أدب الأطفال في العصر الحديث 1

قال  صلى الله عليه وسلم  :

( أكرمـوا أولادكـم وأحسنـوا أدبهـم )

ابن ماجه 2/1211

المقـدمـة

     الحمد لله رب العالمين الذي جعل الأطفال زينة الدنيا ورياحينها ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذي حض على إكرام الأولاد، ودعا إلى حسن تربيتهم على المنهج الإسلامي القويم منذ أن يطلق الوليد صرخته الأولى في الحياة، وإلى أن يبلغ مدارج الشباب ويتفتق ذهنه على أمور الحياة حتى يكون عضوا نافعا بناء .

    وبعد

    فإن أطفال العالم يزيد تعدادهم اليوم على أربعين من المئة من عدد سكان المعمورة ، وهذه القاعدة العريضة والشريحة الواسعة في المجتمعات تحتاج إلى إرشاد على منهج قويم . وأدب الأطفال وسيلة من وسائل التربية ومع ذلك فالدراسات حوله لازالت قليلة ، ومعظمها يهتم بالجانب النظري التربوي أو بالجانب الإعلامي أكثر من اهتمامه به فنا له شروطه وأساليبه إلا كتاب النص الأدبي للأطفال للدكتور سعد أبو الرضا الذي نشرته رابطة الأدب الإسلامي عام 1997 ، ولكنه جاء موجزا إيجازا شديدا، واهتم بالنصوص المقروءة أكثر من اهتمامه بالنصوص المرئية المسموعة ، وهذه النصوص التي تعرضها القنوات الفضائية المتعددة بحاجة إلى دراسة مضمونية وفنية ليؤخذ الصالح منها ويترك الطالح لأنها بما تحويه من عوامل جذب تتغلغل في أعماق الطفل العربي والمسلم ولا بد من ترشيدها لتكون صالحة لمجتمعاتنا متوائمة مع معتقدنا وقيمنا .

     ونظرا لهذه الحاجة الماسة إلى كتاب شامل لفنون أدب للأطفال ومعرفة ما يدورحوله ويرتبط به ارتباطا وثيقا ، فإني قمت بتأليف هذا الكتاب ليضيف إلى أدبنا العربي بل الإنساني عامة، دراسة فنية لأدب الأطفال من خلال نصوص تطبيقية متعددة .

      وقد لاقيت في طريقي متاعب جمة فهناك مادة غزيرة تصدرها دور النشر الكثيرة ، وقنوات فضائية عديدة ، وكثير منها ذو أهداف تجارية، ولهذا لايبالي أصحابها إلا بما يجذب الطفل مهما كانت آثار ما تقدمه، فضلا عن متاعب البحث عن أدب الأطفال في تراثنا القديم كاطلاعي على السير الشعبية مثل سيرة الظاهر بيبرس وألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة ، وأرجوزة ابن الهبارية وأرجوزة الجمزوري ، وعن تطوره في بلادنا العربية في العصر الحديث . إضافة إلى اطلاعي على الكتب الدينية وكتب التراجم والمعاجم، وعلى كتب تربوية وإعلامية، وأخرى فنية ولا سيما في المسرح وعلى دواوين لشعراء قدامى ومعاصرين ، وعلى صحف ومجلات متعددة للأطفال في دولة الإمارات العربية المتحدة وخارجها، وعلى قنوات فضائية وأشرطة سمعية وبصرية كثيرة، ومواقع إلكترونية في شبكة المعلوماتية ، واتصالات مع بعض مؤلفي أدب الأطفال مثل السيدة " صالحة غابش الأمينة العامة للمجلس الأعلى للأسرة " في الشارقة التي أهدتني مشكورة مؤلفاتها المسرحية للأطفال .

     وأحب هنا أن أنوه هنا بجهود رابطة الأدب الإسلامي التي أفادتني منشوراتها عن الطفل فائدة كبرى ، وكانت قد خصصت أيضا العدد الأربعين  من مجلتها " مجلة الأدب الإسلامي" ، عددا خاصا للأطفال ، كما أفدت من مراكز الأطفال والفتيات في الشارقة وأندية فتيات الشارقة وملتقياتها مع الأطفال العرب، ومن مركز دراسات الخليج والجزيرة العربية في جامعة الكويت الذي نشركتاب مجلات الأطفال في الكويت ودورها في بناء الشخصية الإسلامية لطارق أحمد البكري ، وهناك إبداعات طفولية من تأليفي مثل عجائب وغرائب في طريق اكتشاف المسلمين لأمريكا والنحو القصصي .

     وكان لتدريسي هذه المادة في جامعة الشارقة أثره الفعال في إغناء هذا الكتاب وتبلور مادته ودراسته الفنية .

      وقد سميت كتابي هذا :

أدب الأطفال في العصر الحديث

    وقسمته على مقدمة وتمهيد وبابين :

     تحدث التمهيد عن مفهوم أدب الأطفال ، وعن تأريخه بإيجاز .

    أما الباب الأول فكان فصله الأول لأهمية أدب الأطفال وأهدافه ، وكان الثاني لسماته بناء على مراحل النمو، والثالث لوسائط نقل هذا الأدب المرئية والمسموعة والمقروءة .

    أما الباب الثاني فكان للفنون الأدبية ، وكان الفصل الأول للمسرح الطفولي بأنواعه، وقد أوضحت شروطه الفنية ، وضربت نماذج مدروسة لمسرحيات طفولية متعددة حسب مراحل النمو ، وحسب أنواع المسرح المسموع والمرئي والمقروء .

    وكان الفصل الثاني للقصة الطفولية بأنواعها، وقد أوضحت بناءها الفني ودرست نماذج متعددة منها، دينية وواقعية وتاريخية وتربوية وعلمية وقصص الرحلات ، والقصص الشعبي والقصص الأسطورية .

    أما الفصل الثالث فكان لفن الشعر الطفولي ، بينت فيه أهمية الشعر الطفولي واهتممت بنوعيه ماكتب منه للصغار مباشرة وما كتب عنهم ، وهناك شعر ديني ووطني وتربوي وشعر قصصي وآخر عروض مسرحية وأخيرا ذكرت سمات الشعر الطفولي .

    ولما كانت الدراسة تطبيقية فقد غلب عليها المنهج الفني ، وإن كانت بصمات المنهج التاريخي في التمهيد والباب الأول واضحة .

     وأخيرا فإني أحمد المولى تعالى أن وفقني لتأليف هذا الكتاب الذي تفتقر مكتبة الأطفال ، فيما أرى ، إلى مثيله.

     والله من وراء القصد وهو حسبي ونعم المعين

                                                             20/5/2008م                 

                                                                                 المؤلفـة

                                                                           د. زينب بيره جكلي

التمهيـد

تعريـف وتأريـخ

التمهيــد

تعريـف وتأريـخ

أولاً : تعريف أدب الأطفال:

      الأدب لغة : الدعوة ، ومنه المأدبة : الدعوة إلى الطعام([1]) ، ثم صارت الكلمة تحمل معنى الدعوة إلى أمر مادي أو معنوي، وفي الحديث الشريف :" إن هذا القرآن مأدبة الله في الأرض فاقبلوا من مأدبته مااستطعتم([2]) " . وفي أساس البلاغة للزمخشري: " أدبهم على الأمر : جمعهم عليه([3])، ومنه الأديب لأنه يجمع الناس إلى المحامد : أي يدعوهم إليها . ثم صارت الكلمة  في العصر الأموي بمعنى التثقيف والتهذيب ، وأطلق لفظ  المؤدب على مربي الأطفال ، وفي العصر العباسي تحول مدلولها إلى المعرفة عامة بمعنى أن يحصل المرء مايحتاج إليه من معارف تفيده في سلوكياته كأدب الحديث وأدب المجالسة وأدب الزيارة وأدب الشعر ، ثم صارت الكلمة في هذا العصر تطلق على النماذج الأدبية الفنية الشعرية والنثرية([4]) .

    والطفل : هو الصبي ، يدعى طفلا حين يسقط من بطن أمه إلى أن يحتلم([5]) ، وهو أيضا الصغير من كل شيء ، والرخص الناعم .

        ويربط  د.هادي نعمان الهيتي بين الأدب والتصوير التخيلي للحياة والفكر والوجدان ، إذ يرى أن الأدب فرع من فروع المعرفة الإنسانية يعنى بالتعبير والتصوير فنيا ووجدانيا عن العادات والآراء والقيم والمشاعر من خلال أبنية لغوية ، ويلتزم عادة بعدد من المقومات التي اصطلح عليها في كل عصر وبيئة.

     وبناء على هذا فإن أدب الأطفال هو النصوص الأدبية الفنية التي تثقف الصغار وتهذبهم وتدعوهم إلى الأخذ بالمحامد وإلى ترك المقابح ، وهو فن يراعي حاجات الطفل وقدراته ولذلك كان أدبه هو " مجموعة من الإنتاجات الأدبية المقدمة للأطفال ، التي تراعي خصائصهم وحاجاتهم ومستويات نموهم"([6])  وآفاقها التخيلية ، وتتدرج بالطفل حتى تمكنه من الحياة ومتطلباتها مستلهمة قيم الإنسان لبناء كيان الطفل جسمياً ونفسياً وعقلياً وسلوكياً .

    ويرى د. أحمد نجيب أن أدب الأطفال هو الأدب الذي يشمل الكلام الجيد الذي يحدث في النفوس متعة فنية سواء أكان شفويا بالكلام أم تحريريا بالكتابة([7])  

    وهذه التعريفات والآراء تهمل الوسيط الذي يقدم به هذا الأدب والذي غدا أحيانا جزءا لايتجزأ من النص الأدبي كما في النصوص المعروضة مع الرسوم المتحركة التي تبثها القنوات الفضائية

ولذلك أرى أن يعرف أدب الأطفال بأنه (( تعبير فني هادف موجه للأطفال عبر وسائط تناسب مراحل نموهم " .

    وبناء على هذا فإن أدب الأطفال يهتم بـ :

1-               المضمون ، لأن للكلمة أثرها، وهذا الأدب يجب أن يحقق الأهداف المبتغاه منه.

2-               الشكل الفني لأنه نص أدبي فني قبل كل شيء، ويجب فيه مراعاة فنية اللغة والتصوير والموسيقى .

3-               مراعاة النوع الأدبي وشروطه الفنية سواء أكان قصيدة أم قصة ، ومسرحية أم مقالة    

4-               الاهتمام بمراحل نمو الأطفال التي يقدم إليها النص.

5-               أن يكون الوسيط الناقل ملائما للطفل وللنص المعروض به .

ثانياً : تاريخ أدب الأطفال عند العرب " لمحة موجزة" :

    مذ فاه الإنسان بكلماته الأولى بدأت اللغة وتشكيلاتها الأسلوبية ، وبدأ الاهتمام بها جيلا بعد جيل،وبعدما رأى بنو البشر أن للكلمة تأثيراً معنوياً بسبب ما تحمله من تصوير مبدع ، وجرس موسيقي معبر بدأ الاهتمام بجمال العبارة وملاءمتها للمتلقي صغيرا كان أم كبيرا .

   وقد سجل أدبنا العربي نماذج تشهد باهتمامه بالطفولة وتنشئتها .

    ولعل أقدم ما يستشهد به آثار الفراعنة المصرية إذ تحدثت عن قصة جزيرة الثعبان الخرافية ، والتاج والفيروز ، والنسر المسحور ، وكانت أقدم قصص مكتوبة على أوراق البردي عرفتها البشرية ترجع إلى ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد([8]) . كما صور على جدران آثارهم ما يشير إلى أن هذا العمل كان مقدما للصغار بأسلوب استخدمت فيه عناصر فنية كالتكرار، وعناصر تشويق تسلي هـؤلاء الأطفال،وكذلك كان المسرح الفرعوني يقام في المعابد وعلى السفن العابرة في نهر النيل ، وكان أول مسرح للعرائس في العهد الفرعوني قد برز إلى الوجود قبل أربعة آلاف سنة، وقد أثر هذا في أدب الأطفال الإغريقي والروماني والصيني،وأفاد السينمائي الأمريكي( وولت ديزني ) من هذه الآداب الطفولية المعروضة على الآثار الفرعونية والتي رآها عندما زار مصر فراح ينتج الصور المتحركة التي سميت بأفلام الكرتون([9]). 

     وخلف لنا العصر الجاهلي أناشيد للأمهات يغنينها لأولادهن لتقرّ أعينهم على نحو قول إحداهن :

                  إن بنـيّ سيـدُ العشيـرةْ     عفٌّ صَلِيـبٌ حَسَـن السريرةْ

جزلُ النَّوالِ كفُّه مَطيرةْ       يُعطي على الميسور والعَسيرةْ([10])

وقول هند بنت عتبة تغني لابنها معاوية بن أبي سفيان :

إن بُنَيَّ معـرق كريمُ

محبَّبٌ في أهلـِه حليم

   ليس بفحّاش ولا لئيـم ([11])

     وكان العرب يرسلون أولادهم إلى البوادي لتستقيم ألسنتهم ، وقد أُعطيَ الرسول – صلى الله عليه وسلم – إلى حليمة السعدية لينشأ في الصحراء فيقوى بدنه وتقوّم لغته، فلما بعث بالقرآن الكريم جاءته سور تناسب الأطفال بقصرها وسهولة مفرداتها ، ووضوح معانيها وإيقاعاتها العذبة وخيالها المؤثر ، ولهـذا سهل حفظها ونشأ الطفل عليها وهو يترنم بها ويستزيد منها ، وتطول السور مع كبر الطفل ، وهو يبني فكره وعقيدته ووجدانه بمعانيها الجليلة ، ويكفي لذلك مثلاً ما جاء من وصايا لقمان لابنه وهو يعظه إذ اهتم بتربية ابنه التربية الإيمانية والتربية الاجتماعية والسلوكية.

    قال تعالى حاكياً عنه : ( وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إليّ المصير . وإن جاهداك على أن تشرك بي ماليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً . واتبع سبيل مَنْ أناب إليّ ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون . يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل ، فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله ، إن الله لطيف خبير ، يابني أقم الصلاة وأْمر بالمعروف ، وانْه عن المنكر ، واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ، ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور . واقصد في مشيك ، واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير)([12]) .

    هذه هي التوجيهات السديدة التي يربى عليها الطفل المسلم ، وهي عقائدية تبدو في توحيد الله  سبحانه ونبذ الشرك والإحساس برقابة الله سبحانه ، وسلوكية تظهر في حسن معاملة الوالدين وطاعتهما من غير معصية، مع الصبر على الأذى في سبيل الله ، وحسن المعاملة مع الآخرين لأن المسلم هيّن ليّن حتى في مشيته وفي صوته ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على ذلك ليعيش الناس في صلاح ورشاد . وهـذه التربية جاءت بأسلوب بليغ فيه تصوير فني ، ويكفي للدلالة على هذا التصوير الإيحاء باتساع علم الله فهو يعلم كل شيء ولو كان قدر مثقال حبة من خردل موجودا في صخرة في السماوات أو في الأرض ، فإن الله  سبحانه  يجازيه عليه إن خيراً وإن شراً وبهذا يتحقق الوازع الديني المبني على الإحساس برقابة الله عز وجل للطفل ، ثم صورة المتكبر الذي صعّر خده ومشى مرحاً مختالاً ، وصورة الذي يرفع صوته فيتشبه بصوت الحمير ، وإنهما لصورتان منفرتان تناسبان الجو التربوي بعد الجو العقائدي ، وهما أبرز ما تركز عليه هذه الآيات الكريمات ، وأبرز ما يجب أن يهتم بهما الفرد المسلم خلال تربية أطفاله الصغار حتى إذا ما شبّوا عن الطوق جاءت آيات أخر ترتقي بأخلاقهم وترشد سلوكهم المادي ليكونوا أعضاء بنائين في المجتمع ، وقدوة صالحة فيه، وحينذاك يجزون الغرفة في الجنة ، ويلقون فيها تحية وسلاماً([13]).

    وقد اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم بتربية الأطفال ، وقال للكبار ناصحاً : "ما نحل والد ولده أفضل من أدب حسن"([14]) ، وقال :" بادروا بتأديب الصغار قبل تراكم الأشغال"([15]) ، وقال : "أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم "([16])، وكان يغتنم الفرص ليعلم فيها، قال مثلا لابن عباس، وكان يركب معه : " ياغلام إني أعلمك كلمات : احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ،إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف "([17]) .

   وفي القرآن الكريم والسيرة النبوية وسير الخلفاء والصالحين ما يشير إلى الاهتمام بتربية الطفل وتنشئته التنشئة السوية ، وقد قال الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك لمعلم ابنه :" أول ما أوصيك به أن تأخذه بكتاب الله ، وتقرئه في كل يوم عشراً يحفظه حفظ رجل يريد التكسب به ، ثم روِّهِ من الشعر أحسنه ، ثم تخلل به في أحياء العرب فخذ من صالح شعرهم ، وبصِّرْه بطرَفٍ من الحلال والحرام ، والخطب والمغازي ، ثم أجلسه كل يوم للناس ليتذكر"([18]) . وألف أبو حامد الغزالي ( ت 505هـ ) رسالة سماها ( أيها الولد ) وجهها إلى المربين لينصحهم إلى ما يسعد أبناءهم في الدارين ، وفيها قوله " الطريق في رياضة الأطفال من أهم الأمور وأوكدها ، والصبي أمانة عند والديه ، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة ساذجة خالية من كل نقش وصورة ([19]) ، وهو قابل لكل نقش عليه ، ومائل إلى كل ما يمال به إليه ، فإن عُوّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والآخرة ، وشاركه في ثوابه أبواه ، وكل معلم له ومؤدب ، وإن عُوّد الشر وأهمل شقي وهلك وكان الوزر في رقبة القيّم عليه وولي أمره ، وعلى الولي أن يصون الصبي عن الآثام بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الأخلاق ، ويحفظه من قرناء السوء ".

    وقد عني المؤدبون والقصاص قديماً وحديثاً بتربية الأطفال ، وقبسوا من القرآن الكريم والسيرة النبوية وكتب التراث حكايات عن الأنبياء والصالحين ،وعن أيام العرب وفتوحات المسلمين .

   فالشاعر " محمد بن دانيال([20]) " تأثر بالمسرح الصيني المغولي ونقل إلى مصر ( خيال الظل ) وعرض فيه مسرحيات عن الحيوانات مما يناسب الأطفال وقد انتقل هذا المسرح إلى تركيا بعد دخول السلطان سليم الأول إلى مصر ثم انتشر منها في أوروبا([21]) .

     وألف محمد أحمد برانق ( مجموعة القصص الدينية ) ، وهي عشرون قصة تناسب المرحلتين المتوسطة والمتأخرة للطفولة ، ومنها موسى والخضر ، وقابيل وهابيل ، وذو القرنين ، ومجموعة أمهات المؤمنين ، كما أصدر المؤلف نفسه مجموعة قصص الأنبياء ، ومنها ( آدم وحواء ) و(هود وصالح ) وهي قصص تحكي الصراع بين الإيمان والكفر والسعي لنشر عقيدة التوحيد في ربوع الأرض . ولعبد اللطيف عاشور وعبد الحميد جودة السحار قصص من القرآن الكريم تجذب الطفل بمواعظها الحسنة إلى الخير وتجنبه مواطن السوء والانحراف ،ولمرزوق هلال مسرحية ( فراش الرسول صلى الله عليه وسلم)ضمن  سلسة المسرح الإسلامي للناشئة([22]) .

      وهناك قصص تراثية خيالية كسيرة ألف ليلة وليلة التي أفاد منها محمد سعيد العريان([23]) في رحلات سندباد([24]) كما أفادت منها الرسوم المتحركة التي تتحدث عن "رحلات سندباد([25]) " وبعض هذه القصص جاء على ألسن الحيوانات كقصة كليلة ودمنة لابن المقفع وهي تقدم حكما مستخلصة من الحياة ، وقد أعاد إميل ناصف في كتابه أروع ماقيل من الحكايات صياغة حكايات منها كحكاية " القرد والغيلم" ، وتتحدث عن الصداقة وكيف أن على المرء أن يستعين بذكائه حين يتعرض لخدعة ممن حسبه صديقاً([26]) ، وقد خطها بأسلوب سلس وعبارات فصيحة لا تخلو من الجمال التصويري المناسب للصغار مع حفاظه على الهيكل العام ، حتى غدت قصصه تناسب الأطفال فوق العاشرة من عمرهم .

    وهناك كثير من المواد القصصية تصلح لأدب الأطفال في بخلاء الجاحظ(ت 255هـ)   والأغاني للأصفهاني (ت 356 هـ)،وكتاب أسمار العرب والعجم والروم للجهشياري([27]) وفيه 480 سمرا وكل سمر في ليلة ، ونهاية الأرب في فنون الأدب للنويري([28]) ،  ومسالك الأبصار وممالك الأمصار للعمري([29]) . 

     وتعد ( شخصية جحا ) مصدراً ثراً لأديب الأطفال ، وقد كتبت قصص وعرضت مسلسلات طفولية تتحدث عن نوادره منها قصة ( نوادر جحا لعبد العزيز بيومي ) و ( نوادر جحا ليوسف سعد ) و ( نوادر جحا ) رسوماً متحركة ، و( جحا والبخل ) مسرحية طفولية لأحمد سويلم درسها د. سعد أبو الرضا في كتابه النص الأدبي للأطفال([30]).

     ولما سافر رفاعة الطهطاوي([31])  إلى فرنسا اطلع على الأدب الطفولي فيها فعاد يكتب ويترجم قصصاً للأطفال ، كما أدخل قصص الأطفال إلى المناهج التعليمية  .

     وكتب كامل الكيلاني ( مكتبة الطفل ) واهتم بتشكيل كلمات النصوص وكذلك فعل عبد الحميد جودة السحار وعبد التواب يوسف وجمال أبو رية .

      وألف محمد سعيد العريان القصص المدرسية مع كامل الكيلاني ، وأصدر مجلة السندباد في أعداد متتابعة ونشر فيها رحلات سندباد ، ثم جمعها  في أربعة أجزاء تحمل الاسم نفسه، كما نشر في المجلة نفسها قصة العرب لاخرسيتوفر كولومبوس تحدث فيها عن محاولة المسلمين في مالي اكتشاف أمريكا([32]).

       أما الشعراء فقد نظم القدامى والمعاصرون منهم كثيراً من القصائد والقصص الديني والتربوي والتعليمي مما وجه إليهم مباشرة أو كان يناسبهم بأسلوبه السهل والجذاب، فابن الهبارية([33]) نظم أرجوزة على غرار كليلة ودمنة من ألفي بيت وفيها قصة الذئب والغزالة , وسليمان الجمزوري ([34])،   نظم " متن الجزرية " للأطفال،  ليعلمهم بها التجويد، وأحمد بن علي بن مشرف([35])  نظم قصصاً وحكماً لهم ، وأحمد شوقي([36]) نظم حكاياته الشعرية للأطفال ([37]) منها سليمان والهدهد ، ونوح عليه السلام والنملة في السفينة ، وسليمان عليه السلام والحمامة و... .

       ومما قاله ابن مشرف في موعظة الصغار :

وصحبةُ الأشـرارِ      أعظمُ في الإضرار

من خِدعةِ الأعداء      ومن عُضالِ الداء

يقبّحون الحسـنا      ودأبُهم قولُ الخنا

      الغلذُ فيهم والحسدْ      والشر حبلٌ من مسد ([38])

     وتأثر محمد عثمان جلال بالأدب الطفولي الفرنسي فكتب قصصاً شعرية للأطفال وترجم ( العيون اليواقظ في الحكم والأمثال والمواعظ ) وعرّب ترجمته فمصّر الأسماء والأماكن . ومن قصصه قصة الثعلب والعنب التي يقول فيها :

حكايةٌ عن ثعلب      قد مرَّ تحت العنب

وشاهد العنقودَ في      لونٍ كلون الذهب

والجوعُ قد أودى به      بعد أذان المغرب

فهـمّ يبغي أكلـةً      منه ولو بالتعـب

عالـج ما أمكنـه      يطلع فوق الخشب

فـراح مثلمـا أتى      وجوفُـه في لهب

                           وقـال هذا حِصرمٌ      رأيتــه في حلب

قال له القطف انطلق      يا ثعلبُ بنُ ثعلب

طولُ لسانٍ في الهوا      وقِصَـرٌ في الذَّنَب([39])

       ومن أدبـاء الأطفال في مصر ( محمد الهِرّاوي )([40]) إذ كتب منظومات قصصية بعنـوان ( سمير الأطفال للبنين في 1922م ) و(أغاني الأطفال ) في أربعة أجزاء ، كما كتب قصصاً نثرية ، وكتب إبراهيم العرب خرافات على ألسنة الحيوانات في كتابه آداب العرب العرب وقال فيه " أجعل مواعظ كتابي أقاصيص قريبة التناول واضحة المعنى سهلة النظم يقرؤونها بلا ملل ، وقد خص قصص الأنبياء في ديوان كامل ومما قاله فيه :

الله جل جلالــه      له الصفات الباقيـة

رب السماء والأرا     ضي والمياه الجارية

وربك الذي حبـا       ك نعمة وعافيــة

يسمع ما تقولـه        في السر والعلانية

ويبصر النملة في       جنح الليالي الداجية

مقتدر ذو رحمة         وآخــذ بالناصية

فخف من الله الذي     يعلم كل خافيــة([41])

     ونظم أحمد شوقي قصصاً وحكماً للأطفال أودعها في الجزء الرابع من ديوانه ومنها قصة سليمان والهدهد ، وفيها يقول :

                        وقف الهـدهدُ في با      ب سليمـان بذلّــةْ

قال يا مولاي كن لي      عيشتي صارت ممِلَّة

مِت مـن حبـة بُرٍّ      أحدثت في الصدر غُلَّةْ

فأشـار السيد العا      لي إلى مَنْ كان حوله

قد جنى الهدهدُ ذنباً      وأتى في اللؤم فَعْلَة([42])

       ومن المؤلفات الطفولية في العصر الحديث أيضا ( النصح المبين في محفوظات البنين ) وفيه أناشيد طفولية جمعها علي فكري وهي لشوقي والرافعي وغيرهما .

      ونظرا لأهمية أدب الأطفال فقد أنشئ في مصر 1936م مسرح للأطفال ، ثم صار فيها خمسة مسارح للعرائس ، وغدا المسرح في 1970م وسيلة تربوية فيها ، كما أنشئ أول معهد جامعي لدراسة أدب الأطفال في جامعة عين شمس في مصر منذ 1962م وهناك متخصصون في هذا الأدب .

    أما الأردن وفلسطين فقد ظهر أول أدب للأطفال فيهما في 1928م إذ أصدر إسحاق موسى الحسيني([43]) ورفاقه بعض القصص بعدما رأوا خطر القصص الإسرائيلية وأحقادها ، ومن قصصهم : عز الدين القسام ، سر القنابل الموقوتة ، رحلة النضال ، ومما لا شك فيه أنها اصطبغت بالروح الجهادية ضد العدو المحتل،وقد زادت المؤلفات الطفولية بعد الخمسينات ، وللشاعر يوسف العظم([44]) كتابات طفولية تاريخية وعقائدية ، ومن مؤلفاته الطفولية أناشيد وأغاريد للطفل المسلم،ولزهير كحالة مسرحيات طفولية مثل"نور الله"، و"استخلاف عمر "([45]).

    وبرز من كتاب الأطفال في سوريا منذر الشعار([46])  وله عشرة قصص للأطفال ، ويحيى حاج يحيى([47]) وله قصص ومسرحيات منها صاحب الجنتين ، وعمر واليتامى ، وأصدر رضوان دعبول([48]) في 1983م مجلة للأطفال سماها : أروى ، ولسليمان العيسى([49]) أناشيد كثيرة للأطفال ، ويدرس أدب الأطفال في الجامعات السورية  .

   وتهتم لبنان بأدب الأطفال كثيرا وتصدر دور نشرها مؤلفات طفولية بصورة مستمرة .

   أما في العراق فقد أقيم المسرح المدرسي للأطفال في 1970م([50]) ، وظهرت فيها جريدة مزمار

   وفي تونس أقيم مهرجان عربي لمسرح الأطفال ، شارك فيه العديد من البلدان العربية وعقد في المهرجان ندوة طرحت فيها قضايا الطفل وأدبه في البلاد العربية مقارنة بالدول الغربية المهتمة بأدب الأطفال ، وقد أفادت منظمة اليونيسف العالمية من هذا المؤتمر ، وقدم في هذا المهرجان عروض مسرحية من بلدان عربية وأجنبية كمصر والمغرب والجزائر وسوريا ولبنان وفلسطين ، وكندا والسويد وإيطاليا ومنها مسرحية : السمكة الذهبية من فلسطين ، وقالت لي أمي ، والمرأة المجنحة من تونس ، حديقة الأحلام من كندا ، وقد أدى هذا اللقاء إلى الاتفاق على المصطلحات الفنية لمسرح الأطفال ، ودرست خلاله خصوصيات كل دولة ، واللغة المسرحية للأطفال ، واتفق على إقامة دورات تدريبية ، وعلى تكرار هذا المهرجان كل سنتين ([51])  .

    وفي 1975 م خصص في الجزائر قسم لمسرح الأطفال يتبع المسرح الإقليمي في وهران .

   ويعد 1979م العام الدولي للأطفال فقد زاد إنتاج الأدب الطفولي وتميزت كتاباته بالنضج وتنوعت مجالاتهووسائط نقله([52]) .   

 واهتمت دول الخليج العربي بالأدب الطفولي، ففي الكويت أنشئ في 1984م  مسرح الطفل عرض فيه مسرحيات مستوحاة من التراث كالسندباد البحري التي عرضت في 1987م ، ولمهدي الصايغ مسرحية البساط السحري التي حصلت على الجائزة الأولى في مهرجان أقيم في ليبيا ضم خمس عشرة دولة ، ومسرحية ألف باء تاء التي عرضت في 1980م ، والعفريت لخلف أحمد الخلف ، وهو شاعر بحريني كتبها لمسرح الكويت ، وقفص الدجاج في 1983م وسندريلا للكاتب السيد حافظ  فضلا عن المسرحيات المدرسية التي تعرضها عواطف البدر في موادها التدريسية ، وقد اشتركت في ندوات حول المسرح الطفولي في 1983م.

    ونظمت جمعية الثقافة والفنون في الدمام بالسعودية دورة تدريبية لمسرح الأطفال وصار التعليم فيها نظرياً وعملياً تحت إشراف مختصين بالمسرح ، ومنها تصدر برامج اقرأ والمجد وشباب المستقبل (سبيس تون ) للأطفال كما تصدر مجلة للأطفال تحمل الاسم نفسه .

    واهتمت رابطة الأدب الإسلامي فيها بأدب الأطفال ، وعقدت لهم ندوة وأصدرت مجلتها المسماة ( مجلة الأدب الإسلامي ) عدداً خاصاً بهم بحث فيه قضايا أدب الأطفال مضمونا وفنا، وعرض إبداعات تتحدث عنهم([53]) ، كما ألف د. سعد أبو الرضا([54]) كتاب النص الأدبي للأطفال ، ونال عليه جائزة الكتاب الطفولي في السعودية ، وألف محمد حسن بريغش([55]) كتاب أدب الأطفال أهدافه وسماته ، ويدرس أدب الأطفال في جامعة الإمام محمد بن سعود في الرياض.

