دعاء المستجير

يامنْ إلى العبدِ الفقير الاكرمُ = وإلى الفؤادِ المستجيرِ الأرحمُ

يا من برحمته الوجودُ منعّم = والخلقُ يحيا والقيامة تُحكمُ

يا من إذا طرقَ المطاردُ بابه = ودعا إليه بالرّجاءِ المعدمُ

وإذا استجارَ بحلمه متخوفٌ = وأناخَ عند ملاذه المتظلّمُ

وسعى إليه بالتضرعِ مذنبٌ = وألحّ عند سؤالهِ المتألّمُ

تأتي الإجابةُ للعباد مكارماً = وتفيضُ عند السائلين الأنعمُ

ما سدّ بابك للخلائقِ صدُّهم = فكأنّهم لم يجحدوا أو يجرموا

عشتُ الحياةَ وما حسبتُ فراقها = والموتُ حولي حاجزٌ لا يخرمُ

يستلُّ من قبل السَّقيمِ سليمها = وشبابها وصغارها لا تسلمُ

القطر تُعطي إن عصرت قرابها = وأنا بها مثل المراهق يحلمُ

يا ويلتي أبغي الحياةَ كأنّني = مثل الصبايا فكرُها لا تهرمُ

حالي إذا حانَ المماتُ كراحلٍ = عبر الفلا ومتاعهُ لا يُعصمُ

يوم القيامةِ والحشودُ بلا مدىً = تحتارُ أسراري بمن تتحزمُ

حين المنادي للحسابِ يصفني = تجثو الجوارحُ والرجاءُ يلملمُ

أين المعينُ؟ وما لعيني فازعٌ = فالأهل فرّوا والمراضعُ تفطمُ

كم من ذنوبٍ كالصّغائرِ خلتها = لكنّها عند الجليلِ الأعظمُ

أين المفرّ وما لعذري شافعٌ = فالذنبُ يفضحُ والكتابُ المُحكمُ

وإذا نكرْتُ فواحشي لمخوفتي = فجوارحي بذنوبها تتكلّمُ

أنت المخاصمُ والقضاءُ وحيلتي = أنّي برحمتك الدخيل المجزمُ

كيف الفؤادُ وأنت فيه ساكنٌ = في النار يحرقه اللهيبُ المضرمُ

إن كان يحيا في اللّظى فمصيرُه = لفراقك الموتُ البطيء المؤلمُ

النارُ أهون من فراقك سيّدي = فأنا وحبّك توأمٌ لا نُقسمُ

ألزمتَ نفسك يا غنيُّ برحمةٍ = لا تنتهي في وسعها أو تُحجمُ

قد فاقَ حلمك كلّ ذنبٍ مروعٍ = رُجّت له أهلُ السما والأنجمُ

أنصفتَ كلَّ العالمين تمنناً = فالعدلُ أنت وما بحكمك تظلمُ

لو يأخذُ الملكُ العبادَ بظلمهم = لم يبقَ فيها كافرٌ أو مُسلمُ

أدعوك ربّي والشبابُ يزفّني = والجهلُ في وهجِ الغرائزِ يُوهمُ

أن لا تُريني في المشيبِ ندامةً = عمّا جنيت ولا سقاماً يقصمُ

أن لا تُريني في القيامةِ حسرةً = فأنوخ فيها بالجحيمِ وأجثمُ

وسوم: العدد 723