هوامــــش على طبائع الاستبْداد

{1}

(إنها قد تكون صيحة في واد، أو نفخة في رماد، غير أنها في غد قد تذهب بالأوتاد).

الرحالة . ك

{2}

( إن الحوادث  هي التي تنطقني ، وتمسك بتلابيبي ، وتقول لي :تكلم ولا تخف أحداً، أنا طائر وقع وقع على غصن شجرة ، وبدأ يرفرف بجناحيه ، ويسجع ، ثم طار )

أبو الحسن علي الحسني الندوي

{3}

(خرج سيموزا من قصره واستقل السيارة

سارت السيارة في شارع سيموزا

وتوقفت عند ساحة سيموزا

لإزاحة الستار عن نصب سيموزا)

أرنستو كاردينال،

شاعر الثورة الساندينية .

الشِّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــعر

قل ، لا ، إذا قالوا : نعمْ !

للشعر صبوته

وصولته

وقدرته على هدم الصنمْ

وجدة 18 ذي الحجة 1414هـ

29 ماي 1994

سرْحةُ مالك

فيـــا سرحـــةَ الــــرّكْــــبانِ ظـــلّـــكِ بــــاردٌ

ومـــــاؤكِ عــــذبٌ لــــــــــــــم يحِـــلَّ لـــواردِ

شاعر قديم

أبى الله إلا أن ســـــــــــــــــــــــــــــرحة مـــالـك

على كل أفنان العــــــــــضاه تـــــــــــــــروق

                                                            حميد بن ثور الهلالي

الذين تبـــاروا زمــــاناً طويــــلاً

لتكـــريمِ شعْـــــري

يُـــعِــدّونَ قــبْــــري

يقــــولون: صوتُـــكَ ضـــــــــاعْ

فمـــا عـــدْتَ ملــتزمـــاً صفّـــنا

ولا عـــادَ شــعْـــركَ سَـــيْـــفا

بـــكــــفّ الجيـــــاعْ

يُـــريدونَ صمْـــــتي

وقد أبصـــروكِ تقيمين خــــاشعـــةً

                  في محـــاريبِ صوتـــي

ومـــا علمــــوا أنّــــني منذ عشرـينَ عــــاماً

أغنّيـــــكِ أنتِ!

                                                    

فاتح محرم 1416

31 ماي 1995

الكُــــــــــــــرســــــــــــــــــــــــــيّ

إلى الصديق المسرحي د.مصطفى رمضاني

يهتـــزّ نبض الفـــــنّ في خــــــــــــــــــــــاطــــــــــري

 بالحُــــبّ للثّـــــــــــــــــاوي وللـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزائر

جاءت وفـــــودُ الشَّـــوْق تحــدو الهـــــــوى

إلى رحـــــــــاب المبــــــــــــــــــــدع الساحــــــــــــــــر

إلـــى فتـــىً في فنّـــــــــــــــــــــــه ثـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــائرٌ

والنفس ضمّـــــتْ رقّــــــــــــــة الشــــــــــــاعــرِ

إيهاً رفيق الــــــــــــدرب، يا مصطفـــــــــى

والفـــــــــــــــــــــــــنّ أسمــــى نسبٍ فـــــــــاخــــر

أتيْـــــــــــــــــتُ يا صـــــــــــاحِ وقيـــــــــــــــــــــــثارتي

 ثكــــلى، وكانتْ كعبــــــــــــــــــــــة الثـــــــائر

والنفـــــــــسُ بالأرزاء مكلــــــــــــــــــــــــــــــــومةٌ

والدّمــــــــــــــــع محبــــــوسٌ على ناظـــري

نارٌ، ولا أشــــــــــــــــكو ــــ وقد أطبقــــــــتْ

حلْقــــــــــــــــــــــــــــــــاتها ــ إلا إلـــى فاطـــــــــــري

جُـــرْحـــانِ فـَــــــــــــــــــــــوّارانِ لم يسكنـــــــــــا

من قبلُ قلــــب العاشق الضَّــــــــامـــــر

جــــرحٌ، فـــــؤادي وحــــــــــده لم يـــــــــــزلْ

 يــــــــــــــــــــــــغــــرقُ في ســــاحله الغــــامـــــــــــــر 

وثانيَ الجـــــــــــــــــرحين حُــمّــلتُــــــــــــــــــــــــــــــه      

وأمّــــــتي في قيْـــــــــــــــــــــــــدهــــا الكـــــــــاســـر

إذا أنــــــــــــــــــــــــا هتفـــــــــــــــــــــتُ: يا أمّـــــــــــــــــتــــا      

 نكـــــــأتُ جــــــــــــــــــــــرح الفارس الشــــــــــاعر

وإن أنــــــــــــــــــا صــــــــــــــــــرختُ: يا أمّــــــــــــــــــتي!        