   وأنشئ في الإمارات العربية المتحدة مسرح ليلى، وتبرز إمارة الشارقة في مجال الأدب الطفولي ، وقد أنشأت في 1995م المجلس الأعلى لشؤون الأسرة ويتبعه مراكز الأطفال والفتيات ومراكز الناشئة ، وقد أقامت مراكز الأطفال والفتيات منذ 4/3/1995م ملتقيات لأطفال العرب استقدمت فيه أطفالاً من جميع البلدان العربية ، وعرضت أنشطة هذه الملتقيات في الشارقة والذيد والحمرية وخورفكان وكلباء ودبا الحصن ، مما جعل الطفل العربي يشعر بوحدة أمته([56])

    ويصدر المجلس الأعلى للأسرة  نشرات عن أنشطته بعنوان "صوت الغد " ، و" صدى المراكز "([57]).

   وتشرف على هذه المراكز الشيخة جواهر بنت سلطان القاسمي حرم سمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة ، وكلاهما يركز على تنشئة الطفل تنشئة عربية وإسلامية ليكون عضواً بارزاً في مجتمعه ، ويشجعه على النشاطات الإبداعية.

      ومن أنشطة هذه المراكز إلقاء قصائد وتأدية أنشطة مسرحية نفذها ملتقى البراعم الأول لأطفال المراكز الذين تتراوح أعمارهم بين ( السادسة والثامنة من العمر ) من ذلك قصيدة خلق الله ، الصلاة ، كلنا نحبك يا زايد ، مباني صرح الوطن ، الطفلة والنخلة ، ومسرحية الغيمة السوداء التي أداها أطفال مركز حلوان في الشارقة وهي عن التلوث البيئي ومسرحية رجل السلام عن الصراح بين الحق والباطل ، ومسرحية السائل ، وهي تعزز مافي القرآن الكريم من دعوة للتعاطف([58]) ، و"نحن وهويتنا" و " افتح يا " و" أسرتي عالمي الكبير "  والثلاثة الأخيرة عروض مسرحية للأديبة صالحة غابش([59]) . كما شاركت المراكز في مؤتمر الطفل العربي في مهب تأثيرات الثقافة المختلفة الذي انعقد في الإسكندرية بمصر بين 25-27 سبتمبر 2005م([60])

    وقد ألقت سمو الشيخة جواهر القاسمي في ملتقى العرب 2000م كلمة جاء فيها ( إن أمسكت ريشتك لترسم لا لتتمرد على المنهح الرباني الذي وضعه الله ليحميك ويقيك من كل ضار ، وإن وقفت على المسرح فكن ممثلا للحق والخير والفضيلة  ، وإن أردت أن تكون مبدعاً فتذكر قوله سبحانه وتعالى  : ( إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ ) ثم أطلق جناحيك بحرية في فضاء الإبداع ، آخذاً من الثقافات الإنسانية المختلفة رافداً مهما آخر يدعم موقفك الإبداعي ويقويه ، فاتباع منهج الفضيلة في إبداعك لا يعني بأي حال من الأحوال تقييداً لحرية الإبداع ، هذا إذا عرف المبدع دينه حق المعرفة ، وفهم الواقع ماضيه وحاضره ، وقضاياه وهمومه )([61]).

    كما اهتمت دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة بالأطفال ، وخصصت جزءاً كبيراً من نشاطاتها لتهيئة الطلاب الموهوبين ، والراغبين في تنمية الطفل ، وهي تستقبل الأطفال من سن الحادية عشرة وتقدم لهم مواد نظرية ، ورسوماً متحركة . وفي المكتبة العامة للشارقة فرع لأدب الأطفال ، وفيه قصص وأشرطة رسوم متحركة ، وكتب ومجلات لهم ، واحتفلت مراكز الطفولة والناشئة في الشارقة باليوم العالمي للكتاب قدمت فيه مشاهد تمثيلية حول القراءة والمكتبات قدمها أطفال المراكز([62]).

   وأضيف أدب الأطفال إلى المواد التدريسية التي تقدمها جامعة الشارقة للمتخصصين باللغة العربية وآدابها اعترافاً منها بأهمية هذا الأدب في تنشئة الطفل

   ومن كتاب أدب الأطفال في الإمارات د.عارف الشيخ([63]) وصالحة غابش ، ولها مسرحية (اقرأ) تتحدث فيها عن ضرورة اهتمام الطفل بالقراءة حتى في أوقات فراغه ، وقد عرضت على مسرح كلية الآداب في جامعة الشارقة .

البــــاب الأول

أدب الأطفــال أهدافه - سماته - وسائط نقله

البـــاب الأول

أدب الأطفـال

 أهدافه – سماته – وسائط نقله

    من أهم ما يرمي إليه المربون بث القيم الإيجابية في المجتمع والقضاء على سلبياته التي تعيق حركة نموه أو تقيد طاقات أبنائه .

     والقائمون على التربية يتوجهون إلى الأطفال بناة المستقبل لينشئوهم على أسس قويمة تجعلهم قادرين على المشاركة في حركة التنمية في المجتمع .

     ولا بد لمن يكتب للأطفال نصوصا أدبية من أن يلم بأهمية هذا الأدب، والأهداف التي يرمي إليها ، وبأنواعه وفنونه الأدبية لينطلق على بصيرة وحسب منهج محدد.

    كما أن عليه أن يتعرف مراحل نمو الأطفال وسمات آدابهم مضمونا وشكلا ، ووسائط نقلها التي لم تعد وريقات تنثر بين يديه ، بل صارت هناك أجهزة متعددة ، سمعية ومرئية ، تناسب حاجات الطفولة وقد تسيء إليها . 

ولهذا سأدرس في :

1-               الفصل الأول: أهمية أدب الأطفال وأهدافه .

2-               الفصل الثاني: مراحل النمو وسمات أدب الأطفال المناسب لكل مرحلة في المضمون والشكل.

3-               وسائط نقل الأدب الطفولي.

الفصل الأول

أهمية أدب الأطفال وأهدافه

الفصل الأول

أهمية أدب الأطفال وأهدافه

أولاً: أهمية أدب الأطفال:

    يهدف أدب الأطفال كأي نشاط إنساني إلى تربية الطفل تربية سوية حتى يكون عضواً نافعاً في المجتمع .

    وشخصية الطفل هي مجموعة الصفات التي يتصف بها سواء أكانت اجتماعية أم عقلية ونفسية أم جسمية.

       فالتنمية الاجتماعية تعني أن يتحلى الطفل بالصفات التي تؤهله ليكون عضوا فعالا في مجتمعه كالتعاون والوفاء والصدق والأمانة ، وثقافة الطفل وتربيته تعكس أسلوب حياة الجماعة التي يعيش في أوساطها وعقيدتها وأفكارها وقيمها، بدءا من الأسرة ومرورا بالمدرسة والمسجد ووسائل الإعلام والأصدقاء ، فهؤلاء يؤثرون في سلوكياته وتفكيره إن خيرا وإن غير ذلك، ولذلك فإن أدب الأطفال يساعد الطفل على فهم نفسه والبيئة المحيطة به ، وهويكسب الطفل القيم الصالحة التي تساعده على التمييز بين الخير والشر ، كما تكسبه مهارات اجتماعية من خلال ما يقدمه الأدب من نماذج التفاعل الاجتماعي

    أما التنمية العقلية فلتعويد الطفل على التفكير المنظم ، وعلى الملاحظة الدقيقة ، وسرعة البديهة، وجعله يحب الاطلاع على ما حوله من معارف ، وتنمية مهاراته اللغوية .

      وأما الصفات النفسية فأدب الأطفال يلبي حاجات الطفل العاطفية كالشعور بالأمان والمرح وترك الانقباض ، ويجعله ينفس عن ضغوطات الحياة ، ويعالج المشاعر السلبية كالحقد والكراهية ، ويساعد الطفل على فهم مشاعر أمثاله ومشاعر الآخرين من الكبار .

 وأما الجسمية فتجعله يحرص على صحته ، وعلى المظهر اللائق بالإنسان.

وأما التربية الجمالية فتحفز الطالب على الإبداع ، وتجعله يتذوق النصوص والرسوم ، ويقدر الجمال أنى كان .

   وللشخصية عامة ثلاثة جوانب :

1-      الهــو : وتعني طبيعة الإنسان الفطرية الحيوانية التي تجعله يندفع لتحقيق رغباته الخاصة بطريقة ما  دون أن يؤخذ الدين أوقواعد المجتمع وقيمه بعين الحسبان .

2-      الأنــا: وهو الوسيط الذي يوفق بين رغبات الـ (هو) الفطرية الغريزية والبيئة التي يعيش بها الفرد، ولذلك فهو يمثل الجانب الإرادي في تصرفات الإنسان ، إذ يتحكم بها حسبما يشاء ، بإشباعها أو بكبتها أو تعديلها حسب الظروف التي تحيط به ، وفي الشخصية المتكاملة السوية يتصرف (الأنا) تصرفات سوية فلا يحتاج للأنا الأعلى.

3-      الأنا الأعلى : وهو وازع الضمير الذي يوجه الفرد لتحقيق رغباته في وجهة صحيحة ، فهو إذا الناقد الرادع . وتبدأ عملية التوجيه والردع والنقد منذ الطفولة الأولى ، وقبل الخامسة من العمر لأن ما يغرس في هذه المرحلة يكون ذا أثر عميق في حياة الفرد مهما أصابه من تعديل ثم يأتي دور البيئة لتروض الطفل وتعلمه كيف يجاري أفراد المجتمع ويندمج معهم ، ويكوّن (الأنى الأعلى) على وجه سليم.

    ويقول علماء التربية إن الطفل إذا تكونت شخصيته قبل المرحلة الابتدائية على أسس سليمة نشأ مستقيم السلوك ، قويم الفكر ، ومن هنا يأتي دور المؤسسات التربوية ، ولاسيما دور الحضانة ورياض الأطفال في دعم الصفات الموروثة الفاضلة ، وتوجيهها توجيها صحيحاً ، وبإكسابه مبادئ خلقية وعادات سليمة.

    وعندما يبلغ الطفل سن الثانية عشرة من عمره وتبدأ التغيرات الجسمية والنفسية يحتاج إلى المساعده والتوجيه ، إذ يشعر بأنه فتى كان أم فتاة ، قد كبر وعليه أن يستقل في كثير من أمور حياته ، وأن يبرز شخصيته ، وأن يكوِّن صداقاته وهنا يأتي دور المربي في المنزل والمدرسة في تقديم آداب ذات مضمون هادف يرسخ العقيدة في نفسه ، ويوجهه تربوياً إلى مافيه خير له ولمجتمعه المحيط به، كما تبرز أهمية القصة والمسرح والتلفاز في العملية التربوية ، لما فيها من وسائل جذب بالصوت والحركة واللون والإضاءة لأن الطفل في هذه المرحلة كما يقول محمد حسن بريغش " كالأرض الصالحة للاستنبات فكل ما يغرس فيها من مكارم الأخلاق ، ومحاسن الصفات ، وكل ما يبذر فيها من بذور الشر والفساد ، أو الغي والضلال يؤتي أكله في مستقبل حياة الطفل ، ولذلك فهو يكتسب من بيئته العادات السارة والضارة ، ويأخذ السبل المستقيمة أو المنحرفة" ([64])، ولهـذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : أدبوا أولادكم وأحسنوا أدبهم([65]) .

ثانياً: أهداف أدب الأطفال :

    تقوم أسس التربية الإسلامية للأطفال على مبدأ شمولية الإسلام ، فهي لا تقتصر على جانب واحد وإنما تسعى لبناء شخصية الطفل عقلياً ونفسياً وجسمياً واجتماعياً وسياسياًً وفنيا لتتكامل شخصيته فيستطيع بذلك أن يواجه تحديات الحياة بإيمان وثبات ، ويتحمل مسؤولياتها الجسام في عصر تكالبت فيه القوى ضد أمتنا، وتعددت فيه الموارد الثقافية حتى اختلط الحابل بالنابل ، وصعب على الطفل أن يميز فيها الخير من الشر .

 ويمكن إجمال هذه النواحي بـ :

1-               الأهداف التربوية بما فيها العقائدية .

2-               الأهداف التعليمية.

3-               الأهداف الجمالية

4-               الأهداف الترفيهية

1-             الأهداف التربوية والعقائدية :

    أدب الأطفال يرسخ  لدى الطفل المسلم فكرة توحيد الله سبحانه ومحبته ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه، وتعويده على تلاوة القرآن الكريم دستوره الخالد، وأن ينظر إلى الإسلام عقيدة شاملة للحياة ، وهي ترتكز على مبدأ المسؤولية ، فالمسلم مسؤول عما يقوم به وما يفوه به، قال تعالى:( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون)([66]) ، وقال صلى الله عليه وسلم: ( كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته ، الإمام راع ومسؤول عن رعيته ، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته،والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها...)([67]) .

    ولهـذا فإن المربي مكلف أن يحفظ الطفل مما يسيء إلى عقيدته وفكره وسلوكه بمراقبة ما يبث في أجهزة الإعلام ، وأن يوجهه إلى البرامج التي توجه إلى الفضيلة والخير وإلى كثير من الأشرطة السمعية والبصرية التي تعرض ما يرسخ عقيدته ويعرفه بالإسلام منهج حياة شاملا ، كما أن عليه أن يجنبه القنوات الأخرى التي بها ضرر على شخصيته لما فيها من فكر فاسد أو عنف قاتل ولا سيما الأجنبية منها لأنها مليئة بالعنف والحقد وفيها إيهام للصغير بأن الصوت الأجنبي سيعلو ولا شيء فوقه .

    وفي القرآن الكريم وأحاديث الرسول  صلى الله عليه وسلم مادة ثرة للأطفال ، وكذلك في تراثنا القديم وما سطره أدباء العصر الحديث مادة غزيرة لمن أراد أن يؤلف للأطفال ، ففي كليلة ودمنة لابن المقفع (142هـ) وعيون الأخبـــار لابن قتيبــة

(ت 286هـ)، والعقد الفريد لابن عبد ربه  (ت328هـ)، ، وديوان الصادح والباغم لابن الهبارية (ت 509هـ) ، ومجمع الأمثال للميداني(ت518هـ) ، وفي ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف(ت1273هـ) ، والمنفلوطي([68]) وأحمد شوقي(ت1932م) ، والهراوي(1939م)، والرافعي([69]) ، وحافظ إبراهيم([70]) ، وعمر بهاء الدين الأميري([71]) ، ويوسف العظم(ت2007م) ، ويحيى الحاج يحيى وفي مؤلفات محمد سعيد العريان والدكتورة زينب بيره جكلي([72]) وكثير غيرهم ما يصلح للصغار لو أحسن استخدامه بعد تعديله ، ويجب أن يهتم في التربية العقائدية بغرس حب الله  سبحانه، والشعور بمراقبته والإحساس بقدرته ، كما يغرس في قلوب الصغار حب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وأن يعرفهم مدى ما تحملوه في سبيل نشر العقيدة ، كما نعودهم على أخلاقه السامية وأن نربطهم بالقرآن الكريم  ليفهموه ويحفظوا بعض سوره ، وقد قدم المولى تعالى لصغارنا قصار السور ومتوسطها بلغة بسيطة وجمل إيقاعية عذبة ليقرؤوها ويحفظوها ويقوِّموا ألسنتهم بها ويطربوا بالترنم بها فتعلق في عقولهم وفي قلوبهم لما فيه من إيقاع موسيقي جميل . لنقرأ مثلاً قوله تعالى: ( قل أعوذ برب الناس. ملك الناس. إلـه الناس. من شر الوسواس الخناس. الذي يوسوس في صدور الناس. من الجنة والناس ) إن تكرار حرف السين بجرسه العذب والازدواج في الآيات والمدود التي تناثرت في ألفاظها مما يطرب أذن الطفل فيروح يكرر الكلمات وإن لم يفهم معناها ، وحينما يكبر وعيه وتتفتح منافذ إدراكه ينطلق ليترنم بسور أطول ، ويكون عقله قد نما فيتدبر آياتها ، ويدرك الهدف من قصصها .

      ومن قصصه التي ترسخ العقيدة قصة آدم مع إبليس ، وموسى مع فرعون ، واليهود مع طالوت وجالوت ، وسليمان والهدهد ، وزكريا ومريم وأهل الكهف وأصحاب الفيل ووصايا لقمان ، وثمود والناقة ، ونوح والطوفان.

    من ذلك أيضا ما ورد في قناة ( اقرأ ) الفضائية للأطفال في حديثها عن اليهود في المدينة المنورة إذ تحدث الراوي أن الله  سبحانه أطلع الرسول صلى الله عليه وسلم على مكائد اليهود مع المنافقين ولـكنه صلى الله عليه وسلم  بخلقه الكريم امتنع عن قتل المنافقين وقال : ( أكره أن يقول الناس إن محمداً يقتل أصحابه )، ثم ذكر أنه لما كانت حادثة مسجد الضرار ونزل قوله تعالى : ( والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقا بين المؤمنين وإرصاداً لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلِـفُنَّ إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون([73]) كشف أمرهم .

     وهنا ألقي النشيد الآتي :

" الذكرى

تحكي سيرة خير رسول

فإذا القلب يقول

صلى الله عليه وسلم

صلى الله عليه وسلم

صلى الله عليه وسلم

يا ناشر الأنوار            بالحب والأنوار

يا ناصر الإسلام           بالعقل والسلام

صلى الله على محمد       صلى الله عليه وسلم([74]) "

     وقد رافق النشيد نقر بالدف ، منخفض الصوت وهذا ما يدع الطفل يجذب إلى النص دون أن ترهق أعصابه بموسيقى صاخبة كالتي ترافق بعض القنوات الفضائية للأطفال.

   ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم والسيرة النبوية : قصة الصخرة التي انفرجت عن الثلاثة، وقصة الغلام والراهب والساحر ، وقصة الأبرص والأقرع والأعمى([75]) .

    وفي تاريخنا الإسلامي نماذج لبطولات كثيرة كبطولة عمر بن الخطاب وثباته يوم إسلامه ، وإقدام أبي محجن الثقفي يوم القادسية ، ونسيبة المازنية وطلحه في دفاعهما عن الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، والزبير بن العوام ، وقتيبة بن مسلم الباهلي ، وطارق بن زياد في الفتوحات الإسلامية .

    ومن تاريخنا المعاصر من أمثال عز الدين القسام وفوزي القاوقجي واحمد ياسين ما يمكن أن يُربى عليه أجيال الغد لينشؤوا على العزة والكرامة ، وبذلك تتوجه مشاعر الطفل إلى خدمة دينه ومنهجه وأمته الإسلامية على أسس إيمانية صحيحة .

     ومما يتعلق بتربية العقيدة الإيمانية أيضا الحديث عن علاقة الطفل بالكون وما فيه ، فهـذه المخلوقات سخرها الله  سبحانه للإنسان من أجل عمارة الكون ، ويمكننا أن نغرس في الطفل هذا المعنى من خلال القصص كما في قصة الفيل وأبرهة الأشرم ، وفي تراثنا أيضا قصة عقبة بن نافع إذ لاحظ بعد فتحها أن أهالي المغرب يعلنون إسلامهم ثم يرتدون ، فأراد أن يبني قاعدة لنشر الإسلام ، وتوافرت الشروط في منطقة مليئة بالحيات والسباع ، فخاف رجاله منها ، فقال :" إني داع فأمنوا" ، ودعا ربه ، ثم خاطب سكان الوادي من الحيوانات قائلا : " أيتها الحيات والسباع ، نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمفارتحلوا عنا فإنا نازلون، ومن وجدناه بعد ذلك قتلناه" ، فخرجت السباع من الأحراش تحمل أشبالها ، والذئاب تحمل جرواتها ، والحيات تحمل أولادها في مشهد لم ير التاريخ مثله، فنادى عقبة في الناس كفوا عنهم حتى يرتحلوا عنا" ، وكانت ثقة كبرى بالله سبحانه وكرامة له ولجيشه([76]) .  

    وفي قصة "جند الله " نرى تسخير الله  سبحانه  للكون لخدمة الفتوحات الإسلامية ، إذ نفرت جمال المجاهدين أثناء استراحتهم في الصحراء ، وكانوا في طريقهم إلى الفتوحات وعليها الزاد والشراب ، فاستغاثوا بالله سبحانه ، فرأوا بحيرة  أمامهم لم يكونوا يرونها من قبل فشربوا ووضعوا علامة عند ها ليتأكدوا أهي عون من الله سبحانه أم أنها كانت من قبل ولم يروها؟ ، وفي طريق عودتهم رأوا مكان العلامة صحراء مقفرة كما كانت من قبل ، فعرفوا أنها معونة من الله سبحانه للمسلمين([77])

   وعرض في قناة المجد الفضائية رسوم متحركة لقصة سندباد ، وكان في قرية انقطع عنها المطر فوعظهم بضرورة تأديتهم الصدقات وبصلاة الاستسقاء فجاؤوا بالصدقات فصلوا فأغدق الله سبحانه عليهم المطر والخير ([78]).

    وبهـذه المعاني الإيمانية يربى الطفل على محبة الكون وخالقه ويدرك أن الطبيعة مسخرة بإذن الله لمن يكون مع الله ، وليس الكون في صراع مع الإنسان كما هو الحال في التربية الإلحادية .

   كما أن على المربي أن يعلم الطفل المسلم احترام الشعائر الإسلامية كالمساجد والآذان ، وذلك لأنه كما يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه و ينصرانه ويمجسانه )([79]) .

    وأدب الأطفال يهتم بالقضايا التربوية الأخرى  لأنها تعد الطفل ليكون أهلاً للحياة وفق المنهج الإسلامي الصحيح ، ومن هنا وجب على المربي أن يغرس فيه القيم والمثل الإسلامية الرفيعة سواء أكانت اجتماعية أم سياسية لأن عقل الطفل قد تكون من المعتقد الذي آمن به ومن العادات التي تعودها والأخلاق التي اكتسبها .

       وتقع مسؤولية غرس هذه القيم على الوالدين ، ثم على المربين في المؤسسات التعليمية والإعلامية ، ولاسيما المرئية لما فيها من وسائل جذب وتأثير.

   وتقوم التربية على أمرين :

أ- بناء الطفل على أسس سليمة :

   وذلك بتعويده الإخلاص في عمله لله سبحانه ، والشعور برقابته ومحاسبته ، فيقوم حينئذ بواجبه على أتم وجه .

   كما يجب أن نعوده حب الآخرين ولاسيما الوالدين والأقربين، وحب الإحسان في القول والعمل كما قال تعالى " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا([80]) "، وعلى الأخوة " إنما المؤمنون إخوة([81]) " ،وعلى التعاون " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان([82])" وعلى حب العمل وإتقانه " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده،وإن نبي الله داود صلى الله عليه وسلم كان يأكل من عمل يده" ([83])، وعلى حب النظام ، والصبر وحسن الخلق ،وعلى الحياء  " الحياء من الإيمان([84]) " وأن يتعود على التمييز في تعامله بين الذكر والأنثى ، وعلى ترك لغو الكلام " والذين هم عن اللغو معرضون([85])" ، وأن نحذره من سوء عاقبة الغيبة والنميمة " ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه([86])" ،ومن الكذب" إن الله لايهدي من هو مسرف كذاب([87]) "،   وأن يحبب إليه احترام الكبار سناً وقدراً : " فعن عائشة رضي الله عنها : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم([88]) " ، ومعرفة حقوق الجار" مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه([89]) "، وعلينا أن ندفع الطفل نحو الطموح والمجد ، ونحثه على التنافس البريء وعلى المساواة بين الأفراد غنيهم وفقيرهم : " إن أكرمكم عن الله أتقاكم([90]) .وأن يشرح لهم السور التي تحوي كثيرا من الأخلاق الإسلامية كسورة الإسراء والنور ولقمان والحجرات ويراقبهم في تنفيذ ما فيها من أخلاق رفيعة .

     ومما يدخل في التربية الاهتمام بصحة الطفل وذلك بتعويده على النظافة وعلى الطرق الصحية في الطعام والشراب بمثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لامحالة فاعلا فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه "([91]) .

     وهناك مربون يعمدون إلى تربية الطفل تربية غربية وذلك يهدم العادات التي ألفها في مجتمعه العربي والإسلامي، والتي هي في كثير منها إسلامية المصدر ، ولهذا وجب على المربي أن ينبه الأطفال إلى أخطار هذه التوجهات رحمة به كما قال تعالى: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين([92]) ".

    ويجب أن يربط المربي بين العلم  وقدرة الله سبحانه ليكون خدمة لدينه ووسيلة لمعرفة خالق الموجودات .

     ومن القصص التربوية الاجتماعية التي تربي على الخلق الكريم قصة"جابر عثرات الكرام " ([93]) ،وهي قصة تراثية حدثت في أيام الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك، وتحكي عن خُزَيمـة بن بشر الذي عاش في الرقة ، وكان غنياً كريماً لا يرد سائلاً حتى افتقر، فاستحيا أن يطلب من أحد فأغلق عليه داره ، وكان عكرمة الفياض والياً على الجزيرة السورية ، فسأل عنه فلماعرف أمره تلثم ليلاً وذهب إليه وأعطاه كيساً به أربعة آلاف دينار ، فألح عليه خزيمة ليعرف من هو؟ فقال أنا جابر عثرات الكرام ، ولماعاد عكرمة إلى بيته رأته زوجته فأقسمت ألا ترضى عنه حتى يخبرها أين كان هذه الليلة ،فقص عليها الخبر بعدما وعدته ألا تفشي سره ، فلما عزله سليمان بن عبد الملك لأنه أسرف في الإنفاق من بيت مال المسلمين وولى خزيمة مكانه حاسبه هذا على الأموال فوجد نقصاً فسجنه ، فذهبت زوجته وأخبرت خزيمة بأن زوجها هو جابر عثرات الكرام فحزن خزيمة عليه وذهب إليه بنفسه وأخرجه من السجن، وأخذه إلى الخليفة ليعرفه على صنيعه فولاه الخليفة ثانية وأكرمه لنبله.

   مثل هذه القصص تربي في الطفل المروءة والكرم والوفاء ، وتربي في الفتاة الإخلاص للزوج والسعي لإنقاذه من ضيقه.

ب - حماية الطفل من المفاسد والمغريات :

    إبعاد الطفل عن المفاسد والمغريات بما فيها الضلالات الفكرية والاجتماعية من أهم متطلبات التربية السليمة ، قال تعالى : "يا أيها الذين آمنوا قـُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون([94]) " .

   وذلك لأن أطفال اليوم هم جيل المستقبل ، وعلى أيديهم ستبنى الأمة ، وقد نشر الغرب في بلادنا منكرات بأجهزة الإعلام التي شدت الأطفال إليها لما فيها من وسائل جذب ومتعة ، فأثرت في عقائد أبنائنا وأفكارهم .

      ولذلك وجب على المربي أن ييتبدل هذه بصور أخرى تكون قدوة يحاكيها أبناؤنا ، كأن يحكي لهم سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسير الخلفاء الراشدين والصالحين من الأمة ، كقصة عمر الفاروق مع اليتامى حين كان يتفقد الرعية ويحمل إلى اليتامى الجائعين الطعام ويطبخ لهم بنفسه([95])، وأن يعرض لهم من تاريخنا الصفحات المشرقة لا القاتمة القائمة على الخلافات والثورات، فقد نشر أبناء حضارتنا العلم والمعارف في الأرض ، وأن يعودهم على ترك المطبوعات التي تحوي ما يغضب الله سبحانه في الجوانب الفكرية والأخلاقية ، وعلى قراءة آداب الأدعية المواعظ وإن وجه إليها النقد فنيا لأنها آداب جميلة وعذبة وفيها ترقيق للقلوب ، وأن يقصي عنهم بعض الآداب الأجنبية التي تقوم تربيتها على المادية ، وعلى كراهية الدين وعلى العنف في السلوك والصراع في الحياة بين الإنسان وأخيه الإنسان، أو بين الإنسان والطبيعة، وعلى أفكار غير قويمة ، فالتربية الهندية مثلاً تقوم على تعذيب الطفل لأنه – بزعمهم – ولد من الخطيئة ، وبتعذيبه يتطهر ، كما أن قراءة الكتب الأجنبية تجعل أبناءنا يعتزون بشخصيات الطرف الآخر وأبطالهم لا بعظمائنا وأبطالنا،  فضلاً عن أن كتب الحوادث والألغاز التي يميل إليها أطفال المرحلة الثالثة تعلم الشر والجريمة ، وتجعل البطل يقاوم ويكافح من أجل هدف غامض .

     ومما يؤسف أن بعض قصص الأطفال التي تعرض في البلدان العربية نهجت نهج الغرب في تربيتها ، حين أخذت إنتاجاتهم وغيرت الأسماء إلى عربية ثم عرضتها على أنها إنتاج محلي ، كما في (مغامرات بندق) وهي رسوم متحركة تعرض عن طريق الحيوانات ما لا يليق بالمسلم أن يُنَشَّأ عليه ، فهي تبدأ برجل (حيوان) يرى فتاة ترتدي ثياباً تعلو فوق الركبتين وقد بان جسدها في منطقة الخصر أيضا فيحتضنها ويضحكان ، ثم يستلقيان على الحشيش ، وفجأة ترى الفتاة ما يخيفها فتهرب ، وفي المنزل يُرى الأب يدخل على ابنه ويقول له : " صباح الفل " فيجيبه الابن بوقاحة : " يا بابا أنا متأخر أنت بوظتها " [ هكذا بالعامية المصرية ] فيتابع الأب

-        بوسه لبابا .

-        بس خلاص ما بقيتش صغيور زي زمان

-        ما فيهاش غباوة ، مافيش هم ، بكره خلاص .

 وفي الشريط يرى رجال ونساء يلعبون رياضة معاً ، ويقول واحد : كيف سنقضي العطلة الصيفية فيجيب آخر : بحفلات السمر ، رقص وغناء وحديث مع الفتيات([96]) .

       مثل هذه الأفلام لا تربي إلا جيلاً تافهاً لا يحسن عملاً ولا احتراماً في الأسرة ولا في العمل ، همه الحفلات وجذب الجنس الآخر ، فضلاً عن اللغة العامية لا العربية ، وهذا تهديم للغة يضاف إلى تهديم الخلق .

