التضمين في الكتاب المبين

التعريف بكتاب

صنعة الدكتور: محمد نديم فاضل

محمد علي كاتبي

محقق وباحث في التراث

هذا كتاب يصدر لأول مرة في تاريخ العلوم الإسلامية بهذا الشكل، وقد تناول فيه المؤلف موضوعًا قلَّ من تكلم فيه، فكشف عن خبيئه، وأماط اللثام عن فحواه.

والتضمين لغة: الاحتواء. فنقول: ضمّن الوعاءُ الشيءَ، وضمنّه إياه، وهو في ضمنه.

واصطلاحًا: أن تؤديَ كلمة مؤدّى كلمتين. والكلمتان مقصودتان.

وقد اتسمت هذه الظاهرة: "التضمين" لدى أغلب علماء النحو واللغة والتفسير بالاتجاه إلى المبنى دون المعنى والقائم على علاقات نحوية. 

فحين يتعدَّى الفعل بغير حرفه: (بما يستمعون به)، أو يتعدَّى بنفسه فعُدِّي بحرف: (يخالفون عن أمره)، أو يتعدَّى بحرف فعُدِّي بنفسه: (كفروا ربهم)، أو يتعدَّى لمفعولين فعدِّي لواحد: (وجعل الظلمات والنار)، أو يأتي اللازم متعدِّيًا:  (والذين يمكرون السيئات)، أو المتعدِّي لازمًا: (ولا تعدُ عيناك عنهم). أو الناقص تامًّا (فلن أبرحَ الأرض. . . ) إلخ. . . كان قصدهم من هذه الأحوال الوقوفَ على الغرض، وهل هو إلا كشف عن جوهره؟ وتفسير للخبيء من مغزاه،  لاستخراج النفيس من كنـزه؟

نعم فحين يتضمَّن الفعل معنًى آخر فوق معناه، يرتفع درجةً في بيانه، وقد سلك هذا النهج كبار الأئمة؛ كسيبويه وابن تيمية وأبي بكر ابن العربي (صاحب العواصم من القواصم).

فالعناية بالمضمون، "والمضامين في بطون الحوامل" فإذا لم تلمح في الفعل عند تعديته بحرف غير حرفه معنًى جديدًا زائدًا على معناه، فأنت بعيدٌ عن غرضه.

أما تضمين الحروف، فيئد النسلَ في الأفعال، ولذلك يستوجب الحذر منه، إذ تنقلب المعاني فيه شوهاء لقصورها عن فهم المراد وإدراكه، وإنما يفطن له من دُفع في مسالكه وبلغ شأوًا فيه.  ودراسة النصِّ من خلال تضمين الحروف مآله إلى الإخفاق، وألححتُ في السؤال عن الغرض من تضمين الحروف فلا مُعجَب يُعالجه بموضوعية، أخطأ أو أصاب، ولا مُسْتنكِر يخرج منه بحجَّة أو دليل، فمَسلكُ تضمين الحروف أو إنابتها أو زيادتها مَسلكٌ وعْرٌ، والصواب خلافه.

(والأفعال تستعيد صحَّتها لدى تضمينها) ذلك أن الفعل في كل لغة راقية مصدر التعبير عن أفكار المتحدِّثين بها. ولنأخذ المثل في قوله تعالى: (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة).

قال المفسرون الذين تعرَّضوا لهذه الآية: "إن الباء تضمَّنت معنى: في".

وقال المؤلف: تضمَّن فعل (نصر) معنى: (أعزَّ).

فالتضمين جمع المعنيين معًا؛ النصر مع العزَّة؛ ودليله: أن الباء التي لا يتعدَّى بها فعل: (نصر) جاءت لتضيفَ معنى العزَّة، إلى معنى النصر، فالتضمين جمع المعنيين؛ فأغنى وأثرى: فنصركم اكتسب معنى: أعزَّكم.

فإن قلت: إن (الباء) تضمَّنت معنى: (في)، فماذا أضفنا إلى معنى النصر، ولمَ جاءت الباء بمعنى (في)؟ ولقد درَجَ النحاة على تضمين الحروف يقلِّد الآخِرَ الأولُ، والتقليد أعمى...

صورة المؤلف (د. محمد نديم فاضل) في بيته بالمدينة،

ومعه الأستاذ أيمن بن أحمد ذوالغنى