دوّى بيــــــــــــــان الشــــــــــــــــــــــــــــــاعـــــر الهــــادر

تلتفـــت الشـــــــــــــــــــهبـــاءُ: مـــــــــــــــــــــــن أيقـــــظ

الــــــشوق، ومــــــــــــــــــــــن روّع من طـــائري؟

فليُشحذِ الســــــــــــــــــــــيــــفُ على أضلعـــــــــــــي       

ولتُـغْـمَـــــــــــــسِ الريـــــــــــــــــــــشةُ في زافـــــــــــــري

هل ضجّ (أطفــــالُ البسوسِ) اغتـــــــدوا       

من شـــدّة القصـــــــــــــــــــف صدى نــــــــاحر؟

فدعْ طغــــاةَ العصْــــــــــــــــــــــر، ما عندهـــــــــمْ         

منْ أوّلٍ يُـــحْـــــمـــــــــــــــــــــــــى ولا آخـــــــــــــــــــــــــــــــــــرِ

مــــــــــــنْ كــــــــــــــــــــــلّ بـــــاغٍ يمتطي شــعْـــبـــَــــهُ        

 وقــــــــــــــــــــــــد غــــــــــــــــــــــــــدا مطــــيّـــة الكــــــــــــافـرِ

مستَــــكْـــــبــــــــــــــــــرٍ والذّلُّ فــــــــــــــــي عطفـــــــــــهِ        

مستهْتـــــــــــــــــــــــــــرٍ فــــــــــــــــــــي غـــيّـــــهِ ســــــــــادرِ

كلّـــهمُ يسْــــــعــــــــــــــــــــــــى وكـــرْســـيّــــــــــــــــــــــــــــهُ        

مــــــــــــــــــــن خلْــــفــــــــــــــهِ يجْــــأر بالجــــائـــــــرِ

(حسابهمْ تـــــالٍ)، فهـــــــــــلْ أطبقــــــتْ

 قلــــوبُــــهُمْ على هـــــــــــــــــــــــوى خـــــــاسرِ؟

إيهـــاً رفيقَ الدّربِ، أقـــــــــــــــــــــــلامُـــــــــــنــــا         

أنعمْ بهــــــــــا في الكـــــــــــــــــــربِ من بـــاترِ

فكــمْ وكـــمْ من نــــــــــــــــــــــارها سُـــعّــــــرتْ         

جهنّـــــــــــــــــــــــمٌ للظــــــــــــــــــــــــالـــمِ الواغـــــــــــــر

شـــرقْــتُ بالموتــــــــــــــــــــــور والــــــــــــــــواتـــــــــــــــــــرِ          

وضقــــــــــــــــــــــــــــــــــتُ بالنّـــــــاهي وبالآمــــــــــرِ

آلِــــهــــــــــــــــــــــــــةٌ زائــــــــــــفةٌ نُــصِّـــــــــــــــــــــــــبَـتْ         