   ومن أخطار القصص المترجمة ما يؤثر في هويتنا العربية والإسلامية ،  ففي شريط قدمه مجلس التعاون الخليجي عرض الحياة على الطريقة الصينية من خلال الحديث عن شاب عربي درس في الصين ، وعاد إلى بلاده بعد أن تطبّع بطبائع هذا البلد الأجنبي فصار يغني الأغاني الصينية ، ويأكل الأطعمة الصينية، ويتكلم كلاماً صينياً على نحو( هيشي بيشي) يعني(لا بأس ) ، ويقول الشريط بعد هذا العرض وبلغة ضعيفة : ( لا مشكلة في أن تتعلم من الآخرين لكن المشكلة أن تصبح نسخة منهم ) ، فهل تكفي هذه العبارة لتقتلع من نفس الطفل ما كان قد رآه وأعجب به من خلال إعجاب البطل بالبيئة الصينية ؟ أنا أرى أن الوقاية خير من العلاج ، وإبعاد الطفل عن مثل هذه الأشرطة خير من أن نغمسه في أجوائها ثم نقول له ابتعد عنها :

ألقاه في اليم مكتوفا وقال له     إياك إياك أن تبتل بالماء

2-             الأهداف التعليمية :

      الأدب مصدر من مصادر المعرفة إذ يطلع الطفل من خلاله على ما يحيط به من ثقافات الأمم قديمها وحديثها، كما يساعده على تنمية فكره العلمي بأسلوب شيق ، ويقوي ملاحظته وانتباهه ، ويزوده بما يساعده على فهم المقررات الدراسية واستيعاب القضايا العلمية كالقضايا الصحية مثل النظافة والأمراض، ويجب على الطفل أيضا أن يقرأ عن علوم العصر حتى ينضج فكره علميا وثقافيا ، وأن يدرك أن العلم سبيل إلى الجنة و" من سلك سبيلا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " ([97]) .

    والأدب أيضا يعلم اللغة العربية ويجعل الطفل يحس جمالياتها فيتذوقها وذلك حينما يقرأ من نصوص القرآن الكريم البليغة والأحاديث الشريف الفصيحة، ومن النصوص الأدبية الرفيعة، مما ينمي مهاراته قراءةً وكتابة وفهماً واستخداماً، وتذوقا لعباراته الجميلة .

     وفهم القاموس اللغوي للطفل يجعل أديب الأطفال يرتقي بلغته وأساليبه ، وعليه أن يعلمه أساليب العربية من خلال النصوص الأدبية التي تعرض عليه كالحوار والاستفهام وأسلوب التعجب والتفضيل والنفي والنهي و... .

   وعلى أديب الأطفال أن يعرف لغة الطفل في مراحل النمو المتعددة ، وعدد الكلمات التي يحصلها في كل مرحلة ، وباختصار أن يعرف قاموس الطفل اللغوي .

   ويجب أن تقدم البرامج له باللغة الفصحى ، لنجعله يعتز بها فيعتز بتاريخ أمتنا وتراثنا ، ولكن بعض الرسوم المتحركة تعرض باللغة المحلية ، ولا سيما في مصر ولبنان ، وفي هذا خطر على مستقبلنا اللغوي ، وقد بدت إرهاصات هذا الخطر تطفو على الساحة العربية ، إذ صار أبناؤنا ، ولاسيما في الأسر المثقفة ، يتكلمون كلمات أجنبية وقد أدى هذا إلى ضعف حصيلتهم اللغوية وأثر ذلك في مستواهم التعليمي في مواد اللغة العربية .

     وذكر د. عبد الله أبو هيف أن د. حسام الخطيب درس في سنة 1996م مشكلة العلاقة بين الأدب والتكنولوجيا، أو تكنجة الأدب كما سماه وذلك في كتابه ( الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المفرّغ) ، وبين أن دخول التكنولوجيا إلى قصص الأطفال بات أمراً شائعاً، وهذا يعني أن الطفل صار يواجه لغة جديدة ، وفي هذا خطر على لغتنا من عدم استعمالها الاستعال العلمي واليومي ، وقد نشرت صحيفة الغارديان البريطانية أن (300) لغة في زمن العولمة باتت مهددة بالانقراض في غضون مئة عام لأنها لم تعد وسيلة تفاهم وتواصل ، وذكر التقرير أن بقاء هذه اللغات يحتاج إلى (40000 جنيه إسترليني سنوياً وإلى 360 مليون جنيه إسترليني) لإحداث تأثير حقيقي لها ، وهو مبلغ ضخم ولكنه يعادل عائدات نفط أوبك في يوم واحد في سنة متوسطة الأسعار([98]) ، ومن هنا ندرك  أثر البترول في ترسيخ اللغة العربية ونشرها وجعلها لغة مؤثرة في العالم لو أحسن استخدامه وأخلص لها، مع أنها ليست من اللغات المهددة بالانقراض ، بل على العكس أثبتت الدراسة أن ست لغات ستسود العالم في عصر العولمة ، وكانت العربية واحدة منهاوقد قررت الأمم المتحدة أن تكون العربية هي اللغة الرسمية السادسة فيها([99]) 

   وهناك محاولات لإيجاد شبكة للمعلوماتية باللغة العربية بعد أن ثبت مقدرتها على مواكبة الحضارة، وبدأت السعودية بتنفيذ برامج تعليمية بها مثل برنامج تدارس الإلكتروني .

    ومما يدخل في باب الخطر على اللغة العربية اهتمام أدب الأطفال بالصورة أكثر من اهتمامه باللغة ، حتى غدت الصورة وسيلة الاتصال لا الكتابة ، وأرى أن على منتجي الرسوم المتحركة أن يسجلوا ما تقوله الشخصيات ولو بإيجاز ليقرأ الطفل كما يستمع فترسخ اللغة بشكل أفضل ، وحبذا لو رافق الأهل أبناءهم إلى المكتبات ليساعدوهم على فهم النصوص وشرحها وحسن تعليلها والاستنتاج منها .

   ومن الأهداف التعليمية في برامج الأطفال اتخاذها وسيلة لعرض المادة العلمية ولا سيما في القصة والمسرح ،ومن البرامج التعليمية العلمية التي تقدم لهم من خلال الرسوم المتحركة ماعرضته قناة اقرأ الفضائية تحت عنوان  ( تعلم من لبيب )، إذ شرحت للصغار أن الماء والصابون يستخدمان للكشف عن تسرب الغاز ، وكان النشيد المرافق  الذي يغنيه الصغار يزيد من ترسيخ الفكرة في ذهن الطفل كما في :

      مـن شَمَّ أحــدٌ يوماً      رائحــةَ غـازٍ في البيـت

    فعليه أن ينهضَ فوراً       ويقـومَ بتهـويـةِ البيــت

     ولا يشعـل ناراً أبداً      كي لا يؤدي إلى إحراق البيت

      وهذا النشيد وإن كان غير مستقيم الوزن لكنه بدا – وقد سمعتـه – حلواً بمضمونه وموسيقاه من أطفال صغار يترنمون به .

   وكان عرض البرنامج باللغة الفصحى الواضحة وبنبرة صوت لا ترهق السامع.

    ولكن بعض البرامج التعليمية حوت سلبيات فكرية ولغوية إذ تحدثت عن أجهزة وأفكار علمية معاصرة بأسلوب أقرب إلى الوهم والخرافة كالذي عرض في قناة شباب المستقبل ( سبيس تون ) إذ قدمت رسوما متحركة تبدأ بالطفل عبقور وهو يطلب من والده أن يشتري له مذياعاً جديداً، وكان على شكل مسدس طفولي يخرج منه شيء فيصير ساعة ثم يصير هو نفسه مقلمة للأطفال ، ثم يتحول إلى مذياع ، وهذا العرض الخرافي يجعل الطفل يعيش مع الوهم لا مع الواقع ، ولو أن تقلباته كانت بالضغط على أزرار لكان العمل علميا هندسيا ينمي مدارك الطفل .

   وهناك أيضاً ما يسيء إلى العلم والدين معاً فالأب يعلق على هذه التصرفات ويقول :

" - ما هذه التصرفات السخيفة " ؟

   فيقول عبقور : نقوم بتجارب علمية أخرى ، حصلنا على فأر"  .

   وهذا يوحي للطفل بأن عملية الخَلْق تنجم عن تجارب علمية ويمكن للإنسان أن يقوم بها ، وهذا ما يسيء إلى العقيدة ، ومثل هذه البرامج لا تخدم العلم ولا الدين ، وتشكك بما يسمعه الطفل من عقائد دينية تتعلق بالله سبحانه الخالق للموجودات كلها وحده ، وهذا الشك قد يؤثر في عقيدته في المستقبل ، ولا سيما إن كان الأهل في شغل عن هذه البرامج ، وعن توجيه الصغار إلى الحق والصواب .

   وهناك قضية اللغة، فبرامج سبيس تون تعرض باللغة الفصحى لكن الموسيقى الصاخبة وحدة الصوت تحولان دون فهم العبارات والإفادة منها على نحو جيد ، كما أنها ترهق أعصاب الأطفال ، وقد لاحظت هذا على بعض أبنائنا ممن يتابع هذه البرامج إذ كثرت شكاواهم من الدوار الذي يصيبهم ومن التعب الذي يحسونه وذلك بسبب تغيرات الأصوات والألوان والحركات بصورة مستمرة .

3-      الأهداف الجمالية :

       الأدب فن قادر على أن يثري ملكة الخيال عند الطفل إذ يولد بمشاعر رقيقة وشعور فياض بالمشاعر الحسنة، ثم تنمو أحاسيسه بالجمال بأناشيد عذاب وصور جذابة فيحس المتعة و يتذوق الجماليات التي تحيط به، فتسمو مشاعره ويرتقي سلوكه وتبرز قدراته الإبداعية وتشبع حاجاته النفسية والوجدانية بطريقة صحيحة تساعده على أن يكون عنصرا بناء في محيطه .

     وتربية الذوق الجمالي عملية مهمة لتكوين جيل يحسن استخدام حاستي السمع والبصر اللتين يعتمد عليهما في الإحساس بالجمال، والطفل بحاجة إلى تعميق سمة الجمال في نفسه لأنها السمة التي تنتظم فيها جميع تصرفاته ، والتي يمكن أن نطلق عليها صفة الإحسان ، وهو بحاجة إلى أن ينشأ على الإحسان في كل عمل ، و(إن الله جميل يحب الجمال)([100]) و(إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه([101]) ، بل إن التربية الجمالية تدفعه لإدراك الفرق بين الخير والشر ، فيحب الخير والحق وينفر من الشر والباطل والكفر ، ولذلك يجب أن نبدأ به مبكرا ، وقد أثبت علم النفس أن النقص في التربية الجمالية لدى الأطفال تؤثر في أحكامهم .

      والجمال هدف من أهداف أدب الأطفال ،ويمكن أن يكتسبه من خلال القراءة والمشاهدة والاطلاع . وتتحقق التربية الذوقية في خمسة أمور هي البيئة والزمان والجنس والتربية الشخصية أوالفردية والمزاج الخاص([102]) ، وتتطور هذه التربية بعرض مخلوقات الله سبحانه بشكل يجذب إليها الطفل ، ويجعله يتأمل في عظيم ما أوجده في هذا الكون الفسيح .. وفي مناظر السماء والبحار والأراضي ما يريح الأعصاب ويمتع الأفئدة  ، وكذلك في كل أدب هادف إلى سلوكيات قويمة ، والأدب الرفيع أدب جميل وممتع  .

    وكذلك يتحقق الجمال في اللغة بحيث تعرض في ألفاظ متناغمة وتراكيب متوائمة وتصوير فني جميل بلا غموض ولا بذاءة ، وبعبارات وصيغ واضحة لاتحمل أكثر من معنى ، وتوحي بالمراد من غير إطناب فتجعل الطفل يقبل على لغته ويحبها ويتذوقها .

وعرض النوع الأدبي بشكل فني يشير إلى إتقان صاحبه لهذا العمل أمر جميل أيضاً لأنه يغرس الفكره بطريقة فنية ممتعة .

      وباختصار التربية الجمالية هي حصيلة لقاء بين التربية والعلم وعلم الجمال ، وعلم الجمال لا يستمد من الفلسفة ولكن من الشرع ، وينبغي أن تكون سمة الآداب الإسلامية جميعا الجمال سواء أكانت موجهة للكبار أم للصغارلأن الانحراف عن النهج الرباني سواء في التصوير أم في التعبير ينشئ الطفل تنشئة غير سوية، كعرض مناظر مخالفة للعقيدة ولسلوكيات المسلم ([103]) ، كالرسوم المتحركة التي تعرض فتاة تظهر في ملابس غير محتشمة وتتصرف أمام الرجال تصرفات مشبوهة أو يصحبها أصوات موسيقية عالية ، وحركات كثيرة متتابعة ترهق أعصاب الطفل أو تعرض بلغة ممتزجة بالألفاظ الأجنبية ، أو باللهجات المحلية مما يسيء إلى قدسية اللغة العربية وإلى فكرة ضرورة التمسك بها ، والمسرح الذي تعرض فيه تمثيليات يخالف توجيهها معتقدات المجتمع وأعرافه لا يتحقق منه الجمال مهما حوى من مناظر جذابة .

    وهكذا يكون الجمال في السلوكيات كما في المناظر والمرئيات ، ويقاس الجمال بمقياس الشرع والإسلام لم يحرمنا من شيء ففي الطبيعة الفاتنة والعمائر الإسلامية الخلابة ، والخطوط الجميلة ، والثياب المحتشمة الأنيقة والنظيفة ، وفي جمال التعبير والتصوير ما يعوض عما يتعارض مع الإسلام .

4-             الأهداف الترفيهية :

     الأطفال زينة الحياة الدنيا ، تسر مشاهدتهم الأفئدة وتقر الأعين ، والطفولة من أجمل مراحل العمر ، ولذلك يجب أن نحافظ عليها براقة حيوية ، وأن نملأ أوقات فراغها بما هو مفيد وبما يرفه عنهم، لأن الترفيه يخفف عنهم معاناة الحياة، ويصرف طاقاتهم الكبرى فترتاح نفوسهم .

   ولهذا يجب أن يحوي أدب الأطفال ما يمتع الطفل ويرفه عنه ، وإن اجتماع الصوت واللون والحركة باعتدال مما يساعد على ذلك .

  ولا يعني الترفيه عن الطفل أن نبعده عن الأهداف الأخرى فالرسوم المتحركة هي في حد ذاتها فن مرفِّه ، وهي أيضا موجَّه بشكل غير مباشر ، ولا يوجد أدب ترفيهي منعزل عن الأهداف الأخرى .

   فالطفل وهو ينظر متسلياً ، تنفذ إلى فؤاده وعقله قيم وسلوكيات شتى ، ولهذ يجب أن نحذر من الرسوم المتحركة التي تأتي من بلدان تخالفنا عقيدة وسلوكاً ومنهج حياة ، فهي تسلي أطفالنا، لكنها في الوقت نفسه تبث في روعهم ما يخالف ديننا من أفكار وقيم هدامة .

الفصـل الثـانـي

سمات أدب الأطفال حسب مراحل النمو

وأنواع الأطفال

الفصــل الثانــي

سمات أدب الأطفال حسب مراحل النمو وأنواع الأطفال

    أدب الأطفال هو مجموعة إنتاجات أدبية تقدم للأطفال حسب مراحل أعمارهم، و يراعى فيها شروط الفن الأدبي ،والأعمال الأدبية التي تقدم للكبار قد لاتصلح ولو بسطت للصغار، فللطفل قدراته العقلية والنفسية والاجتماعية، ويجب مراعاة هذه القدرات.

   وتربية الطفل بهـذه الآداب ترتبط بالوظيفة التي سيقوم بأدائها على وجه المعمورة، ولذلك كان إعداده لها مهماً، وتزداد طفولته وتزداد صعوبة تهيئته كلما تقدمت البشرية في مضمار الحضارة، فالطفل اليوم أحوج إلى أهله من ذي قبل بسبب طول المرحلة التعليمية، وكثرة المعطيات الحضارية([104]).

وإذا عرفنا أن نسبة الأطفال في العالم بلغت 40% من سكان المعمورة([105]) أدركنا أهمية هذا الأدب.

    ومن هنا كان لابد لأديب الأطفال من أن يدرك مراحل نمو الأطفال، كما يتعرف أنواع الأطفال حسب نظرتهم إلى الفن والأدب ، ثم أن يعرف  سمات هذا الأدب مضمونا وشكلا حسب هذه المراحل حتى يقدم لهم ما يناسبهم .

     ولذلك فإني سوف ألقي الضوء على :

أولاً: مراحل نمو الأطفال .

ثانيا : أنواع الأطفال حسب نظرتهم إلى الأدب والفن.

ثالثاُ: سمات أدب الأطفال .

أولا: مراحل نمو الأطفال:

تجمع الدراسات النفسية ودراسات الطفولة على أن الأطفال يمرون بمراحل تنمو فيها قدراتهم وتنتهي بمرحلة الشباب ، وأولى هذه المراحل هي مرحلة المهد ، ولكنا في سياق الحديث عن أدب الأطفال لانهتم بما قبل الثالثة من العمر لأن أديب الأطفال يتوجه إلى الصغار بدءا من هذه السنة وحتى الخامسة عشرة من العمر .

    وهـذه المدة تنقسم إلى ثلاث مراحل:

1.      مرحلة الطفولة الأولى أو ما قبل المدرسة، وهي بين 3-5 سنوات.

2.      مرحلة الطفولة الثانية أو المتوسطة بين 6-9 سنوات.

3.      مرحلة الطفولة الثالثة أو المتأخرة بين 10-12 أو حتى 15 سنة.

1-مرحلة الطفولة الأولى أو ما قبل المدرسة ، وهي من ( 3-5 سنوات )

من خلال الدراسات النفسية والتربوية التي أجريت على أطفال هذه المرحلة تبين أنهم يتمتعون بالسمات الآتية:

- التقليد:

      فالطفل يقلد مَنْ حوله من حيوانات وبشر في الأعمال والحركات وفي اللغة ، ولذلك فإن عرض الرسوم المتحركة للصغار يجب أن تنأى بهم عن العنف لئلا يقلدوه فقد يضر تقليدهم بحياتهم .كما يجب أن تغرس العقيدة والسلوكيات الإسلامية منذ هـذه المرحلة في نفوس الأطفال ، وأن تتوفر في البيئة المحيطة بهم في الأسرة والمجتمع .

      أما اللغة فيجب أن تقدم الآداب بلغة فصيحة ليتعلمها الطفل بسماعها، وقد ثبت أن الطفل حتى في سن الخامسة يحفظ كلمات قدمت عن طريق الرسوم المتحركة، بل يبدأ عقله بربط الجمل والألفاظ وتكوين العبارات مما وعتها أذنه وعقله، كما يعرف الجمع والمفرد .

    وتعد هـذه المرحلة أخصب المراحل لاكتساب العادات والخبرات والآداب الاجتماعية واللغة، ويجب أن تقرن اللغة بالوصف بالمحسوسات لأنه أكثر تعلقا بها ، وأن تكون مما يحيط به، أو تتركز حول شخصيته ، فنقول مثلا: القطة البيضاء أو قطة محمد البيضاء، والأرنب الأحمر ، والشجرة الخضراء بدلاً من القطة والأرنب والشجرة فحسب .

ويستطيع الطفل أن يفهم أن للكلمة أكثر من معنى وذلك حسب تركيبها .وتصل الحصيلة اللغوية لطفل هـذه المرحلة إلى 2500 كلمة، ويغلب عليه البساطة وعدم الدقة في تحديد المطلوب([106])  ، وتتناسب حصيلة الطفل مع مستوى ذكائه، فالطفل الذكي أسرع في الكلام من غيره وأقدر على ربط الكلمات والجمل في تراكيب سليمة ، كما أن للبيئة المنزلية أثرها في اكتساب الطفل للغة فالأسرة التي توفر لأبنائها قصصا وكتبا وموسوعات يكون نمو أطفالها اللغوي أقوى .

2ً-كما أن الطفل في هذه المرحلة قادر على التفكير والتصورات الذهنية، بل قادر على الإدراك المسبق ، ولهـذا يفهم عن طريق القصص ما يمكن أن ينفعه أو يضره .

-تشخيص الجمادات:

      نظراً لأن خيال الطفل وتفكيره محدودان فهو لا يميز بين الواقع والخيال، ولذلك فهو يشخص الجامد، فالحيوان يتكلم، والشمس تنطق، والسرير يسايره ... وهو يستخدم الحواس في تصوير المعاني، وحينما يكون وحيداً يسقط شخصيته على لعبه، وعلى المربي أن يقرأ لصغيره ولاسيما في أواخر هـذه المرحلة القصص التي تنمي شخصيته ولغته، وأن يعلمه أحياناً اللغة العربية عن طريق اللعب . 

-الافتقاد والاستعادة:

      فالطفل إن غابت أمه افتقدها وإن عادت سر وانشرح صدره، ولذلك يمكن غرس السلوكيات المتعلقة بالعقيدة من خلال هذه الخاصية ، إذ تعرض عليه قصص عن الجنة مثلا، فالفلسطيني الذي استشهد أبوه تعرض عليه قصة عن الشهداء وكيف أنهم استعادوا حياتهم في جنة الله  سبحانه وتعالى .

    وقصة ليلى والذئب([107]) التي تعرض نموذجا لطاعة الأم فيها خاصية الاستعادة ولكن بطريقة وهمية ، ذلك لأن الأم عندما أرادت أن تخرج من بيتها  أوصت ابنتها ليلى ألا تفتح الباب لأحد، فجاءها الذئب في صورة جدتها ففتحت له الباب فأكلها ، ولـكن الأم استعادت ابنتها وعاقبت الذئب.

      والطفل الذي يهمل في داره يجد في الأطفال ( استعادة ) لما فقده من حنان ، ولذلك يمكن استغلال المسرح في حديث عن حنان الأم أو الوالدين واستعادة هـذا الحنان الذي فقده طفل ما بسبب خطأ جسيم ارتكبه كخروجه من المنزل دون إذن والديه.

- تحقيق الخير والعدالة :

      الطفل يفهم العدل ويقدر الظروف ، فالحيوان الذي يعتدي على سريره فينام فيه سيلقى عقابا منه حتى يطرده ، والعدو الذي أخذ منزله أو لعبته يجب طرده وإعادة ممتلكاته إليه ، ولو سمع قصة سارق عاقبته الشرطة بالضرب لرأى في ذلك تحقيقا لهذه السمعة الفاضلة ، ومن هنا فإن المفاهيم الاجتماعية والسياسية تبدأ بالتكون في هذه المرحلة ولاسيما في أواخرها.

     وفي القصص القرآني نماذج كثيرة من العدل في معاقبة المخطئين والكافرين والظالمين ، كآدم وإبليس، وفرعون وقارون ، وفي إكرام الصالحين والأتقياء كنوح – عليه السلام – وكأبي بكر  رضي الله عنه .

-استقلالية الطفل :

     يرى الطفل نفسه في هذه المرحلة قوياً، ويروح يقارن نفسه بالكبار، ويحس أن شخصيته لها كيانها الخاص، ويبدأ حب الاستطلاع لديه ليتعرف ما يحيط به ، ويبدأ بإثارة الأسئلة ويميل إلى القصص التي تحكي عن بيئته وواقعها كالتي تتحدث عن تملكه لأشيائه الخاصة ، وعن النظافة ، وعن حب الوالدين وعن الجيران .

-يبدأ الطفل تدريجياً بالملاحظة والتركيز وإدراك التفاصيل في البيئة المحيطة به :

     ويمكن الاستفادة من هـذه الخاصية بتعويد الطفل النظافة وترتيب حاجياته عن طريق القصص ، وتعجبه القصص التي تدور حول تجاربه وتجارب من يحيط به ، وأن تكون أسماء شخصياتها من بيئته ، وكذلك رسوم مناظرها وحروف كتاباتها، كأن نحكي له عن مريض كسرت رجله لأنه داس فوق قشرة موز فوقع.

     واقتران الصورة بالفكرة مما يوضحها لدى الصغير ، فإن وجد معهما حركة وألوان كانت أكثر جاذبية للطفل .

       ومن الخطر في هـذه المرحلة أن نعرض للطفل ما فيه مخالفة لقيمنا وتراثنا ، لأن الطفل يلاحظ ويركز ويدرك التفاصيل ويقلد ، ولذلك يجب مراقبة البرامج التلفزيونية التي تعرض لئلا يكون فيها ما يسيء إلى العقيدة أو التراث.

      ويمكن للطفل أن يتقن لغته من خلال الآيات القرآنية القصيرة والأناشيد التي تحكي عن الأسرة والحيوانات ، ويجب أن يكون نطقها سليما ، وأن يسأل الطفل عما أحبه فيها لتنمية فكره ووجدانه ، ومن هنا تأتي أهمية وضع الطفل في مراكز تحفيظ القرآن الكريم في وقت مبكر ليستقيم لسانه فضلا عن عقيدته .

-الطفل لا يحب العنف في هذه المرحلة وإن كان يحب الصوت والصورة :

      ولذلك يجب التنبه إلى أخطار التلفاز " الرائي " بحيث لا يسمح له أن يرى منه إلا ماهو محدود ، وبرفقة كبير يوضح له الحقائق.

9ً- والقصة التي تناسب أطفال هـذه المرحلة ما كانت ذات حدث واحد ومبنية على علاقة واحدة وزمان عرضها قصير ، ولا يشترط أن يكون للقصة عقدة تحل لأنها تتألف من حدث واحد

      فقصة الكلب والحمامة لأحمد شوقي تتألف من علاقتين الأولى بين الحمامة والكلب عندما أيقظته من نومه لتنقذه من الثعبان ، والثانية حينما رد لها المعروف بنباحه عندما رأى الصياد يريد اصطيادها فأدركت الخطر ونجت([108]) ، ولو اقتصرت القصة على واحدة لكفت المرحلة الأولى.

     وقد تكون القصة ذات علاقة واحدة ولكن صعوبة فكرتها أو لغتها تحول دون فهمها كما في بعض قصص أحمد شوقي ذات الأسلوب الجزل ، من أمثال قوله في قصة ( اليمامة والصياد ) :

يَمامةٌ كانت بأعلى الشجرة      آمنـةٌ في عُشِّهـا مُستـتِرة

فـأقبل الصيـادُ ذات يوم      وحام حولَ الروضِ أيَّ حَوْم

فلم يجـدْ للطيـر فيه ظِلا      وهـمَّ بالرحيـل حيـن مَلا

فـبرزتْ من عشها الحمقاءُ      والحمـقُ داءٌ مـالـه دواء

فالتفت الصيادُ صَوْبَ الصوتِ      ونحـوَه سـدَّدَ سهمَ الموت

فسقطـتْ من عُشِّهـا المكينِ      ووقعـتْ في قبضـةِ السكين

    تقول قـولَ عـارفٍ مُحَقِّقِ      " ملكتُ نفسي لو ملكتُ مَنطِقي"([109])

       فهـذه القصة لايمكن لابن المرحلة الأولى أن يدرك فكرتها وهي أن في الصمت السلامة كما أن لغتها جزلة فالطفل في سن السادسة لا يعرف اليمامة بل الحمامة ، ولا يفهم معنى مستترة ، حام أي حوم ، ظِلّ ، همّ بالرحيل ، الحمقاء ، ولا المجاز في الحمق داء ماله دواء، وفي قبضة السكين ، وصوب سهم الموت ، عرشها المكين ، قول عارف محقق ، ملكت منطقي  وهـذه الألفاظ لا يدركها إلا طفل في المرحلة الثالثة ، فالقضية إذاً ليست قضية حدث فحسب وإنما المضمون واللغة أيضاً وموسيقاها، فالبحر الرجز التام لا يناسب هـذه المرحلة ، ويحتاج الطفل إلى نغم أبحر مجزوءة أو راقصة مصفقة كالبحر المتدارك والمتقارب ومجزوء الرمل ومجزوء الكامل .

   والقصص التي تعرض في مدة تتجاوز ربع ساعة يملها الطفل ولا يستطيع متابعتها إلا بتعب .

 10ً– والطفل في أواخر هـذه المرحلة يمكن أن يفهم معنى التعاون مع الآخرين ، ولهـذا فهو يستوعب القصص التربوية التي تتحدث عن مساعدة الناس بعضهم بعضا ، كأن تروي قصة أعمى ساعده شخص على قطع الطريق.

   ومن نماذج أناشيد المرحلة الأولى :

أحب الناس لي أمي     ومن بالروح تفديني

فكم من ليلة قامت     على مهدي تداريني

بصوت ناعم عذب     بإنشاد تغنينــي

تخاف علي من برد      بجنبيهـا تغطيني

ومن ألم ومن مرض      بإشفـاق تداويني

أنا بالروح أفديهـا     كما بالروح تفديني

    أنا أسعى لأرضيها     كما تسعى لترضيني([110])

     فهذا النشيد يحقق عنصر الحب والشعور بالأمن في ظل الأم الحنون التي تشفق على صغارها وتسعى إلى سعادتهم ، وتفديهم بروحها .

    وهذا نشيد آخر يجمع التربية الدينية من عبادة بالصلاة وغيرها والتربية الاجتماعية في البسمة والعفة ، والوطنية في حب الوطن والدعاء له ، والفنية في التسلية باللعب ، واللغوية بجمال فصحاها ونغمة أوزانها الطربة ، يقول الشاعر عمر بهاء الدين الأميري :

أنـا غـراءُ النجيبةْ     حلـوةُ الوجهِ حبيبةْ

عفَّـةُ النفسِ أبيَّـة      جمَّـةُ الظَّرْفِ ذكية

فأنـا أعبُـد ربـي     وأصـلـي وأُلَبِّـي

وأنــا أخدِمُ أمـي      بنشـاطٍ كلَّ يـوم

تُبْهِجُ الألعابُ نفسي      بعد أن أتقنَ درسي

موطني أهوى هواه     حقَّـقَ الله مُنـاه([111])

2- مرحلة الطفولة الثانية من 6-9 سنوات :

    وهي مرحلة يتمتع الطفل فيها بالسمات الآتية :

-  يود أن يتعرف كنه الأشياء ليكتشف جواهرها ويفسر ظواهرها ، ويميل عقله  خلال عملية التفسير إلى الحلول الخرافية .

-  ويرغب في الخروج عن نطاق الأسرة ليتمتع خارجها بما يتعرفه من أشياء جديدة بدافع حب الاستطلاع ، ويحاول أن يستفيد من وسائل المعرفة كالقراءة والكتابة في الاطلاع على المظاهر الخارجية .

-كما يحب التجميع والتركيب ، ولهذا نحبب إليه جمع القصص والآداب الأخرى وترتيبها في مكتبة خاصة .

4ً- يحب الأدب الذي يشبع خياله كالحديث عن الملائكة والجن واليوم الآخر والعجائب والغرائب ، ويجب أن تتخذ هذه الظاهرة لترسيخ العقيدة وبث الفضيلة .

5ً- يكثر من التساؤلات لأن حواسه تنمو بشكل ملموس حتى تصل إلى نصف إمكانات نموه في المستقبل ، وتقوى ذاكرته حتى إنه ليستطيع أن يحفظ أرقام الهواتف كما تزداد قدرته على التركيز ، ويستخدم هذا كله في تعرف مافي الوجود ، وبهذه التساؤلات تنمو معارفه وعلومه ولذلك علينا أن ننوع له المعارف والآداب والفنون لنساعده على الابتكار والإبداع .

 6ً_ ويربط الأسباب بالمسببات وهذا ما يساعد على تنمية عقيدته، وربط الكون بخالقه وبالوحي الذي أنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم، كما يساعد على بث الخلق الكريم في نفسه، ولذلك يجب أن نحبب إليه القراءة لتزداد ثقافته ويتعرف القيم الإسلامية وأسبابها .

7ً- يتخذ الطفل في هذه المرحلة قـدوة ومثلا أعلى يؤكد من خلاله ذاته، كما يكون قادرا على نقد الآخرين وإدراك العلاقات المتناقضة ، ولذلك علينا أن نعرض عليه حياة عظمائنا من خلال القصص أو المسرحيات .

