أكتفــي بترابي وشمســي

الإهداء

إلى بنتي هدى، مغتربة في أكناف بيت المقدس

أكتفي بترابي وشمسي

وأقتنص اللحظة الهـــاربة

برقهمْ خلّــبٌ، وسحابتهم كاذبة

وأرضي مسيّجــة بنداء النبــوّات،

فلينفخوا ريح أحلامهمْ في الميادينِ،

وليستعيـــروا لزرع البساتين شمسَ سمائهم الشاحبة

ح. الأمراني

أهوىً ولات اليـوم حــــــــــــين تصـابي

وجـوىً، وقد غمز المشيبُ شبابي؟

                                                   عــرار (مصطفى وهبي التلّ)

تمتّعْ من شميم عــرار نجـــدٍ

فما بعــد العشيّــةِ من عــرارِ

                                        (الصمّة القشيري)

حــــــــــــــــــــــــــوار مع عــــرار

             ــــ عمّانُ موحشةٌ بدونك يا عرارْ

الأرض دون حدائق العشّاق مزهرةً بوارْ

الأرض موحشةٌ،

    بأيّ يدٍ تصدّ عن الحمى جيش التتارْ؟

ــــ أنا إذ أصدّ عن الأميرة جيشَهمْ

                               أحمي الذمارْ

الـــقـــــــــــصــــــيـــــــــــــــدة

1 ـــــ

اكتب عن الزّمــــن البعيـــدْ

اكتبْ عن الطّـــوفانِ،

عن إنســــانِ "نيونردتــالَ"،

عن عصــــر الجليـــــــــــــــــــــــــــدْ

2 ـــــــــــــ

اكتـــبْ عن العــنْـــقـــاءِ،

عن أسطــــورةِ الرَّخِّ المـــحــلّــِقِ،

فوقَ قُــــبّـــــته العــتــيـــــدةِ

عن ليــــــالي شهـــرزادَ،

وعن منـــــادمة الرّشـــيــدْ

3 ــ

اكتُـــبْ عن الـــقيــــثــارةِ الخَـــرْســـاءِ،

عــنْ قـــارورة الجــنّـــيِّ،

عن لقمــــــــــــــانَ ذي لُــــــــــــــــبــَدٍ،

وعــنْ فــرعونَ ذي الأوتـــادِ،

عن رجـــلٍ يطـــوف الأرض في الزّمـــن البعيـــدْ

4 ــــ

اكتبْ عن البلــــدِ البعيـــــدْ

عـــنْ كلبــةٍ نَــفَــقَــتْ بإيرلنــــدا،

عن الأزيــــاءِ في بــــاريسَ،

عن عـــرباتِ الاِسكيمــــو،

وعن سعـــــدانِ أستـــراليا،

عــن الأمـــزونِ وهْــو يمــــورُ

فــوقَ جهنّـــمَ الخضـــراءِ

                   عن كــوبْرا يروّضُــــــــــها ولـــيدْ

5 ـــ

اكتبْ، إذا ما شئــتَ تنفيســــاً،

عن المـــاضيـــــنَ مــنْ أهـــلِ القُـــبــــورِ،

عــن القُــصُـــــــــــــورِ،

وشـــاعرٍ غــنّى فألّــــهَ من كســـاهُ حُـــلّـــةً

            ورمى رداء الكبـــرياء على العبيــــــدْ

اكتبْ كلاما ليس يفهمه سواكْ

وانْـــقُـــــل إلى النفس العــــراكْ

يا ليتني أدري أشيطـــانٌ يُعربدُ في عـــروقي أم ملاكْ؟

ودع الذين طوتهـُـــــمُ كــفّ الــرّدى

يتضــوّرون، ويبحثـــون عن الهـُروب أو الهــــلاكْ

اكتبْ عن الــــزّمــن البعيـــــدْ

واكتــبْ عن البلـــد البعيــــدْ

حــبّـــرْ كـــلاماً مُبْهَـــماً

لتجـــيء صـــاغرةً إليكَ

جـــوائز الـــوالي السّعيـــــدْ

وتكـــونّ شــــاعره العتيــــــدْ

7    ـــــــ

انظـــرْ وراءكَ في غَضَـــبْ

وابصقْ على سيبويهِ والفـــرّاءِ،

فـــجّــرْ أضلعَ اللغة العتيـــقــةِ،

كي تكــونَ الفـــارسَ الثّــوْريّ،

واسْخــرْ من أعاريض الخليلِ،

عَــفَـــــتْ، وميـــزانِ الذّهبْ

     أحْـــرقْ دواويــنَ العَـــرَبْ

مـــزّقْ بسيفـــك، ذلك المسْــــــلــولِ،

ما قـــدْ سنّــهُ الأعـــرابُ من سَــنَنٍ،

فــإنّ تــراثــهمْ عَــفَــنٌ،

وشعرهمُ عن التّــاريخ قدْ شــردتْ قوافيــهِ،

فــسَـــمّوهُ البيُـــوتَ الشّــاردة

دعْ عنكَ ما قدْ زخْــرفوا من أَبْــــــــحُـــرٍ،

أو صَـــنّــفوا من أسْـــطُـــرٍ،

أو حبّـــروا من قــــاعدة

فالشّــعْــرُ أجنحَــةٌ إلى المجهــــولِ،

تفجيـــرٌ لما قد كانَ،

لا تكتبْــه للمستضعفيــنَ،

ولا تُبــارِكْ طفـــــلةً في القُـــدْسِ،

ليستْ تعْـــرفُ التّــفْــجيــرَ إلا طلْـــقــةً

نسفـــتْ عــــدوًّا قُــرْبَ يـــافا،

لا تــثُـــرْ في وجــه من سرقـــوا الخلــــيلَ،

ولا تقُــلْ شيئــاً عن الفلّـــوجةِ المعطـــاءِ، (1)

والنّجَــــف السّجيـــنِ،

فإن همستْ لطفلــةٍ في قندهــارَ،

فأنتَ مُــتَّــهَـمٌ هــــواكَ من المحيط إلى المحيــطِ،

وأنت سوفَ تُــجَــرُّ كالقرصـــانِ مغلـــولاً،

بقــاهرةِ المعـــزّ، وساحة الشّــهداءِ في وهرانَ،

أو صنعـــاءَ، والبيْضاءِ، والشَّهْبــاءِ، (2)

مُــتّــهَمٌ هــواك بالانتمــــاء إلى فلـــولِ القـــاعدة.

8   ــــــــ

يــا أيّهـــا المجنـــونُ بالـــزّمــــنِ الجـــديدْ

قلْ: لستُ أعرفُ غير شعبي،

فلأكنْ في لحنـــه وتـــراً،

وإلا فليغــضْ بــحْــري،

أنا لا أبتغــي بالشّــعْــرِ إلا ما يُلـقّــنني الشّــهيـــدْ

فلتــخْــرس القيثـــارةُ الميـــلاءُ،

وليمشِ الطّغـــاةُ على دمي،

وليــنْــفــجِــرْ جسَـــدُ القصيـــدةِ

إن لــمْ أكــنْ مصبـــاحَ أمّــتي المجيــــدةْ

وجدة، أكتوبر: 2004

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفلّوجة، مدينة في فلسطين، وأخرى في العــراق، وكلاهما رمز للمقاومة.

البيضاء، اسم تُسمّى به أكثر من مدينة في العالم العربي، مشرقا ومغربا.

مـــرآة الغربية

قال ذو الرّمّـــة، غيلان، يصف ناقته:

لها أُذُنٌ حَـشْــرٌ وذِفْـــرى أَسِــــــيلــــةٌ        وخدّ ٌ كَـمِـــرْآةِ الغَــريبةِ أسْـجَحُ

قال أبو نصر الباهليُّ، صاحبُ الأصمعيّ، شارح الديوان:

وقوله:" خدّ كمرآة الغريبة": وذلك أنّ المرأة إذا كانت في قوم غرباء، فهي أبداً تجلو مرآتها، تشتهي أن تَحَــسَّــنَ وتَـزّيَّنَ. فشَبَّـه خدّهـا بالمرآةِ المجلوّة.

مـــرآة الغربية

أميرةُ قلبي تسافرُ.

كلُّ الأميراتِ غادرنَ حجرةَ قلبي، وقلن: رضينا

بأنّ تتولى الأميرةُ أمْــرَك طوعاً، رضينا

ونحن الجواري

أميرةُ قلبيَ قد حمَلتها الأعاصيرُ عنّي

بعيداً، بعيداً،

               كعندلةٍ أفلتتْ من جفون النّهارِ

إنّهــا قطرةٌ من دمي

                   تستوي نجمةً في بلاد "عرارِ"

لتُــنْـشِدَ: حبّي كقلبِكَ يا أبتي مزهرٌ،

                       كالزنابق في خافقيّْ

ـــ من ترى، يا ابنتي، يزرع الضوء في مقلتيّْ؟

من ينام، إذا غبتِ يوما، على ركبتيّْ؟

وعمّـــانُ صوتــانِ:

صوتُ ملاكْ

وصوتٌ نذير بريحِ الهـــلاكْ

وعمّــــــانُ نهْــــرانِ:

نهْــرٌ يخبّئ في الثلجِ دفْءَ المحبّينَ، فيه أراكْ

ويفتحُ للنّــبَط العابرينَ ذراعيهِ،

             يرشقهمْ بالورودِ وطيبِ الأراك

ويبني عريشاً على ضفّتيهِ،

أرائكهُ ليس من نَجْــمةٍ تعتليها سواكْ

ونهْـــرٌ يهيّئُ للزائرين الشِّبَـــاكْ

لتغـــدوَ أرضُ الصّحَـــابةِ جِـسْراً إلى التّيهِ.