أوْهَـــــنُ ممّــــــا أخـــــــــــرجَ السّــــــــــــــامري

مـــا منْـــــــــــهـــمُ إلا صــــــــــــــدى فـــــــــاجــــــرٍ        

 قدْ قـــامَ يستعْــــــــدي على فـــــــــــاجــرِ

لـــمْ يُــجْـــدِهـــمْ في حربهمْ مُــنْـصــلٌ        

منْ قـــاهرٍ، زعْــــــماً، ومــــنْ ظــــــافرِ       

فمــــا لهــــــــمْ في السّـــلمِ مــنْ حــــــــاملٍ         

ومــــالهمْ في الحـــــربِ منْ نـــــــــــــــــــــاصــرِ

مـــا جـــرّدوا  إلا علـــــــــــــــى شَـــعْـــــــــــبهِــــمْ         

ســيْـــفاً، ولا قــــــــــــــــــــــــــــاموا إلى آسِــــــــــــرِ

ضاقــــتْ بنا الأرضُ، وضجّ الفـــــــــضـــا

مـــــــنْ بَــطْــشِهِـــمْ. وصمتنا السّــــــــــاخــــــــرِ

أيّتــــــــــــهـــا البتـــــــــــــــــولُ، أنت اللظـــــــــــــى       

والنّصــــــــــــــــــــــــــــرُ من إبـــــــائك الطّــــاهـــــرِ

 سيــــــــــــــــــزرعُ التّــكْــبـــــــــــــــيرُ ريــــحانـــــــــــــةً       

 أمـــــا لهـــــــــــذا الليـــــــــــــــــــــلِ منْ آخـــــــــر؟

وجدة في 25 محرم 1424/   29مارس 2003  

الـــجــــنرال

لم يكن يرتدي البزّة العسكريةَ،

كي نتهيَّبَ طلعتهُ

مثلما عـــــــــــــــــــــوّدتنا التجارب من ألف عامِ

لم يكن يتجَـــــــوَّل وسْط مدّرعة في الظلامِ

ليراقب أحلامنا الحجريةَ،

                           أو يتتبَّع خيط الكلامِ

لم يكن يتدلى المسدس من خصره في الزحامِ

كان في البذلـــــــة المدنيَّــــــة منتشياً

ولفافـــــــــــــةُ تبْـــــــغٍ على فمه

                     تتألق من بلد العمِّ سامِ

وأنا أتذكره في الميادين كالرعْـــــــــدِ،

يتلو قصائد لوركا وألحان طاغورَ.

أو ربما راح ينظم شعراً يحاكي به شعْــــــــــر سعدي

ويحاضر ضد دم الجنرالات إذ يذبحون (إلندي)

فكيف غدا اليوم يفتح زنزانة للمساكين؟

كيف غدا اليوم ينتزعُ الخُــــــــبْـــــــــــــزَ

من كلِّ من قال: لا للسياط التي تتسرب تحت العظامِ؟

هل تحول هذا المناضلُ رباً

 ليقطعَ رزق العبادِ

ويجعل من قال: ( لا ) كومة أو بقايا ركام؟     

في انتظار  موســــــــــــــم الرّياح

إلى الصديق الشاعر أحمد مفدي

{1}

صديقي المسافـــرَ في زورقٍ من شذا الكلماتْ

                             أو لظى الكلماتْ

ثلاثون عاما تصرّمت الآن كالعْـــــــــــهنِ في الريح

                  والقلبُ ما فتئت تتلقفه الطعناتْ

إلى أين نمضي؟

وقد ضاقت الأرض يا صاحبي بالمريدين والفقراء

وأوصدت الريحُ خضْــــــرَ المسالك،

       وانطفأت شمسُ أحلامنا قبل لحْـــن المساء

إلى أين ؟ لا مرفأ لسفينتنا يا رفيقي يلوّح، ما من جزيرة

فلا صوتنا نستجير بأشجاره في الظهيرة

ولا صمتنا اليوم أضحى يجير خطانا من العثراتْ

{2}

يا صاحبيَ السابحَ في بحر الأشعارْ

يا من خطَّ رسائله الأولى في سفر الثّـــوارْ

هل تبصر بعد سنين الهجرة ثوارا؟

هل تملك أن تهتف: "يا صاحبيَ الخطابي

أعشق في الدرب مريدك غيفارا"؟

هيهات، فغيفارا

أسلمه في الفجر رفاق الدرب إلى أشداق دراكولا

بصُبابة كأس واحدة من كوكا كولا

يا صاحبي الحاملَ في ليل الثورة كرّاسة

ماذا قالت نخلتنا الخضراء صباحا بسجلماسة؟

"هذا عامَ السكوتْ

من قال الحق يموتْ"

يا صاحبي المحمول إلى صبوات زلاغ

                    على متن السفن المهجورة

         اِبْك كما قضتِ الأقدار أمانيَّ الشعب المغدورة

هل يأمن هذا الجالس جُلاسهْ

                    ومن الجلاّس رقيب؟

هل يــمْـــلك هذا الساكت أن يكتم أنفاسه

                       وعلى الأنفاس رقيب؟

رحم الله زماناً

 كنا نملك أن نحتج على القاتل بالصمتِ

                 وأن نقهر بالصمت الصاخب جُلاسه

 عجبا، كيف غدونا اليوم نطالب يا صاح بأن نهتف للقاتلْ

ونسمي باسم الحق الباطلْ؟

يا صاحبيَ المنذور لقافلة الموتْ

أرجوك الصّمت الصّمتْ.