8ً- والطفل يندفع في تصرفاته حسب ميوله وأهوائه ولذلك يجب تحريك وجدانه لما هو خير لأن المواعظ لاتجدي إن لم يعتقد بها ويتمثلها في وجدانه .

9ً- يستمر حب الخير والعدل ولهذا يجب أن تحكى له القصص التي توضح مكافأة الصالح ومعاقبة الظالم كما في قصص القرآن الكريم .

10ً- يبتعد تدريجيا عن الأنانية ويشعر بأنه جزء من المجتمع الذي يعيش فيه، وله فيه حقوق وعليه واجبات . 

11ً- يبدأ التمييز بين الذكر والأنثى ، وتكون البنات أسرع نموا من البنين ، ولذلك يجب أن يراعى هذا فيما يقدم من آداب للجنسين .

12ً- تبدأ عملية المشاكسة لإظهار الشخصية ، ويمكن أن تستغل بربط الطفل في أعمال أدبية كالمسرحيات التي تتحدث عن أبطال المسلمين ليقلدها ، وليصرف فيها طاقاته بما هو مليء بمعاني الأخوة والقوة والخير .

13ً – لايدرك الطفل مفهومي الزمان والمكان والمستقبل إلا في أواخر هذه المرحلة .

14ً- النمو اللغوي : يستطيع الطفل في هذه المرحلة أن يتعرف الروابط بين الجمل ،وأن يميز بين المترادفات والأضداد ، ويصبح قادرا على القراءة الصامتة والجهرية وعلى التحدث عما يريد، ويجب استغلال هذه المرحلة لتعليمه اللغة وأساليبها بشكلها الصحيح من القرآن الكريم والحديث الشريف .

15ً- النمو الانفعالي : يستطيع الطفل ضبط النفس ولكنه لايصل في ذلك إلى مرحلة النضج ، ويتمكن من تغيير انفعالاته وإشباعها بطريقة أقل غضبا، ويتصرف تصرفات سلبية أثناء الغضب ويكون أحيانا ذا مزاج عصبي ، كما يستطيع أن يكيد للآخرين ، وأن يعبر عن غيرته.

16ً- ينمو إدراكه فيستطيع الربط بين حدثين في القصص

      والقصص الدينية والتاريخية من أنسب القصص لطفل هذه المرحلة لأنه يحتاج إلى قدوة حسنة ، وهو يعجب بالخير ويجب أن تزداد في هذه المرحلة حصيلته اللغوية وهذا كله يتوفر في القصص الإسلامية  .

      لكن بعض البرامج التلفازية المقدمة لأطفال هذه المرحلة لاتناسبهم ، ففي قناة شباب المستقبل ( سبيس تون ) ظهر برنامج ينشد فيه :

بسعادة وفرح تمضي الأيام

بين اللَّعِــب وبين الجِـد

بيــن الأَخْـِذ وبيـن الرد

بين الخصـامِ وبيـن الـوُدِّ

    ثم ظهرت ساعة رنانة تشبه طفلا ( حيوانا ) نائما ، وكانت أداة التنبيه فيها أغنية لاتفهم معانيها ، والصور مرعبة مما يؤثر في أعصاب الطفل ، ثم يعرض كتاب للموسيقى فيأخذ الطفل الآلة الموسيقية ويعزف عليها فتقول واحدة أنت لديك موهبة حقيقية ، ولديك فرصة حقيقية لتكون موسيقيا .

      والسؤال الآن : هل يستيقظ الطفل على الموسيقى؟ وهل الغاية أن نجعل الطفل موسيقيا ؟ وأين التوجيه التربوي والديني ؟ ولم هذه الصور المرعبة ؟

      وفي برنامج آخر تظهر فيه الكرة الأرضية ويقال : الكرة الأرضية في خطر ، اثنان يخططان لأعمال كبيرة ، وينادي واحد  (بوشار طازج تعالَيْ واشتري ) ، ويقول آخر سأعمل سيداتي سادتي عملا، ثم يقوم بالتهريج ويقول أنا الذي تبحثون عنه، ويقول مرافقه راقبوا سيداتي سادتي ماالذي يفعله الرجل الطائر ؟

     فأين الخطر على الكرة الأرضية ؟ وهل العمل تهديج ؟  ثم إن الكتابة كانت باللغة الأجنبية لغرس حبها في القلوب لأنها مرتبطة باللعب والتهديج وهما مما يحبهما الطفل وهذا التوجيه الثقافي والاجتماعي لايناسب الأطفال ولا يناسب القيم الصالحة وتنشئ جيلا لاهيا تافها . وأذكر هما كلمة وردت في التلفاز في برنامج للجزيرة أن طفلا أمريكيا قال إن أمي تمنعني من رؤية الرسوم المتحركة لأنها شيء خرافي ، وكنت أرى مدرسة أمريكية تعطي ابنها كتابا باللغة الإنجليزية تزيد صفحاته عن أربعمئة بخط ناعم ولا صور فيه لينضج تفكيره بعلم نافع ، ونحن نلهي أبناءنا بتوم وجيري وما شابههما من صور تافهة وتوجيه سيئ في كثير من الأحيان ...

    وفرق بين رؤية صور مرعبة في رسوم أجنبية وقصص تربوية تنتج في بلادنا فتحمل قيمنا كمثل قصة ( ماهر والأصدقاء ) لمحمود رحمون([112]) إذ تتحدث عن ماهر الطفل الذي كان ينصح رفاقه بضرورة العناية بالأشجار الصغيرة الموجودة على جانبي شارع منازلهم ، وقد استعان أحدهم بوالده فأرسل عاملين يعلمان الصغار ويساعدانهم ، فنظفوا الأحواض وسقوا الزرع وقطعوا الأغصان الذابلة،ووضعوا السماد حتى تتغذى الأشجار فصار الشارع جميلا بالأشجار التي تزينه. 

    هذه القصة تعلم الصغار العمل الجاد لاالتهريج وقد تحققت فيه الروح الجماعية والتعاون المثمر لخدمة البيئة المحيطة بالأطفال، ولكن ينقصها التوجيه الديني وحبذا لو ربط بين الشجر وخالقه وبين الجمال ودعوة الإسلام إلى غرس الشجر .

    وهذا نشيد يعلم الأطفال القوة والخلق ويربط هذا كله بالله سبحانه ، يقول أحمد شوقي :

كشافةُ مصرَ وصِبْيَتُها     ومُنـاةُ الدارِ ومُنْيَتُها

وجمالُ الأرض وحِلْيَتُها     وطلائـعُ أفراحِ المدن

 ...

نبتدر الخير ونستبـق     مايُرضي اللهَ ، والخلقُ

بالنفسِ وخالقِها نثقُ      ونزيدُ وثوقا في المحنِ

...

في السهل نرُفُّ رياحينا     ونجوب الصخرَ شياطينا

  نبني البلـدان وتـبنينا     والهمَّةُ في الجسم المَرِنِ([113])

     فهذا النشيد حقق أهدافا دينية مثل يرضي الله ، يثق بالله . ووطنية مثل كشافة مصر مناة الدار ومنيتها ، والدار هي الوطن ، ونبني البلدان وتبنينا ، وتربوية مثل نبتدر الخير ونستبق، ونزيد وثوقا في المحن ، وصحية مثل  والهمة في الجسم المرن ، فضلا عن أنه باللغة الفصحى ذات الترنيم العذب ، فالنشيد على البحر المتقارب وهو وزن ذو جرس موسيقي محبب ، وفي النشيد أيضا تصوير جميل كما في ترف رياحينا، وطلائع أفراح المدن ،  وهو يزيد في حصيلة الطفل اللغوية ألفاظا وتراكيب من مثل مناة ومنية ، ونزيد وثوقا في المحن ،ونرف رياحينا ، ونجوب الصخر ...

3- مرحلة الطفولة الثالثة أو المتاخرة وهي من 10-12، أو حتى 15 سنة إلى أبعد حد 

    وهي المرحلة التي تتحدد فيها معالم الشخصية ، وتنمو فيها القدرات العقلية والجسمية ، ويخطو فيها الطفل في مدارج الشباب ، ويقبس من الروافد الثقافية في الأسرة والمجتمع ما تنمو به ملكاته دينيا واجتماعيا وسياسيا وحضاريا .

    وتتميز هذه المرحلة بـ :

- النمو العقلي : 

         وبذلك يستطيع الطفل أن يكتسب المهارات بالمطالعة ، ويتسع أفقه فيفكر تفكيرا مجردا ، وتزداد حساسيته ووازع الضمير لديه ، ويطلب مسوغات للأخطاء لأنه يكون قادرا على استنتاج العلاقات بين الأمور والحكم عليها ، ويفكر في مستقبله فتزداد رغبته في الاطلاع على ما يحيط به ، وتزداد قدرته على التذكر وعلى حل المشكلات ، وعلى فهم الرموز، ويستطيع التركيز في جو هادئ ، وتنمو لديه المفاهيم الاجتماعية والمعنوية عامة كمفهوم الخير والفضيلة والجمال .

– النمو الحركي :

         ويمكن استغلال هذا في أنشطة جماعية كالاشتراك في تمثيل مسرحيات هادفة ، وفي الكشافة والرحلات المدرسية ، وإلا مال إلى الانطواء لعدم تمكنه من إشباع رغباته بالأنشطة ، ويحسن هنا توجيهه إلى عمل ما ليتعرف المهن في المجتمع لأنه يبدأ بالتفكير في مستقبله .

 3ً- النمو الاجتماعي :

     على الرغم من نزوع الطفل في هذه المرحلة إلى الفردية ( الأنا )، وحب السيطرة وحب الظهور فإن الطفل يهتم بتكوين الصداقات والعلاقات الاجتماعية ، وهو لذلك يبدأ بالانفصال عن أسرته ليحقق طموحاته الاجتماعية ، كما يعنى بمظهره الخارجي، ويميل إلى الزعامة والاعتداد بالنفس وإثبات الذات.

   - ويعجب الطفل في هذه المرحلة بالبطولات والمغامرات :

        ولذلك يقدم له في هذه المرحلة الآداب التي تحكي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والصالحين والأبطال الفاتحين، والمغامرات الهادفة لاالخيالية كقصص خالد بن الوليد وعمرو بن الجموح ونسيبة المازنية ومحمد بن القاسم الثقفي، و قتيبة بن مسلم الباهلي وطارق بن زياد...، والقصص والشعر اللذين يحكيان مافيه التزام بقضايا الأمة كالشعر الفلسطيني ، ويوجه في هذه المرحلة إلى الإخلاص لله في العمل وإلى الأخوة الإيمانية لإثبات الذات بمرضاة الله سبحانه ، وليرتبط حب الذات  بحب  الجماعة الإسلامية والعمل من أجل رفعتها  .

      ويجب أن ننأى بالطفل عما يساء به إلى تاريخنا كالثورات والخلافات ليعتز الطفل بأمتـه ولا يشعر بالنقص .

      وقد كتب محمد سعيد العريان وعبد الرحمن رأفت الباشا كتبا نافعة في هذا المجال، فللأول رحلات سندباد([114]) ، وللثاني صور من الصحابة ، وصور من حياة التابعين ، كما ألف أبو الحسن الندوي ( قصص النبيين للأطفال ) و( سيرة خاتم النبيين ) و( أثر السيرة في تربية الطفل في مقدمة كتابه الطريق إلى المدينة ) وذكر فيه أنه لما قرأ ( سيرة رحمة للعالمين ) للقاضي الهندي محمد سليمان المنصور فوري اهتز قلبه إعجابا بالرسول صلى الله عليه وسلم وشخصيته العظيمة مما جعل حياته سعيدة لاقتدائه به ، وهذا مايبين تأثير الآداب الطفولية إن أحسن عرضها([115]) .

     - النمو الديني :

      ويكون ذلك بتقديم قصص ومسرحيات وقصائد تنمي العقيدة بالله سبحانه ، لنستمع إلى قول محمد السنهوتي يحبب العبادات إلى الطفل المسلم ، ويجعل توجيهها على لسان الأم :

    قالت توضـأْ وصلِّ      وأدِّ للهِ شكـــرَهْ

    إن الطهـارة تهدي     إلى القلوب المسرة

    صلَّيْـتُ للهِ حمـدا     فازددت علما وقدرة     

    وعدت كالبدر نورا    وعدت كالزهر نضرة([116])

        وهناك قصص أركان الإسلام في سلسلة أصدرها عبد التواب يوسف .وهي وأمثالها تزود الطفل بخبرات وثقافات دينية وإنسانية واجتماعية وأخلاقية .

- النمو الانفعالي :

    يتوسع خيال الطفل في هذه المرحلة وتبدأ معه اليقظة الجنسية مما يجعله شديد التأثر داخليا وخارجيا ، ولذا فعلى أديب الأطفال أن يعرف كيف يوجهه إلى الأنشطة الاجتماعية ، وينفره من المفاسد الخلقية والاجتماعية كمناظر العري ، وأن يربط ذلك بشرع الله الذي نزل رحمة للناس بإقصائهم عن المفاسد ، كما أن عليه أن يرغبه بالجنة ويخوفه من عذاب الله سبحانه وغضبه ، وأن يحبب إليه الجد والعمل فيحفظه من الانحراف ويرشِّد خطواته .

    ولاننسى أثر القدوة الصالحة في هذا المجال ولنا في قصة موسى مع ابنتي شعيب[117] خير نموذج يقدم لغرس الحياء والرجولة في النفوس .

     والمرح ينفع الطفل وقد مزح الرسول صلى الله عليه وسلم ليروح عن النفوس .

- حب الجمع 

      الطفل في هذه المرحلة يحب الجمع والادخار، ويبدو ذلك في جمع صور للطوابع البريدية وبطاقات الهواتف والنقود الغريبة ، ويحسن لذلك أن نوجهه إلى جمع الكتب أو جمع قصاصات صحف تتحدث عن موضوع ما كقضية المرأة أو قضية المسجد الأقصى ...، وقد ينتفع بما جمع في كبره ماديا ومعنويا ، وقد ذكر في مآسي البوسنة أن فتاة سجلت ذكرياتها عن حرب البوسنة في 1992م فبيع ما سجلته بخمسة ملايين دولار أمريكي لإنتاج شريط سينمائي عن حوادث البوسنة والهرسك

ثانيا أنواع الأطفال حسب نظرتهم إلى الأدب والفن  :

    تختلف مواقف الأطفال من الأدب حسب أنواعهم ، فهناك النوع الترابطي والفسيولوجي  والاندماجي ، والموضوعي :

1-الأطفال من النوع الترابطي :

         وهؤلاء  يعجبون بأدب يثير لديهم ذكريات ما ، وكلما أثار النص لديهم ذكريات أكثر ازداد إعجابهم به، ومثل هذا النوع يتعلق بالشعر الذي يذكر بعظيم قدرة المولى تعالى ، وقصص البطولات تلقى لديهم قبولا كبيرا ، وقصص القرآن الكريم كذلك فأبطال الحجارة يذكرونهم بأصحاب الفيل وأبرهة الأشرم ، والقصص التي تتحدث عن العلوم تذكرهم بأمجاد المسلمين العلمية .

     وهذا النوع يكرر قراءة القصص أكثر من مرة ولا يملها بل يسعد من تكرارها، ومهارة الأديب تكمن بما يثيره في نفوسهم من ذكريات .

2- النوع الفسيولوجي :

       وهؤلاء يتأثرون لما يثير انفعالاتهم ، وكلما حوى النص الأدبي انفعالات حسية أو جسمية أعجبوا به، ومثل هذا النوع يطربون للانتصارات، ويسترخون لسماع القرآن الكريم ، وتفور دماؤهم من حدوث نكبة ما كاستشهاد بطل ، ولذلك فهم يعجبون بقصص البطولات الخارقة ، وبالشعر الذي يتحدث عن الانتصارات والتضحيات

   والقصص التي تصف المعارك، وتفصل في جزئياتها تثير لديه انفعالات جسمية ونفسية ، والمسرحيات التي تتحدث عن القتل تؤثر في انفعالاته ، وسماع النصوص القرآنية ولا سيما ما يتحدث عن الجنة والنار يثير عواطفه الإيمانية ، وكذلك القصائد الدينية تجعل نفسه تهدأ ومشاعره تلين .

    وينصح هـؤلاء بقراءة نصوص تتعلق بالفتوحات ، لأنها تضفي جواً دينياً محبباً لهـم .

3- النوع الاندماجي:

      وهذا النوع يندمج فيه الطفل مع الشخصية التي يراها أو يقرأ عنها ويتقمصها فيحس أنه هو البطل ، ونجاحه نجاح له ، وإخفاقه خسارة يمنى بها هو ،وهكـذا يعيش مع الجو الانفعالي الحقيقي للقطعة الفنية .

      وهـذا النوع يناسبه المسرح والقصص، ويجب أن ينأى عن العنف وعما يقف فيه البطل موقفاً سلبياً من الحياة وناسها لئلا يقلد هـؤلاء السلبيين ، ويحسن أن تقدم له الصورة المشرقة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة المخلصين والمصلحين ليقتدي بهم .

4- النوع الموضوعي :

     وهو يصلح للأطفال العقلاء الذين ينظرون إلى الحياة نظرة موضوعية ، إذ لا تهمهم الذكريات ولا المثيرات ولا القدوة ، وإنما هم يحددون رؤيتهم في الحياة ، وينظرون إلى الأمور من خلالها ويحكمون عليها حكما واقعيا بلا تأثر كبير([118]) وهذا النوع تصلح له الموضوعات كلها لأنه إنسان مفكر واعٍ لا تأخذه تقلبات الحياة وأهواؤها .

    وهكذا فإن على أديب الأطفال أن يدرك كيف يقدم المادة للصغار بشكل يتناسب وأنواعهم، ومتطلبات مراحل نموهم .

ثالثاً سمات أدب الأطفال :

     أدب الأطفال كما عرفنا تعبير فني هادف يوجه إلى الطفل عبر وسيط ما . ولكل نص أدبي هدف يرمي إليه ، ويضعه المؤلف نصب عينيه ، وبمقدار ما يتضمن هذا النص الأدبي من أهداف ، وبقدر ما يتمثلها الطفل يكون نموه العقلي والمعرفي واللغوي والمسلكي ، ولا خير في نص لا يسهم في تنمية الطفل في هذه الجوانب أو بعضها في الأقل([119]) ، ولكن كثيرا من كتّاب القصة لم يطلعوا على حاجات الطفل النفسية ، ولم يراعوا الأصول الفنية والتربوية، ولهذا فإن كثيراً مما كتب للأطفال لا يصلح لهم لتجاوزه مستويات أعمارهم ، أو لإهماله الجوانب التربوية أو لعدم تضمنه قيما فنية تشد الطفل إليه .

    ولذلك فإن أدب الأطفال يجب أن يتمتع بصفات يتعلق بعضها بالمضمون ، وأخرى بالشكل الفني أو بالأسلوب فضلاً عن الوسيط الفني الناقل لهـذا الأدب ومتطلباته .

   وسأدرس سمات هذا الأدب مضمونا وأسلوبا .

1- سمات المضمون :

      الأدب هو تعبير فني هادف عن الكون والإنسان والحياة من خلال التصور الإسلامي، ومن هنا فإن أدب الأطفال يجب أن يشبع حاجات الطفل العقائدية ، العاطفية والسلوكية ، وأن يوفر له المتعة ليسهم في بناء شخصيته بشكل بناء ومتكامل ووفق المنهج الإسلامي الذي هدى الله به عباده ، سواء أكان شعرا أم نثرا ، قصة أم مسرحية أم غير ذلك .

      وقد مر معنا عند الحديث عن أهداف أدب الأطفال ضرورة تربية الطفل عقائدياً وتربوياً وتعليمياً وجمالياً وترفيهياًً، إضافة إلى تمتعه وتسليته خلال تعايشه مع البرنامج المعروض، وهناك كثير من الرسوم المتحركة التي تحقق هذه الأهداف كما في جزيرة النور ومحمد الفاتح ، إذ ينمي الأول العقيدة الصحيحة ، ويغرس الثاني في نفس المسلم العزة والقوة .

        ويجب الحذر مما يبث في القنوات الهدامة مما يزعزع عقيدة الطفل المسلم، فمما عرض في إحدى القنوات أن رجلا غرس بذرة وتعهدها بالرعاية حتى طاولت السحاب فصعد الرجل إلى الغيوم فرأى قصرا كبيراً يحوي أناساً ضخاماً ، وفيه رجل عملاق نائم ، قبيح المنظر كث اللحية ، يعلو شخيره فيدوي في أرجاء القصر ، ويستيقظ العملاق ليرى الرجل – وكان بالنسبة إليه كقزم صغير – فيهرب منه هذا القزم ويصعد إلى الشجرة وينزل إلى الأرض ، ثم يرى شجرة فيأكل منها فيقوى ويستطيع أن يصرع العملاق وأن يضربه ضربة تعيده إلى قصره .

   هذه القصة تهدم عقيدة الطفل الصغير لأنه يتوهم أن الله  سبحانه في السماء وأنه كبير جداً ، وبما أنه وصف في الرسوم المتحركة بالقبح وأنه خسر أمام القزم فإن صورة الله سبحانه ستهتز في مخيلة الطفل ، فضلا عن أنها تجعله يتخيله كالوثنيين ، كما ستهتز صورة المتدين لأنه جعل العملاق كث اللحية قبيحا وضعيفا مما يسيء إلى عقيدته وتربيته.

    وفي برنامج ( ميكي ماوس ) جعل الفأر الذي يسكن في الفضاء يوقف البراكين وينزل الأمطار ويوقف الرياح ، وفي ذلك تلميحات خبيثة موجهة ضد الدين أيضاً ، وإذا عرفنا أن هناك طائفة هندية تعبد الفأر أدركنا خطورة هذا البرنامج .

   وفي برنامج ( بباي ) يصور المسلم في هيئة رجل ملتح، وهو ذو مزاج عصبي منفر، ويلاحق النساء ويسرق ويخطف ، ويقوم بالتفجيرات ، وفي برنامج آخر يوضع الصليب على صدر الرجل القوي الشجاع ويعلم العادات النصرانية .

   وفي برنامج ( بوكيمون ) يجعل الحيوانات في تطور مستمر ، فهي تتحول من شكل لآخر وكأن هذا يحاول أن يدخل في مخيلة الطفل المسلم أن فكرة النشوء والارتقاء والتطور التي قال بها دارون صحيحة.

    وفي قصة ( الحسناء والوحش ) نرى الفتاة تقبل العيش مع الوحش دون أن توافق على الزواج منه ، وأخيرا يتعلق قلبها به فتوافق فيتحول الوحش إلى أمير ويعيشان في القصر سعيدين ، وهذه الحياة المشتركة قبل الزواج  لا يوافق عليها الشرع كما لا يوافق على مافيها من خزعبلات السحرة([120]).

   وفي برنامج ( كابتن ماجد )  يحيي الأعضاء بعضهم بعضاً بما يشبه الركوع ، فضلا عن الرقص والصراخ والمعانقة بين الجنسين بعد الفوز في المباراة.

    وتؤدي التحية في برنامج ( النمر المقنع ) في حركة تشبه السجود

   وفي ( مغامرات بندق ) التي أصدرتها شركة ( ديزني ) الأمريكية نرى سلوكيات غير شرعية ، فالولد يندد بتصرفات أبيه ، والفتاة ترتدي ثياباً إلى ما فوق الركبتين ، وتستلقي في الحديقة مع الرجال ، والمدير يخطب في الناس ومن ورائه موظف يستهزئ به بحركات ساخرة ، ويضحك الجميع والمدير لا يدري السبب ، وفيه أيضاًً رقص وغناء في حفلات سمر.

   وفي ( طرزان ) الذي نشأ بين القرود يجد فتاة من البشر فترتدي مثله ثياباً متعرية وتتصرف

 تصرفات منكرة ، وفيه أيضاً عبارات تخالف الشرع كقول أحدهم للمطر : ( ألم تجد وقتاً أفضل من هذا لتنـزل فيه ؟ ) .

      وفي شريط ( قرعون ) وهو رسوم متحركة نرى الشِّجار بين الفقير والغني، وفيه عصابة أشخاصها على شكل وحوش ، والحقوق لا تنال إلا بالخصام والعنف والسخرية من المظلوم المنهزم وهو قرعون الذي ضربه رجال القرية بدلاً من نصرته ، وفيه مؤامرات ومكائد ، وتفرقة عنصرية ، ونفاق في التعامل من أجل المصلحة الخاصة كما فعل صاحب المطعم .

     إضافة إلى مناظر الرعب التي تبث في الأفلام ، فمنظر الثعبان الهائل في الشريط السمعبصري وعنوانه رحلات سندباد مخيف للصغار ... وقد أصيب بعض الأطفال بأمراض نفسية نتيجة هذه الأفلام ونقلوا إلى المستشفى ليعالجوا ، وأصيبت واحدة بآلام متواصلة في رأسها وصارت لا تركز في تعلمها وتنام في قاعة الدرس من جراء هذه الرسوم المرهقة . ومناظر الجرائم في الرسوم المتحركة أكثر من أن تحصى ، وقد علمت الأولاد سرقة السيارات ودخول البيوت بلا مفاتيح ، وفي دراسة أمريكية أجريت في سنة 2005م عن برامج الأطفال ذكرت أن هذه البرامج أكثر عنفا من برامج الكبار.

   وأرى أنه يجب أن تنشط صناعة الرسوم المتحركة في البلدان العربية لنتجنب استيرادها من الدول الأخرى فنحفظ أجيالنا من أخطارها.

2- سمات الأسلوب :

   تمثل ظاهرة الضعف في القراءة لدى الأطفال هاجساً عند رجالات التربية والتعليم ، وتشير الدراسات إلى أن الضعف العام في القراءة بلغ 42% ، وبلغت نسبة عدم القدرة على تمييز الحروف 39% من العينة([121]).

  وأدب الأطفال يمكنه أن يساعد المربين في القضاء على ظاهرة الضعف القرائي.

   إن الطفل في السادسة والنصف من عمره يستوعب عقلياً ما يقدم له([122]) ، ولذلك فإن المربين يجب أن يقدموا لأبنائهم قصصاً ويطالبوهم بقراءتها ويحاورهم في معانيها ، وأن يتواصلوا معهم بلغة عربية فصحى مبسطة ليستطيع الطفل فيما بعد أن يستوعب مضامين ما يقدم إليه، وقد كان محمد سعيد العريان، وهو أول من أصدر مجلة للأطفال في الوطن العربي ، يقرأ لأولاده ما يكتبه ليرى مدى استيعاب الطفل المادة ، فإن وجد كلمة عسرة شرحها بعبارات مرادفة توضح الغامض ، وكان يتدرج بلغة الطفل ويثريها وبهذا تزداد حصيلته اللغوية يوما بعد يوم ويرتفع مستوى أسلوبه ([123]) .

     وينصح د. عبد القدوس أبو صالح رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية أن تقدم للطفل  التراكيب البليغة التي تنمي قدرته اللغوية وتقربه إلى لغة القرآن الكريم([124]) ، ويجب أن يعود على لغة القرآن الكريم والحديث الشريف منذ نعومة أظافره ، ومن الخطأ تجنب هذه الأساليب وألفاظها ، واللجوء دائماً إلى الألفاظ المتداولة والتراكيب المستحدثة ، ولاسيما في المرحلة الثالثة من عمر الطفل ، لأن هذا سينفره فيما بعد من كتب تراثه ، وسيبعده عن كل كتاب قديم . وهذا ما أراده لنا كتاب الحداثة من وراء هجمتهم على اللغة العربية باسم صعوبتها ([125]) ، فدماغ الطفل يكتمل في سن الثامنة ، ولهذا يجب استخدام هذه المقدرة في تعليم اللغة العربية والاستعانة بشرح مفاهيمها ومصطلحاتها.

   ويجب أن نبعد الطفل عن الأخطاء اللغوية كائنة ما كانت لأنها كالسُّمّ الذي يقدم لهم مع العسل([126]) . كما يجب أن ننأى عن اللهجة العامية التي تعرض في الرسوم المتحركة في بعض البلدان العربية ، وعلى المسؤولين أن يعربوا ما استوردوه من شركة ديزني الأمريكية أو من غيرها .

       ويجب أن تكون لغة الأطفال في المرحلة الأولى محسوسة ومن بيئة الطفل ، فابن المدينة يستعمل من العبارات مالا يستعمله ابن البادية أومن يعيش في بيئة بحرية ، كما يجب أن تصحب بمؤثرات صوتية أخرى كتقليد الحيوانات والطيور ، وأن تنطق بشكل صحيح أما في المرحلة الثانية فيركز الطفل على الرموز الكتابية ويربط بينها وبين مدلولاتها ، وأن يعود على قراءة جمل بسيطة في عبارات قصيرة مصحوبة بصور ، وأن تكتب هذه العبارات بحروف واضحة مضبوطة ، والإسراف في استخدام الصور يؤثر في اللغة لأن الطفل يركز عليها لا على الكتابة. ويمكن للأديب أن يستعمل كلمات فصحى تتردد في العامية ، وقد أنشأ د. عبدالله الدنان في سوريا روضة أطفال لا يتكلم أطفالها إلا الفصحى فنشؤوا وهم يتقنونها وينطقون بها في حياتهم اليومية ، ويذكر د. عبد التواب يوسف أن دار المعارف في مصر أصدرت تفسيراً للقرآن الكريم بأسلوب مبسط ، وطالب علماء اللغة أن يصنفوا قاموساً للأطفال على غرار مافعل (ميكل وست) في ( القاموس الخاص بالأطفال ) باللغة الإنجليزية ، وما فعل ويبستر في أمريكا،  وقد أعطى كل منهما جهداً كبيراً لأدب الأطفال ، ومكَّن الأول بتبسيطه للغة وجعلها في حدود ألفي كلمة فحسب من قراءة روائع الأدب في سن مبكرة .

    أما في المرحلة الثالثة فإن المهارات اللغوية تزداد وتكثر مفردات الطفل ، ويصير قادرا على إدراك التضاد والترادف والمعاني المجردة .

      وقد حاول بعض الباحثين إحصاء الألفاظ التي يستعملها الطفل فكانت (1600) كلمة في السنة الرابعة من عمره و(2600) في السادسة ، و(3600) في الثامنة ، و(5400) في العاشرة ، و(7200) في سنة الثانية عشرة و(9000) في الرابعة عشرة من العمر ، وتصل كلمات البالغ متوسط الذكاء إلى (11700) كلمة. والمتفوق إلى (13500) كلمة مع الأخذ بعين الاعتبار أن الكلمة ومشتقاتها تعد واحدة مثل ( الكتابة ، كتب ، يكتب ، مكتوب ... ) .

   وفي دراسة للأخطاء اللغوية التي يرتكبها الطفل العربي تبين أن :

    ويمكننا استخدام أدب الأطفال وسيلة لتلافي هذه الأخطاء وتحسين لغة الطفل بالقصص والمسرحيات والأناشيد ، وحبذا لو وجه الطفل نحو المكتبة ، وقد رافق طفل أباه إلى المكتبة وعند العودة ظهرا أصر الولد على البقاء في المكتبة ، وفي اليوم الثاني قدم لها قصصه هدية لينتشر العلم بها .

