حسن الخلق

موضوع عن حسن الخلق جمعت فيه بين الكتاب المقرر وغيره من المواضيع التى تتحدث عن حسن الخلق ويسهل حفظه إن شاء الله ..

حسن الخلق من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد المؤمن من ربّه وتحببه إلى الخَلق، وبها يثقُل ميزانه يومَ القيامة، قال عَليه الصلاةُ والسَّلام: ((ما مِن شيءٍ أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامةِ من خُلقٍ حسَن)) رواه الترمذيّ. وبحسن الخلق تُرفَع الدرجات وتزيدُ الحسنات، قال عليه الصلاة والسَّلام: ((إنَّ المؤمنَ ليُدرك بحسنِ الخلُق دَرجةَ الصائمِ القائم)) رواه أبو داود. وحسن الخلق ثوابه عظيم؛ ولو كان بأمرٍ يسير، قالَ صلى الله عليه وسلم : ((لا تحقِرنَّ منَ المعروفِ شيئًا ولو أَن تَلقَى أخاك بِوجهٍ طَلق)) رواه مسلم. وخيرُ الْخَلقِ من كان مؤمِنًا واتّصَف بحسن الخلق، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((إنَّ خيارَكم أحسنُكم أخلاقًا)) رواه البخاري.

وحسن الخلق يرتقي بصاحبه إلى الدرجات العالية من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم : ((أكمَل المؤمنين إيمانًا أحسُنهم خُلقًا)). وأعلى الدرجاتِ في الآخرة لمن اتصف بحسن الخلق، قال صلى الله عليه وسلم : (( أنا زعيمٌ ببيت في أعلَى الجنةِ لمن حسُن خلُقه)) رواه أبو داود. وأكثر ما يُدخِل الناسَ الجنَّةَ مع تقوى الله حسنُ الخلق، سئِل النبيّ صلى الله عليه وسلم عن أكثرِ ما يدخِل الناسَ الجنةَ فقال: ((تقوَى الله وحُسنُ الخلق)) رواه الترمذيّ.

وقال ابن القيم رحمه الله: جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين تقوى الله وحسن الخلق لأن تقوى الله تصلح ما بين العبد وبين ربه، وحسن الخلق يصلح ما بينه وبين خلقه، فتقوى الله توجب له محبة الله وحسن الخلق يدعو الناس إلى محبته.

وقال بعض السلف: حسن الخلق قسمان:

أحدهما مع الله عز وجل وهو أن تعلم أن كل ما يكون منك يوجب عذراً وأن كل ما يأتي من الله يوجب شكراً.

وثانيهما حسن الخلق مع الناس وجماعه أمران: بذلُ النَّدى، وكفُّ الأذى".

وقد كانَ النبيّ صلى الله عليه وسلم يدعو ربَّه في صلاتِه أن يُهدى لأحسن الأخلاق؛ فكان يقول: ((اللهمّ اهدني لأحسنِ الأخلاق لا يهدي لأحسنِها إلا أنت، واصرِف عني سيِّئَها لا يصرِفُ عني سيِّئَها إلا أنتَ)) رواه مسلم.

وأقربُ الناسِ منزلةً من رسولنا صلى الله عليه وسلم يومَ القيامةِ أحسنُهم خلقًا، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((إنَّ مِن أحبّكم إليَّ وأقرَبِكم مني مجلِسًا يومَ القيامةِ أحاسِنَكم أخلاقًا)) رواه الترمذيّ. وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يوصِي صحَابتَه مع التقوى بحسن الخلق؛ فقالَ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : ((اتّقِ الله حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تمحُها، وخالِقِ النَّاسَ بخلُقٍ حسَن)) رواه الترمذي. وحسن الخلق بالقول والفعل من الأسباب المُنجِية من النّار، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((اتَّقوا النارَ ولو بشقّ تمرة، فإن لم تجد فبِكَلمةٍ طيِّبة)) متفق عليه.

وبعَث الله نبيَّه محمّدًا صلى الله عليه وسلم للدَّعوةِ إلى الأخلاقِ الصَّالحة، قال عليه الصَّلاة والسَّلام: ((إنما بعِثتُ لأتمِّم صالح الأخلاق)) رواه أحمد.

واتَّصفَ الرسُلُ عليهم السلام بأعاَلي الأخلاقِ وجميلِها، ونبيُّنا محمّدٌ صلى الله عليه وسلم أكمَلُ الناسِ أَخلاقًا، وصَفَه الله بقولِه: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال خدمت النبيّ صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أفّ قط، وما قال لشيء صنعتُه لمَ صنعتَه، ولا لشيء تركتُه لمَ تركتَه.

وقد أمَرَنا الله تعالى في كتابه العظيم بكل خُلُقٍ كريم، ونَهَى عن كل خُلُق ذمِيم، والآياتُ في هذا المعنى كثيرةٌ جدًّا، 

وحسبُنا في ذلك مِثل: قول الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [آل عمران: 134]، وقال تعالى: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199]، وقال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، وقال سبحانه : ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].

وقال - عز وجل -: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ﴾ [فصلت: 34].

ومن الأمثلة التي استُعمل فيها حسن الخلق فكانت نتائجها حميدة، ما روي أن رجلاً لقي علي بن الحسين فسبَّه، فثارت إليه العبيد، فقال: مهلاً، ثم أقبل على الرجل فقال: ما سُتِرَ عَنْكَ من أمرنا أكثرُ، ألك حاجةٌ نُعِينُكَ عَلَيْها؟ فاستحيى الرجل، فألقى عليه خميصةً[12] كانت عليه، وأمر له بألف درهم فكان الرجل بعد ذلك يقول: أشهد أنَّك من أولاد الرسول، صلى الله عليه وسلم.

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

وسوم: العدد 801