ما أوحشَ العُــمْــرَ حين تغيبينَ عنْ صوْتِ أمّــكِ.

                   والحُــزنُ لبلابــةٌ تتسلّــقُ أوردةً ساغبةْ

الغواةُ ينـــادونَ: هذا سبيلُ الهُدى فأْتِــنا،

نبايعْــكَ، عند اشتعال البروقِ أميـــراً على الكلماتِ،

                                ونرفعْ بيارقكَ الغائبةْ

ولكنّــني أكتفي بترابي وشمسي

                             وأقتنص اللحظة الهـــاربةْ

بَــــرْقُهمْ خلّــبٌ، وسحابتهُمْ كاذبةْ

وأرضي مسيّجــةٌ بنداء النبــوّاتِ،

فلينفخوا ريح أحلامهِمْ في الميادينِ،

وليستعيـــروا لضوءِ البساتينِ شمسَ سمائهم الشاحبةْ

ويتّخذوا من نِــيُويورْكَ قبراً لهمْ،

ومن الريحِ زرعاً لهمْ،

وتيجانَهم من وراء البحارِ

فحسبي رواءُ بلادي،

وناسُ بلادي،

يُحيّــونَ من زارهُمْ بالرياحينِ،

نارُ القِــرى عندهمْ ليس تُـطْــــفِــــئُها طعنات الزّمانِ

أنا يا ابنتي اليومَ شيخ كبيرٌ

يساورني زمنٌ كان طوع بناني

يرشّ على قدمِـــي الأمنياتِ الحسانِ

فصار كرقطاء يمتصّ هوناً رحيق كياني

أنا اليوم أنشودةٌ وقّعتها الأعاصيرُ،

إن صار صوتي بغير صدى في القفارِ

فحسبي صداكْ

وإنْ ناوشتني

مقاريض غربتنا واجتوتني

فحسبي رضاكْ

هما غربتانِ: فغربةُ دارِ

وغربة همّ بعيدِ القــرارِ

فيا ربّنا لم يعدْ من ملاذ سواكْ

فأرسلْ علينا نداكْ

سألت الأحبّة خبزاً وغَــرْفَــةَ ماءْ

وآتيتهم عدّتي ومتاعي

ولكنهم طفَّفوا في العطاءْ

وعمّانُ كم فتحتْ صدرها، وعرارْ

يغنّي نشيداً بعيدَ القرارْ

وكمْ هيّأتْ لي ترائبَ مصقولةً

وضفائرَ مجدُولةً بعبيرِ الأماني

دعتني إلى القدسِ، يومَ (كمالُ رشيد)

               يخبّئ أسرارها في العيون

ونبيلةُ يوقفها الجندُ:

ــ ماذا يخبئُ صدرُكِ؟

ــ حبّاً لأمّينِ: أمّي التي ولدتني

ونابلسَ، من وهبتني جَـــمْرة القُـدْسِ،

              ثمّ رمتني بقافيةٍ سكنتني

لأنسج حبَّ فلسطينَ للعاشقينَ رداءً،

إذا شوقُـهُمْ أشعلَ العهدَ في الخافِـقَينِ

ووحّدَ في لحظةٍ صبوةَ المشْرِقَينِ.

وعمّانُ توقدُ نار القرى للضيوفِ،

وتشعلُ (ريمَ البوادي)

بوقع السيوفِ، وتوقظ نخوتنا العربيّةَ،

تنشدُ لحنَ الغريبةِ في الخافقين:

لبيتٌ تخفـــــــــــــقُ الأرواحُ فيه

أحَبُّ إليّ من قصر منيفِ

وكلبٌ ينبحُ الطّــرّاقَ دوني

أحَبُّ إليّ من نقر الدفوفِ

وأكلُ كُسَيْرةٍ من كسرِ بيتي

أحبُّ إليَّ من أكل الرّغيفِ

ولبسُ عباءةٍ وتقــرَّ عيني

أحبُّ من لبسِ الشفـــوفِ

من زمانْ

من زمَــانٍ بعيدٍ،

رأيتُ خطاهُ مبللّةً بالشّهادةِ،

فاتّــخـَـذ القلبُ عدّتهُ، ليشايعَ تلك الخطى،

وفي الدّارة الأرقميّةِ كنّــا نؤثّثُ أحلامنا،

كطيورٍ مُـهَـــاجرةٍ، ولُغوبُ المساءِ يرَاودُها،

والقلوبُ تُرتّلُ ما قدْ تيسّر من سورةِ الفجرِ،

("بوشكينُ "كان يُرتّلها،

فتطوفُ على القَصْـرِ،

حـــاملةً شارة النّــصْــرِ)

هلْ كانَ عــزّامُ من عالم الغيبِ ينظرُ سبْطيَّ (1) من صُلبهِ يأتيانْ

فينفثُ في كلماتيَ سحْــرَ البيانْ؟

ويُردّدُ صوتي: سيأتي على الناس يومٌ تُردّ الودائع فيه،

وتوضع فيه الموازينُ بالقسطِ، يُنصَف فيه المساكينُ والفُقراءْ

وتُــنْــصَفُ فيه النِّساءْ

سيأتي زمانٌ يقال لكمْ: أيُّها الشعراءْ

أين كنتم؟ وقد كانت الأرضُ تجأر من دعوات الدماءْ

وكانت عساكر نيرونَ تختطف الناس جهرًا

                                      وتُــقَــتِّــلُهمْ في العراءْ

وكانت جموع المساكين في سفُــــنِ الموتِ

                 تبحث عن موتها في بلادِ الفكينغ البعيدةْ

(هنالك حيث تجلّى النجاشيُّ، يمشي الهوينى بشَكْلِ امرأةْ

يُــوَزّعُ جذوةَ إيمــانهِ في الفضــــاءْ

عسى يمنحُ النّورَ أفئدةً مطفـــأة)

المساكينُ تبحثُ عن ملجأ من مُدى (كليغولا)،

وأنيابِــــــه وهْو يمتصّ روح البراءةِ، أو يشربُ الدَّمَ منتشياً

لم يكــنْ (كليغولا) سوى مدْيَــةٍ في دمشقَ بــكــفِّ التتارْ

ومجانيقُ كسرى تلَبّي مواثيقَ قيصرَ،كُـــلّهــمُ والغٌ للقرارْ

والنّجــاشيُّ منْ أمرِ أحلامنا يَـــعْجبُ:

أمكّــةُ أم أرضُ روما إليكمْ تُرى أقربُ؟

أميرةَ قلبيَ، مجْــلوّةٌ، مثل أقمارِ صيفِ المساكينِ،

                      مِرآةُ منْ دثّــرتهُ ثيابُ اليقينْ

فلا تحْــزني، فالأعاصيرُ ليستْ تجذُّ السنابلْ

ولنْ يُخزيَ اللهُ عــزّامَ في قبرهِ

بعدما نضحته العرائسُ طيبَ الشهادةِ،

وانْسابُ نهرُ الطمأنينةِ الحلْوُ من فُوّهات القنابلْ

ونوديَ أن:" قد تدانى لقاءُ الأحبّة"،

                  وانهلَّ منْ صخْرةِ الحقّ ماءٌ معينْ

                                         ***

ذات يوم تلا شاعــــرٌ من بلاد العجمْ

وبعينيه حزنٌ ألمّ:

إذا أنا لم أحترقْ

يا صديقُ، ولم تحترقْ

أنتَ،من ذا يضيء الطريق؟

**********

شعبنا يحترقْ

**********

1- السبطان هما: عمر ولينة حمزة عبد الله عزّام.

2- ما بين قوسين ليس مقتبساً.