    وقد أصدرت المنظمة العربية للثقافة والعلوم كتاب ( الرصيد اللغوي للأطفال في مرحلة الدراسة الابتدائية ) وهو قائم على دراسة ميدانية لحصر الألفاظ المستخدمة في أرجاء الوطن العربي([128]).

    وتبين الدراسات أن هناك كثيراً من الألفاظ المشتركة بين العامية والفصحى مثل :

بَرّده: أصابه البرد ، عيال: ( ج عَيِّل ) : الأولاد . خروف جمل ، شاي ، يأكل ، اشترى ، بريْتُ القلم ، الفلوس ، جامد ، حط ، نط ، فرحان ، مبسوط . بطانة ( بطانة الثوب ) ، بان بمعنى اتضح ، بكرة بمعنى سأذهب باكراً ، البَوْس : التقبيل .

   وهذه الكلمات المشتركة بلغت 193من372 كلمة وهناك 79 من 372  تستعمل في العامية مع تغيير واحد فحسب مثل لحمة بدلاً من لحم ، و28 من 372  تختلف عن نظائرها بتغييرين مثل برتقالة ، ثلاثة ، وأثبتت الدراسات أن هذه التغييرات البسيطة لا تؤثر في تكوين الجملة .

    وأما التي تحوي تغييرات كثيرة فكثير منهم يتبع لهجة كانت فصيحة في بعض القبائل مثل قلب الذال دالاً في (دي) بدلاً من (ذي أو هذي) ، و(بَعْدِيْنْ) بدلاً من (بعد الآن)([129]) ولغة الكشكشة المصرية في النفي مثل (مافيش) أي (مافي)[130] . وكثير من الجمل التي تنطق هي فصحى ولكنها سكنت ، مثل (ترك محمد الكتاب) وهي فصحى لو تحركت حروفها.

    وأحب أن أبين أن الشعب العربي يفهم مثل هذه العاميات ، كما يفهم الفصحى في جميع أقطاره لكن المشكلة الآن غدت في إدخال مصطلحات جديدة وكلمات أجنبية ضمن السياق اللغوي العربي من مثل المواثبة ( القفز المتكرر من قناة إلى أخرى ) ، الرسالة المتراصة ، أزرار القنوات ، شبكة البرامج ، وهي تهدد خصوصيات ثقافتنا وتجعل الطفل يتعرض لصعوبة فهم اللغات الأخرى([131]) . 

      وأما ما يقال حول صعوبة اللغة العربية فوهم أوهمه الاستعمار لينفر أبناء العربية من لغتهم فإذا كان شكل حرف الهاء :

هـ ، ـه ، ه ، ـهـ .

     فإنه أسهل من الحروف اليابانية والصينية والفيتنامية والعبرية الأشبة بالمسامير ومع ذلك لم يطلب أحد من هذه الدول أن تغير حروفها ، بل إن فيتنام لما تحررت من الاستعمار الفرنسي ثم الأمريكي طالبت بترجمة العلوم كلها إلى لغتها لتحافظ عليها ، وتدرس العلوم في الأراضي المحتلة من فلسطين باللغة العبرية ، فأحرى بنا أن نحافظ على لغتنا المقدسة ، لغة القرآن الكريم والحديث الشريف والتراث الإسلامي الحضاري الخالد([132]) .

     وأمر آخر هو أن تغير الحروف موجود أيضا في اللغات الأخرى ، تقول د. نور الهدى لوشن : " اما ماورد من عيوب الكتابة فليس حكرا على العربية وحدها ، بل هي ظاهرة عامة ومشتركة بين اللغات  " ثم تضرب أمثلة لهذه العيوب منها أن :

-        الراء تكتب بثلاثة أشكال في الإنجليزية والفرنسية .

-    وإذا كان العرب يكتبون واو عَمْرو ولا يلفظونها للتمييز بينها وبين عُمَر ، ويكتبون الألف الفارقة بعد واو الجماعة في الفعل ، وال التعريف الشمسية فإن في الإنجليزية والفرنسية حروفا كثيرة تكتب ولا تقرأ مثل Nigt      / تقرأ  Nit   ، وSign   / تقرأ Sin  ، وحرف W لايلفظ إن جاء بعده راء مثل Wretch  ، وفي المعجم الإنجليزي ترد  Kn    أكثر من ثمانين مرة لاتلفظ فيها K   مثل Knee   إذ تلفظ Ni .

      - وقد تقرأ  بعض الحروف في اللغة الإنجليزية والفرنسية بأصوات مخالفة للأصل مما يؤدي إلى صعوبة كبرى في النطق ، فحرف " C " ينطق مرة "س" في City ومرة " ك " فيCat   وقد يجتمع الصوتان معا في كلمة واحدة دون مبرر للتغيير مثل Circle  ، وفي الفرنسية تلفظ " S "  مرة "س "  ومرة " ز " مثل Case وتلفظ S " " شينا أيضا في Sugar وقد تلفظ جيما في الإنكليزية مثل Confusion

- وهناك كلمات تلفظ بلفظ واحد مع اختلاف نطقها مثل "  Laie -  Lait  -  Lit  - Lis -  Les – Lied  " تلفظ كلها ( لي ) .

  -   وحروف العلة في العربية ثلاثة فقط هي اللف والواو والياء ، وهي في الإنجليزية والفرنسية سبعة :(W  YA U O I E ) بل تزداد  الصعوبة حينما تركب مع حروف علة أخرى ، فحرف " I   " ينطق بأشكال مختلفة في " Girl – Leig – Leind " أما في العربية فلا يختلف نطق الحرف

   -  وفي الإنكليزية يمتزج حرفان للدلالة على حرف واحد مثل Ph   ويلفظان معا " ف " وSh  ويلفظ " ش " وفي الفرنسية يلفظ الحرفان " Ch   حرفا واحدا هو " ش "

     - وهناك أصوات لاتوجد في اللغة الأجنبية مثل " ص ، ض ، ط ، ظ ، ع ، غ ، ش ، ث ، خ ، ذ ، ق " الحرف ([133])  مما يؤدي إلى تغير المعنى أحيانا بالنطق الأجنبي ، فالأجنبي ينطق "ضرب "  و " درب " بشكل واحد لأن لسانه لم يتعود نطق الضاد العربية .

    ومما يزيد في سهولة الحروف العربية وحفظ الطفل لها بسرعة أن كثيرا منها تتشابه كتابته وكأن العرب تعمدوا هذا فقد رسموا عشر مجموعات تضم اثنين وعشرين حرفا من ثمانية وعشرين هي : ( ب ت ث ) ، ( ج ح خ ) ، ( د ذ ) ، ( ر ز ) ، ( س ش ) ، ( ص ض ) ، ( ط ظ ) ، ( ع غ ) ، ( ف ق ) ، ( ك ل ) فضلا عن أن مجموعة ( ج ح خ ) تشبه ( ع غ ) ومجموعة ( د ذ ) تشبه ( ر ز ) وهذا مما يزيد في سرعة حفظ الطفل العربي لها .

      وأخيرا فإن لغة الطفل يجب أن تتسم بالسمات الآتية :

1-               وضوح المعاني لئلا تختلف المدلولات في ذهن الطفل فإن كانت غامضة شرحت بالمترادفات.

2-      المراوحة بين اللغة المحسوسة والمجردة ، وذلك تبعاً لمرحلة النمو، وأن تكون الألفاظ المحسوسة من بيئة الطفل ، ويجب أن تزداد لغته ثروة مع تقدم عمره .

3-               أن تثري خيال الطفل وتصويره الفني كما تثري معلوماته ، مع البعد عن الأساليب المجازية في المراحل الأولى.

4-               العبارات موجزة بسيطة ويزداد طولها كلما تقدم عمر الطفل .

5-               أن تبتعد التراكيب عن الجمل الاعتراضية ، وعن التقديم والتأخير ، وعن البناء للمجهول إلا إن تطلب الموقف ذلك.

6-      أسلوب المتكلم يفهمه الطفل أكثر من أسلوب الغائب لأنه يشعره بالمشاركة ، وأسلوب الحوار والقصة أحب إليه من الأسلوب المباشر.

7-               أن يكثر من تكرار العبارات ليرسخ معناها.

8-               إن حوت اللغة رموزاً فيجب أن تكون شافة وموحية.

9-      اللغة الشعرية يجب أن تكون ألفاظها رشيقة وموسيقاها خفيفة ولا يتجاوز شطر البيت ثلاث كلمات أو أربعاً لأن قصر العبارة يضفي عليها موسيقى محببة .

10-           أن يحوي البيت الواحد فكرة واحدة.

11-           الأسلوب الإنشائي يفضل على الخبري لأن فيه إثارة للانفعالات.

12-           أن يحوي النص اقتباسات من القرآن الكريم والحديث الشريف.

13-           أن يحوي النص عناصر تشويق ، فإن كانت اللغة حيوانية فيجب أن تخدم فكرة إنسانية .

14-           أن ينأى الكاتب عن المصطلحات العلمية قدر الإمكان وعن الألفاظ الأجنبية 

15-           ألا يستطرد الكاتب لئلا يشتت ذهن الطفل .

16-     العناوين الجيدة تجذب الطفل ، وذات الأصوات المكررة أكثر جذبا لطفل المرحلة الأولى مثل كوكو والقطة ، وبسبس نو  ، والانفعالية للمرحلة الثانية مثل الطائر العجيب ، الثعبان المخيف ، والتي تحوي مغامرات تجذب طفل المرحلة الثالثة مثل صراع الأبطال والحرب الطاحنة ...

17-           الإلقاء الحسن ينفذ إلى القلب حين ينقل الانفعالات فيؤثر في النفس  .

18-     في المراحل الأولى يجب أن تكون الحروف كبيرة ومشكلة ومحدودة الكلمات ومصورة، وتزداد الكلمات في الصفحة وتقل الصور مع تقدم مراحل النمو.

الفصل الثالث

الوسيط الناقل لأدب الأطفال

الفصل الثالث

الوسيط الناقل لأدب الأطفال

       تؤدي وسائل الإعلام دوراً كبيراً في تربية الطفل ، ذلك لأنها تجذبه بما تحمله من عناصر التشويق ، بالصوت واللون والحركة ، وهي تقدم المادة مرئية ومسموعة ومقروءة ، والطفل ينشد بها المتعة ، وهو يحاكي ويقلد ، وقد أثبتت الدراسات أن 30% من سكان المدن يقضون أوقاتهم أمام التلفاز ، وأن الطفل يقلد 80% مما يراه ويسمعه ، فإن أُحسن استخدام هذه الوسائط فجرت طاقاته الإبداعية ونشأ نشأة سوية، وإن أسيء استخدامها في جو تخلت فيه الأم عن واجباتها ، وكان الأب فيه مشغولاً بأعماله فإن الطفل سينشأ على غير فكر أمته وقيمها ([134]).

    فالوسائط إذاً سلاح ذو حدين ، إما أن تربي الأطفال وتكون وسيلة خير وفضيلة ، وإما أن تضيع أوقاتهم سدى وتوجههم وجهة غربية .

     وتختلف الوسائط حسب البيئة ومستوى معيشتها ومدى تحضرها ، وهي تنقسم إلى :

أولا : الوسائط السمعية – البصرية ، وهي نوعان :

1-   أجهزة  سمعية - بصرية : كالتلفاز وشبكة المعلوماتية .

2-    المسرح بأنواعه .

ثانياً: وسائط مسموعة : كالإذاعة والإذاعة المدرسية .

ثالثاً: وسائط مقروءة : كالمجلات والكتاب .

أولاً: الوسائط السمعية – البصرية ( السمعبصرية ) :

    وسأدرس النوع الأول منها ( الأجهزة ) تحت عنوان التلفاز لأن جميع أنواعها متشابهة من حيث الرسوم المتحركة وطريقة عرضها.

1- الأجهزة السمعية البصرية ولا سيما التلفاز :

       يؤدي التلفاز وما شابهه من أجهزة دوراً فعالاً في حياة الأطفال ، فهو يغزوهم في بيوتهم وينفذ إلى مخيلاتهم ، ويوجههم ببرامجه الثقافية والترفيهية ، وهم يتطلعون منه إلى العالم ، ويرون منه الواقع والخيال ، وإن كانوا لا يميزون بين الواقع والخيال المعتمد على حيل فنية ، ومن هنا يبدو تأثيره.

    وإذا علمنا أن 50% من المكتسبات العقلية لمراهق في السابعة عشرة من عمره كانت مما حصله في السنوات الأربع من عمره ، وأن 30% منها تكونت بين الرابعة والثامنة ، وأن الطفل حتى نهاية المرحلة الثانوية يكون قد قضى نحو(22000) ساعة من وقته أمام التلفاز ، و(11000) ساعة فحسب للدراسة ، وأن (80%) مما يشاهده كان من الرسوم المتحركة ... وأن :

الطفل حتى سن الخامسة يرى التلفاز (26) ساعة في الأسبوع.

الطفل بين 4-5 سنوات فحسب يراه (30) ساعة في الأسبوع.

وفي سن (6) يراه مدة تعادل بقاءه في المدرسة.

وأن (95.7%) من الأطفال يقبلون على الرسوم المتحركة([135]).

   إذا علمنا هذا أدركنا خطورة التلفاز في حياة الطفل إيجاباً وسلباً ولا سيما في جو تشاغل فيه الأهل ، وتركوا الطفل يكتسب خبراته مما يرى ويسمع وتصاغ شخصيته بما يشاهده ، ويقلد شخصيات ما يراه في الرسوم المتحركة ، ولو كانت خرافية .

      ويمكننا أن نقول إن تأثير التلفاز وما شابهه يبدو في أمرين هما المضمون والأسلوب أو اللغة .

أ-المضمون :

    سئلت طفلة روسية مم تتكون أسرتك فقالت : من بابا وماما وجدتي والتلفاز .

     التلفاز أكثر وسائل الاتصال تأثيرا في تصورات المتلقين وسلوكياتهم ولا سيما الأطفال لما يحمله من وسائل جذب بالصوت والصورة والحركة واللون ، وذلك لأن معايير القبول والرفض لم تتكون عندهم بشكل تام بحكم قلة معارفهم وخبراتهم ، وقد قامت اليونسكو بدراسة حول تعرض الأطفال العرب له فتبين أن الفرد قبل الثامنة عشرة من عمره يقضي أمامه اثنين وعشرين ألف ساعة ، بينما يقضي في المدرسة أربعة عشر ألف ساعة .

ومن هنا فإن التلفاز سلاح ذو حدين ، وتكمن إيجابياته أو سلبياته حسبما يعرض فيه :

– الإيجابيات :

    فهو يقدم ثقافة واسعة إلى الأطفال إذ يرى من خلاله الحياة الواقعية ، كما يطلع على أحداث الماضي وعلى حياة الأمم الأخرى ويمكن استخدامه أيضا وسيلة معينة توضح جوانب تعليمية حسب المناهج الدراسية ، وهو ينمي خيال الطفل بما يراه ويسمعه ، ويوجه الطفل إلى سلوكيات وقيم اجتماعية إيجابية.

      ففي شريط طارق بن زياد السمعبصري نراه يعرف الطفل على الأندلس السليب وعلى الجهود التي بذلها المسلمون لنشر الإسلام في هذه الأرض ، ويتبين من الشريط بطولة شخصياتنا كطارق بن زياد ، وموسى بن نصير ، واهتمام الخلفاء المسلمين بنشر الإسلام في أرض المعمورة كالوليد بن عبد الملك ، وهناك أناشيد تعرض تحرك وجدان الطفل المسلم فينشأ على العزة والإباء ، وذلك مثل :

الأرضُ تُزَغردُ في نَبْرةْ      بطلُ الإسلامِ بها عِبرةْ

وتباهي الأرضُ بجبهتِه      إن صلى فيها أو ذكرا

يـا طارقُ لا تقبلْ أبداً      بالباطل من فيه انتصرا

             قد مـرّ علي جبابـرةٌ      فتأملْ قد صاروا عِبْرة(1)

    فالطفل الذي يسمع هذه الأنشودة يمتلئ إعجاباً بأبطال أمته الذين قضوا على الجبابرة وعلى الباطل ونشروا الإسلام وهم يخلصون لله سبحانه ويؤدون عبادتهم بالجهاد كما يؤدونها بالصلاة والذكر([136]).

   كما أنه يسمع من الشريط عن ظلم حكام الأندلس النصارى وتعذيبهم لمن لا ينتمي إلى عقيدتهم .

   ويرى فيه أيضاً الصلاة على الشهيد ، ويسمع كلمات الجهاد ونشر الإسلام من مثل:

يا جنودَ الله هبّوا      واستعدوا للقتالْ

ومثل :

في سبيل الله ساروا      في الدجى هذي الجموعْ

                      فانشِروا الإسلام ديناً      بيـن هاتيـك الربـوع

    ويرى الخلق الإسلامي الصافي في خطبة موسى بن نصير أمام الجيش الإسلامي :

    ( لا تقطعوا شجرة ولا تتعرضوا لامرأة ولا لفلاح ، اتركوا أصحاب الصوامع ولا ترفعوا سلاحكم إلا في وجه من يرفع في وجهكم سلاحاً ، ولأَََنْ يهدي الله بكم رجلاً واحداً خير لكم من حمر النعم).

   وهناك قناة المجد ، وقناة اقرأ تبثان برامج هادفة أيضاً لتنمية شخصية الطفل في جميع جوانبها ، ومما بثه التلفاز قصة البطل نور وهي قصة رمزية تحكي ما يلقاه المسلمون من اضطهادات ، وفيها توجيهات شتى :

- دينية : فالطفلة والطفل نور يستيقظان ويؤديان صلاة الفجر والأديان تدعو إلى الإسلام والمحبة ، والإسلام يؤكد هذا ، وفيها تذكير بقصة آدم وإبليس والصراع بين الخير والشر ، وأطفال المسلمين لا يحصلون على ما يحصل عليه الأطفال الآخرون ، والطفل نور يستعين بالله حين تواجهه مشاكل في السجن ، ويكفل اليتامى لأن خير بيت من بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه .

- تربوية : فالطفلة تحب صديقاتها ، وأطفال العالم الذين لا معيل لهم وصلوا إلى مليون نسمة ومعظمهم في العالم الإسلامي، والجيران يساعدون أم نور ويلتقطون الأطفال بعد القصف من تحت الأنقاض ، والطفل نور يرفض أن يشتري حذاء لتبقى دريهماته لعلاج أمه ، ومن هدم بيته يوضع في مدرسة تعلمهم الخير والفضيلة .

- سياسية : إذ تتحدث عن اضطهاد أطفال المسلمين في جميع أنحاء العالم ، وأن الأعداء الذين رمز لهم بالشياطين يجتمعون ليعرضوا فكرة إقامة دولة كبرى، ويجد الشيطان وسيلة لاستئصال المسلمين بالبعثات التبشيرية ويرى انتهاك حرمات المسلمات ، وابتهاج الشيطان بمذابح فلسطين، ويموت جدّ نور شهيداً في دفاعه عن القرية ، ووالد نور طبيب يتنقل كثيراً ليداوي الأبرياء الذين أصابهم الشر ، ودبابات العدو تقتحم ولا يستطيع الشعب مقاومتها، وينتزع جندي من الأشرار طفلاً من حضن أمه ، ويسقط شيخ أمام نور الدين، ويحاول نور الدين أن ينقذه فيسخر منه الأشرار لصغره ويأخذونه مع أطفال الحي في شاحنة كبيرة إلى ما سموه " مدرسة الحرية " وهي أشبه بسجن يعذبون فيه وتفرض عليهم إرادة العدو، وفيها  يتعلمون الحرية بمفهوم الأشرار 1! ...

- وهناك أمور عسكرية : وهي أن الطفل يدبر خطة ليهرب من السجن بثقب الجدار بالملاعق وبالحفر تحت السرير ، ويتظاهر أحد الأطفال بالمرض ، وعندما تأتيهم سيارة الإسعاف يأخذ الطفل نور المسدس من السائق ويضعه في ظهره ويطلب منه أن يسير تبعاً لما يريد ويهرب الصغار ويلبسون زي الأعداء ، ويعود الصغار إلى بيوتهم .

   وفي برنامج لقناة المجد الفضائية عرضت رسوم متحركة لسندباد في قرية انقطع عنها المطر فوعظهم واعظ وأخبرهم أن الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ، وطلب منهم أن يتصدقوا ففعلوا فقال لم يبق أمامنا إلا صلاة الاستسقاء فصلوها فأغدق الله عليهم المطر والخير .

    ففي هذا الشريط نرى التوجيه الديني والتربوي واضحين ، فهو يتحدث عن تقوى الله وعن ضرورة الصدقة على الفقراء ، وصلاة الاستسقاء للجوء إلى الله سبحانه وقت الشدة بالعمل الصالح .

      وفي برنامج لقناة الشارقة الفضائية نرى الأسرة تذهب إلى العمل وتترك الكلب وحده ، فيكثر من النباح لأنه شعر بأن أصحاب المنـزل قد تخلوا عنه وعندما يعود صاحب المنـزل يقول له : ها قد عدت فاسكت ، وعندما يريد الخروج ثانية يوصيه ألا ينبح فيسكت . وهذا سيعود الصغار على عدم البكاء إن خرج أهلوهم ، كما أن في الشريط توجيهات تربوية لضرورة الاعتماد على النفس، وصحية كتطعيم الكلب لئلا يصاب بمرض([137]) .

    وفي شريط صدر عن ( رونق للإنتاج والتوزيع) نرى ذئباً فقد أباه وهو صغير فرحل عن وطنه الغابة طاعة لأمه وذهبا إلى القرية ، وهناك توفيت أمه وأصبح وحيداً ، فوقع فريسة في يد تاجر جشع إلى أن أتى رجل طيب وأنقذه وعاد إلى وطنه وكوّن أسرة تغمرها السعادة . وفي هذا توجيه حسن ، فالمرء يتعلق بوطنه ، وفيه توجيه ديني وخلقي ، وقد جاء باللغة الفصحى.

     وفي ركن الطفل في الشبكة الإسلامية([138]) نرى موضوعات تناسب عقيدة الطفل ، فهناك قصص للأنبياء مثل عيسى وهود وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهناك برامج تتحدث عن مكارم الأخلاق كبر الوالدين والرحمة والأمانة وأناشيد ومسابقات وموضوعات عالمية في الموسوعة العلمية .

    وفي إحصائية لبرنامج سيزام ستريت الأمريكي الذي بث في 1970م لإنماء ثقافة الأطفال قبل المرحلة الابتدائية في اللغة والرياضيات والأخلاق والصحة ثبت أنه كان ثورة حقيقية في عالم التلفاز التربوي إذ عمل على تنمية إدراكهم، وظهر أثره حينما انتسبوا إلى المدرسة وكان يراه نحو ستة ملايين طفل ، ويبث على مدى ستة أشهر بمعدل خمسة أيام في الأسبوع ويتألف من ثلاثين ومئة حلقة ، ومدة الحلقة ساعة .

   وقد أدخلت عليه المكسيك وألمانيا تعديلات تناسب أهداف الدولة وبعض الموضوعات ، وشاهده الطلاب حتى سن العاشرة ، كما جرب في البرازيل وأدخلت عليه تعديلات أيضاً ، وأنتج فيها مثله لتعليم الرياضيات والعلوم خاصة .

   وفي اليابان تشرف مؤسسة (N.H.K) على إنتاج برامج ثقافية وتربوية وتعرض بين (15-25) دقيقة ، ويستخدم 95% من المعلمين التلفاز في برامجهم .

   وفي فرنسا تطوع خمسون معلماً لدراسة كيفية التدريس بالتلفاز ، وأنتجوا رسوماً متحركة تعليمية اشترك فيها الطلاب ، وقدمت إلى المرحلة الابتدائية .

    كما أوجدوا ألعاباً روائية في مثل برنامج ( مارابو دوفيسيل ) وهي لعبة روائية يشترك الأطفال في صنع أحداثها ، وتبدأ بعرض موجز لمعلوماتها ثم يطلب من الطلاب المشاهدين في منازلهم الاتصال بغرفة العرض في التلفاز لتقرير مسار الرواية ، وترد الاقتراحات ، ويختار الأطفال في غرفة العرض مما يرد إليهم ، ثم يرسمون الحدث.

    وهناك برامج تعلم طرق المواصلات والسير فيها ، وأخرى للتعارف بين الشعوب ، والاطلاع على حضاراتها وثقافاتها .

- السلبيات  :

     يقول أحد الأطباء في أمريكا : إذا صح أن السجن هو جامعة الجريمة فإن التلفاز هو المدرسة الإعدادية للانحراف ، وهذا يعني خطر كثير من الرسوم المتحركة التي تعرض فيه التلفاز إذ تؤثر في عقيدة الطفل وسلوكه ، وفي صحته العقلية والنفسية والجسمية ، وقد صرح أنه 39 من المئة من شباب إسبانيا المنحرفين تعلموا الجريمة من التلفاز، كما أثبتت دراسة لمنظمة اليونسكو أن المضمون الأجنبي شغل مساحة الطفولة ومعظمه من الرسوم المتحركة ، ولم يسخر في البرامج التعليمية وتنمية المعلومات بل للتسلية وهذا من أضرار التلفاز([139])  .

 1-زعزعة العقيدة الإسلامية:

        يتعارض كثير من البرامج ولا سيما الأجنبية مع عقيدة المسلم لأنها تركز على الجوانب المادية فينبهر الطفل بها ، وتعرض فيه حوادث خارقة تؤثر في عقيدته .وقد مرت صورة العملاق في السماء التي تهز العقيدة الإسلامية في مخيلة الطفل([140]) لأن الطفل يتصور الله في السماء ، وحينما يعرض عليه مَنْ في السماء في صورة قبيحة ، فضلا عن أنه ينهزم أمام القزم الإنسان سيتأثر عقائديا وسينشأ على أفكار إلحادية .

     ومما يدخل في زعزعة العقيدة الإكثار من عرض مناظر السحرة وأفعالهم ، وهم يصورونهم أحياناً أناساً طيبين أحيانا كما في الساحرة التي أعانت سندريلا لتتزوج الأمير ، أويرسمونهم على أن لهم قوة خارقة لا يستطيعها أحد .

     والطفل الذي يرى في التلفاز شخصية إنسانية أو حيوانية أو خرافية تشق القمر وتنسف الجبال وتطير في الهواء ، وتصدر من عينيها أشعة تفعل المعجزات لا شك ستتأثر عقيدته وسيغفل الفكرة العقائدية السوية المتعلقة بتدبير الله عز وجل لأمور الكون .

   ومما يدخل في المجال العقائدي أيضاً تشويه صورة المتدينين ، ففي رسوم (بباي) يصور الملتحي رمز المسلم شريراً سارقاً يختطف الناس ويلاحق النساء !!... .

2-نشر الرعب والخوف :

     تكثر في الرسوم المتحركة مظاهر العنف والجريمة وجانب الخيال المدمر على حساب القيم والمثل، ومن يطلع على القنوات ولاسيما الأجنبية منها ير شيئاً عجباً ، فقناة شباب المستقبل (سبيس تون) مليئة بالإجرام والوحشية ، وقد أنفقت مؤسسة (والت ديزني) مبلغ (257) مليون دولار في 1989م من أجل برامج الأطفال ولاسيما الرسوم المتحركة([141]) .   وتقول ماري بيير أستاذة علم النفس في أمريكا ( إن المخترعات الحديثة نجحت في إيقاظ الوحوش الكامنة فينا ، وإنها تستعد لإعادتنا إلى شريعة الغاب . إن الآلات هي التي تربي أطفالنا لا نحن ، والآلات لا قلب لها ولا عاطفة ولا أحاسيس ، وهي لا تستطيع أن تمنحنا الحنان والإيثار ) ، ثم تدعو إلى الإفادة من هذه الأجهزة في بناء الشخصية لا هدمها([142]).

    وتذكر إحصائية أمريكية أن الطفل الأمريكي حين يبلغ سن السادسة عشرة يكون قد شاهد في التلفاز بضع عشرات الألوف من أفلام الرعب والجريمة من أمثال رامبو وستالوني، وهذه الرسوم ناجمة عن روح عدوانية تصنع أشخاصاً غير أسوياء في نظرتهم نحو الآخرين ، ورغبتهم في الانتقام منهم والتغلب عليهم . وذكرت دراسة نشرتها مجلة العلوم الأمريكية أن التلفاز هو المسؤول الأول عن انتشار الجريمة في المجتمع ، وذكرت أن الكبار يقعون تحت تأثير هذه الرسوم أحيانا .

   وتذكر إحصائية في الكويت أن أطفال المرحلة الثالثة بعد سن (12سنة ) يقبلون على برامج المغامرات والفكاهة بنسبة (64%) بينما تقبل الفتيات على الأفلام العاطفية والاجتماعية([143])

      وفي بحث أجرته د. هويدا بدر حول علاقة البرامج التلفازية بالاتجاه نحو العنف تبين لها أن البطل في نظر الطفل من أطلق الرصاص واستخدم العنف ببراعة وهرب من الشرطة والعدالة ، وهذا مفهوم خاطئ للبطولة جعل الأطفال يتصرفون تصرفات إجرامية أحيانا بأعمال إجرامية تعلموها من التلفاز كقطع طفل لأسلاك في سيارة والده لأنه لم يسمح له بمرافقته ، أو فتح أبواب السيارات بلا مفتاح . وقد قام طفل مصري في أسوان بتقليد بطل المسلسل التلفازي الأجنبي هرقل إذ اتفق مع صديقه أن يعلق نفسه في سقف الحجرة وأن يحضر زميله سيفه ليقطع به الحبل ، فمات الطفل خنقاً. وأقدم طفل على شنق نفسه فوق شجرة بعد أن شاهد في الرسوم المتحركة الملك الأسد ، وكشف التحقيق أن الطفل وقع تحت تأثير هذه الرسوم وأنه كان يعجب بشخصية الملك الأسد ، وكانت القصة تتحدث عن رجل يموت ويعود إلى الحياة في صورة ملك أسد فرغب الطفل أن يكون كذلك، وهذه الفكرة هي في حد ذاتها نابعة من فكر إلحادي يؤمن بالتقمص وعودة الإنسان إلى الدنيا في هيئة أخرى قبل يوم البعث         

     ورمت طفلة نفسها من النافذة وقالت لأختها حينما سترمي نفسها إنها تقلد ماتراه في الرسوم المتحركة .

    وفي باريس أقدم طفل على طعن رفيقه بالسكين بعد أن وضع على وجهه قناعا أسود له فم أبيض شبيه بالقناع الذي يستخدمه البطل سكريم في الرسوم المتحركة ، وكانت هذه الرسوم قد لقيت رواجا كبيرا عند الصغار والشباب، إذ يبدو فيها البطل رمزا مثيرا للغاية في تقديم جرائمه .

