ من المَرْجِ المُطَلْسَمِ وانْزَوَتْ

عندَ اقْتِرابِ الطيْرِ دَسَّتْ نابَا 

*

فترنّحتْ من هولِ طعنَتِها الخُطى 

أرخى لها بدرُ السَّنا جِلْبابَا

*

وإذا بِسِحْرٍ فُكَّ مُنْذُ قديمِهِ

وهوى كَمَنْقوعِ النّدى مُنْسَابَا

*

" خُذْني ...فتحتَ البدرِ يُلْتَذَذُ اللِّقا 

قالتْ ...وها قدْ ضَمَّنا أحْبَابَا"

الغجرية والقمر (الجزء الثاني)

طِفْلٌ صغيرٌ في الحشا وتَوَجَّعَتْ 

فأثارَ بالرَّحِمِ الصَّبِيُّ عَذَابَا

*

فَتَئِنُّ من تَهَبُ الحَيَاةَ كَمِعْزَفٍ

لا شيءَ كالنَّغَمِ اسْتَفَزَّ رَبَابَا

*

مَوْلُودُ بَدْرٍ كانَ أبْيَضَ ناصِعًا

أتَضيعُ سُمْرَةُ والِديْنِ سَرابَا ؟؟

*

_"لا ....ليسَ لي ....ثَمَرُ الخِيانَةِ شَكْلُهُ 

لَمْ يَبْقَ إلّا أنْ يُدَسَّ تُرَابَا"

*

عَبَسَ الحَبيبُ ....توَسَّلَتْ ..."خُذْني بِكُلِّ

بساطتي واشْرَحْ لِيَ الأسْبَابَا 

*

لِمَ قدْ سَمَحْتَ لِدَمْعَتي ....قُلْ لي إذنْ

لِمَ قدْ سَمَحْتَ لها بأن تَنْسابَا؟؟

*

هذا لَثَمْرَةُ حُبِّنا ".....-" لا ؛ فاصْمُتي

مُوتِي وكُوني في السّماءِ سَحابَا"

*

في قمَّةِ الجَبَلِ المُكَلَّلِ بالسَّنَا

حَمَلَ الرَّضيعَ إلى السِّباعِ وغابا

*

وتَلَهَّفَ القَمَرُ الوَضيءُ وقَدْ  رَنَا

وارْتَفَّ مَهْدًا يحْضُنُ الأعشابَا

*

وإذا بكى أَخَذَ الهلالُ يَضُمُّهُ

"نَمْ يا صغيري واسْكُنِ الأهْدَابَا"

وسوم: العدد 710