البابلــيــــــــــــــــــــة

عندما أبصرتْ أحمدَ الجلبي يبيع الغزاةْ

شارعَ المتنبّي،

وقصرَ الرشيدِ،

ونهْـــــــرَ الفراتْ

رفضت أن تبيع أساورها للطُّـــــغاةْ

عندما أبصرت دمعةَ الحُــــزْنِ في جفْنِ بابلَ

قالت: حنانيك أمّي،

فبي رغبة في البكاءِ

ولكنني لن أريهِمْ سوى الصَّــــبْـــــرِ،

حتى وإن أعلنتْ جبهتي بدءَ عهد الشتاتْ

عندما حاصرتني عمائمُ شيرازَ

قلتُ لهمْ: قد سفكتمْ دماءَ الحسينِ

وبعتم تأوّهَ زينبَ للظالمينَ،

وجئتمْ لكيْ تندبوا

دجلةَ المتدثّر في طعنات الفراقِ

فمن غيركم خان ماء العراقِ،

ونخلَ العراقِ؟

ومن غيركم قام يزرع بذر الشِّـــــقاقِ؟

فلا الجارُ يأمن جارا

ولا الدار تـــؤوي الصّغارا

وغطّت بكلتا يديهــا من الحزنِ تارا

الأخضر يقرأ ديوان الصالحين

(كيف سنُخفي الولــهْ

في جرابٍ من القشّ والخيزرانِ،

ونحن شريكان في سفر طارئٍ،

ومواويل مرتجلة؟)

(من ديوان محمد بنطلحة : غيمة أو حجر)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1)

ما دلني أحد عليكْ

فجعلتُ ماءَ القلب مصباحاً،

فطوّف في الشعابِ،

لعل بيت الشّــعْر مسكنك الذي لا ينتهي إلا إليكْ

لما بباب أبي الجنودِ وقفتُ راحلتي، ذكرت يمامةً في ثوبها الكاكيّ،

تصدحُ عند ساحة (هوشي منه): (الموتُ للفاشيست!)،

 ينبعث الأريجُ،كأنّ أسماءً ترددُ: ما لهذا الفارس الضوئي

 لا يترجّلُ؟ انتشرتْ، وسربُ العاشقينَ مبايعٌ لابن الزّبير،

                          وخلف (تيرى) عصبةٌ يتربّصونْ

(2)

هبةٌ تتنزّلُ مثل الغيمةِ في بلد التّسْآلْ

أو كالحجر المتفجّر منه الماءُ

بمحراب العطش القتّالْ

نغمٌ يتحدّر من جبلٍ، يسقي ذكرى في البالْ

ولقدْ كنّا من عهد الغربة نقرأ في (ديوان الحالْ)

عظُـمَ الكربُ، وضاق الحالْ

فمتى، بالله عليكمْ، يصفو الحالْ

يا أهل الحالْ؟

أدّانا الهولُ إلى أهوالْ

وتكسّر من ذلٍّ هذا الصلصالْ

وبكى التمثالْ

(4)

يا صاحبيَ الجوّالْ

جاءتني شمسُكَ من قِبَلِ المغربْ

وأنا أتنعَّمُ في يثربْ

فبعثتُ إليكَ بينبوعِ من نورٍ لا ينضبْ

لكنّ جناحَ الغيمةِ لم يدركه المركبْ

(5)

يا صاحبيَ المتلفّــعَ في بردةِ نولٍ مائيٍّ،

دعْ عنك عيونَ كلابِ ميّتةٍ تتميّزُ غيظاً من رَوْقِ الثّورِ الوحشيِّ،

تَــحَسَّسُ زُنّــاراً يرضى عنها، أو تحجبُ ما زرعتهُ شمسُ الغرباءِ بغربالْ

(6)

ناديتُ الأخضرَ:

يا أخضرُ، كيف يسمّيك ذووك  "الوشَّاشَ"،

وأنت كشفتَ المــــَـــحْــجوبْ

فتهاوتْ أقبية التعذيبْ

لا يثربُ ــ إذ سمّوها يثــربَ ــ أدركها التثريبُ،

(وكيف وفيها ينبوع الطيبْ؟)

ولا الكذّابُ الحرمازيّ أحاط به التّكذيبْ.

"الأخضر" يعصر حسرته فوق الأطلال:

يا وجدةُ، يا بلد الأبطال

يا واحة عشقٍ يسقي "غار الحورياتِ"،

ويعزف في "مقهى البدويّ" أناشيد الأجيالْ

ويُعلّقُ في "الباب الغربيّ" قناديلَ لضيفٍ،

طوّفَ سبعَ ليالْ

بحثا عن (نارِ قرىً) تسكنُ معطفَ ريحٍ شملالْ

أوقدْ نار قِــــــــــرَاكَ عسى تجلُبُ ضيفاً،

أو جاريةً يُـــغْنيها لبسُ عباءةِ شعرٍ،

ينسجها (الكوّال)

فهْــيَ أحبُّ إليها من قصرٍ يسكنه الأغوالْ

وجدةُ مرآةٌ كالخدّ، توسّطها دمعٌ في صورة خالْ

آهٍ، وجدةُ، يا دمعةَ حزنٍ وحشيّ

تُحرقُ منسيّ الأوصالْ

أضحى ينكرُ نورَ رصاصكِ، في صدر المحتلّ، الأنذالْ

(7)

يا صاحبيَ السيّارَ على دربِ الأبدالْ

هاجرَ عبدُ اللهِ، ولم يبق سوانا في البستانِ،

يهيئ عدّتهُ، يشحذ سكّين الأقوالْ

يتلقفُ رؤيا المـــجـــذوبِ المزروعةَ في أحراشِ الريفِ،

ويستسقي للضعفاءِ،

عسى يطلُــــــعُ قمرٌ فضيّ،

ويرشّ تلالَ الغربةِ بالآمالِ

المنسيّة في جفن الآجالْ

فبلادي ما عاد بها قَـــــــــــعَدٌ،

منذ انتشرت أعلام ابنِ الأزرقْ

من خالفها أحرِقْ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأخضر، هو لخضر أفقير، وشهرته (لخضر الوشاش)، زميل الدراسة في المرحلة الأولى من العمر، مغنّ وشاعر شعبي معروف في وجدة التي غنى لها وللمنطقة الشرقية معظم أغانيه. ومن أشهر ما كان يغني: (آديوان الصالحين)، وهي ذات نبرة إصلاحية ــ ثورية تهكمية.

ـــ غار الحوريات، ومقهى البدوي، والباب الغربي، أماكن في وجدة، لها تاريخ.

الداعية

الشمس توشك أن تـــــزولْ   والورد يُـــــــــــــــدركــــــه الذبولْ

أو ما علمتَ بأنَّ زهـــــر العُـــمْـــــــــــــــــــــــــــــــر يــــؤْذنُ بالرَّحيـــــلْ

كم ليلـــــةٍ قَصُـــرَتْ ويـــــــــــــــا   كم كنتُ أحسبهــــــا تطـــــــولْ

كم من أمــــــانٍ مورقــــــاتٍ لم تــــــــدُمْ إلا قليــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلْ

كــــم نجمــــــــــــــــــــــــــةٍ لمعــــــــــــــــــــتْ قـــــــــــــليلا ثمّ قالت في ذهـــولْ:

كلُّ الكواكِــــــبِ والنجـــوم إلى الفنــــاء غــــــــداً تـــــــــــــــــــــــــــــؤولْ

أتظــــنّ أنّــــــك خـــــــالدٌ وسْـــــــــــط التنعّــــــــــــــــــــــم يا جهــــــــــــــــــولْ؟

دنيــــــــــــــاك حســــــوةُ طـــــائــــــــــرٍ    والخلْــــد فيهـــا مستحيــــــــــــــلْ

ولقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد رأيتُ السّــــــــــالفين كما بها دالوا تـــــــــــــــدولْ

فارتـــعْ بها ما شـــئتَ واعـــــــــــــــــــــــــــــــــلمْ أنّ ما فيـــــــــها يحــــــــــــــــــولْ

أحببْ بهـــا مــــــــــــن شئـــــــتَ، هلْ يبقى عليهـــا من خليـلْ؟

وامكــــثْ بهـــــا مــا شـــــئت، ليس إلى خلــــودٍ مِــــــــــــــنْ سبيــــــلْ

أمســــافرٌ من دون زادٍ في الفــــــــــــــــــــــــــــــــلاةِ ولا دليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلْ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اكْـــفُفْ أذاك فمـــــا أنــــــــــــــــــــــــــــــــا      من كنت تحسب يا ذليــــــــــــــــــــــــلُ

إني سعيـــــتُ وفي يــــــــــــــــــــــــــــدِي      مـــــــــــــــــــــــن كلّ مكرمـــــة فسيـــــــــــــلُ

يـــــأوي الجيــــــاعُ إلى خـــــــــــــــــــــــــــواني    والعطــــاشُ لهمْ "سبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ"

لم يَثْـــنِ بطشُ الظّـــــــــــــــــــــالميـــــــــــــــــــــــــــن عزيمتيَّ، ولا الفُــــــــــــــــــلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــولُ

أو مــــا ترى كفّـــــيّ قــــــــــــــــــــــــــــــــــــدْ     آذاهــــــــــــــــــــما القيْـــــد الثقيــــــــــــــــــــــلُ؟

أو مـــا ترى قدمــِـــــــــــــــي، وكــــــــــــــــم    شِــــعْــبٍ قطعتُ دمي يســــــــــــــــــيلُ

ولكـــم حملـــتُ إلى المــــعــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذَّب ما به يشــــــــــفى العليـــــــــــــلُ

أو مـــــــــــــــــــا ترى لسْعَ السِّيـــــاطِ      له على ظهـْـــــري فلـــــــــــــــــــــــــــــولُ؟

قــدْ كنتُ فـــــي صمْـــتٍ أجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوبُ وصــاحبي الليلُ الطويــلُ