     وسئل بعض الصغار : ما الذي يعجبك من التلفاز فأجاب : لأنه يعرض صور أقوياء يقتلون الناس     

   إن هذه التصريحات تدعونا للتنبه إلى هذه الأخطار وتلافي أضرارها ، ولاسيما أننا نرى أبناءنا يتقمصون هذه الشخصيات وينفصلون عن شخصياتنا العظام أمثال خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي ، لأن قدوتهم صار غريندايزر وميكي والبوكيمون حتى صارت صور هـؤلاء تملأ ملابس الصغار([144]) ، وقد تشبعوا بمناظر الإجرام والقتل وحب السيطرة والانتقام والعنف مما يعرض في الرسوم المتحركة

      أما مناظر الرعب فقد ترعب الكبار أحيانا قبل الصغار ، ففي رحلات سندباد يعرض ثعبان كبير مخيف مرعب . وعرض في قناة MBC3([145]) قصة (يوغي) وكان في القصة وحوش استدعاها البطلان (يوغي) و(جوي) من المقابر وكان هناك وحش اسمه (حوت القلعة) ضخم الحجم له عدة أسلحة يصوبها إلى خصمه ، وآخر يسمى النمر المحارب ، وثالث ( كبش المحرقة ) ، كما عرضت فيها قصة ( أبطال النينجا ) ونرى السلاحف فيها تتصرف كالبشر ويقودها جرذ يعلمهم القتال ، وأصحاب عصابة نينجا يلبسون الأسود وهم مقنعون ويقاتلهم (ليو) وحده ، فتظهر له مجموعة لها قدرة على الاختفاء ، فيتمكن من القضاء عليهم فيحاول رجل ضخم ضربه بعمود كبير فيقفز وينجو ويضرب زعيم جماعة أخرى من النينجا يحملون مسامير وكان أكبر زعمائهم يظهر تارة ويختفي أخرى ، وتمضي المشاهد كلها على هذه الشاكلة وهي غير مناسبة للأطفال لما فيها من مشاهد العنف الكثيرة .

      أما ( توم وجيري ) فهي تتحدث عن فأر وقط دائمي القتال ، وكانت أربع قطط تضع المفرقعات في المنزل ولذلك فقد اتحد الفأر والقط ضدها حتى تخلص منها أهل المنزل([146]) .

     وتبين من استفتاء أن 50% من الأطفال الذكور والإناث قد أجابوا بنعم على سؤال هل تقلد أحياناً ما تراه في التلفاز ؟ ، سواء أكانت تتعلق بالقضايا السياسية أم الاجتماعية ، وهذا أحد أسباب كثرة جرائم الأطفال وازديادها بنسبة 44 من المئة . 

3- قضايا غير تربوية :

    تعرض في التلفاز والألعاب الإلكترونية مناظر غير تربوية كإشاعة مناظر العري للرجال والفتيات . وفي قناة مصر الفضائية يظهر رجل يغني وتردد خلفه حيوانات تتحدث عن الحاكم الجديد الذي سوف يجعل شعبه يعيش حياة كريمة بالسندانات والحديد !!... ، وفي هذا سخرية من الحكام بإرادة شعوبهم وتصوير لغطرستهم ، ولا ننسى أن المطرقة والسندان هما شعار الشيوعية.

   ويصور في بعض الرسوم المتحركة الكاذب المخادع على أنه شخص ذكي يعرف كيف يتصرف.

   ويصور الرجل الأمريكيُّ السودانيَّ رجلَ عصابات وغبياً لا يعرف كيف ينقذ نفسه من الأخطار لأن الرسوم تخدم فكر الدولة المنتجة وقيمها وطرق حياتها.

    وفي قناةMBC3   الفضائية للأطفال الكثير من المفاسد الخلقية والأفكار الهدامة التي لايلقي لها معدو البرامج أي اهتمام ، وربما كان السبب أنها معدة لبيئة غير بيئتنا ، فالكتابة بالأحرف الإنجليزية ، وهي تصور المجتمع الغربي القائم على الاختلاط بين الجنسين وعدم مراعاة الأخلاق الإسلامية ، فالفأر مثلاً يصفر لرؤية سيقان فتيات في الشوارع والنساء يسعين وراء الرجال لا وراء العلم والخلق النظيف ، وتعرض زجاجة الخمر على المنضدة ويخرج جيري وهو سكران .

      وقد وجهت فرنسا إلى إداريي التلفاز دعوة للتقليل من الإغراءات الإباحية والجنسية ، ومن الإساءة إلى العلاقات الاجتماعية والأسرية، ومن خطر بعد الطفل عن التمتع مع أقرانه في لعب يقوي هذه العلاقات  .

4-الإضرار بالصحة :

    الرسوم المتحركة تكتفي بالسمع والرؤية ، أما الحواس الأخرى فإنها تبقى شبه معطلة مدة مشاهدتها ، وهذا ما يضر بصحة الطفل .

     والطفل عندما يرى المناظر المرعبة يتأثر نفسياً وقد تؤدي به هذه المشاهد إلى أمراض نفسية كما في أفلام غراندايزر التي تحوي قصصاً عن الجن والشياطين وغزو الفضاء وتسبب للطفل أحلاماً مزعجة .

     كما تتأثر عينا الطفل الذي يكثر من الجلوس أمام التلفاز ، وكذلك دورة الدم عنده ، وتتخلف قدراته العقلية على التصور والتخيل والإبداع والابتكار ، لأنه يرى رسوماً جاهزة ، بينما الطفل الذي يقرأ القصص ويطالع في الكتب يتمتع بمقدرة على التخيل فتنمو مخيلته ومشاعره .

    والطفل الذي يجلس ساعات طوالاً أمام التلفاز ويسهر يتأثر نموه الجسمي وصحته العامة وذكاؤه ويصاب بالخمول الدراسي بل بالخمول عامة لعدم تحركه ولعبه ، وقد يؤثر هذا في مستواه وفي مستقبله ، فضلا عن إصابته بإعاقة النمو المعرفي لأن حواسه لا تشترك من أجل الحصول عليها ،

بل يرى كل شيء جاهزاً أمامه([147]).

ب-لغة التلفاز :

    يعد التلفاز وسيلة مهمة لتعليم اللغة العربية لو أحسن استخدامه ، فعدد برامجه الكثير والمتنوعة يساعد على ذلك ، ففي الكويت يبث (22) برنامجاً ، وفي العراق (27) ، وفي الأردن (30) ، وفي السعودية (5) ، وفي الإمارات (3) ، وفي البحرين (16) ، وفي اليمن (27) ، وفي مصر (29) ، وفي ليبيا (29) ، وفي المغرب العربي (94) .

    ولكن هذه البرامج الكثيرة تغذيها برامج محلية بلغة عامية في كثير من الأحيان أو بلغة مترجمة لأنها مستورده وتعرض فيها مناظر سجل عليها باللغة الإنجليزية ،والأناشيد التي ترافقها تعرض أيضا باللغة الإنجليزية كما في كثير من برامج ( سبيس تون ) وبرامج قناة الأردن الفضائية .

    ومن هنا كان التلفاز سلاحاً ذا حدين ، فهو إما أن يربي في الطفل حب لغته والتمسك بها ، وإما أن ينهار بها وسط التقليد الأجنبي .

    وقد قامت دراسة حول استخدام التلفاز في ترسيخ اللغة العربية عند الأطفال أثبتت أن (12.4%) من الطلاب يتعلمون حروف العربية والأعداد من البرامج التلفازية ، وكان لبرناج ( افتح يا سمسم ) أثره في جذب الأطفال ولاسيما أطفال الصف الأول الابتدائي إلى اللغة الفصحى ، ودل ذلك على سهولة تعلمها ويسر استيعابها لدى الطفل ، كما دل على حسن استخدام التلفاز وسيلة تعليمية للغة العربية([148]).

   كما أسفرت الدراسات أن 90% من الأطفال تقدموا في مهارات اللغة العربية والحساب والعلوم والتاريخ بعد مشاهدة الرسوم المتحركة التعليمية ، وقد عوضت هذه عن الدروس الخصوصية ، ومن هذه الرسوم ( افتح يا وطني أبوابك) الكويتية الذي تعرضه مؤسسة (هلا) الكويتية ، ومما جاء في هذه الرسوم :

هيـــا هيـــا

افتح يا وطني أبوابك

نحن الأطفال نحن الأطفال

واصحبنا نحن الأطفال يا وطني

قلب ينبع يا وطني

هيـــا هيـــا

افتح يا وطني أبوابك

   ثم قال الراوي : مرحباً سأحكي لكم اليوم حكاية ناقصة ، وعليكم أن تعرفوا الكلمات الناقصة ، والكلمات الناقصة تنتهي بالألف والنون :

    كان يا ما كان في قديم الزمان ([149]) ، رجل اسمه نعمان أو عدنان اختلف الاثنان حول التسمية فاقترحت أن يكون سنبوكان.

    سأعيد الحكاية من البداية.

    لم غيّرت الاسم إلى سنبوكان وليس حسان مثلاً ؟ "

   وأنا أرى أن تغيير الاسم العربي إلى أجنبي خطأ قام به المؤلف .

    وقد درس كل من " خالد أحمد الشنتوت"  و" سمر روحي الفيصل " تأثير التلفاز في الأطفال فتبين أن المعارف اللغوية والثقافية قد ازدادت حصيلتها لديهم ، ولكن الصعوبة تكمن في وضع الكلمات في جمل وتراكيب وفي شكل الكلمات، وفي انتقاء اللفظ المناسب للموقف. كما دعوا إلى أن يعرف الأديب قاموس الطفل اللغوي([150]) .

   كما أثبتت الدراسات أن (97.7 %) من الطلاب يرددون ألفاظ الرسوم المتحركة، ولكن الصوت قد يكون حائلاً دون فهمها والتمتع بها ، وقد لاحظت في برنامج شباب المستقبل (سبيس تون) أن الصوت الغليظ لأنشودة :

لندفـع الأمـواج      إلى قلـب البحـار

نحو شاطئ جميل      لنأخذك إلى الأسفار

     حال دون تذوق معانيها.

    ويجب أن يرافق الشرح اللغوي ما يعرض في التلفاز حتى يفهم الطفل لغته ، ولا يتأخر نموه اللغوي ذلك لأن في مخ الإنسان منطقتان متقابلتان ، إحداهما للعواطف والأخرى للمحاكمات العقلية المنطقية ، فإذا ما أطال الطفل السكوت أمام التلفاز ضمر الجانب العقلي ، ومن هنا يجب أن يعوض بالشروح ، وبتحفيظ الطفل القرآن الكريم والحديث الشريف ، والشعر العربي الأصيل لينمو هذا الجانب ، وأن يكثر أهله من الحديث معه بالفصحى ويشجعوه على التحدث بها ولو تذرع بأنه لا يفهمها ، وقد جرب بعض المدربين أن يحكي لأحفاده قصة بالفصحى ، فاشتكوا ثم اندمجوا معها ولما توقف طالبوه بإلحاح بإتمامها فتبين أنهم كانوا يفهمونهما ويتفاعلون معها .

      أما البرامج التي تبث بالعامية كما في برامج لبنان ومصر وبعض برامج الشارقة فإنها تنشئ جيلاً بعيدا عن لغته وتراثه، وفي مثل هذه الحال يعد التلفاز وسيلة تلوث لغوي لما فيه من ازدواجية في اللغة .

    كما يجب أن تحفظ لغة التلفاز من المداخلات المنحرفة بكلمات غير فصحى أو أجنبية ولاسيما في الرسوم المتحركة المترجمة ، فنحن في عصر ابتلينا فيه باللغة الأجنبية حتى صار بعض الأطفال يسمعونها أكثر من سماعهم للغة العربية ، بل إن النصوص المترجمة ولاسيما في الرسوم المتحركة أبقيت فيها الكلمات مكتوبة باللغة الإنكليزية مثل ( Stop ) ، وهذه تنفذ إلى بصر الطفل فعقله عن طريق رؤية صور هذه الرسوم ([151])

     ولغة الإعلانات غير الفصيحة ترسخ الانحراف اللغوي نحو العامية أو الأجنبية لما في الإعلانات من وسائل جذب ، لاسيما أن نسبة كبيرة من الأطفال بلغت 90% - 98%  يرون الإعلانات.

    وفي القصص المترجمة نقرأ تراكيب مهلهلة من مثل " هذا أنا بوراتينو ، قالت الدمية وقفز على الأرض([152]) "

      ومن هنا فإن التلفاز أداة مهمة يمكننا استخدامها في ترسيخ لغتنا وتطوير أساليبها وتحبيبها إلى صغارنا ، ليقبلوا عليها وهم بها معجبون ، وليترنموا بألفاظها العذاب فيتأثروا بمعانيها فينشؤوا النشأة  اللغوية السوية المرتجاة  في بيئة سماعية صالحة .

ج-دور  المربين في حماية الأطفال:

           لا يمكن أن نحجب عن أبنائنا التلفاز وما يشبهه من أجهزة حديثة لأن تطور الحياة يستدعي اطلاعهم على مجريات حوادثها ، ومن هنا تكمن الصعوبة كما قال الأستاذ محمد جرجيس حين سأل ( كيف نجعل أطفالنا منفتحين على معطيات العصر الحديث دون أن نفرغهم من المضمون المعرفي السوي الذي تمليه علينا عقيدتنا وخصوصيتنا ) ،فأجاب بضرورة وجود شبكة من المكتبات العامة الموجهة ، واستكتاب المؤهلين من الكتاب للكتابة للطفل في إطار الخصوصية العربية والإسلامية([153]).

    ودعا د. محمد أبو بكر حميد إلى إنشاء مجلس لثقافة الطفل في البلاد العربية والإسلامية ليرعى شؤون الأطفال والإنتاج المقدم لهم عن طريق لجان متخصصة لنحمي ثقافتنا وتراثنا من تشويه برسوم تقدم لأبنائنا ، وأن ينشأ مسرح تابع له يتنقل بين البلدان العربية حفاظاً على هويتنا([154]).

   ويجب إعداد البرامج الإعلامية التي تتناسب وأطفالنا لغة وعقيدة وسلوكيات  للحفاظ على كياننا ولغتنا لغة القرآن الكريم  لتكون بديلا عن المستوردات أو عن المنشورات بلغة عامية ، وأن تبرز فيه شخصيات عظمائنا ليكونوا قدوة صالحة

     وإن دور الأسرة لا يقل عن دور الأمة وأجهزتها الإعلامية إذ يجب على الوالدين أن يراقبا ما يعرض لأولادهما، وأن يشرحا لهم النافع من الضار ،وأن تكون الأجهزة في مكان اجتماع الأسرة لئلا يخلو بها الطفل في غرفته ، وأن يحدد زمن الاطلاع عليها ولاسيما أن أكثر البرامج المعروضة مستوردة([155])، وأن يكثرا من الجلوس معهم ، والمربي الحقيقي من ساعد طفله ليكون إنساناً ذا شخصية متزنة ومتميزة .

2- المسـرح ([156])

      يعد المسرح بأنواعه كلها حتى المدرسي منه ومسرح العرائس من الوسائط المهمة في نقل الأدب والثقافة إلى مسامع الصغار وذلك لما يتمتع به من جاذبية الصوت والصورة والحركة واللون ، ولذا يمكن الإفادة منه في ترسيخ العقيدة والقيم ، وفي بث الأخلاق الفاضلة ونقل المعلومات بشكل حيوي لترسخ في الذهن وفي عرض صور البطولات وتنمية الروح القيادية والجماعية في نفوس الصغار رجال المستقبل ، وفي تعليمهم اللغة الفصحى، وتنمية أذواقهم الجمالية، وتخليصهم مما يعانون من عقد نفسية .

   أ- شروط المسرح :

- الموضوعات : يجب أن تكون مناسبة للعمر، فمسرحيات رياض الأطفال غير مسرحيات المرحلة الثانية أو الثالثة .

    ويجب أن يراعي المسرحي في موضوعاته البيئة التي يقدم إليها النصوص الأدبية، والمستوى الحضاري فيها  فطفل القرية يقدم له مادة لا تقدم لابن المدينة، ومسرح الكبار غير مسرح الصغار.

    كما يجب أن يناسب العصر ، فزمن السحر انتهى وحان زمن القوة  والواقعية .

    ويجب أن يناقش الطفل حول مارآه ليشعر بأهمية ما يعرض له ولئلا يشعر بأن المسرح للتسلية فحسب .

- والحوادث : لها بداية ووسط ونهاية ، ويجب ألا تتشعب الحبكة ، إن وجدت ،  لئلا يفقد الطفل التركيز، و أن تنتهي بسرعة لأن المتفرج لايطيق صبرا بعد الأزمة . ولا يشترط وجود الحبكة دائما فالمسرح التعليمي لاحاجة له إلى الحبكة .

كما أن مدة العرض يجب ألا تطول لئلا يمل الطفل ويرهق، وتختلف المدة حسب مرحلة النمو، فنصف ساعة تكفي لطفل المرحلة الأولى و الثانية

- والشخصيات المسرحية يجب أن تكون محدودة، ولا يشترط أن تكون بشرية، وهناك مسرحيات يشارك فيها الطفل الممثل الجمهورَ فيلقى عليهم أسئلة، أو يتلقى منهم أسئلتهم حول النهاية المتوقعة مثلاً، ويتناقشون فيما بينهم، وقد تصحح نظراتهم.

     كما أن بعض المسرحيات يشارك فيها الأطفال في التأليف وذلك بأن تعرض عليهم الفكرة ثم تؤخذ آراؤهم فيها وتعدل بعد المناقشة، ويصلح هذا في المسرح المدرسي التعليمي([157]) .

     ويجب أن تعرض في المسرح شخصيات إيجابية لاسلبية لأنه بما يمتلكه من عناصر الجذب يجعل الطفل يعيش مع المسرح بعقله وبقلبه ، ويندمج مع الشخصيات فيتأثر بما يعرض تأثرا شديدا، فإن كانت الشخصيات إيجابية جعلته أقدر على مواجهة الحياة، والتخلص مما يعانيه ويواجهه من صعوباتها، وقد يتقمص شخصية بطل من الأبطال أو عالم من العلماء فيكون مثلهم في المستقبل .

     والمسرح أيضاً ينمي الروح الجماعية بين الأطفال الممثلين ومن يشرف عليهم ويشاهدهم ، ويجب أن تتغير الأدوار ليشارك أكبر عدد ممكن من الأطفال حتى من غير المتفوقين، وألا يبالغ في إطراء الأطفال الممثلين ، وخير الأمور الوسط .

وقد أثبتت الدراسات أن الأطفال الذين يشاهدون المسرح أكثر إيجابية في حياتهم ، وأقل عدوانية من غيرهم([158])  .

    أما أسماء الشخصيات فيجب أن تكون من البيئة ليشعر الطفل بالواقعية والصدق .

-الحوار : ويجب أن يكون قصيرا والعبارات مركزة ، وذلك لأن أدب المسرح يكتب ليمثل لا ليقرأ، فالطفل لا يعجب بمسرحية مقروءة، ويفضل عليها القصة التي تسرد حوادثها .

     كما يجب أن يقدم المسرح باللغة الفصحى المناسبة للطفل، وهي مرنة طيعة لتمثل المواقف كلها، وبذلك تغنى ثروته اللغوية، ويشعر بجمالها ويستعذب ألفاظها، ويرى قدرتها على التعبير عن جميع الفنون والمواقف، ويزداد تعلقه بها كلما سمع الأناشيد العذاب والأغاني المطربة في أثناء العرض، ولا سيما إن شارك الجمهور في هذه الأناشيد والأغاني لأنه يشعر بالحيوية والفاعلية.

- الهدف : لكل مسرحية أهدافها ، ويجب أن توظف كل جزئية من النص لخدمة هدف ديني أو تربوي أو تعليمي .

     وعلى المسرحي أن يعرف أثر الزينة و المؤثرات الضوئية فضلاً عن مراحل نمو الأطفال.

      ويوجد في الإمارات مسرح ليلى للأطفال، وفي الكويت مسرح الطفل أيضاً وفي كثير من البلدان العربية مسارح للأطفال إلا أنها تعرض غالبا باللهجة المحلية، وقد أصدرت دار المعارف بمصر سلسلة مسرحيات للأطفال، وأصدرت مؤسسة الخليج العربي سلسلة المسرح الشعري للأطفال([159])  وقليل منها ما اعتمد الفصحى لأن العامية برأي المشرفين أكثر جذبا للأطفال وتشويقا .

  ب- أنواع المسارح :

       هناك أنواع للمسارح منها الدائم، ومنها المدرسي، ومسرح العرائس وغيرها . 

                               

-  المسرح المدرسي:

 وهو يقوم على فكرة تقديم المعلومات في نص مسرحي، وبذلك يتقبل الطفل المقررات الدراسية وتغرس في عقله . وعلى المدرس أن يناقش طلابه فيما عرض لترسيخ الفكرة بشكل أقوى، ويمكن أن يعرض في هذا المسرح القضايا التاريخية والاجتماعية وبعض الدروس العلمية، ويعتمد على الأطفال في التمثيل بعد إعدادهم لهذا الغرض، ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن البنات أكثر طلاقة من الذكور في المرحلة الابتدائية ([160]) ، كما يجب إشراك أكبر عدد من الأطفال لئلا يركز على طفل فتتأثر دراسته ويؤثر سلوكه في مستقبله.

    ولغة المسرح الفصحى ، وعلى المسرحي أن ينأى عن الأسماء والمفردات الأجنبية ، وأن يجعل الأسماء من البيئة .

    والهدف الرئيس للمسرح المدرسي هو الخروج من جمود المادة وتقديمها بشكل حيوي لترسخ في الذهن، إضافة إلى متعتة وتنميته للخيال و للروح الجماعية ، ولذلك يجب ألا تتشعب الحبكة إن وجدت لأن الغاية تعليمية .

     ويتنوع المسرح المدرسي حسب موضوعه، فهناك المسرحي التاريخي والديني والعلمي والاجتماعي والفني الترويحي.

     كما يتنوع حسب المرحلة التي يقدم إليها: مرحلة رياض الأطفال ومرحلة المدرسة الابتدائية ثم المرحلة الإعدادية ...

      ويجب على كاتب المسرحية أن يلم بمتطلبات مرحلة النمو إضافة الى المادة العلمية ومتطلبات الفن، وأن يدرب الطلبة الممثلين، وأن يطلع على تمثيليات مسرحية أجريت في مدارس أخرى، وأن يعدَّ لها إعداداً تاماً بأن يختار النص مما يناسب المرحلة التي يدرسها، وأن يحلله ليستخرج مفرداته وقيمه ومعلوماته، ثم يختار له الطلبة الموهوبين ذوي القدرة على التمثيل ممن يحب التقليد ، وأن يناقشهم في التمهيد والعرض والخاتمة والشخصيات والزمان والمكان والصراع ، ثم يختبر قدراتهم على القراءة الجيدة مع التكيف مع الموقف، وأن يدربهم مدة قد تستغرق عدة أسابيع حتى يتقنوا أدوارهم وإلقاء معلوماتها بحيث تراعى مواطن الوقف والنبرة و الحركة والإيماء.

    وأفضل مكان للتدريب هو قاعة المسرح نفسه، ويجب الانتباه على الملابس والزينة والمؤثرات الصوتية بحيث تجذب الملابس المشاهدين، ويجب أن توحي بالعصر الذي تتحدث عنه أو بالحالة الاجتماعية ، وأن ينتبه على الإضاءة في سقف المسرح وفي جوانبه.

     أما المؤثرات الصوتية فيجب مراعاتها لأنها تتمم العمل المسرحي كإصدار صوت الرعد وصهيل الحيوانات و تغريد الطيور مثلاً.

      ومن الصعوبات التي تواجه المسرح المدرسي عدم التمكن من تأمينه بشكل دائم، ولذلك يمكن إقامة مسرح مؤقت وتقام دورات للمشرفين عليه.

     ومن الصعوبات أيضاً عدم وجود مشرفين مختصين، وعدم وجود مؤلفين متخصصين، وعدم تدريب الطلبة بشكل تام إذ يحتاج المسرح المدرسي الى معلم متدرب، وتحتاج المكتبة المدرسية الى نصوص مسرحية تعليمية . وقد حثت رابطة الأدب الإسلامي الكتاب على إثراء أدب الطفل بنماذج إسلامية وعقدت لذلك ندوات، ونشرت نصوصاً، والأمل كبير بمزيد من الأعمال ([161]). .

     ويمكن إضافة مساق في الجامعات يتعلق بالمسرح المدرسي ويقوم القائمون عليه بزيارات للمسارح المدرسية لتعرفها فضلاً عن تأليف كتب ونشر أبحاث عن هذا المسرح .

      ويوجد في الكويت مسرح تعليمي منذ 1922 ، وقد قدمت فيه مدرسة الأحمدية عروضها، وكذلك وجد في البحرين ، وفي عام 1972 وضعت خطة للمسرح التعليمي في الإمارات العربية المتحدة وبدئ بتنفيذها في عام 1973 بالتعاون مع تلفاز دبي، ثم توقف  في عام 1980 ثم عاد الى الظهور ثانية عام 1987، وتشرف عليه شعبة المسرح المدرسي في المنطقة التعليمية وقد بلغ عدد المسارح المدرسية السبعين، ويمثل فيه الطلاب، وصار يعد ركيزة من ركائز الأنشطة التربوية.

- العروض الغنائية المسرحية " الأوبريت " :

     وهي تجمع بين المسرح والإنشاد ، إذ تضم شخصيات تقوم بأدوار تمثيلية لحوادث ما  مع  قيامها بالإنشاد الذي ترافقه حركات إيقاعية ، وهي وسيط فني جذاب يتمتع بالحركة والصوت والمناظر البديعة، فينمي الطفل فكريا بالمضمون المسرحي ، وجماليا بالأصوات والصور البديعة ، ولغويا بالنشيد الفصيح، ويروح عن النفس سواء أكان الطفل ممثلا أم مشاهدا .

   

-  مسـرح العرائـس :

       وسيط محبب للأطفال قريب من نفوسهم، ويختلف عن المسرح البشري في أن شخصياته خيالية صنعتها موهبة فنان، وحركتها يده في إطار النص الذي كتبه المؤلف لممثلين أبدعهم من وحي خياله . 

       وعلى المؤلف أن يكون عالماً بمراحل النمو وبخصائص الوسيط وإمكانياته حتى يحسن الاستفاده منها إلى أبعد الحدود، وأن يعيش أولاً مع العرائس خلال أوقات صنعها حتى يعرف ما الذي يناسبها من الأشكال والألبسة وأن يعرف كيف يحركها، وما الأصوات المناسبة التي يجب أن ترافقها.

      ومسرح العرائس يجب الاستفادة من إمكانياته في إبداع شخصيات وأجواء ومواقف لا يقوى على تحقيقها الممثلون الآدميون، فإن لم يستطع أن يفعل هذا افتقد عناصر القوة.

     وعلى كاتب الأطفال الذي يعد نصاً لمسرحية عرائس أن يعرف المستوى الفني لمن سيقومون بصناعة العرائس وتحريكها، كما أن عليه أن  يتعرف على رغبات الجمهور ، والمادة التي ستقدم إن كانت تعليمية أم ترفيهية .

وهناك مسرح للعرائس متنفل وآخر دائم، ويجب أن يراعي الكاتب ذلك أيضا .

-الشريط السينمائي الطفولي :

        وهذا الوسيط له حيل فذة بارعة لا تحدها قيود، وهو يجمع بين الصوت والصورة، ويقدم عالماً رحباً بديعاً في سحره وجاذبيته.

 ويحتاج إلى خبرات خاصة في التصوير والطبع والتحميض والإخراج وهندسة الصوت والتشغيل.

وهو لهذا مرتفع النفقات، ويحتاج إلى مكان واسع ولكنه يقدم للطفل خدمات تعليمية وتثقيفية وترفيهية لا حصر لها وعلى الكاتب أن يلم بسمات هذا الوسيط ويطلع على طريقة الإخراج والتصوير حتى يكون على وعي بما يكتب مما ينسجم ومتطلبات الوسيط فضلاً عن متطلبات مراحل النمو، وبهذا يستطيع أن ينقل الطفل إلى عوالم جغرافية أو تاريخية يرى بها عجائب المخلوقات والمواقف.

ويمكننا الإفادة مؤقتا من الأفلام الطفولية الأجنبية بعد تعريبها وتعديلها لتناسب بيئتنا وقيمنا ولغتنا وذلك إلى أن يتم صنعها في بلادنا .

- شبكة المعلوماتية :

     وتعد اليوم مصدرا من مصادر آداب الأطفال إذ تنشر قصصا ومسرحيات وأشعارا تثقف الطفل في جميع مراحل عمره ، ومن المواقع المهمة لأدب الأطفال موقع الفاتح، فهو يترجم لأدباء الأطفال في العالم العربي ويعرض لهم نصوصا كثيرة ، وقد أفدت منه في تأليف هذا الكتاب .

     وهذا الوسيط يتطلب من الطفل معرفته بكيفية الدخول إلى الموقع أو كيفية البحث عن آداب الأطفال ، وليس هذا بالعسير لأن المدارس تعلم استخدام الحاسوب .

ثـانياً :الوسيـط المسمـوع :

     وهو الإذاعة والإذاعة المدرسية ، وهي وسيط يعمل من خلال حاسة السمع، ولهذا فهي تناسب الطلاب الذين لا يعرفون القراءة أو لم يتقنوها، كما تناسب عرض النصوص الشعرية كالأناشيد الطفولية ، ويمكن من خلالها تلوين الصوت لجذب الأطفال إليها ودمجهم  مع البرنامج دمجاً تاماً كأن يقلد فيها أصوات الحيوانات خلال عرض ما فيها  .

    والإذاعة أهم من التلفاز في تعليم اللغة لأنها تحقق البيئة السماعية إذ لا توجد فيها صور تشوش على الذهن، فضلاً عن أن عدم وجود الصورة أمام الأطفال تدع الفرصة لأخيلتهم أن تعمل ولآذانهم أن تتنبه .

     ويشترط في كاتب الأدب الإذاعي أو الإذاعة المدرسية :

1-أن يكون على علم بالاعتبارات الفنية للمذياع كأن يدخل فيه أصواتاً تشبه أصوات القطار والعواصف والمعارك .

2- وأن يعرف أهمية الإلقاء في الإذاعة المدرسية وفي الوسيط الإذاعي في توضيح الحدث ومواقف الشخصيات، من خلال نبرة الصوت

3- وأن يكون عدد الشخصيات قليلاً لئلا تشوش كثرتها على الطفل .

4- ويحتاج الطفل الى التركيز ولذلك كان الحوار وتلون الصوت مما يجذب الطفل الى الإذاعة ويمنعه من الشرود .

5- ويجب أن يكون الحديث الإذاعي واضحاً سلساً ومشوقاً حتى يجذب الطفل.

      ويوجد في القصص الإذاعية راوٍ ولكن يجب أن يستعمل عند الضرورة ليدع الحديث للشخصيات أن تتكلم فيرضي نزعات الأطفال الوجدانية ورغباتهم الخيالية .

     والإذاعة على الرغم من سهولة استخدامها وقلة كلفتها ورخص أسعارها لا تلقى رواجاً وهي أكثر اهتماماً باللغة الفصحى لكن القائمين عليها ليسوا متخصصين بالأطفال، فلغتهم قد تناسب الكبار أكثر من مناسبتها للصغار ولا سيما في القصص([162]).

      وقد ألفْتُ النحو القصصي لتعليم الصغار أساسيات النحو عن طريق الإذاعة والمسرح، وأذيع في إذاعة أبوظبي في ثلاثين حلقة جذابة .