الاحتفال برأس السّنـــــــــــــــــــــة

مضتْ ســـــــــــنةٌ وأطـــــــــلَّـــــــــــــتْ سنــــــــــة

وفوق الــصــــــــــــــــدور صـــــــدى الأزمنة

فلا الثلـــــــــــــــج يخلَـــــــــــع ثوب البـــــهاء

ولا الغـــــــــــيث يحتضن الســـــــــوسنــة

          تُـــــحَــــــــــــــــــــــــــــزُّ رقـــــابٌ، وتهوي قبابٌ

وتُـــــــقْـــــــــــــــــــــــــــــــطــــــــــع في غفلةٍ ألْسِـنَــــــــة

أتحتفلون بــــــــــــــــــــــرأس السنــة ؟!

هنا امْـــــــــــــــــــــــــرأة لم تزل في الـــــشتاء

كمثل سنــــــــــــــــــــــــــــــونُـــــــــــــــــــــوَّة مذعنـــــة

مضَـت تغْــــزلُ الصوفّ في الليل آنا

 وتنقـــــــــــــــــــــــــــــض ما غــــــــــــــــــــــــــزلت آونــة

وصبــــــــــــــــــــــيتها حولها يرقبون

وينــــــــــــــــــتظرون أباً غـــــــــــــــــــــــــــــــــاب دهرا

"ويوم الســــــــــــــــــــــــــــجون كألف ســـــــــنــة"

هنا طفلة لــــــــــــــــم تزل في الــــــــــــــــــــــــعراء

تلملم أحلامهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا موهـــــــــــــــــــــــنــة

وتهتف: (بابا) فيبكي النخيــــــــــــــــــــــــــــــــــل

ويهمي، ويـــــــــــــــــــهمي العذاب الطويل

وترتــــــــــــــــــــد آمــــــــــــــــــــالهـــــــــــا مثخــــنــــــــــــــــــــــــــــة

هنا ظل شيخ ذبيح

وشهقة طفل جريح

تــــــــــــــــــــــــــــــــــمر على صدره عربات الوباء

وتســـــــــــــــرق، فــــــــــــــــــــــــــي غفلة، موطنـــــــة

هـــــــــــــــــــــنا قــــــــــــــــــــــــــــــــرية دمـــرتها الحروب

وللـــــــــــــــــــــــــــــــــــحرب رائــــــــــــــــــــحة منتــــــــــــــــنة

تبـــــــــــــــــــــث الدروب النشيــــــــــــــــــــــــــــــــجَ

وللــموتِ فيها يدٌ تجهض الأحصنــة

تئن المحاريـــــــــــــــــــــــــــــــــب من وحشةٍ

وتُـــسَـــبِّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــحُ قـــــــــرميـــــــــــــــــــــــــدةٌ ..

وتشكو إلـــــــــــــــــــــــــى ربهـــــــــــــــــــــــــا مئذنة

أتحتـــــفلون برأس الـــــــــــسنـــــــــة ؟!

بساتينُ تونُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــسَ مقــــــــــــــفرةْ

وحساسينها الــــــزرق مــــــــــــــــــــــــــــبعدةٌ

تطاردها في ليالي الشتاء

جـــــــــــــــــنود الوثنْ

ومن جرحها النــــــــــــــبويِّ

تؤســـــــــــــــــــــــس عبر المنافي

          ربيعَ الوطـــــــــــــــــــنْ

وأطــــــــــــــــــفال بغداد لا يعرفون اللبنْ

وإن زارهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم طــــــــــــــــــائر الموت