أنا إن قُــــــــتــــلتُ فغــــايتــــــــــــــــــي      أنّ الشهــــــادة لي سبيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ

أو مــــــــــــــــتُّ فالغفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرانُ أرجــــو أن يمنّ به الجليـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ

لي في الجـــــــــــــــــــــهاد صحــــائـــــفٌ    وعسى يوافـــــــــــــــــــــقهـــــــــــــــــــا القَــــــبُـــــولُ

حسْــــــــــبي إذا عمـــري انقضــــــى     أنّي لمــــــــــــــــــــــــــــــــــنْ بعْــــدي الدَّليـــــــــــــــــلُ

الجمعة 3 محرم 1437 /16 أكتوبر 2015

الــــــمــــــنـــــــــبر

(في الذكرى 46 للعدوان على المسجد الأقصى، واحتراق منبر صلاح الدين)

تململ مـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن جرحه المنبر:        أمـــــــــــا أمّـــــةٌ منْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكمُ تــــــــــثــــــــــــــــــــأر؟

أما رجل فيه نبض الحيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاة        فيوقظَ همّـــــــة من يُـــــــــبْـــــــــــــــــصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر؟

فمـــــــــا زال للنّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار في خافقي       أجيـــــــــجٌ، تسعّــــــــــــــــــــــــــره أعْــــــــــصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

أســـــــــــــــــــــيرٌ أنا ويدي في القيـــــــــــــــــــــــــــــــود       يزلزلــــــــــــــــــــــــني صمْـــــــــــــــــــــتُ من ينــــــــــــــــــــــــــــــــظــر

أما ذقتم العــــــزّ في ســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاعةٍ        فينهض للعـــــــــــــــــــــــــــــــز من يقـــــــــــــــــــــــــــــــــــدرُ؟

نميتم إلى خــــــــــــــــــــــــــــالدٍ وصــــــــــــــــــــــــــــــلاحٍ        ولكنْ مسيْــــــــــــــــــلــــــمةٌ يأمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

ولو أنّمـــــــــــــــــــــــــــــــا حجــــــــــــــــرٌ ســـــــــــــــــــــــــــــامهُ        لظىً قـــــــــــــــــــــــام للظلْـــــــــم يستنكـــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

وكمْ صخـــرةٍ هبطــــتْ خشيــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــةً       وكم ذا تفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــجّـــرتِ الأنْهـــــــُــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

ولكنكم بعتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــمُ أمْــــــــــــــــــــــــــركمْ         إلى السّــــــامريّ ولم تشعــُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروا

فكم تحت عينيَ عــــــــاثوا فســــــــــــــــــــــاداً        ولم تتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأذوا ولم تنصــــــــــــــــــــــــــــروا

وللمـــــوتِ تحت أزيز الرصـــــــــــــــــــــــــــــاص       برغم الأذى لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذَّةٌ تُــــحْــــــبِــــــــــــــــــــرُ

ولكنّ قومــــــــــــيَ لا يعلمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــونَ       ومن جَــهِـــــــل الكرم لا يعْـــــــــصـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

همـــوم الأنـــــــــــام لهــــنّ انتهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاءٌ        ولكـــنّ هـــمّـــــــــــــــــــــــــــــــــــــيَ لا يُــــــــــــقـــــبــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

ضلــــــوعي كواهـــــــــــا لهيـــــبٌ تلــــــــــــــظّى        بمـــا صـــار يُــــذكيــــــــــــــــــــه منْ يــمكُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر

نمتــــــه المنـــــــــافي زمـــــــاـنا طويـــــــــــــــــــــــــلا       ونَـــمّــــــــتْ حـــــــزازاتــــــــــــــــــــــــــــــهِ أدْهُــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

وربّــــكَ يعْــــلمُ مـــا قدْ يُـــــكِــــــــــــــــــــــــــــنُّ        وإنْ كــــــانَ يُــــظْــــــهِـــرُ ما يَــظْــــــهَــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرُ

وطعمُ الــــعــــــــــــــداوةِ منْــــهُ جَـــــــــــــــــــليٌّ        وما قــدْ حـــــوى صـــــــدْرهُ أكْــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــــــــــــرُ

ولــــكـــنّ قـــوْمِــــــيَ فـــي غفــــــــــــــــــــــلــــةٍ         وحولهمُ النّـــــــــــاسُ قــــــــــدْ زمجـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروا

ويغشــــــاهمُ المـــوتُ قبْـــــــــــل الأوانِ         ويلهيــــهــــمُ الكـــــــــــــــــــــــــــــأْسُ والمـــــــــــــــــــــزْهَـــــــــــــــــــرُ

وهمْ ينشـــــــــــدون نشيــــدَ الــــــــــــــــغواةِ:        (وللنّـــــاسِ منّــــا الصّـــــــدى الــمُـــــــــــــسْـــــكِـرُ)

فلا تــتْـــرُكِ السُّـــفَــهَــــــــــاءَ سُــــكــــــارى       وراء الملــــذّاتِ كــــــــــــــــــــــــــــمْ بعثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروا

أتدعـــــــو إلى القدسِ؟ هيهات يحيـــا      صريـــــــــعُ الغــــــــــــــــــــــــــواني إذا تُــــــنْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــذِرُ

ويكفي الولاةَ البيــــــــــــــــــاناتِ فخْــــــراً       فهمْ في البيـــــــــــــــــــــــــــــــــــاناتِ مـــا قصّــــــــــــــــــــــــــروا

وأمّــــــــا الرّصــــــــاصُ فنحــــوَ الصّــُــدور،      صـــــدور الجمـــــــاهيــــــــرِ إذ تجْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــأرُ

وماذا نقـــولُ لمنْ جــــــرّمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا      صغــــــــــــــــــــــــاراً بطبشـــــــورهمْ سطّــــــــــــــــــــــــــــــــــــروا:

"صلاحٌ"! تُفَــــدّيـــــك منّــــا النّفــــــــوسُ      ويفْـديـــكَ يا "عُقْبـــــــــــــــــــــــــــــــةُ" عَــسْـــــــــــكـــــــــرُ

إذا أغـــــــرقــــوا غــــــزّةً بالميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاهِ         فطـــــــــــــــــوفــانُـــنَا اللهَ يســــــــــــــــتَــنْــــــــــــــــصِـــــــــــــــــــــرُ

ولا عــــاصمَ اليــَـــــــــــومَ من أمْــــــــر ربّي         فــــذرْهُـــــمْ يخـــــوضوا ويستكــــــــثـــــــــــــــــــــــــــــــــــروا

ويــــا مصــــرُ ما زال ضربُ الكليـــــمِ         عزيــــــزاَ، سيجــرف مـــا عــــــمّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــروا

ويغدو الـــذي كــــــان تحت الرمــــــــــادِ       شهـــــاباَ، وفــــرعونهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا الأخســـــــــــــــــــــرُ

وجدة:   13 ذي الحجة 1436/27 سبتمبر 2015

تدثَّـر بحزْنِكَ

تدثَّـر بحزْنِكَ، واحْـمِــلْ عَصاكَ إلى التِّــــيهِ،

                        وارْعَ الوعولَ برأسِ الجبالْ

إذا ما ابتغيتَ سبيل الجَـــمالْ

ألمْ تتحصَّـنْ بقولتهِ: "لن تراني"؟

                      فلمّــا تجـلّى، ودُكَّ الجبَـــلْ

وكانَ الذي كانَ... حتّى التقى المغربانِ

                 أنابَ الكليمُ لمولاه، ثمّ ابتهلْ

تــدَثّــرْ بأحزانِ يعقــوبَ، يشكو إلى اللهِ، حتّى تقَــرّحتِ المقْـــلَتانِ

ألم تتَّخذْ في الفلاة مِجَــنًّا

لناب العوادي، ومخلبِ هذا الزمانِ؟

ألم تتعلَّمْ بأن تباريحَ بوحِك مهلكةٌ في الطِّعانِ؟

وغيلانُ، وهْــوَ التقيُّ النقيّ،ُ

                    تعلَّــقَ مَــيّاً فكانتْ سبيلَ الخبالْ

ولوْ كانَ أبصرَ ما بعدَ ميٍّ، لكانَ النّوالْ

تدثّــرْ بحُـــزْنِك، لا أمّ لكْ

وإلا ستهْلِـــكُ فيمن هلَـــــكْ

أما كنت تطلبُ ظلا يُجنّبُ ضلعيكَ مهوى الرّدى

فكيف وقد جاء يسعى إليك

                           نسيت دعاء الملَكْ

وأتبعتَ نفسك بحر الهوى

وبحرُ الهوى ما له شاطئان

وَمنْ يتّبعْ خُـطُواتِ الغويّ

أحاطتْ به شهوةٌ نسجتها يدٌ من خيوط الحلكْ

فأرسلْ دموعكَ في الليلِ، واخْش الدَّسائسَ،

واسْلكْ سبيلَ المـــُـــحِــــــــبِّين فيمنْ سلَكْ

تنلْ شَرْبةً من حياض الحبيبِ،

وتصعدْ لأعلى مقامٍ تجَـاوزَ هذا الفلكْ

فبراير 2016

من مكــــــابدات زفر بن الحـــــارث

                     (اللهم إني قد أحببتُ لقاءك فأحبب لقائي، وجاهدتُ فيك عدوّك فأثبني ثَوابَ المجاهدين)