     كما كتبت للإذاعة قصة "التائب" وهي قصة طفولية اجتماعية تناسب المرحلة الثالثة وتتحدث عن تأثير رفاق السوء في جذب ضعاف العقول والإيمان إلى المخدرات، وأثر مراقبة الأولاد في منعهم، ثم في توبتهم و تبيان سبيل الخير لهم .

ثالثاً: الوسيـط المقروء:

     وأهمه المجلة الطفولية والكتاب الطفولي ، وهما وسيطان متقاربان لأنهما يستعملان الكتابة والرسم والصورة، ويقدمان المقالات والقصص والمسرحيات مكتوبة ومصورة غالباً لتدرب الأطفال على القراءة ولا سيما الصامتة ،كما يدع المجال لخيال الطفل أن يفكر ويستخلص الأفكار والنقد البناء ،فتنمو ملكته الخيالية .

    

1-المجلة :

       عرف د. شعيب الغباشي المجلة بأنها دورية تُعَدُّ للأطفال في مراحل عمرهم المختلفة ، ويكتبها كتاب متخصصون في صحافة الأطفال والتربية وعلم النفس وفق تعاليم الدين الإسلامي ونظرته السامية للأطفال ، وهي تقدم للطفل المعارف والعلوم وتقيم السلوكيات النافعة ، كل ذلك من خلال واقعه الذي يعيش فيه ورؤيته له([163]) .   

     ويمكن اختصار هذا التعريف بأنها دورية تتناول معارف ومعلومات وقيما نافعة ومتنوعة تتحدث عن جانب أو جوانب من الحياة، وتوجه للأطفال في مراحل عمرهم المتنوعة .

      وتختلف المجلة عن الصحيفة في الحجم والشكل والمحتوى ، فهي أكبر حجما ومادتها ثقافية وأدبية عامة ، أما الصحافة فمادتها إخبارية ، ومن حيث الإخراج لها غلاف ولا غلاف للصحيفة .     

 وتمتاز المجلة بسهولة حملها ونقلها وقلة كلفتها وإمكانية الرجوع إليها في كل حين .

      ويجب أن تكون حروف الطباعة كبيرة وألوان الصور جذابة لتشوق الطفل الي القراءة فتحقق الغاية منها

     وقد مر على ظهور أول صحيفة عربية وهي مجلة روضة المدارس المصرية 137 عاماً إذ أصدرها رفاعة الطهطاوي في 1870م، وبذلك تكون قد سبقت أول صحيفة أمريكية بنحو ربع قرن([164] ) ، ثم ظهرت مجلة السمير الصغير في 1897م وكانت أول صحيفة تخاطب الأطفال ولا تتوجه إلى طلاب المدارس, ثم توقفت لأسباب مادية.

     ثم صدرت مجلة ميكي مترجمة عن ميكي الأمريكية ، ثم أصدرت مجلة منبر الإسلام مجلة الفردوس في 1970 .

    وفي السودان مجلة الصبيان في 1946

    وفي السعودية صدر في 1959م مجلة الروضة، وفي 1974م ظهرت مجلة حسن ، وتخصص الصحف اليومية فيها صفحة أو أكثر للأطفال ، وكذلك الحال في الجزائر إذ صدرت مجلة المجاهد في 1968م ، وفيها صفحة للأطفال . أما في تونس فأول مجلة فيها كانت في 1966م وحملت اسم عرفان .

    وفي العراق كانت مجلة التلميذ العراقي أول مجلة ظهرت في 1922م ومجلة ( مجلتي ) وصحيفة ( المزمار ) .

    وفي سوريا كانت مجلة رافع 1969م ومجلة أسامة في 1970م

    وفي الأردن سامر ،  وفي فلسطين الأشبال ، والبراعم  وطارق وفي الكويت العربي الصغير، وفي الإمارات مجلة ماجد تصدر في أبو ظبي ، والأشبال والأذكياء في الشارقة([165]) .

    وتعرض المجلة قصصاً قصيرة مصورة في حلقة واحدة، وقد تكون القصص متسلسلة في حلقات متعددة،وبأسلوب بسيط ، وكانت نسبة القصص المصورة في مجلات الكويت نحو (25% ) من محتوياتها بينما لاتتجاوز القصص السردية العشر . ويختلف إعداد القصة المسلسلة عن إخراجها في الكتاب مرة واحدة.

وتصدر الصحف عادة مرة في كل أسبوع، وذلك يتبع الإمكانيات المادية غالباً.

وتحتوي المجلة على قصص ومسابقات وأشعار وأخبار عن الأمم الأخرى ومعلومات علمية، كما تحتوي على مقالات دينية ولا سيما في المناسبات كرمضان، ولكنها لاتهتم بالدعوة إلى الإسلام وشرحه للأطفال غير المسلمين ولا سيما في الدول التي تحوي أعدادا كبيرة منهم كدول الخليج. 

     وهناك صفحة للقراء وأصدقاء المجلة تعرض مع صورهم غالباً وتتيح المجال لتعرفهم  برسائل وردوود عليها، واستفتاءات وإجابات. ونشر أسماء الفائزين في المسابقات ، وصفحة لصور يطلب تلوينها ، ومعلومات عسكرية وسياسية كالحديث عن المخترعات الحديثة وعن فلسطين ولا سيما الأقصى ، ونصائح طبية ، وأحاديث علمية كالحديث عن غزو الكواكب ، وبوليسية ومغامرات خيالية ، ومعلومات علمية عن الحيوانات وعرض لأساليب حياتها وعن البحيرات وأحاديث تربوية واقتصادية وأدبية وإن كانت قليلة ولا سيما الشعر.

       وعلى الرغم من أن هذه الموضوعات لا بأس بها لا تفي ابن القرن الحادي والعشرين علميا ، كما أنها لاتميز بين الذكور والإناث في التوجيه إلا مجلة السمير الصغير التي أعدت صفحات تتحدث عن التدبير المنزلي([166])

    وقد تصل صفحات المجلة إلى نحو سبعين صفحة كما في مجلة ماجد الإماراتية،      وهي مجلة تجول جولات مختلفة مع قضايا علمية وواقعية وتحوي أخباراً عن المدارس والحفلات والمعارض ويحوي كل عدد أكثر من قصة مصورة إضافة الى معلومات دينية وسياسية، ويشرف عليها رجال علم أكفاء .

      إلا أن كثيراً من مجلات الأطفال توجه وجهة غربية، إذ تقدم الشخصية الغربية على أنها النموذج المثالي للإنسان ممثلاً في سوبرمان مثلاً، وتقدم فيها الحضارة الغربية على أنها أفضل ما وصلت اليه البشرية، وهذا ما يوقع أولادنا في الفصام .

       وكان محمد سعيد العريان قد اتخذ المجلة وسيلة لشد أطفالنا إلى تراثنا وذلك حينما  أصدر (مجلة سندباد) في عام 1952م وكان رئيس تحريرها، فكانت بذلك  أول مجلة في العالم العربي تصدر بشكل فني وتوجه توجيها عربيا وكان بها رائد هذا اللون الإعلامي بشكله الفني ، كما كان له الفضل في الاعتراف بأدب الطفل رسمياً واحداً من الفنون الأدبية الجادة الهادفة التي يخصص لها جائزة الدولة لفروع الأدب([167]) ، وذلك بفضل ما قدمه في هذه المجلة من مادة شيقة غزيرة، وطباعة جميلة أنيقة، أودعت فيها دار المعارف التي نشرتها خبرتها الطويلة ، وكانت تهتم بالتوجيه أكثر من اهتمامها بالربح المادي ، وتربط الطفل بعظماء أمته وتبث روح الإيمان والعزة . وتقدم مادتها باللغة العربية الفصحى المشكلة الحروف ليتعلم الطفل اللغة بطريقة صحيحة ، وكانت الأعداء المسلسلة تزين بصور كبيرة ملونه بألوان زاهية.

     واستمرت تواصل نشاطها سبع سنين، وأخرجت ثلاثة وعشرين مجلداً على شكل أعداد مسلسلة تصدر كل خميس، رمى مخرجوها منها إلى بث روح التآلف والمودة بين أبناء الأمة العربية، وقد نالت هذه المجلة شهرة واسعة في أقطار الوطن العربي و أشاد بها رجال التربية، وقررت وزارة المعارف المصرية وضعها في مكتبات المدارس الابتدائية والإعدادية، وأن تكون موضوعاتها مادة يختبر التلاميذ بها.

      وحوت هذه المجلة رحلات سندباد التي طبعت فيما بعد في كتاب من أربعة أجزاء يضم كل جزء منها رحلة له.

      وسندباد بغدادي معاصر خرج يبحث عن أبيه الذي سافر منذ خمس عشرة سنة في تجارة ثم لم يعد، وشب خلالها ابنه وماتت زوجته، وعاش الطفل في رعاية عمته مشيرة مع أخته قمر زاد. وقد لاقى سندباد من الأهوال الجسام ما يشيب الصغير ولكن الله نجاه منها برحمته، إلى أن حقق أمنيته برؤية والده و التأم شمل الأسرة.

      وفي هذه الرحلة نرى :

1-قضايا دينية تتحدث عن الأخلاق والأديان وعبادات الشعوب .

2-قضايا وطنية كحب الوطن ومؤازرة أهله .

3-وقضايا اجتماعية تتحدث عن الصداقة وعن التجار وقطاع الطرق، وعن واقع المرأة في العالم الإسلامي وغيره .

والتوجيه الخلقي بارز في هذه المجلة كالحديث عن الصدقات  وعن العمل وأهميته([168])

4- وقضايا خرافية كالحديث عن النسانيس في الرحلة الرابعة، فهو يصورها مخلوقات ليست من الإنس ولامن الجن ولا من الحيوانات وإن كانت  تأكل لحوم البشر ،وهي ذات أجسام طويلة نحيلة مبطوطة كأنها شق نخلة، وعلى الرأس المتطاول شعر كريش الهدهد، وبه عين واحدة، وفم مشقوق من أعلى الى أسفل، ولكل منها يد واحدة ورجل في الأسفل يقفز بها قفزاً على قدم كخف البعير، ولا أصابع فيها ولا حافر، وصوتها كصوت الإنسان، وتفهم ما يقوله، ولها عادات وتقاليد خاصة وهي ترمي بالقوس والسهام([169])

      أما الغيلان فكانت كالوحوش بطول شعرها، وهي تأكل لحوم الإنسان أيضا.ً

وهناك حديث عن السحر أيضاً .

 5- وقضايا جغرافية كتنوع البشر حسب المناطق الجغرافية، وكالحديث عن المناخ كهبوب العواصف، والاطلاع على الجزر في البحار([170]) .

    وكانت اللغة فصحى ، وهو يرادف بين الكلمات ليوضحها ، ويضبط الألفاظ ليقرأها الطفل بشكل صحيح ، وأسلوبها تصويري جميل .

                      ...                       ...                    ...

وللصحف الصادرة في الوطن العربية إيجابيات وسلبيات تتمثل في اختيار الموضوعات،  وفي مدى مراعاة الاعتبارات التربوية والنفسية والفنية للأطفال، وتسهم المجلات في تنشئة الأطفال دينياً وسياسياً فهي تجعل الطفل مخلصاً لربه ولأمته إن أحسن توجيهه الديني ، كما تجعله مواطناً صالحاً .

      وتعد الصور فيها كالكتابة في توجيهاتها.

     ولا نكاد نجد فوارق جذرية بين هذه المجلات إن نزع الغلاف وطولب طفل بتمييزها ، وجرب ذلك مع طالب جامعي أيضاً فلم يستطع التمييز ، وكرر العمل خمس مرات دون جدوى([171])

       والسؤال الذي يطرح: هل هذه المجلات قادرة على بناء الطفل في جميع الجوانب     عقائدياً و تربوياً وسياسياً واجتماعياً.

       بصورة عامة تمثل مجلات الأطفال شرائح المجتمع:

      فهناك المجلات الإسلامية كمجلة زمزم التي كان رئيس تحريرها نشأت المصري مدة تسع سنوات (1988-1997) . وكانت تتألف من ست وثلاثين صفحة وكانت قضاياها تتعلق بالقيم الدينية وتقدم بأساليب جديدة، دون افتعال أونبرة وعظية، كما تعمل على جعل الطفل طرفاً في العملية الإبداعية كاتباً ومحرراً وناقداً، يقراً المجلة قبل طبعها ويقدم اقتراحاته ويعرف مستوى المتلقين لها من القراء.

       كما تعمل على تنمية حس الجمال والجمع بين هواية الطفل والمعاصرة في المعلومات من منظور إسلامي.

     وكانت افتتاحيتها قصة تنطوي على قيم إنسانية.

     وقد أوقفت لأسباب مادية، وهذا يعني ضرورة تبني الدولة لهذه المجلة مع ضرورة إطلاق الحرية الكاملة للقائمين عليها.

       ومن هذه المجلات أيضاً مجلة منبر الإسلام التي صدرت 1969م ، ومجلة براعم الإيمان، وقد عرضت صورة فارس سجل عليها صلاح الدين الأيوبي في بيت المقدس وكان ذلك أيام الانتفاضة  الثانية في عام 2000م([172]).

    وهناك مجلات أخرى لاتتجه اتجاها دينيا كمجلة أسامة السورية ومجلة فتيات المستقبل، فمجلة أسامة السورية صدرت عام 1969 حتى 2001 . وكان يشرف عليها الكاتب سعد الله ونوس كما ضمت زكريا تامر وعادل أبو شنب([173])  .

      وقد لفت وجودها أهمية الكتابة للأطفال، وكانت في العشرين سنة الأولى من عمرها ذات لغة فصحى وسليمة من الأخطاء، فقد كتب فيها شوقي بغدادي  وسليمان العيسى الذي نشر فيها عدداً من المسلسلات المسرحية الشعرية فسد فراغاً في هذا اللون الأدبي ورفع مستوى اللغة العربية الفصحى المقدمة للصغار ، ولكن أدبه كان مليئا بالمواعظ السياسية التي اصطبغت بصبغة انفعالية ، وقد طوع كتابها الأوائل أسلوبها فجعلوه سهلاً عذباً قريبا من مدارك الطفل مع روح قصصية، ثم هبط مستواها بعد عام 1988 وفتحت أبوابها لشعر ضعيف وضعف التصحيح اللغوي فيها .

 ومما نشر فيها للشاعر حامد حسن قوله :

احـذر احـذر                 عنـد المَـْعبـَرْ

لا تتقـــدم           حتـى تحــذر

           فـإذا لاح ال          ـضوءُ الأحمـر

                      قـفْ بهـدوء           لا تتـحيــرْ

فــــإذا لاح                   الضوءُ الأخضرْ

                      اُعبــر حالاً           لا تتـأخـَّـر

ينجـو دومـاً                  مَن يَتَبصَّـر([174])

ومن شعر سليمـان العيسـى فيها:

أرسـم ماما                  أرسـم بابا

بالألـوانْ

أرسـم علمي                 فوق القِمَـِم

أنا فنـانْ

 أنـا صيــاد                  اللون  السـاحرْ

                      أرض بـلادي       كنــزُ منـاظر

دعنـي أرسم                 ضـوءَ النجـم

دعنـي أرسم                 لـونَ الكـرم

                       أكتُـب شعـراً         بالألـــوان

                       أحيـا حــراً           أنــا فنـان([175])

وشعره كما نرى ذو فكرة وطنية بأسلوب عذب وفصيح.

وفي بعض الشعر المعروض في مجلة أسامة رمز غامض لايناسب الطفل  كقول مجد وليد المصري

كـرتي كرتي                 أحلـى لعبة

كـرتي كرتي                 بيدر رغب([176])

    فالشطر الأخير لا يفهم الطفل معناه وهو تركيب إضافي يريد به أن الكرة مجال فسيح يحقق به الطفل رغبته باللعب

     وهذه المجلة لا تعنى بالتوجيه الإسلامي شأنها في ذلك شأن مجلة فتيات المستقبل الصادرة عن قناة شباب المستقبل (Space Toon) التي وجهت عنايتها للفتيات ، وهي   تطالعنا بأسرار وأفكار، وبحديث عن الأمومة عند الحيوان، وحبات اللؤلؤ للزينة ، وأزياء خالدة وأطباق طائرة وبحديث عن المزارعة الصغيرة ومصنع الفنون ([177])، كما تحوي قصة مسلسلة بعنوان كنز الغابة وتتحدث عن صراع دار بين فتاتين هما حنان وجهان وبين قزم  وانتهت بزواج الفتاتين من ابني ملك  ، وفيها غرائب تشوق الطفل ولكنها تجعله يعيش مع غير الواقع .

وعبارات القصة بالفصحى على نحو قوله (اتجه الشاب نحو القزم وضربه بكفه، فسقط القزم على صخرة ، انزاحت ليبدو تحتها كنز يتلألأ، وهنا سمع صوت يقول:( الحمد لله لقد استعدت كنزي المسروق. التفتت الفتاتان ناحية الصوت فرأت شاباً لم ترياه من قبل،  وتابع الشاب قائلاً أنا آسف، لقد تنكرت بزي الدب حتى لا يكشف أمري إلى أن أعثر على كنزي، فصرخ الشاب صاحب الجواد: أخي لقد وجدتك أخيراً) وتزوج الفتيان  الفتاتين وكانا ابني أحد الملوك([178]).

    فالقصة كما نرى توجه إلى المرحلة الثالثة، وفيها مغامرات و ألغاز وحيل وصراع وتوجيهات تربوية خلقية إلا أن النبرة الإيمانية فيها ضعيفة.

     وفي القصة أيضاً أخبار طريفة من العالم وأخبار عن النساء ، ونرى أسماء علم أجنبية كالقطة تينكر([179]) وصفحتان لصناعة طعام واثنتان للرياضة، ثم صفحتان للرسوم وصفحتان كلماتهما باللغة الأجنبية عن الطيران إلى بلاد العالم ولعبة فكرية، والأمومة عند الحيوان (القط) وهناك قصة مغامرات شيسترا وفيها أخطاء نحوية مثل (فلنلهو قليلاً) والصحيح بحذف حرف العلة في الجزم بلام الأمر ،  ثم قصة فلة والأقزام ، ثم حديث عن أسماء بنت يزيد الأنصارية التي جاهدت مع الرسول صلى الله عليه وسلم  وكانت تلقب بـ (سفيرة النساء) و (خطيبة النساء) ثم تأتي أفكار عن الخياطة وعن الأزياء ومعلومات جغرافية عن اللؤلؤ، ثم قصة أخرى ثم منوعات ثقافية عن (حي بن يقظان)  فحديث عن مشكلة الخوف وأطباق طعام، وصناعة ورقية وألعاب وآلات موسيقية ، ثم المزارعة الصغيرة عن ضرورة التوجيه الزراعي وزرع النباتات ، وقضايا طبية وفنية وتسالٍ ولعب، وقصة مصورة وصديقات المجلسة ومسابقات .

      ولا نرى من توجيه ديني إلا ذكر اسم الله عند الأكل وقصة أسماء بنت يزيد الأنصارية.

      ورسوم المجلة أكثر بكثير من متطلباتها ، وثمنها باهظ ويمكن تخفيف حجمها بحذف صفحات لا حاجة لها فتقل كلفتها .

 وهناك مجلات يبرز فيها الاتجاه العربي كمجلة ماجد الإماراتية، والعربي الصغير الكويتية .

     ففي ( ماجد )  قصص كثيرة مصورة غالباً ، وتعريف بالشعوب وقضايا اجتماعية وهوايات([180]) ، ومضمونها ذو توجيه بناء يميل إلى النزعة العربية مع توجيه ديني مناسب كما في باب (أحباب الله ) الذي يعرض في كل عدد شخصية إسلامية ، وهناك استفتاءات دينية تحت عنوان فاسألوا أهل الذكر.

      ولغة هذه المجلة عامة فصحى وأسلوبها سهل واضح ، إلا أنها لا تهتم ببعض الضوابط اللغوية مثل همزتي الوصل والقطع، كما في :(المدرسة الإبتدائية) بقطع همزة الوصل في (الابتدائية)، وكذلك (إبني) بدلاً من (ابني) و( إسمي منصور ) بدلاً من ( اسمي ) ، وفيها ألفاظ عامية قليلة مثل (ديري بالك على إخوتك)([181]) و  (تكشيرته لا تبشر بخير) وفيها أخطاء شائعة مثل ، الجاراج بمبنى موقف السيارة ([182]) .

       وهذا نموذج  يشير إلى مستواه فيها ورد في  قصة " الحكيم ودماء الذئب " لجمال سليم  وهو يتحدث عن علاقة الحكيم بالملك أسرحدون :

       (...مرت الأيام وجاء لي الضابط ذات يوم يدعوني إلى القصر الملكي لمقابلة الملك، ولما كنت قد أصبحت عجوزاً جداً و طاعناً في السن فقد اعتذرت عن الذهاب الى القصر الملكي ، وفي اليوم التالي جاء الملك أسرحدون بنفسه وعانقني وطلب مني أن أصبح حكيما لبلاد آشوركلها وأن أستقبل الوزراء لأعطيهم النصيحة

      رحل الملك وظللت أتطلع إلى ظهره وهو على صهوة جواده وإلى جانبه الضابط ناباسو يلوح لي بالتحية" ([183]) .

    فهذه القصة جاءت بأسلوب فيه متانة وجمال كقوله "ولما كنت قد أصبحت عجوزا جدا وطاعنا في السن فقد اعتذرت " فكلمة " طاعنا " تفهم من كلمة "عجوزا جدا " وقد أتى بالمرادف قبل الكلمة الصعبة لتفهم . ولكن الأسلوب لايخلو من أخطاء كقوله " جاء لي بدلا من جاءني " و أسرحدون بنفسه والصحيح نفسه " لأن المؤكِّد يأتي بعد المؤكَّد .

    وهي تشابه القصص العربية ولا سيما أن دماء الذئب وردت في قصة يوسف في القرآن الكريم فلم جاءت التسميات غير عربية ؟

     وهذا نموذج آخر للغة مجلة ماجد :

       " أنا عندي مشكلة – أسئلة وأجوبة :

       أنا فتاة في السادسة عشرة من عمري أشعر بعدم الثقة في نفسي لذا فأنا أخشى الإقدام على أي خطوة خوفاً من الفشل، ماذا أفعل؟

    الجواب : يمكن الاستعانة بأحد المحيطين بك مثل أمك أوأبيك أوعمك أوعمتك ممن تثقين في حكمته وقدرته كي يشد من أزرك، ويدفعك الى اقتحام تلك المخاوف التي لا خطر فيها.

    ينبغي أن تقتنعي أن بقاءك مكانك أخطر من محاولة التقدم في طريق آمن.

    توقعي قبل الإقدام على هذا الأمر أسوأ الفروض، وأقنعي نفسك بأن ما يمكن أن يحدث لن يكون كارثة ولن يكون نهاية العالم، فأي إنسان معرض للنجاح أو الفشل. حاولي مرة بعد أخرى ، وقاومي هذا الإحساس بالخوف حتى يقل تدريجياً، ويختفي إن شاء الله " .

     في هذا السؤال وجوابه نرى اللغة واضحة والأسلوب سليما إلى حد كبير ، وأما كلمة الفشل فخطأ شائع ، وفيه تشكيل للكلمة الصعبة معرض . وفيه عبارات بليغة مثل : تثقين في حكمته وقدرته كي يشد من أزرك ويدفعك الى اقتحام تلك المخاوف التي لا خطر فيها. لن يكون كارثة، ولن يكون نهاية العالم فأي إنسان معرض للنجاح أو الفشل.قاومي هذا الإحساس بالخوف حتى يقل تدريجياً.

      وفي مجلة ماجد قصص تربوية وسياسية بالرسوم الكاريكاتيرية ، منها قصة  كتبت كل عبارة من العبارات الآتية على صورة فيها :

     " يجب أن أفكر بطريقة أكتشف بها دخيلة هذا الشاب و أنبه ولدي على خطر مصاحبته له

إنه أنيق دائماً ومهذب ويحبني يا أبي. ولكنه لا يزورك إلا عندما تكون له حاجة. يقصدني أنا ولايقصد سواي، ألا يقولون "الصديق وقت الضيق". ويقولون أيضاً الرجال معادن ؟ هل جربته يا ولدي. الحقيقة أنني لم أفعل ذلك بعد، ولكنني أثق به. آمل أن تتاح لك في القريب فرصة اختباره يا ولدي.

وبعد اختباره قال:

أعدك منذ اللحظة يا أبي أنني سأسترشد دائماً برأيك وأنتصح بنصحك و لا أثق بمن لا أعرفه حق المعرفة .

  والعبارة الأخيرة هي المغزى التربوي الذي أراد الأب أن يصل إليه من تصرفه الذكي .

وفي قصة أخرى تتحدث عمن يخون وطن :

    "صدق جاسر ما قاله المجرم هولاكو فأرغم الجميع على ترك السلاح، وأمرهم بالعودة إلى أعمالهم، فتحين هولاكو الفرصة و استولى على البلدة بسهولة .

وجاسر كان أول الضحايا "

     وتسمية العدو بهولاكو تذكر بسقوط الدولة العباسية على يد التتر بقيادة هولاكو ، فهولاكو عند العرب والمسلمين العدو المجرم الذي قضى بوحشية على دولتهم في بغداد واجتاح الأراضي الإسلامية حتى أوقف قطز تقدمهم في عين جالوت  ، وإذا كان الخليفة العباسي المستعصم قد صدق وزيره ابن العلقمي وقلل عدد جيوش دولته من مئة ألف إلى عشرة آلاف في وقت تتعرض فيه الدولة للخطر بحجة ضرورة تقليل النفقات ، فإن الأديب جعل جاسر يرغم الجميع على إلقاء السلاح ، وإذا كان  العلقمي قد ساعد هولاكو واتصل به سرا لينفذ مآربه ضد العباسيين فلقي من هولاكو بعد مساعدته له الذل حتى مات غما وكمدا([184]) ، فإن جاسر في هذه القصة كان أول الضحايا . وبذلك يدرك الطفل أن من يساعد عدوه يحتقره وقد يكون أول من يلقى على يديه الشر ، لأن من لايؤتمن على وطنه وشعبه لايؤتمن على عدوه .

      وهذا نموذج لأسلوب المجلة ورد في قصة حلوم و الخابية للكاتب الإماراتي حسن المرزوقي  وهي قصة عرضت في مجلة ماجد بالفصحى أيضا ، وحوت كلمات وعبارات عربية فصيحة، وذات ألفاظ قوية  على نحو :

-    " فذكر لهم ما حدث والدموع تسيل على خديه ووجهه شاحب وشفتاه ذابلتان وعيناه ذائغتان " . فهنا نرى وصفاً جميلاً للدموع والوجه والشفتين والعينين مما يزيد في خيال الطفل وثروته اللغوية

- و: "جلس إخوته يوماً يتآمرون عليه ويدبرون له الشر" ، و " لماذا لا تأمنا على يوسف؟ لماذا لا تتركه معنا حين نخرج للصيد؟ هناك يستطيع أن يلعب و يرتع، وسنحافظ عليه .

        فقال:- إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب و أنتم عنه غافلون ". وهو وصف مقتبس من قصة يوسف عليه السلام .

-         ومثل (طرأت على إحداهن فكرة رائعة) .

-        (فصل الشتاء القارس)

-    وفي هذه القصة يتعلم الطفل خطاب الأنثى إذ نرى من الأفعال مثل (تخلصت يخرجن-يعتمدون-اكتشفن، ومن الأسماء تفكيرهن، بذكائهن- إحداهن- واقفات - الدجاجات).

وقد اعتمد على الترادف مثل (فذهب ولم يعد مرة ثانية) و (بفضل تفكيرهن وذكائهن).

ويتعلم الطفل أيضا الإملاء الصحيح كما في الهمزة المتوسطة في (ذكائهن).

كما يتعلم الألفاظ الإسلامية والمعاني الإسلامية فيروح يستعملهما في أحاديثه وتفكيره، ولا يخفى مالهذا من أثر في تربية الطفل واستقامته ، وسلامة لغته ولا سيما أنها متأثرة بأسلوب القرآن الكريم ، ومن هذه المعاني الإسلامية التربوية :

-اكتشف سيده أن يوسف أكثر من رأى في حياته أمانه واستقامة وشهامة وكرماً  -  " كان يحدث الناس عن رحمة الخالق وعظمته وحبه لمخلوقاته، كان يسأل الناس أيهما أفضل أن ينهزم العقل الذي يعتبر أرباباً متفرقين وأصناماً لا حول ولا قوة أم أن ينتصر العقل ويعبد رب الكون الخالق العظيم " .

ولكن القصة حوت أيضا قليلا من الألفاظ العامية مثل "جاء الكندري " وتعني السقا، ومثل " أمامك البرمة " ، والبرمة إناء كالجرة من الفخار ، ومثل " حلوم وين أصب الماء"  أي أين أصب الماء.

    ولا تخلو مجلة ماجد من آثار سلبية أحياناً فهناك مثلاً صورة الأميرة ديانا رسمت على جهاز الحاسوب بزهور([185]) وهذا ما يسيء الى المرأة العربية إذ هناك نساء عظيمات يستحققن أن تخلد أسماؤهن، و وكذلك الحال في الاهتمام ببوكيمون وهذه شخصية أجنبية.

     وهناك معلومات أعلى من مستوى الأطفال كالسؤال عن الرومانتيكية وكان الجواب :

" الشخص الرومانتيكي هو الشخص الشاعري الخيالي ذو العواطف الجياشة ... وبرزت الحركة في القرن الثامن عشر في أوربا وخلال القرن التاسع عشر "([186]) وحبذا لو جاء الجواب بترجمة اللفظ إلى اللغة العربية كأن يقول المدرسة الرومانتيكية تسمى عند العرب المدرسة الإبداعية .

   أما مجلة الأذكياء في الشارقة فتهتم بالقضايا العلمية والتراثية كحديثها عن النجوم والقاعدة الفضائية،ثم بالقضايا التربوية وذلك بلغة فصحى، أما القضايا الوطنية فلم تولها اهتمامها([187]) .

    وبصورة عامة فإن على المجلات غير المتخصصة لمرحلة ما أن تراعي مراحل نمو الأطفال في المادة والإخراج، فتحوي المجلة مثلا ما يناسب المرحلة الأولى ولو ببضع صفحات فيها،  كما تحوي مايناسب المرحلة المتأخرة كالقصص الواقعية والعلمية كالمناقشات والأحاديث المتعلقة بالاختراعات .

    وأن تكون عنوانات الموضوعات الجادة جادة ، والطريفة خفيفة الظل ، وربما حوت عنوانات ثابتة كما في عنوان " كسلان "  في مجلة ماجد

    وحبذا لو وجد في مجلات الأطفال صفحة ليكتب فيها الأطفال إبداعاتهم ولاسيما القصصية فتقوى بذلك أساليبهم وتزداد مقدرتهم على التعبير .