                         لا يدركونَ الكفــنْ

وهم يشربون كؤوس التـــــــــــــــــحدي

ولا يرفعون بها علم المســــــــــــــــــــــكنــــة

ومن دمهــــــــــــــــــم يدفعـــــــــــــــــون الثمن

فمــــــــــــــــــــــــــن أي كأس شربتمْ تُــــــراكمْ

لتحتفلوا ، كالجذور التي في الهواء ،

                            برأس الــــــــــسنـــة ؟

رجب 1415هـ

دجنبر 1995

الاغتيــــــــــــــــــــــــال

أو لم أقل لك إن كلَّ رسائلي 

أضحت محدّدة الإقامـــة ؟

أو لم أقل لك إن ما بيني وبينك ألف كفٍّ في الظلامْ

تغتال أوردة القصيد ، وتدّعي حفظ النظام ؟

أيكون من حفظ النظام

وأد القصيد وقص أجنحة الحمام ؟

أيكون من حسن السلوك والاستقامــة

أن نستباح وأن نضامْ

فنقبل الكف التي قد مرغت شرف الأنام ْ؟

 جــــــفَّ اللسانُ، فكل حرف جثَــــــــــةٌ

صارت مع العهد الكنود مطوّقــــــــه

(وتعطَّــلت لغة الكلامْ )

إلا صدى يأتيك من وسْــط الــــــزِّحامْ :

يا أيُّــــــها الولد المحاذر أن يزلَّ عن الصراط المستقيم

لتكن سداسيَّ النجوم

ليكن شعارك منجلا أو مطرقـــة

كن في اليمين أو اليسار أو الوسطْ

كن دون خطّْ

لا ضير !

لكن لا تكن للدين منتسبا

وإلا فاختيارك كلُّه شططٌ ..شططْ

قتلوك مـــــــرًّاتٍ ، وواروك الثرى

يا أيها الولد الشقيُّ !

فكيف ؟ كيف نهضت من تحت الركامْ ؟

وحدي أنا الممنوع من حقِّ الكلامْ

أنا بين ثانية وثانيةٍ رهينُ رصاصة أو مشنقــةْ

أو خنجـــرٍ يسعى على جسدي ولا يرحَـــمْ

إذ لم أقل للحاكم الجبَّـــــــاِر :أنت الربُّ !

أنت إمامنا المعصومُ!

أنت القائد الملهمْ !

فإذا رأيتِ دمي توهَّــــــــجَ في الدجى

وسرى بأطراف البلادْ

فاستبشري، لا تعلني بعدي الحدادْ

فلسوف أرفع رايتكْ

ولقاؤنا الموعود في دار السلامْ !

21 رمضان 1408.

الحروف والأشْيــــــــــــاء

أسيرُ في مملكة الشعر وحيدا منذ عشرين سنة

أرسم في دفــــــــاتر الأيَّــــــــــام

مرابعاً للطيب

             والأطفال      

                   والزيتون

                             والحمام

مدائنا ملوَّنــــــهْ

تحرسها زنبقةٌ وسوسنهْ

أسير في مملكة الشعر وحيدا منذ عشرين سنهْ

مبشرا بزمن البناء

بنقطة الضوء التي تصل بين الحرف والأشياء

وها أنا الضارب وحدي منذ عشرين سنه

في هذه البـــيـــــداء

تنوشني السهام

ميسرة وميمنه

لأنني ما زلت مثل الصخرة الشماء

أرفض أن أغير انتمائي

لأنني…

منذ خلقت لم أهب دعائي

لغير رب الأرض والسماء.

 

قراءة في سفْــــــــــــــــــر العطــــــــــــــــــش

رؤيا :

(رأيت يا ريحانه

فيما يرى النائم خيط النَّــــــهَـــــــرِ الممتَـــــدِّ ألقى خلفه ألوانهْ

مجددا مجراهْ

يهب كلَّ نخلةٍ ظمأى، وكلَّ كرمة،

وكلَّ سنديانة

منابع السرور من دماه )