                                                                                                                 العائذ

فقــــد ينبـــتُ المـــــرعى على دمن الثّـــرى          وتبقـــى حزازات النّفـــوس كمـــا هيا

                                                                                                                        زفر

أودعتُ أحــــــــــــــــــــــــــــــلامي تُـــــــــــرابَ بلادي

وخرجت ملتمــــــــــــــــــــــساً أجَــــــــــلّ مـــــــــــــــــــرادِ

والطير مــــــــــــــــــــــــــــــــــا كانت لتترك عشّــــــــها

إلا مخــــــــــــافة بطْــــــــــــــــــــــــــــــشة الصيَّــــــــــــــــــــــــــــــادِ

ماذا المقــــــــــــــــــــــــــــــــام، وما الفِـــــــراق بهيّـــــــن،

من بعدما قتـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلوا أهيل ودادي؟

أنا ما تركت بالاختـــــــــــــــــــــــيار حبيبتي

مقروحة الجفـــــــــــــنين وسْـــــــــــــــــــــط رمادِ

وضعوا الخنـــــــــــــــــــــــــادق بيننا والنارُ في

أحشائهـــــا معصــــــــــــــــــــــــــوبة بســــــــــــــــــــــوادِ

حتى المســــــــاجد أصبحتْ، يا ويحهم،

ثكْـــــــــــــــــــــــلى، وتنـــــــــدب كلّ ســــرب غادِ

أين الضفــــــــــــــــــــــــــــــائر أحتمي بظـــــــــــــــــــلالهــــــا

من وحشـــــــــــــــــة الدنيا ومرّ سهــــــــــــــــــــــــــــــادي؟

أين الأحـــاديـــــــــــــــــــــــــــــــــث التي سمُّـــــــارهـــــــــــــــــا

ما بين شادية الوفـــــــــــــــــــــــــــــــــــاء وشــــــــــــــــــــــــــــــادِ؟

وعلــــى الجبيــــــــــــــــــــــــن من اللآلـــــئ أنجـــــــــــــمٌ

والعــــندلات روائــــــــــــــــــــــــــحٌ وغـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوادِ

تبدو كشمسٍ تحْـــت ظـــلّ غمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــامةٍ

تزهــــو بنـــور حجـــــابها الميّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادِ

يــا وردةً صبغـــت بوجنتهــــا دمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي

مــــاذا تقــــول الشّـــمسُ للعـَــــبّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادِ؟

كم أنبتــت ْكلماتها مـــــــن دوحـــــــــــــــــــــــــــة

في الروح؛ كم خطّــــتْ بغيــــــــــــــــــــر مـــــدادِ

كم أيقظت نجواي في الأسحـــــار، كم

رفعتْ إلى الرحمـــــــــــــــــــــــــن دعـــــــــوة صــــــادِ

كم علّمتني أنّ أنيــــــــــــــــــــــاب النّــــــــــــــــــــــــــوى

ليست تَـــــــــنَــــــــــــــــــــالُ تَـــقَــــرُّب الـــزّهــــــــــــــــــــــــادِ

وسقت عــُــــروقي شـــــــــــــــــرْبــــــــــــــــــــــةً قـــدسيّـــــــــةً

مُـــــــــــزِجـــــــــــتْ بكــــــــــأسٍ من عــُــــــروق رشــــــــــادِ

آه على بلـــــــــــــــــــــــــدٍ تنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاثر أهْــــــــــــــــــــله

كتنـــــــــــــاثر الأوراق بـــــــــــــــــــــعـْـــــــــــــــد حصــــــــــــــــــــــــــــادِ

فالشرقُ ملتفٌّ عــــــــــــــــــــــــــــــــــــلى آلامـــــــــــــــــــــــــــــــــــــه

والغربُ غصّ بـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــزفرةٍ وتنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادِ

لمـــــّـــــا رأيتُ ابن الـــزّبــَــــــــــــــــــــــيْــــــــــــــــــــر وخيــــــــــــــــــلَــــــه

بايعْـــــتُـــــــهُ، وحمَـــــــلـــــــــــــــــــــتُ طـــــــــــولَ نِجــــــــــــــــــــادي

مَـــــــرْوانُ خــــانَ العـــــــــــهْــــدَ، كيــــــف أطـــــــــــيــــعُــــــــهُ؟

إنّـــــــــــــــــي إذنْ لــمُـــــوكّــــــــــــــــــــــــــــــــلٌ بِـــــــــــــــفَــــــــــــــــســـــــــــــــــــادِ

في الأرضِ مـــنْــــــجاةٌ من الـــجَــــــــــــــــــــــــــــــوْرِ الــــــــــــــــــــذي

لـــمْ يــــــأتــــــهِ من قبْـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ ذو الأوتــــــــــــــــــــــــــــــــــــادِ

فـــالأمّ والهـــــــةٌ علــــى أكبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــادهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

والطفْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ قـــــدْ ذبَحــــــــــوه فَـــــــــــوقَ مِهــــــــــــــــــــــــــــادِ

ودمُ المــــــــــــآذنِ خـــــــــــطّ ألْـــــــــــــــفَ قــــــصـــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدةٍ

لــــتَـــــــــــقُــــــــــومَ يَـــــــــــــــــــــــوْمَ الـــــــدّيـــنِ في الأشهــــــــــــــــــــــــــــــادِ

يا ابن الــــزّبَـــيْـــر فَــــــــــــــــــــدَتْــــــــك مــــا ملكـــــتْ يــــــــــــــدي

زَفَـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرٌ تَـــــــــردّى اليـــــــومَ ثَــــــــــــــوبَ حِــــــــــــــــــــــــدادِ

لا ذرّةٌ إلا وتَــــــــــــــــــــــــــــــــــدْعــــــــــــــــــــــــــــو ربّــهـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

ودبيبــُـــــــــــهـــــا وسْـــــــــــــــــــــــط الجــــــــــــــــــــــــراح ينــــــــــــــــــــــــــادي:

يـــــــــا شَـــــــهْــــــــــقَـــــــــــــــــــــــــــــةً موصــــــــولةً زَفَـــــــــــــــــراتُهــــــــــــــــــــــــا

بابـــــــــــن الــزُّبــــــــيــــــــــــــــــــــــــــر وحمــْـــــــــــــــزة الســــــجّــــــــــــــــــــــــــــادِ

ذاتُ النّــــطـــــــاقـَـــــــــــيْـــــــــــــن ارتضـــــــــــــــــــــت لوليــــــــــدها

ذبحــــــــــــــــاً، ولم تَـــــقْـــــــــــــــــــبــــــــــــــــلْ أذى الأوغــــــــــــــــــــــــــــــاد

الشّــــــــــاة بعْــــــــــــــد الذبْـــــــــــــح ليس يضيـــــــــــــــرهــــــــــا

سلــــخٌ، فلا تــــــــــركـــــــــــــــــــــــــنْ لــــــــــــــــــــــذلّ جمـــــــــــــــــــادِ

يا أمّ عبـــــــــــــــــــــــــــد الله، قلبي مــنْــــــجــــــــــــــــــــــــــمٌ

للحــــــزن، والطعنــــــــــــــــــاتُ ملء فــــــــــــــــــؤادي

كذبـــــوا عــــــــــــليّ، فلــــــم أبايعْ خــــــــــــــائنــــــــا

كـــــلا، ولا أسلمـــــــتُ ليـــــن قيـــــــــــــــــــــادي

أوَ أســـلمُ المفتـــــــــــــــاحَ وهْــو أمــــــــــــــــــــــانةٌ

منذ انبـــــــــــــــــلاج الفجــر من أجـــــدادي؟

إنّـــي برغم العاصفــــــــــــات السّــــــــــود قــــــد

أسرَجْـــــــــتُ للقصد النبيـــــــــــــــــــــل جوادي

وإلى الجهــــــــــــــادِ حملتُ محتسبـــــــاً دمي

ومــــــــــــــــن البعــــاد تقطّــــــــــــــعت أكبــــــادي

 (لـــكن إذا حـــــــــــــــــــــــمّ القضـــــــاء على امــــــرئ)

لم تَـــــــــــــــنْـــجُ نـــاجيةٌ بــــذي الأوتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــادِ

قـــومي، تماضــــر، فالرمـــــــاحُ نـــــــــــــــــــواهـــــــــــــــــــــــــلٌ

منّــــي إذا ما ملْــــــــــــــــــــت للإخـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلاد

حتّـــى الحجــــــارة كبّــــــــــــــــــرتْ في مولــــــــــــــــــــدي

أو أتــــــــــــــــــــــــــــــــــرك التكبيـــــــــــر عند جـــــــــلادي؟

يا أمّ عبــــد الله إنّ سفيـــــــــــــــــــــــــنــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــتي

