فتيات العالم السفلي

أحدث نشاطات دار فضاءات للنشر والتوزيع

قصص

مقبول العلوي

 " بين النص والمرأة اشتباك معلن "

 لم يكن السرد القصصي وحيد ذاته في مضمار الجدل الخلافي بين المرأة والقصص، وبين التاريخ والفن بالمعنى الواسع للحكمة، فالشاهد إن أكثر النصوص الأدبية مجاورة للتاريخ وقعت في مأزق الرأي والمقولة والإيديولوجية والتحيز، وكل ما يمت بصلة لما يمكن تسميته بالنظرة الآنية للأحوال .

 لكن المجموعة القصصية " فتيات العالم السفلي " الصادرة عن دار فضاءات للنشر والتوزيع _ عمان، للكاتب السعودي مقبول العلوي، تجاوزت هذه القوالب النكرية الجاهزة، وقدمت نصاً قصصياً , يشتبك مع المرأة .

 فالمرأة في قصص مقبول، هي سياق للزمان والمكان يُحاصر من يتتبع مسارها، ويفاجأ من يتتبع رؤاها، فكيف الأمر بالنسبة للأديب والفنان المهجوس بأدوات التعبير الفني أكثر من المعلومة ؟

 لذلك كانت العلاقة بين الكتابة والمرأة علاقة ملتبسة، تماماً كالعلاقة بالواقع المرئي، وإن حاول القاص مقبول توصيف هذه الوقائع باقتدار وبإبداع، مستقراً في قصة " فتيات العالم السفلي "

 (أحدهم وعدني بأن يزوجني واحدة من بنات العالم السفلي و... ازدادت الأعين المصوبة نحوه جحوظاً، وتهدلت الأجزاء السفلية من الوجوه المحدقة فيه).

 الصورة الغرائبية التي التقطها القاص، تدل على قدرة مقبول، على إشعال اللحظة القصصية في محرك الرؤية، متجاوزاً التنظير اللغوي. وعلى ذات المنوال سنجد في مقطع قصصي آخر من القصة ذاتها: ( تكثّف السحاب. جاء عج مباغت. لمع برق شقّ صفحة السماء فسرت رعدة هزت الأجساد... ثم انهمر المطر غزيرا و كعادته رفع سبابته وحك أرنبة أنفه ثم قال: استغفر الله.

 إن مراجعة عابرة لتلك النصوص للواقع، وهو أمر مشهود في الأوصاف والقيم والاعتقادات وطرائق التعبير، مما ينفتح على أبواب واسعة للإشارات.

 خذ على سبيل المثال وصف " شيبوب " في ملحمة " عنترة بن شداد العبسي " بوصفه عدّاء صحراوياً لا يُشق له غبار، فتدور في تلك الملحمة أن شيبوباً كان لا يُرى طيفه و هو يعدو في الصحراء، وكان الغبار المتطاير من حوله الشاهد الوحيد على انتقاله عدواً، وكان يُسابق الخيل فيغلبها !!!

 ذات الصور الغرائبية سنجدها في قصص "فتيات العالم السفلي".

 يتعاطى القص السردي في " فتيات العالم السفلي " مع المكان والزمان، فيستطيع الإفلات من قبضة الحقيقة المادية المجردة، لكنه فيما يتعامل مع " الزمكانية " ينزاح الى آفاق للتعبير الإبداعي و زمن آخر يوازي الزمن الواقعي، و مكان افتراضي يخترق من المكان المرئي قيماً وأبعاداً غير مرئية. ويتوج القاص مقبول العلوي هذه الرؤية في قصته "بيت ركيك "، (من بعيد تناهى إلى سمعه الحفل الذي لازال هادرا بالكلمات والقصائد والتصفيق والصفير، بينما كان يخطو إلى بيته بخطوات سريعة ووجهه ارتسمت عليه تضاريس القهر والخيبة والغضب).

 ليس للزمان والمكان في قصص " فتيات العالم السفلي قيمة ميكانيكية جامدة، بل إنها قيمة متحولة وملتبسة بعوالم الغيب والرؤيا والإبداع، ولهذا ينزاح المكان في قصص " فتيات العالم السفلي" إلى اللامكان والزمان إلى زمن للرؤيا والخيال .

 للقاص والروائي مقبول العلوي، العديد من الروايات صدر منها " فتنة جدة " ورواية " سنوات الحب والخطيئة " .