مثقلةٌ بالفَــــرَحِ الموعود عراجينُ البلد الطيِّــــــبْ

مثقلة أغصان الزيتون بمشكاة الأنوارْ

لكنك موعود بأفاويــفِ التَّسيار

فاضرب بعصاك البحْـــر، أو اضربْ هذا الجبل الأشهبْ

لا تسألي الأطلــــــــــــــس الجبَّـــــــار ما وعدا

قد جف تحت عـــــــزيف الــرِّيح ما وعدا

لا تسألي الأطلس الريّــــــــــــــان كيف غدا

عطشان.. لا تسألي المــــــــــــــــاء الذي ركدا

لا تسألي المدن العجْــــــــــــــــــــفاءَ في دمها

  غــــــــرْقى وهذا الردى يزهـــو بما حصدا

وسائلي الشعب هل أغفى فمــــــــنتظرٌ

نور الصباح غدا؟ أم أنه خـــــــــــــــــــمدا ؟

ماذا مـــن الذلِّ والإقْــــــــلال قد وجدا ؟

كيف ارتضــــى القيْــــدَ في كفيه متقدا؟

كيف ابتغى الخوف والإحجام  ملتحدا؟     

والمــــــــــــــــــــــترفون ظماء

ما سوى دمه الوهّــــــــاجِ  

يروي غليلا : أو يبلُّ صدى !

يا ريحانـــةْ

هذا النهرُ الطَّـــــــــالعُ من كبدانـــةْ

يمتــــــدُّ كسيفٍ ملتهبٍ

حتى آخر حبَّــــــة رمْــــلٍ في الصحراءْ

أسمع بنتي تنشد بعد الدَّرْس :

(ذهب الأرنبْ

نحو النهْـــــــر

ذهب ليشربْ

عند الجسرْ )

أي بنتي !

أنت الآن كتابٌ أقرأ فيه

تاريخَ بلادي القادمَ من عمري أو من عمركْ

أوصيك وما أدري

أأنا أوصيك، أم أني –يا بنتي- أوصي نفسي :

ليكن بستانك في صدركْ

من يأمن في هذا الزمن العاري

فتك عقور

أو سطوة جبّــــــار

وبوائق جــــــــــار

في ليلة عيـــــدْ

من يأمن زوَّار الفجْــــرِ يجبُّـــــــون صلاتك

والليل شهيـــــــدْ ؟

يا ريحانـــةْ

والله لأن نتسكع في حانــةْ

وعروس الزنج تزين مفرقَـــــها

ألْـــــــفُ جُـــــمانـــةْ

آمنُ منْ أن نمضيَ ليلتنا نتهجَّـــــــدْ

في أقصى مسجدْ

من هذا البلد الممتــــــدّْ

من أندية البحر المتوسط

أو من نادي (السافاري)

حتى أندية الروتاري

(هذا صيّـــــادْ

أقبل يصطادْ

قل للأرنــــــبْ

أسرع واجْـــرِ )

لكنَّ جناح الأرنبْ

أقْـصَــرُ مِنْ أخْدَعِ أحْـــدبْ

يا ريحانهْ

شيخ المسجدْ

في زنزانَــــــــةْ

والبابــا إسفينٌ في شكلِ حمَـــــامٍ

يزهو ويعَـــــمِّـــــدْ

أشجار وأروقةَ الـــــــدَّار العجفاءِ المزدانـــةْ

بتواريخ الكدْح الـــمُــــــــــرَّةْ

وتجوع شرايينُ الدّار العجفاء، تجوعُ …

ولكـــــنْ ..هل تزني الحُـــــرَّةْ ؟

(سمـــــع الأرنبْ

عنْـــــد الجســـــــرِ

صوتَ رصاصه

فمضى يجْـــــري )

في العام السابع

كان عظيمُ الــــــرُّوم يغطِّي سوءته برداء الزِّنْــجِ

               ويُــطْــلِــقُ نحو جبين الوطن المحموم رصاصه

في العام الخامس

كان التنين الأمريكيُّ الظامي

يسعى في جلبابٍ يكمن في لحمته القنّــــــاصــةْ

كان القاتل

في العام الحادي

مختبئا في ظـــــلِّ وليِّ الأمر العادلْ

كانت أبراج الدار المشهودة في العام الرابعْ

تبعث خيط دخان ناصعْ

لمداشر منسيّـــــةْ

ومدائن مسْــبِيَّــةْ

في العام الثالث

يأتي رهبانُ الليلِ رجالاً …

وعلى كلِّ جوادٍ أشهبْ

يتحرى آثار القصواءْ

في حاراتِ الــــــــدَّار العجفاء 

وإلى أن يأتي وعْــــدُ الصِّـــــدْقِ

وتكبر فيك عراجينُ البلد الطيِّــــــبْ

أوصيكِ وإيَّــــايَ (فتاريخ الأمة يا ببنتي آتٍ

                        من عمري أو من عمركْ )

ليكن بستانُك في صدركْ !