أضحت بعُـرض البحْــــــــــــــــــــــر دون سنـــــــــادِ

وبكى جوىً قلبـــــــــــي وقد ألجمـــــــــــــــــــــــــــــــــتهُ

لـــمّــــــــــــــــــــــــــــا تــــــــذكّـــــــــــــر طــــارقَ بن زيــــــــــــــــادِ

هو ســــــاقَ أعنــَــاق الجيـــــــــــــــــــادِ عـــــــــــــــــــــــزيـــــــــــزةً

وأنــــــا رخيصــــــــــاً قــــــــد رهنت جــــــيــــــــــــــــــــــــــــــادي

أنـــا لم أعــِـــــــــــــدّ لمــــــــــــــــــــنْ تجبّـــــــــــــــــــــــر عُــــدّةً

ودخلت في الغمــــــــــــرات دون عتــــــــــــــــادِ

قالت وفي العينيـــــن لمــــــــــعُ بريقهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

ســـــتـــَــــرَ الذي تخفيـــــــــــــــــــــه مــــــــــــــــــــن إجهـــــــادِ

يا شيخــــــــــــيَ المـــوزونَ، يا مــــــحْــــــــزونُ، لا

تقــــــــــــلَـــقْ، فـــإنّ الغيـــــثَ تحــــت ســــــــــــــــــــوادِ

لا تبْــــــــكِ مئذنــــــــــــةً غــــدتْ من وحْــشـــــــــــــةٍ

تبكي على الفـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــقــــــراء والعُبّـــــــــــــــــــــاد

تبــــكي خـــراباً بــــات يأكـــــلُ قلبَــــــــــــــــــهـــــــــــا

والحـــــزنُ قـــــد ولّـــى بطيب رقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاد

ستزول غربتهــــــا غــــــــــــــــــــداً يــــا سيّـــــــــــدي

وتــــــــــــــــــرى الأذان، مُــــــــورّد الإنشــــــــــــــــــــــــــاد

وجوانحَ الأمـــــويّ يزهـــــــو نبضــــــــــــــــــهـــــــــــــــا

جَــــــــــــــــــــــــــــــــــــذلانَ بالتسبيــــــــــــــــــــــــــح والأورادِ

وَيُــــــــــــرتّـــــلُ الأقْـــــــــــصـــــــــى من الإســــــــراء ما

سيُــــــقِـــرُّ عيــــــــــــــــــــــــــــــــنَ محمّــــــــــــــــدٍ وسُعـــــــــــــــــادِ

وتــــزول غربتنــــــــــــــــــــــــــــا ويزهـــــر حبّنـــــــــــــــــــــــــــــا

فرحــــاً، وتشـــــرق بالســـــــــــلام بـــــــــــــــــلادي

الأحد: 6 ذي الحجة 1436 / 20 سبتمبر 2015

وثيقة لعزل جبلة بن الأيهم

أو: الشاعر والملك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إلى روح صديقي الشهيد إبراهيم رمضان

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

"أيها الطائر ذو القدْر والنصيبِ السعيد

الذي أعطاه الله نفسه أن يُولد من ذاته

شهوتُها ومسرَّتُها الوحيدةُ في الموت

كي بهذا تُولد. هي التي رغبت قبلًا في أن تموت

فربحت الحياة الأبديّة ببركة الموت"

من قصدة لاَكتانيتيوس: طائر العنقاء

(1)

خرج المغني من أثينا.

لم تعدْ أشجارُها العذراءُ

تقبلُ جوقةَ الفقراءِ إن جاءوا إلى أفيائها

فلمنْ يغنّي (نوبةَ العشّاقِ)؟

يشربُ سمّه (سقــراطُ)، كالمستأنس الوحِدِ الذي ألقت عليه الريحُ

                          فضْلَ ثيابها بَــــرَداً، وإكليلاً يهيّـــــــئه الطغاةْ

ويخطّ (لوسياسُ) القتيلُ الخطبة البتراء في جبل الألمبِ،

ويدفن الآمال تحت القبة الزرقاءِ، لم تَسمع (وليمَــتَـــــهُ) الرعاةْ.

هو ليس يبحث عن حياةْ.

فالنَّارُ قد أكلت بليلٍ مركبَ العشّــاقِ، لــمّــا أبحروا غرباً،

                           وما أفضتْ بحارُ الموتِ إلا للمتاهْ.

هو ليس يبحث عن حياةْ

لكنّه يرجو الحياة

(2)

الشَّاعر القدّيسْ

يفرُّ من جنودِ دقيانوسْ

تؤنسه الذكرى وقد قالتْ لهم دِميانة:

لنْ أرتضي الإبعادْ

لقد تجلّت ساعة الإكليلْ

ثم تقدّمتْ لكي تصعد نجم الجلجلةْ

ونزلتْ حمامةٌ بيضاءْ

من قبّة السماءْ

تبشّر القدّيسة المبجّــلةْ

بأجمل العطاءْ

وبعد حين أقبلت هيلانةْ

في يدها الإنجيلْ

تقول: سرْ إلى بلاد الشامْ

من قاتم الأعماق خاوي المختَرق

مشتبه الأعلام لـــمّـــــاعِ الخَفَــقْ

تبدو بلادُ الشامْ

باذخةَ الأعلامْ

تدعوه كي يضربَ فيها راســـخَ الأوتادْ

(3)

الشاعرُ القدّيسُ محمولا على أجنحة القصيدة

من طعنات الشوقْ

يرحلُ نحو الشرقْ

تبارك الـــــرّياحْ

خطوته المجيدة

فلم تعدْ روما له توفّر الأمانْ

وعندما يقوم عند "ساحةِ السلاحْ"

موقّـــعاً نشيدهْ

يُنفى إلى "ركَّانْ"

يسأله الكاهنُ أن يبايعَ الطغاةْ

وعندما يقول: لا إله إلا اللهْ

يحزّ، من غضبته، وريدهْ

ثم يموت شامخَ الجبهة في "وهـرانْ"

(4)

والملك القادمُ من خيمةِ ماريَـــةْ

يعود والــــرّياح عاتيَـــــةْ

من رحلة المجد التي لم تكتملْ،

يُكحّل الجفون بالأحلامْ

وأمّه ماريةٌ تبيع قرطيها، بلا تردّدٍ،

                            فداءَ بُـصْرى الشام

 (5)

وأشرقتْ، بعد الظلامِ، شمسُ طيبةٍ على العربْ

وأعلن الهمامُ عن بيعته، لعله يزدادُ عزّاً،

أقبلت حبّا على حضرته حدائق الأردنّ، في ثيابها القُشُـــبْ

غداً يولّي وجْـــهَـــــــهُ شطْــــر جبالِ مكّةَ العتيقةْ

غداً ستغدو روحُه طليقةْ:

أيتها البيداءْ

مُدّي رداء الشوقِ، إنّي ظامئ للكعبة الغــرّاءْ

(6)

خفَّ على ناقتِـــــــهِ البلقاءْ

مخلّفاً بلاطه في وسَط الصحراءْ

ملبّيا مهلّلا، لعلّه قد سمع النداءْ

وحوله أسنّة حَــــمْـــــــراءْ

(كأنّه أُنْسِـــيَ أنّ الحجّ حُبّ وارفٌ الظّلال والأنداءْ

وقولةَ الرسول: من جاءَ إلى السُّـــوقِ أو الصَّلاةْ

فليحذر النبال والـــــــــــزُجّ وما يؤذي عبادَ اللهْ)

لكنّها أبّهة المـــُـــلْــــكِ أبتْ عليهِ أن يسيرَ

                   مثل سائر الحجيج في سكينة فيحاءْ

فالإبل الشّــــــهباءْ

تمشي حواليه، تَــــزِينُ تاجه ياقوتةٌ خضراءْ

والأسلُ الظماءْ

مشرعةٌ، والتمْـــــرُ والحنّاءْ....

