صدور كتاب الأمر الدارس في الأحكام المتعلقة بالمدارس

 

clip_image001_0262f.jpg

صدر للكاتب المغربي الزبير مهداد عن دار الكتب العلمية ببيروت، كتاب الأمر الدارس في الأحكام المتعلقة بالمدارس للشيخ علوان الحموي، الكتاب يقع في 150 صفحة من القطع المتوسط، يتألف من مقدمة وثلاثة فصول إلى جانب نص الرسالة.

  وهذه الرسالة التي صنفها علوان ضمنها كثيرا من أفكاره في الإصلاح الاجتماعي والثقافي، فقد ألفها سنة 917 للهجرة، وكان في قمة نشاطه الدعوي الإصلاحي والتربوي الصوفي، حيث كان انبرى لقيادة حملة لتصحيح التصوف، وتصويب سلوك مشايخه ومريديه، وتطهير ساحته مما كان يسيء إليه، من ممارسات دخيلة واعتقادات خرافية، كالخوارق والبدع، حرصا منه على إحياء السنة الطاهرة، وترسيخها في كل مظاهر الحياة الاجتماعية والثقافية، كما ضَمَّنَ الرسالة رؤيته للوظيفة الاجتماعية للعلم والعلماء في حماية حقوق الناس ومراقبتها، وحماية وضمان التماسك الاجتماعي، إضافة إلى إبرازه أهمية التصوف في الحياة الدينية والاجتماعية. إلى جانب ما تضمنته الرسالة من آراء في التربية والتعليم ومنهج التكوين، وغاياته، وآداب المدرس والمتعلم، وأخلاقيات المهنة التربوية، ومن هذا الباب يبرز أثر الفكر الصوفي للمؤلف في منهجه التربوي، وتأثره بشيخه علي بن ميمون الغماري. يقول المحقق (وبهذا النشر نخرج كتاباً من كتب التراث التربوي من زوايا النسيان، ونغني به مكتبتنا التربوية التراثية والصوفية).

 رتب المحقق الزبير مهداد مباحث الكتاب في قسمين اثنين، القسم الأول يضم ثلاثة فصول:

 في الفصل الأول قدم عرضا تاريخيا لتطور المؤسسات التعليمية، فعرف بأهمية المسجد التربوية باعتباره أول مؤسسة احتضنت العمل التعليمي في بداية عصور الإسلام، ثم ظهور التصوف، وبروز الزوايا وأثر ذلك في العملية التربوية التعليمية من خلال شيوخ التربية والزوايا والخوانق وما يلقى فيها من دروس ويلقن من علوم. ثم ظهور المؤسسة المدرسية وأثرها القوي على المؤسسات الأخرى، ما أدى لبروز صراع بين المتصوفين والمدرسين، وتنافسهم في السيطرة على الحقل التعليمي وبسط نفوذهم على المؤسسات التعليمية. وهذه الرسالة تقدم أنموذجا للنقاش الذي كان دائرا حول التعليم المدرسي والتعليم الصوفي، والذي يفاضل بين الزوايا والمدارس، ويناقش وظائف هذه المؤسسات وأنظمتها ومشروعية التعلم فيها، ومواصفات المتعلمين والمعلمين.

الفصل الثاني خصصه للتعريف بمؤلف الرسالة علي بن عطية الحموي (ت ­936ه)، فتطرق إلى عصره التي شهد اضطرابا أثر على الحركة العلمية وعلى العلماء، ثم ترجم لعلوان الحموي الفقيه الشافعي المذهب الشاذلي الطريقة، مستعرضا حياته وفترة دراسته ولقاءه بالشيخ المغربي ابن ميمون الغماري، هذا اللقاء الذي أثر كثيرا في حياة ومسار علوان الحموي، ثم عرف بطريقته في التصوف، ونشاطه العلمي والإصلاحي الاجتماعي، خاتما الفصل بعرض مسرد لمؤلفات الحموي المخطوطة والمطبوعة، ثم تعريف بتلاميذه، فوفاته.

الفصل الثالث استعرض محتويات الرسالة، التي شرح فيها علوان تعريف المدرسة والفرق بينها وبين المسجد، ودواعي بناء المدارس، ومن يمتلك الحق في سكناها بين المتصوفين والطلبة، شارحا الفرق بين التصوف وطلب العلم، وبين المدرس والمرشد الصوفي، وآداب المربي، وبعد عرض وجهة نظر المصنف، قام المحقق بمناقشة هذه الآراء، مناقشة مستفيضة، متحدثا عن خصائص التربية الصوفية، التي تشجع على النسك والزهد في مباهج الحياة، والنفور من الرخاء وما يؤشر له، ثم تحقيق مناهج التعليم بين الصوفية والمتعلمين، مبرزا بشكل خاص أهمية التربية على المحبة والتسامح، التي تميز التصوف، لافتا النظر إلى أن علوان من خلال أفكاره في الرسالة يستعيد بشكل بارز تجربة الغزالي الصوفية وفكره، عارضا كثيرا من الآراء على محك النقد والتحليل والنقاش، خاتما الفصل بتقييم عام.

القسم الثاني خصصه الباحث لإدراج رسالة علوان الحموي بنصها كاملة، وتتألف من فصلين الأول في المدرسة والثاني في المدرس، ويندرج تحت كل فصل فصول فرعية، اختار لها المدقق عناوين من وضعه تتأسس على مضمونها وتلائمه.

 بذل المحقق الجهد في تدقيق المخطوط وإصلاح أخطائه، وتخريج الأحاديث النبوية مع بيان حالها من حيث الصحة والضعف؛ وتخريج الشواهد النصية والشعرية والبحث في مصادرها وقائليها، وعزوها إلى أصحابها؛ والتعريف بإيجاز ببعض الأعلام الوارد ذكرهم في الرسالة.

وسوم: العدد 661