         ليكن بستانُك في صدركْ !

باريس صيف 1985

اشْـــــــــــــــــتعال المــــــــــــــــــــوج

تلــــــذُّ النَّـــــــوْمَ ؟

كيف وهذه الدنيا جراحات

تضمِّــــــــدُها جراحاتُ ؟

وكيف؟ وكلُّ مخلوق له في الأرض غايات

سوى أنتَ الذي انسدَّتْ بعينــِـــك هذه الآفاقْ

فما عادت لذاتك فوق ظهر الأرض غايات ..

جراحات الهوى سكنتْ

وضجَّ بصدرك العاري

جراح كاشتعال الموجِ ..

          أو لسع اللظى الضَّاري

فيا أيّــتُـــها الصحراءْ

أيا وتراً يسيل ضراعة وحُــــداءْ

سألتك بالذي خلق الكواكب ..والمعادن ..

                        أحرقي من يسرق النفطا

                               ويطعم شعبك القحطا

أيسرق نفطك الأسودْ

ويفتح بابك الغربيَّ للأفَّــــــاك والمرتَــــــدّْ

ويمشي فوق شلو الرَّمْــــل مخْتالا

ونحمله على الأعناق رئبالا ؟

فضمِّي حـــــزْنك القتَّـــــــــــــالَ يا أيَّــــتها الصحراءْ

وصبِّي فوق نحْــــرِ الليل صُــبِّي الدفْءَ  والأنْــــداءْ

جهارا ..

أو فصُــــبِّي الحُــــزْنَ فوق حقولكِ السوداءْ .

الثاني من المحرم 1411

25 يوليوز 1990 

الابـتـــــــــــــــــــــــــــــــــلاء

إلى الصديق الدكتور أحمد التويجري

ترى يا صاحبي قد كنت تقرأ من وراء الغيبِ

                   عن بصر حديدٍ يكشف السُّــجــفا

وظــــــنٍّ ثاقِــــــبٍ لا يخطئ الهَــــــدفا ؟

فملتَ إليَّ مبتسما :

" رصاصتهمْ لحــــدِّ الآن قد طاشتْ ..

                      ولكنَّ ابتلاءً صادقاً أزفا !"

أكنت –تراك –تبصر هذه الأغلالَ

تنحت من فؤادك أو لسانِكِ ..

                    أو تُــقِــــيدُ دمـاً بغير جريرة ذرفا ؟..

وكم نادٍ هتفت به

            وغيْـــــــرُكَ من قيود الخوف ما هتفا

مضت سبعٌ من السنواتِ[2] يصرخ منذرا :

                      يتصدَّعُ العَــرْشُ

وربُّ العـــرْشِ تحت ذراعه نعْـــشُ.

{2}

يقولونَ : الجمال رسالة الفنِّ العظيم ، وزينة الملكوتْ

أقول لكم : لتسقطْ أحرفي إن لم تكن سيفاً على الطاغوتْ

وكنَّا نطرق الأبوابْ

ليسقط كلُّ حرف يمْــسَح الأعتابْ

{3}

منَ اَقصى الأرض يا مولاي ، من أدغال سيبيريا

من الأورال ، بل من آخر الدنيا

أتى شاعـــرْ

بليل قد تراكم كانبثاق الموجِ

          من أعماق بحْـــر هادرٍ هادرْ

وأرسل قلبه حرفاً يُــضوئ حلكة الدربِ

ومجَّــدَ صوتك النبويَّ ، واتَّــخذ القرار بخافقِ الشعب

وصاح مدَوِّياً :

" إنِّي لأقسم صادقاً بالشفع والوتْــرِ

وبالليل إذا يسري

وأقسم بالجهاد ، وباشتعال السيفِ ،

أقسم بالضحى ، وصلاتك الوسطى ، وبالفجْـــر

( ما ودَّعكَ ربك وما قلى )

ألم يجعلْــــكَ ربّك أنت ، أنت المصطفى المخْتارْ ؟

ألم يسقيك

[2] الديك الذهبي : أوبرا كتبها بوشكين ، ووضع موسيقاها كورساكوف، ومن (وحي القرآن) عنوان قصيدة لبوشكين.

[3] . قال الشاعر :

لولا فوارس من نعم وأسرتهم          يوم الصليفاء لم يوفون بالجار

وسوم: العدد 735