(7)

يا جَــــــبَــــــلةْ

أجئت للحج ترُى، أم جئتنا لمـــَقْــــتَــــــلَــةْ؟

ناقتُــــــكَ العشواءُ سارتْ في الحجيجِ،

                  فالجموع أصبحتْ مُــــهَـــرْوِلَــــــةْ

وأنت تدّعي بأنّ النَّـــــاسَ لم ينتظموا،

                   فاخْــتُــــرِموا، وما ظلمتَ خردلةْ

يا لعظيم المهزلةْ

(8)

يبكي على أحلامه القتيلــــةْ:

همْ نصّبــوه ملكًا، ومنحوه صولجان الملك في حَـــلَـــــبْ

لكنّــهُ قدْ باعَ درعَــهُ إلى قيصرَ، وانقلَبْ

إلى ديار أهله، كناقــةٍ أدركها الجَــــــــرَبْ

يسقطُ في قرارة الحِـــقَـــــبْ:

ما ضرَّ لو تركت قلبي مرّةً رهناً لدى القبيلة؟

 (9)

يا جبلةْ

رحلتَ للقيصر تبغي عنده

ما تبتغي من عِــــــــــزَّةٍ وحظوةٍ مدلّـــــلةْ

ثم أتاك ندمٌ على ذهابِ الصَّـــــبرْ

في يوم عيدِ النَّـــــــحرْ

ماذا عليكَ لو عفوتَ، ومضى لشأنه الأعرابي

من بعدما داسَ على الثيابِ؟

ماذا عليك لو قبلت خاشعاً نصيحة الفاروقْ؟

وما ركبت النّوقْ

في ليلةٍ حالكة الجلبابِ

إذنْ لما نفضتَ عنك عزّة العربْ

وجئتَ أرضَ الـــــــــــــرُّوم، خوفاً من لظى القِــصَاصْ

تقول: لا مَـــنَـــاصْ

فهيبةُ المــــُــــــــلْك، ولمعُ تاجه، أحبّْ

 (10)

يا جبلةْ

(والمرءُ ممّــنْ نجلـــهْ)

خلّفتَ من بعدك قوماً سفَــلَــــة:

ذرّيّة هجينةً، صاروا ولاةَ أمرنا،

                      تحميهمُ أسنّـــــــــةٌ ومقْصلة

والقهر من شِـــــــرْعتهمْ،

(وأمرهمْ شورى) وراء ظهرهمْ، كلوحـــةٍ مدلّلة

أبوابهم مفتوحةٌ يوم الولاءِ، والصِّلاتُ مُـرْسَـــلَة

لكنها في النَّـــــــائباتِ مُــقْـــفَـــلَة

قائلهمْ يقولُ: إنّ هذه الأرض ومن يمشي عليها خَـــوَلٌ

لعـــــــزّنا،

ومُــلْـــكنا،

فجدُّنا أسّسَ مُلكاً لا يضاهى منزلة

فما الذي يضير إنْ سنابكُ الصَّـــوْلةِ داستْ أنملة

أو خردلة؟

حـتّـــى الإمامُ قال في خطبته المجلجلةْ

عاشَ الهمامُ جبلةْ

 (11)

يا جبلةْ

يا وارثَ العمامَةِ المبجَّلةْ

ألقى بك التاريخُ في زماننا، لكي تعيـــدَ بسمةَ الفجر لبُصْرى الشامْ

لكنّما الدليلُ ــ آهِ ـــ تاهْ

فتاهت العيون والجباهْ

وجاءنا موكبك العظيمُ يومَ النَّــــــحْــــــرِ يا هُمَـــــامْ

يدوس في طريقه الأنامْ

ويشتكي من كثرة الزِّحامْ

ويهتف الحُــرّاسُ: مولانا العظيمُ جبلةْ

يقول لا خوفٌ عليكم لابسي الإحرامْ

فكلُّ من يشْهد يوم النَّــحْــرْ

يعود، إن عاشَ وإن ماتَ، إلى بلاده

                       مظفّـــراً، متوَّجاً بالأجْـــرْ.

(12)

لا تأمنـــوا ابنَ العلقميّ أبداً

فهو يُـــبّدّلُ الثيابَ دائماً

وهْـــوَ نــبيّ المرْحـــلةْ

وا حنظلةْ

ليتك فينا كي ترى

وترسُــمَ الذي أثاروا من بكاءٍ ووَلَــــــــهْ

هيهات! حتى حنظلةْ

قد قتلوه غِـــــــيلةً، لمــَّـــــــا بدتْ سَــوْءاتهمْ

في لوحةٍ ظلالُها مسترسلة

وسحَــقُوا ريشتَــهُ التي استحالتْ قُــنْــبُــلَــة

(13)

وقام ما بين قتيلٍ وجريحٍ حنظلةْ

يحرّض المستضعفينَ ضدّ ركْـــــبِ الجَهَلَــة:

أتقتلونَ حارساً دافع عن كلابكمْ

                   وهْي تجوس من خلال المزبلةْ

وتتركون اللّــصَّ يمشي آمناً بين جموع القتلة؟

يا أيها المستضعفونّ وقّعوا الصكَّ، فقد حانَ ختامُ المهزلة

وليُسْدَلِ السّتارُ،

لا بروتوسَ بعد اليوم في البلاطِ يا قيصرُ،

وليرجع إلى مرقَــدِهِ سَـــيِّـــــدُنا، كراهبٍ زنّارهُ يشهدُ لهْ

مليكُ هذه الجبال، جبلةْ

ولينْــــــعَـــمِ الحجيجِ بعدَ اليَــوْمِ بالأمْــنِ،

فوعدُ الله: لن يقيم أمْــرَ الناسِ إلا رجلٌ،

مثل سليمانَ، يخافُ أن يصيبَ نملةً،

                      أو أنْ يَــــضيعَ من أمور الناس قَـــيْــدُ أنملةْ

(14)

فليطلبِ الموتَ إذنْ

منْ يطلبُ الحياة

وجدة: السبت   12 ذي الحجة 1436

دم العــــــــــــــروس

إلى روح أبي تمام

سهم أغار على قلـــــــــــبي فبــــــــــرَّح بــــــــــــــــي

ولو رمتني صـبـــــــــايا الجنّ لم تــــُــصـِــــــــــــــبِ

لا غادةٌ إن طلبْـــتُ النُّـــــور تعْـــــــــــــــــــــرُج بي

إلى سماء العلا والمجـــــــــــــــــــــــــــــدِ والحســــــــــبِ

ولا رأيتُ بجفــــــنيها طـــريقَ هـُــــــــــــــــــــــــــــــدى

يحـــرّر الـــروح من حــُـــزْنٍ ومن تعَـــــــــــــــــبِ

لم أبك أن سفكتْ حسنـــــــــــاءُ حُــــــرّ دمــــــــي

ولا الذي بعثرتـــــــــــه الرّيـــــــحُ مــــــــــن كــتُـــــــــــــــــبـــــــي

لكنّــــــــــــــــــه دم قومـــــــــــــــــــــــــــــــــــي إذ توزَّعـــــــــــــــــه

جند الأحابيش مــــــــــــــن عُـــجْمٍ ومن عـَــرَب

دم العروبـــــــة مسفـــــــــــــــــــــــــــــــــــوحٌ ولا أحـــــــــدٌ

يجير ضارعــةً تجثـــــــــــــــــــــــــــــــــــو على الـــــرُّكَــــــــبِ

هي العــــــــــــــــــــــــــــــــروس التي أغلـــــى فوارسُــها

صداقهـــــــا، وكفـــــــــــــــــوها بالدَّمِ السَّـــــــــــــــــرِبِ

رأيــــــــتُ حارسَهــــــــا قد باعَ خاتمــــــــــَــــــــــــها

لقيصـــــرِ الرّومِ، منفوشاً مِــــــــن العُجُـــــــــــبِ

وقيصـــر الرّوم طعـْـــــــــــــــــــمُ الموت حُـــــلّـــتُه

وعنـــد كنــــــــــدة أنبـــــــــــاءٌ كوحْـــي نبـــــــــي

فمن يبدّلُ بعد الأســــر ظلمتهـــــــــــــــــــــــــــــــا

نـــــوراً، ومعتصمٌ في قبضـــــــــة القُــضُب؟

رمى "بُـــــغا" برياح الغـــــــــــــــدْر سيّـــــــــــــــــــــــــــده

والأسْـــــــــدُ لولا سنان الغـــــــــــــدْر لم تُصَـــبِ

فمن يردُّ جنــــــــــاحاً لان أيّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدهُ

ومن يقـــــود زمــــــــــام العسكر اللجـــــــــــــــــــب؟

قـــــدْ أقفـــرت عرصـــــات المجد وانـــقصعــــــــتْ

سُــمر الرّمــــاحِ، فـــأمــــرُ النّاس في رهــــــــــــبِ

إيها حبيــــــــــــــــب بن أوسٍ جئت معـــــــــــتذرا

فالشعر صار كسيحاً بيّن العـــطــــــــــــــــــــب

والشِّـــــــعْــــــــــرُ أصبح ألغـــازا ملــــــــــــــــــــفَّــقـــــــة

ليست بنبْــــــــعٍ إذا عُــــدّت ولا غَــــــــــــربِ

والشعر صار جبانــــــــــــــــــــــــاً فهو مختبئ

خلف الضلالات والأوهـــــــــام والرّيَــبِ

إيها حبيبٌ، وأين اليـــــــــــــــــــــومَ أشرعــــةٌ

نشّرتها من بديــــــــع القــــــــــــول والأدب؟

تهــــزّ كلَّ سريــــــــــــــــــــــــــرٍ ظـــــــــــــنّ صاحبـــهُ

أنّ النجــومَ، وقد غــــــــــــــــــــــــــرَّتْه، لم تخبِ

فأصبحــــــــتْ بلقعــــــــــاً أفيــــــــــــاؤه وغــــــــــدتْ

ربوعنا غضَّـــــــةً مِـــــــــــــــــــنْ خدِّهـــــــــا الترب

يا صــــاح خذها ابنة الحسّ الرفيــــــع فإنْ

أفرغتُ كأسي فما إثمـــي بمحْــــــتَـــــــــقــَـــبِ

مرحى حبــــــــيب بن أوسٍ، جئــتَ تسألني

عن سيفِ معـْـتصمٍ، وا ضيعــــــــة السّـــــــــلبِ

سيفٍ جريحٍ وقــــــدْ أهــــــــــــــــــــــداه وارثُــــــــــــــــــــــــه

إلـــــــــــى الغُـــــزاة، وقـــــد باعـــــــــوه من حِـــقَـــــبِ

لا الشــام تغضب للعــــــذراء إن صرخـــــــتْ

ولا العــراقُ تردّى جُــــــــبَّــــــــــــــــــــــــــــــــة الغضــــبِ

جرى الفراتُ دماً مــــــــــــنْ كفّ مغتصِبٍ

وقد أعان صديقٌ سيْــــــــــــــــفَ مغتصِبِ

وقد تخضَّــــــــب نهْـــرُ العاص من دمنا

يا ويل خاضبه ظلْــــــــما ومختــــــــــضِبِ

وسرحة الخُلْف تفْـــــــــــــــري جلد ذائقَــــــــــها

فأين منها صريعُ السلّ والجَـــــــــــــــــــــــــــــــــربِ؟

إذا استجــــــــــــــــــرتُ بأقلامي كتبن دماً:

