وفــاء الشاعر

إنـي أرى لـلشعـر وردا واحـــدا       جـادت بـه الأيام عـند الجـدول

فالشاعر الملتاع أغرى بالهوى       كل النفوس على ورود المنهل

لكـنـه يـبـقـى عـلى ظــمــإ ولا        يرضيـه إلا فـرحـة المتـــأمــل

عشق الهروب إلى الخيال ولم يزل   يهوى الضياع بغابة لم تؤهـل

هو في الحياة خيوط حب كامن       بين الظلام وبين فجر مقبـــل

روح تهيم على المدى في جنبها      رفض يبدد واقعــا لـم يـقبـل

أرسى من الفكر الجديد قواعدا        كالنور بين جوانب المستقبل

يصف الدواء لمن يداوي جرحه       وهو الجريح بنار حب يغتلي

قبـس على الأيام يحرق نفسه         ليضيئ درب العاشق المتوغل

أزجى إلى الحرف الحياة وإنه         لولاه ذاك الحـرف لم يتـأول

نـظـم الـكلام بـفـنه وبــروحه          كاللؤلـؤالـمكنون لـم يتبـدل

هو في حياة القوم رمز ظاهر         صقل الحياة به ولما يصقل

لكنه المهـمـوم دومـا لا يرى          دون الهموم سعادة لم تبذل

بلسـانه حـق ُ يحارب باطـلا          كالسيف لا يخشى غبار الأرجل

فهو المنار لكل حق ضائـع           وهر الحراب تدك ترس الباطل

هو شاعر الله ألهب حســه           فإذا بـه نــور تبـدى مــن عـل

فالحق إن الحق سمت حديثه         وهو المبرز في الغرام الأمثل

تخذ الغرام لذاته رمزا وكم           أرساه معنى في المسار الأمثل

أمضى ليالي العمر يندب حظه       ويصوغه شعرا يضيئ كمشعل

حب بذات فؤاده أودى بـه           هـجـر يحـرَق ذاته كــالمــرجل

وكذا الزمان بحلوه وبمره           يبقى ضنينا لا يجود بــمأمــل 

غدر الزمان به وإن وفاءه          أنــقى مثـالا مــن وفاء سموءل

وسوم: العدد 713