بِالدَّمعِ

د. عمر جلال الدين هزاع

من شعراء الشام 

صيدلاني وشاعر سوري من مواليد مدينة دير الزور 1973، مقيم في قطر ،له اهتمامات واسعة بالنقد والدراسات الإسلامية ، حائز على العديد من الجوائز الدولية، نشر له أكثر من (800 ) قصيدة- حتى تاريخه - ترجم بعضها للفرنسية والإنجليزية ،تناول تجربتَهُ كثيرٌ من الكتب والدراسات النقدية ، أهم دواوينه: وسراجًا منيرًا (بحث شعري ملحمي في السيرة النبوية المطهرة).

 بريد إليكتروني [email protected] .

من قصيدته الفائزة بجائزة أفضل قصيدة في قطر 2016:

بِالدَّمعِ فاوَلتُ المسافةَ، يا قَطَرْ

             ثَمِلًا، و ما كَأسٌ تَدورُ! ولا سَكَرْ!

نَهَشَتْ نُيوبُ الهَمِّ لَحمَ قَصيدتي

             و تَنازعَ العَظمَ الكآبةُ والضَّجَرْ

فَلَفَظتُ مِن صَدري حَرائقَ زَفرةٍ

            كَوَتِ احتمالَ الصَّبرِ ضَرباتِ القَدَرْ

هَبَّتْ عَذاباتُ الحَنينِ، فَرَنَّحَتْ

            عَذَباتِ بَينٍ- بَينَ أَضلاعي -انتَثَرْ

فَعَدَتْ بِيَ الأَفكارُ تَستَبِقُ الخُطى

         تَحتَ انصِبابِ الذُّعرِ في دَربِ الخَطَرْ

لِأَدورَ في عُنُقِ الزُّجاجَةِ مِثلَما

          بَينَ الضِّباعِ الظَّبيُ يَبحَثُ عَنْ مَفَرْ

وَوَصَلتُ يَهمِزُني حُداءُ حُشاشَةٍ

          جَرَّتْ حُطامَ العُمرِ في قَصِّ الأَثَرْ

يَجري دَمي؟ أَمْ يا تُرى قَلبي الذي

          يَجري بِهِ نَهرًا هَواكِ؟ وَما انتَهَرْ؟

عُكَّازُ أَحلامي رُؤى أُمنِيَّةٍ

         دَبَّتْ على لَغَمِ الهَواجِسِ، فانفَجَرْ

فَتَطايَرَ القَلَقُ المـُعَتَّقُ في دَمي

             حُرَقًا تَقاذَفُها الحَنايا كالشَّرَرْ

حَتَّى تَفَيَّأتُ الظِّلالَ بِدَوحَةٍ

             تَنثالُ عِطرًا  كُلَّما مالَ الزَّهَرْ

تَختالُ لَحنًا سَرمَدِيًّا  كُلَّما

            بِالوَصلِ داعَبَتِ الأَمانِيُّ الوَتَرْ

أَبصَرتُها كَالكَوكَبِ الدُّرِّيِّ تَز

    هو! بَينَما تَغفو المـَجَرَّة ُفي السَّحَرْ

فَسَأَلتُها: (أَوَ تَقْبَلينَ تَوَدُّدًا

         مِن عاشِقٍ؟ فَضَح َالتَّلَهُّفُ ما أَسَرْ)

قالَتْ: (أَما خِفْتَ المَصيرَ؟) فَقُلتُ: (لَا

       يُنجي- وَقَد غامَرتُ -مِن قَدَرٍ حَذَرْ

لَو كانَ يَخشى- مِن عَواقِبِهِ -فَتَى

       أَفشى خَفايا القَلبِ يَومًا؛ ما جَهَرْ)

يا قِبلَةَ العِشقِ القَديمِ؛ وَقُبلَةً

          طَبَعَتْ بَهاءَ النُّورِ في خَدِّ القَمَرْ

أَنا شاعِرٌ؛ رَوَّى الفُراتُ بِرُوحِهِ

          عُنقُودَ شِعرٍ يَومَ لُقياكِ اختَمَرْ

خَلَّى بِدَيرِ الزَّورِ؛ مَسقَطِ رأسِهِ

          نَخلًا يَئِنُّ، وَسِنديانًا يُحتَضَرْ

حَمَلَ السَّلامَ مِن الشَّآمِ مُؤَمَّلًا

           أَنَّ الـمُقامَ مَعَ الكِرامِ الـمُستَقَرْ

وَمَضَى بِنَهرَي مَحجِرَيهِ، وَكَرمَتَي

          شَوقٍ، لِيَعصِرَ مُقلَتَيهِ وَيُعتَصَرْ

أَنا شاعِرٌ؛ يا "كَعبَةَ الـمَضيومِ"؛ لَو

          أَلقَى عَصَا الآهاتِ لَانفَلَقَ الحَجَرْ

قَد عاشَ- يَبسِمُ لِلحَياةِ -حَياتَهُ

          حَتَّى لَوَتهُ الحَربُ لَيًّا، فَاكفَهَرْ

أَنا شاعِرٌ؛ يا "أُختَ جِلَّقَ"؛ غُلِّقَتْ

       في وَجهِهِ الأَبوابُ، فاحتَرَفَ السَّفَرْ

أَرسى بِكَفَّيكِ القَصيدَةَ، وَاكتَفى

             بِوصُولِهِ بَرَّ الحَبيبَةِ، وَاعتَذَرْ

وَ أَتى، تَحِيَّتُهُ غَمامَةُ مُقلَةٍ

           تَجري بِخَدَّيهِ إِذا الدَّمعُ انهَمَرْ

وسوم: العدد 718