"المجدُ للسيفِ، ليس المجْــــــــدُ للكتب"

وإن لجأت إلى سيْــــــــــفي تنكَّـــــــر لــــي

كلُّ السُّــيوف هنا آلت إلى خشب

هذا كليــــْــــــــبٌ طــــــريحــــــــــــاً ما لـــــــــــواتـــــــــــرِهِ

ـــ لمــــــّــــــا قضى ـــ صاحبٌ قَدْ جدّ في الطلبِ

من قاتلٌ؟ من قتيـــــــــــــــلٌ؟ من سعى كلفاً

بعــــــــد التآلف بالنيــــــــــــــــــرانِ والحطــــــــــــــــــــــــــــبِ؟

إذا طويْـــــــــــتُ، أبا تمّـــــــــــــــــــــــــــــامٍ اَشـــــــــــرعتي

فكم فــــــــــــــزعْـــــت بآمــــــــــــــالي إلى الكــــــذبِ

حتى إذا الـــــــــدَّمُ أفضـــــــــــــــى بالذي كتمتْ

منه الجوانــــحُ أسرت بي يـــــــــــــــــدُ الــنّـــــــــوبِ

إنّـــــــــــــــــــــــي تهــــدّم ركنــــــــــــــــــي قبل توبتــــــــــــــــــــــــه

كأنني الكــــــــــــــــــــــــأس ألقتهــــــــــــا يــدُ الغضبِ

وقـــــد رأيتُ سبيــــــــــــــــلَ الحبّ في صعـــــــــــــدٍ

أما سبيل الهـــــوى المردي فــــــــــــفي صببِ

إذا تجلتْ لنــــــــا فـــجــــــــــــــــراً (يحبّــــــــــــــــــــــــــــــهـــمُ)

بعــــــــنـــــــــــــا النّـــفــــوس لباريهــــــــا من الــــرّغـــــبِ

توحَّـــــــــــــدوا، رايــــــــــــــــــــــةُ التَّـــــــــوْحـــــــيد وارفـــــــةٌ

تُـــظِــلُّ كلَّ طـــــــــــــــــــــــــريدٍ ظـــــــــــــــــامئٍ وَصِــبِ

وإن (لا) أول التَّــــــــــــوْحيــــدِ لــــــــــــوْ علِــــــــموا

لــــــمـّــــــــا علـــتْ سطـــوة الأوثان والنــُّــــــــــــصُبِ

هل يصبحُ الدَّمُ مـــــــــــــاءً والظَّلامُ هدى؟

هيهات! في الدرب نورٌ غير محتــــجبِ

إن ضاقت الأرض والدُّنيـا بما رحُـــبتْ

فِــــرّوا إلى الله فالمنجــــــــــــــــــاة في الهـــــربِ

وجــــــــــــدة: 20 ذي القعدة 1435، 16 سبتمبر، أيلول 2014

من مكابدات ربــــيــــــعة بن المكدّم

(إلى حامي الظعن، حيّا وميّتا)

جمَّـــــــلتُ أشعــــــــاري بذكــــــــــــــــــــــــــــــــر نـَــوارِ

فنــــَــــــــــوارُ بنــــــــــــــــــــــــــتُ (ربيعة) و(نزار)

وذكرتُ في الأسحــــــار طِــيبَ حديثهــا

ما أطيــــــــــبَ الأذكـــــــــــــــــار في الأسحــــــار

فكأنها في القلب حكمـــــــــةُ "حيـــــــــــــــــدرٍ"

وكأنّهــــا في الســـــــــــــــــــــــــــــــــــمـــع لحن "نــــزار"

شيـــــرازُ جــــــــــــــــــــــــــاريةٌ تُمشّــــط شعرهــــــــــــــــــا

والجـــنّ راقصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة على الأوتــــــارِ

وبنـــــاتُ كســــرى حسْــبُهــــــنّ مهـــــــــــــــــــــــــابةً

أن صِــــــــرْنَ، إذ بـــــرزتْ نــــوارُ، جــــــواري

هبــــةٌ بهـــــا يزهــــــو (الــرّشيـــدُ) على الــــورى

و(هشــــامُ) يُــــــسكنهـــــــــــــــــــــــــــــــــا أجــــلّ مـــــــزار

ودمشْـــقُ، والأمــــــــــــــــــــــــــويّ زينـــتهـــا التــــي

كـــرُمتْ، عَـــنَتْ لسَــــمَــــــائهـــا الـــمِـــــــــــدْرَارِ

إنّي اتخذتُ الرمْــــــــــــــــحَ متّكـــأ فلـــــــــــــــــــــــــن

يصلـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوا إليكِ، وفي يدِي بتّـــاري

يا حاميَ الظَّــــــــــــــــعْـــنِ الحياةُ ذميــــمـــــــــــــــــــةٌ

فالناس بين النّــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــار والإعصــــــارِ

الــــرّوم قــــد جـــــــــــــــــــــــلبـــتْ على آثـــــارنا

والفـــرس خيلهمُ ببـــــابِ الــــــــــــــــــــــــــــــــدّارِ

فمـــن الذي يحــــي الذّمـــارَ وقــــــــدْ جــــرتْ

منّـــا الدّمـــــاءُ، وهَـــــــــــــــــــــــــــــــــــانَ كــــلّ ذِمــــــــارِ؟

والهـــامةُ ارتجّـــــتْ وصــــــــــــــــــــــــــــاحَ أنينُـــــــــــــــــــــهــــــــــا

من يــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا تُــــــــــــــــــــــــــــرى للـــدّار والآثــــــــارِ؟

كســــــــــــــــــــــــــــــــرى الذّميـــمُ ـــ ولم يزل دمُـه على

أسيــــــــــافنا ينهــــــــــــــــــــــــــــــــلّ من ذي قــــــــــــــــــــــــــــــــــــارِ ـــ

يُزجــــي صفـــوفِ الفُـــــــــــــرْسِ مــشْـــبوبَ الــــرؤى

تحت الدرفْـــــــــــــــــــــسِ، مقدّســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا للنّـــــارِ

أينال بُصْرى الشّـــــــــــــــــــــــامِ وهــــي قـــــــــــــــــــــــلادةٌ

صبغت نضـــــــــــــــــــــــارتها يدُ الأقــــــــــــــــــــــــــــــــــــــدارِ؟

أوَ نستعيـــن بقيصـــــــــــــــــــرٍ، ولقيصــــــــــــــــــــــــــــــرٍ

كأسُ تُـــــــــــــــــــدارُ بدمّنـــا الـــــــــــــــفَــــــــــــــــــــــــــــــــوّار؟

ولذي القــــــــــــــــــروح روايـــــــــــــــةٌ مشهــــــــــــورةٌ

لــمْ يجْـــدِنا ما جــــــــــــــــــــاء في الأخبــــــــــــــــــــــــارِ

لا الرّمــــحُ أسعفـــــــهُ، ولا الكـــــــــــــــأس التــــي

أغْــــــــــــــــــلـــى، ولا ترنيـــــــــــــمـــة القيثـــــــــــــــــــــــــــــــــــارِ

كســرى المعـــمّـــمُ شـــــاربٌ دمَ أمّتــــــــــــــــــــــــــي

حتى الجمـــــــــــــــامِ، يصــول في استكــــبـــــارِ

باسم الحسيــــــــــــــــــــــنِ يبيـر أمّــة يعْـــــــــــــــــــــــربٍ

مــمّنْ حسيــــنٌ سيّــــــــــــــــــــــــــــــــــــدُ الأبــــــْــــــــــــــــرار؟

سأقـــوم قـــومةَ ســــالمٍ في حفــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرةٍ

حــتى تنــــالَ الخيْــــــــــــــــــــــــــــــــــــــلُ روحَ إزاري

[1]  روى محمد بن ثابت بن قيس قال: لما انكشف المسلمون يوم اليمامة، قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفر لنفسه حفرة، فقام فيها ومعه راية المجاهدين يومئذ، وقاتل حتى قتل.

وسوم: العدد 753