   ومن حيث الإخراج يجب أن تكون ألوانها زاهية ورسومها كاريكاتيرية تضخم المهم الذي يلفت النظر إليه لأن الطفل لايستعين على معرفة الفكرة بالكلمة فحسب بل بالصورة أيضا أو مايسمى " باللغة غير اللفظية " فهي أكثر مرونة من الكلمات لأن الطفل يدرك بحاسة البصر أولا وبذلك تسهم الصورة بالدلالة على الفكرة فالفهم ولهذا يقول المثل الصيني " صورة واحدة تعادل ألف كلمة " ([188]) ، والمضمون الجيد لاينفذ إلى العقول ما لم يقدم في شكل فني متقن .

2 - الكتاب:

    هو مطبوعة غير دورية لايقل عن خمسين صفحة ، يضمه غلاف ، وهو وسيط سهل الحمل كالمجلة، يضم العالم بين دفتيه ، كما يقول د. أحمد نجيب ، ويحلق بقارئه في عوالم شتى في الفضاء والبحار وفي قمم الجبال والأدغال، ويحيا مع العصور كلها والأمكنة جميعها.

    إنه صاحب لا تمل صحبته إذ يمكن للطفل أن يقرأه ويعيد قراءته شريطة أن يكون إخراجه جذابا، ولهذا كان على كاتب الأطفال أن يتعرف نوعية الحروف وآلات الطباعة ونوعية الورق وحجم الكتب الخاصة بهم وطرق عرض الموضوعات فيها، وطرق تنسيق الصور وألوانها وعنوانات الكتب وجزيئاتها ومواصفاتها ونوعية غلافها . ومراعاة هذه المتطلبات تجعل الطفل يعجب بالكتاب فلا يشعر معه بالملل([189]).

     وكتب المرحلة الأولى يجب أن تعتمد على الصورة مع عبارة موجزة موضحة، وأن تكون بلا تفاصيل كثيرة ، وأن يكون حجمها ونوعها مناسبين ، وعلى كاتب أدب الآطفال أن يتعرف على البيئة الإقتصادية التي سيقدم إليها الكتاب لأن إخراجه يتوقف على المستوى المعيشي للمنطقة غالباً.

     ويعد الكتاب المدرسي من الكتب التي تعرض آداباً في كثير من الأحيان فكتب التربية الإسلامية، وكتب اللغة العربية مصدران ثران للقصص.

      ويحتاج الكتاب الى الاهتمام بلغة الطفل، وقد درست كلمات التلميذ العربي مقارنة مع التلميذ الغربي فكانت 800  من 1500 ولعل بعض هذا نجم عن تزايد مصطلحات العلوم الحديثة بنحو خمسين مصطلحاً جديداً في كل يوم حسب تقرير لمنظمة اليونسكو وذلك بسبب تفرع العلوم واتساع مجالاتها ويجب أن نعلم أن الكتاب ليس لحشر المعلومات ولكن لتشجيع الطفل على القراءة أو ما يسمى بالانقرائية وهذه التنمية مطلب تربوي وثقافي ليستمر الطفل في المستقبل على تثقيف نفسه ، وليكون قادرا على النقد ، ويمتاز الكتاب بأنه مصدر أخذ المعلومات وتنمية الثروة اللغوية، وتوسيع أفق الطفل ومساعدته على التأمل و التفكير فيما يقرأ.

     ويجب اختيار الكتاب ذي المضمون الهادف وباللغة الفصيحة والذي يحوي مهارات تناسب مرحلة النمو من حيث الحرف وشكله وعدد الأسطر في الصفحة الواحدة والرسوم المرافقة له وحجم الكتاب وشكله ... كما تناسب الفن المعروض فيه من مسرحية أو قصة أو شعر . ففي مرحلة (6-9) تكون العلوم بسيطة و المهارات الاجتماعية مهمة ، أما في مرحلة 10-12 أو 15 فيجب أن يحوي الكتاب مغامرات ورحلات وعادات للشعوب ، وتطورات علمية . ومما ينفع الطفل في هذه المرحلة كتب المعارف العامة.

   كما يجب تزويد المكتبات بمعايير اختيار كتب الأطفال، وتعريف الأهالي بالكتب المهمة في هذا المجال.

    ويجب أن ننأى عن الكتب المترجمة للأطفال فهناك كتب مترجمة عن الإنكليزية والفرنسية واليابانية والصينية والبلغارية والإسبانية و ... وهذا ما يؤثر في عقيدتنا وقد حلل محمد ديب أبو عابد سلسلة (ليد يبرد) الأجنبية وبين مدى إساءتها لقيمنا و تاريخنا وأن الخطأ في تبني بعض وزارات التربية في البلاد العربية لهذه الكتب ونشرها بين أطفال المدارس الابتدائية.

    ويجب أن يعرف كاتب أدب الأطفال القاموس اللغوي للطفل و أن يكون مبسطاً، وقد أصدرت المنظمة العربية للثقافة والعلوم كتاب الرصيد اللغوي للأطفال في مرحلة الدراسة الابتدائية ، وهو قائم على دراسة ميدانية لحصر الألفاظ المستخدمة في أرجاء الوطن العربي([190]) .

    كما يجب أن يكون هم الكاتب تقديم المعلومات للصغار ولذلك يجب أن يتوجه إليهم وأن يعبر عن وجهة نظرهم لا عن آرائه هو، وقد أجرت الأستاذة هند خليفة في المملكة العربية السعودية استفتاء حول من يزاول القراءة من ذوات الصفوف العليا في المرحلة الابتدائية فتبين أن 90% من العينة لا يقرأن في نشاطهن  الحر و5% فحسب من تقرأ كتباً عربية و5% يقرأن كتباً بالإنكليزية لأنهن عشن طفولتهن في دول أجنبية والطفل يقبل عادة على القراءة إذا وجد في الكتاب فائدة، ومتعة وإبداعاً لا يفرق بين كتاب تاريخي أو علمي أو خيالي..

    

    وفي استبيان أجرته مجلة المختار([191]) في 1989م ووزع في ثلاث عشرة دولة عربية تبين أن الأطفال يهتمون بالقضايا العلمية ثم الدينية ثم بالطرائف والثقافة الرياضية ، وأن 86 % منهم فضلوا اللغة العربية الفصحى لغة للمجلة .

    وقد كتب محمد سعيد العريان كتباً عديدة للأطفال منها رحلات سندباد التي جمعها من مجلة سندباد وفي أربعة كتب يحمل كل منها اسم رحلات سندباد. كما كتب كتاب العرب لاخريستوفر كولمبس والقصص المدرسية بالإشتراك مع أمين دويدار ومحمود زهران ومغامرات أرنباد، والأخيرة لمرحلة رياض الأطفال، وكذلك مجموعات كان يامكان، كما كتب كتباً مدرسية للغة العربية والتربية الدينية، وفيها قصص وحكايا وأشعارهي في مجملها أدب من الأدب العربي الطفولي([192]) لأنها نتاج عقلي مدون في كتب موجهة للأطفال تراعي خصائص نموهم وقدراتهم ، بل هي أهم من الكتب الأخرى التي يتعامل معها الأطفال لأنها أكثر مناسبة لهم وسجلت بإشراف مختصين .

      وأخيراً فإن الكتاب هو الوسيط بين ماضينا الزاخر وحاضرنا ومستقبلنا، وهو يؤثر في ترسيخ وجودنا وهويتنا .

 لسان العرب مادة أدب ( [1] (

           كنز العمال  رقم الحديث 2285 ص  513  ([2] (

  أساس البلاغة ص13([3] (

 في الأدب الجاهلي / 92-97([4] (

 لسان العرب مادة طفل ( [5] (

(6) أدب الأطفال والقيم التربوية  /  64  ، وأدب المرأة ، دراسات نقدية من بحوث الملتقى الأول للأديبات الإسلاميات المنعقد في القاهرة 1419هـ  1999م  ، والبحث بعنوان المرأة وأدب الطفل ، رؤية إسلامية ، إعداد وفاء إبراهيم السبيل ص 24

  فن الكتابة للأطفال /  279([7] (

 أدب الأطفال في الأردن /14 ( [8] (

([9] ) في أدب الأطفال ، ص 44-45.

) أدب الأطفال – بريغش / 49 نقلا عن أغاني ترقيص الأطفال / 62[10] (

 الطفولة في الشعر العربي والعالمي /11([11] (

 سورة لقمان / 3-19([12] (

([13] ) تنظر  الآيات 63-76 من سورة الفرقان مثلا لذلك .

([14])فيض القدير 5/503 وجامع أحكام الصغار ص 12 .

([15])  محاضرات الأدباء 1/47

([16] ) سنن ابن ماجه 2/1211 عن أنس بن مالك.

([17] )رياض الصالحين ، باب المراقبة ص 50 رواه الترمذي .

([18] ) محاضرات الادباء 1/53 ، ولعتبة بن أبي سفيان شبيه بهذا القول وجهه لمؤدب ولده في الصفحة نفسها.

([19] ) نسب الغرب إلى جان جاك روسو أسبقية قول ( الطفل صفحة بيضاء ... ) مع أن الغزالي قالها في القرن الخامس الهجري

  محمد بن دانيال ( ت 710هـ ) شاعر عراقي استوطن مصر وله مؤلفات مسرحية : أعيان العصر 4/ 432([20] (

  الأدب المقارن ( محمد غنيمي هلال ) ص 172([21] (

([22] ) النص الأدبي للأطفال / 42-54. ولم أعثر على ترجمة هذه الشخصيات الأدبية .

(4) محمد سعيد العريان ( 1905-1961م ) كاتب مصري له مؤلفات وروايات كثيرة وأدب أطفال وكان رئيس تحرير مجلة سندباد : الأعلام 6/ 146 ، وللمؤلفة كتاب عنه باسم محمد سعيد العريان حياته وفن المقالة والسيرة ، تنظر حياته في ص 13 .  

 (5)  ورد في ألف ليلة وليلة قصة السندباد البحري الذي قام بسبع رحلات لاقى خلالها الأهوال الجسام ، ينظر مثلا م2 ج3 ص 321 -  357، وج4 ص6-19

 (6)أفادت الرسوم المتحركة من رحلات سندباد في ألف ليلة وليلة في حديثها عن الطائر الرخ ، وجزيرة الثعابين ، والغول وستدرس في فن القصة ، ينظر ذلك في 

(1) أروع ما قيل من الحكايات / 14-18.

  محمد بن عبدوس الجهشياري  ( ت 331هـ) مؤرخ وله مؤلفات كثيرة : الأعلام 6/ 256([27] )

 (3) أحمد بن عبد الوهاب النويري 0 ت 733هـ ) أديب وعالم مصري وكتابه نهاية الأرب في ثلاثين جزءا وهو أشبه بدائرة معارف الأعلام 1/ 165

 أحمد بن يحيى بن فضل الله العمري ( 700-749هـ) عالم وأديب من دمشق : الأعلام 1/ 268([29] (

([30] ) النص الأدبي للأطفال ص100.

([31] ) رفاعة الطهطاوي ( 1216 – 1290 هـ ) شاعر مصري ، وكاتب للأطفال : ينظر له في مقدمة ديوانه / 5 .

([32] ) أدب الأطفال عند محمد سعيد العريان  ص  19 و 73 

( (2) ابن الهبارية محمد بن محمد بن صالح العباسي ، نظام الدين أبو يعلى ( 414- 509 هـ) شاعر من العصر العباسي له ديوان الصادح والباغم ) وهو أراجيز على ألسن الإنسان والحيوان ، ينظر له في مقدمة ديوانه ، وفي الأعلام 7/23

([34] ) تحفة الأطفال لسليمان الجمزوري، ويليه متن الجزرية في التجويد لشمس الدين محمد بن الجزري ص 13 وفي ديوان الشوقيات لأحمد شوقي قصص طفولية كثيرة ينظر لذلك جـ 4  / 120 -186  .

([35] ) أحمد بن علي بن مشرف ( ت 1215 – 1273م) شاعر من نجد من أنصار الحركة الوهابية فيها : الدر المنتثر / 96.

([36] ) أحمد شوقي ( 1285-1351هـ / 1868-1932م) شاعر مصري درس القانون في باريس ، وبويع بإمارة الشعر في 1927م ، له ديوان الشوقيات في أربعة أجزاء : الأعلام 1/ 136.

([37] )كان لافونتين أول من كتب على ألسنة الحيوانات في أوربا ، وقد تأثر بقصص كليلة ودمنة بعد أن ترجمت هذه إلى لغات كثيرة [ النص الأدبي للأطفال ص 5 ] . ومع أن مثل أحمد شوقي لا تخفى عليه قصة كليلة ودمنة ، فإنه يذكر أنه تأثر بلافونتين ، وهو أديب فرنسي عاش بين 1621-1695م ، ينظر لذلك في : المجلة الأردنية في اللغة العربية وآدابها س 2005م بعنوان أحمد شوقي وفن الحكايا لعلي طارق ص 67 .  مع العلم أن أحمد بن علي بن مشرف الشاعر النجدي قد سبقه إلى مثل هذه القصص بنحو قرن من الزمن ، وكذلك محمد عثمان جلال في مصر ( 1829-1898م) ، وهو أديب أطفال  : الأعلام 6/262.

([38] ) ديوان الإمام أحمد بن علي بن مشرف /251.

([39])أشعار وأناشيد / 89

([40] ) محمد بن حسين الهِرّاوي ( 1885-1939م ) شاعر مصري له كتب ومسرحيات طفولية منها سمير الأطفال ومسرحيات الأطفال وأغاني الأطفال : الأعلام 6 / 106

  (1) عبد التواب يوسف ، شعر الطفل المسلم ، مجلة الأدب الإسلامي ع 40 س 2004م ص 13 ، ولم أعثر على ترجمة إبراهيم العرب .

([42] ) ديوان الشوقيات  4/ 153

(3)  إسحاق بن موسى الحسيني ( 1904-1990م ) أديب من القدس كان عضوا في مجمع اللغة العربية في القاهرة وعمان ، وله إبداعات قصصية ومؤلفات إتمام الأعلاموهو ذيل كتاب الأعلام للزركلي  1/40  

  (1) يوسف العظم ( 1931-2007م ) شاعر فلسطيني له دواوين كثيرة منها في رحاب الأقصى ،وله قصص وكتب كثيرة منها يا أيها الإنسان ( مجموعة قصصية ) : معجم الأدباء الإسلاميين  3 / 1487

  أدب الأطفال في الأردن / 15(2 (

(3)  منذر الشعار ( ولد 1932 ) شاعر سوري له دواوين شعرية كثيرة منها قيثارتي جراح الأمة : معجم الأدباء الإسلاميين 3/1391

(4) يحيى الحاج يحيى ولد 1945 م )  شاعر من سوريا ،له قصص ومسرحيات إسلامية  منها من المؤمنين رجال ( قصص للناشئة ) : معجم الأدباء الإسلاميين 3/ 1469   )  

 (5) رضوان دعبول ( ولد 1937م ) كاتب قصصي من سوريا ، من مؤلفاته سلسلة نساء حبيبات في أربعة أجزاء: معجم الأدباء الإسلاميين 1/455

 (6) سليمان العيسى ولد ( 1923م ) شاعر سوري  من حلب له دواوين كثيرة منها أعاصير في السلاسل ومسرحيات وأدب أطفال جمع في ثلاثة مجلدات : مدخل إلى دراسة المدارس الأدبية / 373

([50] ) الموجز في أدب الأطفال ص 218.

([51] ) مجلة الحياة الثقافية ع 111 س 25 / 2000م .

 أدب الأطفال في الأردن  / 16-17( [52] (

([53] ) ينظر مجلة الأدب الإسلامي م 5 ع 20 / 1419هـ.

    ( 4)  د. سعد أبو الرضا (ولد 1938م) له مؤلفات أدبية و نقدية كثيرة ولا سيما في الأدب الإسلامي منها الأدب الإسلامي قضية وبناء : معجم الأدباء الإسلاميين 2 / 521

   محمد حسن بريغش ( 1942-2003م) له مؤلفات كثيرة منها الشعر الإسلامي الحديث ، معجم الأدباء الإسلاميين 3 /1107([55] (

  (1)  ينظر مثلا للملتقى الخامس لأطفال العرب الذي نظمته أندية فتيات الشارقة في المدة بين 4-9/3/2000م تحت شعار ( الطفل العربي ومعوقات الإبداع ) الذي شارك فيه حوالي مئة طفل : مجلة الملتقى الصادرة عن اللجنة الإعلامية لأندية فتيات الشارقة  ع 2 س 2000م ص13

([57] ) ينظر مثلا نشرة صوت الغد التي أصدرتها مراكز الطفولة والناشئة ع 34 مايو 2002م وصدى المراكز وهي نشرة توثيقية إعلامية تصدرها مراكز الأطفال والفتيات ع 9 سبتمبر 2004م .

([58] ) ينظر : صدى المراكز نشرة توثيقية إعلامية تصدرها مراكز الأطفال والفتيات ع 9 سبتمبر 2004م ص6  .

( 4 )  صالحة غابش ( ولدت 1960 م ) شاعرة وكاتبة قصة إماراتية لها إبداعات مسرحية منها نحن وهويتنا ، ينظر لها في شجرة الكلام ص  100،وهي الآن الأمينة العامة للمجلس الأعلى للأسرة في الشارقة : من لقاء هاتفي مع المجلس المذكور  في 10/6/ 2007م  

 نحن وهويتنا / 8([60] (

([61] ) من مقدمة كتيب ملتفى الأطفال العرب في عام 2000م

([62] ) من نشرة صوت الغد : نشرة إعلامية تصدر عن مراكز الطفولة والناشئة ع 34 مايو 2002م ص 3.

(3)  د. عارف الشيخ 0 ولد 1952م) شاعر من الإمارات العربية المتحدة  له مؤلفات كثيرة منها ديوان أناشيد من الخليج / معجم الأدباء الإسلاميين 2/ 633

([64] ) أدب الأطفال أهدافه وسماته ، 15.

([65] ) رواه ابن ماجة ج2 / 1211

   سورة الحجر / 92([66] (

  متفق عليه ، رياض الصالحين / 276([67] (

 (2) مصطفى لطفي المنفلوطي ( 1289-1343هـ/1872-1924م ) شاعر مصري له مؤلفات وقصص منها النظرات والعبرات : الأعلام 7/239

(3) مصطفى صادق الرافعي ( 1298-1356هـ/1881-1937م) شاعر مصري له ديوان في ثلاثة أجزاء ومؤلفات كثيرة منها إعجاز القرآن ، وقصص منها السحاب الأحمر : الأعلام 7/ 235

(4)  هو محمد حافظ إبراهيم ( 1285-1351هـ / 1871-1932م) شاعر مصري له ديوان شعر وقصة البؤساء المترجمة : الأعلام 6 / 76

 (5) عمر بهاء الدين الأميري ( 1334-1313هـ / 1915-1992م ) شاعر من سوريا عمل في السلك الدبلوماسي  ، له دواوين شعرية كثيرة منها رياحين الجنة ومع الله م معجم الأدباء الإسلاميين 2/922

(6)  د. زينب بيره جكلي " المؤلفة " ( ولدت 1365هـ/1946م ) عضو في رابطة الأدب الإسلامي ، لها مؤلفات كثيرة منها الشعر العربي في عصر الدول المتتابعة والنثر العربي في عصر الدول المتتابعة ، ولها قصص إبداعية منها علمتني زوجتي وقدر أم حذر ... ولها في أدب الأطفال النحو القصصي وهو قصص تعلم النحو العربي للأطفال وغيره : معجم الأدباء الإسلاميين 1/491

 سورة التوبة / 107([73] (

 قناة اقرأ الفضائية ([74] (

 القصص الثلاث في : رياض الصالحين في ص 21 ، 36 ، 51([75] (

www islamway.com  الموقع الإلكتروني:  ([76] (

([77] ) جند الله/ 5-15 .

 قناة المجد الفضائية عرضت في التلفاز في الساعة الثانية عشرة ظهرا من يوم 31/8/2006م ([78] (

  صحيح البخاري ، كتاب الجنائز ( [79] (

 الإسراء / 53([80] (

  الحجرات /  10([81] (

 المائدة / 2([82] (

([83] ) رياض الصالحين / 240

 نفسه / 284([84] (

 سورة المؤمنون / 3([85] (

  سورة الحجرات / 12([86] (

  سورة غافر / 28([87] (

  رياض الصالحين / 168([88] (

 نفسه  / 149([89] (

 الحجرات / 13([90] (

   جامع العلوم والحكم / 503([91] )

  الأنبياء  /  107([92] (

([93] ) قصص مختارة – الإمارات، وزارة التربية والتعليم 1410هـ / 1990م ص 49.

  التحريم / 6([94] (

 :        www.ak laam . net        موقع عمر بن الخطاب  ([95] (

([96] ) شريط مرئي-سمعي بعنوان مغامرات بندق مترجم من شركة والت ديزني ، وهذه الشركة أمريكية وتصدر برامج للأطفال إلى جميع العالم بعد إجراء تعديلات حسب البيئة التي تعرض فيها .

  رياض الصالحين / 472 ( [97] (

 د. عبد الله أبو هيف ، معضلات الهوية القومية في أدب الطفل ، مجلة المعرفة ع 481 س 42 / 2003م ([98] (

 اللغة العربية والإعلام / 101([99] (

 رياض الصالحين / 264([100] (

  مجمع الزوائد ومنبع الفوائد  4 / 98 ([101] (

  (3) د. أحمد صقر ، بين التذوق والنقد المسرحي ، دراسة تحليلية لجماليات التلقي المسرحي  مجلة عالم الفكر الصادرة عن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الكويت م 28 ع 3 يناير – مارس  س 2000 ص269

([103] ) دراسات جمالية إسلامية ، التربية الجمالية  3/ 19.

([104] ) الطفل في الشريعة الإسلامية ص:94.

([105] ) مجلة الأدب الإسلامي ع 40 نسة 2004م من مقال أدب الطفل بمضامينه وأخلاقياته أدب إسلامي حوار أجراه محمد أبو الوفا مع الشاعر أحمد سويلم ص 44.

 تنمية الاستعداد اللغوي عند الأطفال  /65-73([106]

 ) شريط سمعبصري صادر عن شركة سندس للإنتاج والتوزيع في دبي ، الإمارات العربية المتحدة[107](

([108] ) ديوان الشوقيات 4/173 .

([109] ) ديوان الشوقيات 4/172.

  أشعار وأناشيد  / 41([110] (

  رياحين الجنة   / 19([111] (

 سلسلة أخلاق الطفولة ، ماهر والأصدقاء .  ([112] (

 ديوان الشوقيات  4 / 199([113] (

     رحلات سندباد أربعة أجزاء نشرتها دار المعارف بمصر([114] (

  د. عماد الدين خليل ، الشيخ والسيرة النبوية ، مجلة الأدب الإسلامي ع 26-27 س 1421  ص 31-37([115] (

(1)  www.arabic poemd./ children/mem/elsanhoty(3) الموقع الإلكتروني لمحمد السنهوتي :         

     

 تنظر القصة في سورة القصص / 23-28 ([117] (

([118] ) أدب الأطفال ، أهدافه وسماته  ص 61. وفن الكتابة للأطفال / 60-61

([119] ) أدب الأطفال ، عمر الأسعد / 67.

([120] ) الحسناء والوحش سلسلة القصص العالمي ، ويشبهها في ذلك قصة سندريلا بالرقص مع الأمير ، وباعتمادها على السحر .

([121] ) مجلة الفتح ع 20و21 ربيع الأول والآخر سنة 1423هـ ص33 بعنوان الضعف القرائي في المرحلة الابتدائية أسبابه وعلاجه ، عبد القادر الجعفري ص 33 .

([122] ) تنمية الاستعداد اللغوي /13.

([123] ) أدب الأطفال عند محمد سعيد العريان ص 64.

([124] ) مجلة الأدب الإسلامي ع 40 سنة 2004م (عدد خاص عن أدب الأطفال)  مقال نحو منهج إسلامي لأدب الطفل ، عبد القدوس أبو صالح ص 11.

  الحداثة العربية / 139([125] (

([126]) مجلة الموقف الأدبي الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق ، س 33 سنة 2003م ع 389 ، بعنوان شعر الأطفال في المجلات العربية : موفق ناد ص 21.

([127] ) مجلة الطفولة العربية الصادرة عن الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ع 12سبتمبر سنة 2002م د. عيسى زغبوش : النفاذ إلى الذاكرة المعجمية ووظيفتها في فهم اللغة عند الطفل ص 48.

([128] ) أدب الأطفال : الهيتي / 94.

([129] ) تنمية الاستعداد اللغوي عند الأطفال / 86-87.

  فن الكتابة للأطفال  / 49([130] (

) مجلة المعرفة ع 481 س42  في 2003م بعنوان معضلات الهوية القومية في أدب الطفل  ص 34[131] (

(1)  نشر تقرير عن اللغات بين أن ثلاثة آلاف لغة في زمن العولمة يتربص الموت بها خلال مئة عام لأنها لم تعد وسيلة تفاهم وتواصل بسبب عدم القدرة على مواكبة العصر : مجلة المعرفة س42 ع481  ت1 ( أكتوبر ) من 2003م ، بعنوان معضلات الهوية القومية في أدب الطفل العربي ، د. عبد الله أبو هيف  ص 34. لكن اللغة العربية هي السادسة في لغات العالم من حيث الانتشار ، وهي الأغنى من حيث المفردات لأن فيها مليون مفردة ، بينما لاتحوي الإنكليزية إلا ستين ألفا ، والفرنسية ثلاثين ألفا

(1)  من محاضرة د. نور الهدى لوشن بعنوان " مسيرة الحرف وإشكالية النطق والكتابة مع دراسة مقارنة " وقد ألقيت في قسم اللغة العربية في جامعة الشارقة في 20/11/2006م

([134] ) ثقافة الطفل العربي / 120.

([135] ) الأدب الثالث والأطفال ، الاتجاهات الحديثة لتأثير التلفاز على الأطفال / 5 وص 19-22، والتلفزيون والأطفال / 49

([136] ) شريط طارق بن زياد.

[137]) قناة الشارقة الفضائية في شركة ألوان طيف في الشارقة

([138] ) www.islamweb.net

([139] )      ثقافة الطفل العربي / 198-200    

([140] )   ينظر لذلك ص 76

([141] ) جريدة الخليج ع 8387 23 صفر 1423هـ ، 6 مايو 2002م تحت عنوان التربية الدينية وأفلام رامبو : د. يحيى هاشم ، وحسن فرغل ص 28.

([142] ) ثقافة الطفل العربي /242.

([143] )  نفسه / 204

([144] ) مجلة الفتح ع 16و17 عام 1422هـ ص 11 .

([145] ) قناة فضائية للأطفال تابعة لقناة الشرق الأوسط MBC تعرض رسوماً متحركة وهي مترجمة.  

([146] )   من شريط سمعبصري بعنوان توم وجيري

([147] ) مجلة الإمارات اليوم ع 343 سبتمبر 2000م التلفزيون والطفل علاقة غير متوازنة ص 78.

([148] ) مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والإنسانية م 2 ع3 شعبان 1426هـ /2005م د. نور الهدى لوشن التلفاز وأثره في الطفل ولغته / 128.

([149] ) الكمات التي تحتها خط هي الناقصة.

([150] ) الأب الثالث للأطفال / 55

([151] ) النمو النفسي الاجتماعي وتشكيل الهوية / 60

([152] ) مغامرات بوراتينو أو المفتاح الذهبي

([153] ) مجلة الفتح ع 14 و15 رمضان وشوال 1422هـ بعنوان نحن وثقافة أطفالنا إعداد فضل من الله ممتاز وإيمان جمعة ص 49.

([154] ) مجلة الأدب الإسلامي ع 40 عام 2004 بعنوان أين مسرح الطفل العربي : د.محمد أبو بكر حميد ص 31.

([155] ) ثقافة الطفل العربي / 243.

([156] )يدرس المسرح هنا وسيطا لنقل الفن الأدبي ، ثم يدرس فنا أدبيا مع الفنون الأدبية للأطفال

[157] ثقافة الطفل العربي/217-224

([158]) حوليات كلية الآداب – ع 18 الرسالة 124 س 1417هـ/1418هـ-1997/1998م بعنوان مسرح الطفل و أثره في تكوين القيم والاتجاهات. د. محمد مبارك الصوري ص 15

[159]) ) مجلة الأدب الإسلامي ع 40 عام 2004م : أين مسرح الطفل العربي ، د.محمد أبو بكر حميد ص 26

[160]) )  تدريس وتقييم مهارات القراءة/41

([161] )  محمد أبو بكر حميد ، أين مسرح الطفل العربي ، مجلة الأدب الإسلامي م10 ع40 عدد خاص عن أدب الأطفال س 1425 س 2004م ن ص  26

[162]) ) ثقافة الطفل العربي /295-297 ، وفن الكتابة للأطفال / 159

([163] ) صحافة الأطفال  /  32

([164] مجلة الفيصل ع 291 ومضان 1421هـ/نوفمبر و ديسمبر 2000م: مجلات الأطفال بين الواقع والمأمول: نشأت مصري ص 65.

([165] )  صحافة الأطفال / 96- 131، ومجلة الأذكياء ع 280 ، ت1 أكتوبر ، رمضان 1427هـ 2006م

([166] ) مجلات الأطفال الكويتية ص 58  ، وصحافة الأطفال / 86

[167] مجلة الأدب الإسلامي ع 40 س 2004 م(عدد خاص عن أدب الأطفال) : نحو منهج اسلامي لأدب الطفل، د. عبد القدوس أبو صالح/11

([168] ) ينظر مثلا الرحلة الثانية من رحلات سندباد ص 127

[169] أدب الأطفال عند محمد سعيد العريان/34

([170] ) رحلات سندباد ، الرحلة الثانية / 79، 117 ، 139 ...

([171] )مجلة الفيصل ع 291/1421/2000م مجلات الأطفال بين الواقع والمأمول نشأت المصري ص 66

([172] )مجلة براعم الإيمان ع نوفمبر 2000م

([173] )مجلة المعرفة س 42 ع 481 عام 2003م : الشعر في مجلة أسامة بيان الصغرى ص101-105

 ( [174])مجلة  المعرفة س42 ع 481 عام 2003م بعنوان في مجلة أسامة لبيان الصفدي   ص 107

([175])   نفسه   ص 107 - 108

[176])  المجلة نفسها ص 111

[177] ) مجلة فتيات المستقبل Space Toon

([178]  ) مجلة فتيات المستقبل ص 4-8

[179] مجلة فتيات المستقبل ص 11

([180] ) ينظر مثلا مسابقات ع 1477 في الأربعاء 13 يونيو 2007م ، والملحق كله للمسابقات ، ولا علاقة لها باللغة والأدب إلا أنها تنمي ملاحظة الطفل وتثقفه ثقافة عامة كالسؤال عن البلدان التي تحوي آثارا مصورة ...

[181] ينظر مثلاً ع 27 من مجلة و ع 1125

[182] ينظر مثلاً ع 315 من مجلة و ع 1915

[183] مجلة ماجد ع 1125  ص 17

([184] ) ينظر لسقوط بغداد على يد هولاكو في  البداية والنهاية 13 / 131-178

([185] ) مجلة ماجد ع 1155 أبريل 200م ص 77 ، ولمجلة ماجد موقع على شبكة المعلوماتية ( الإنترنت ) وهو www.majid.ae 

([186] ) صحافة الأطفال / 345

([187] ) تصدر عن دار الخليج للصحافة والطباعة في الشارقة . ينظر مثلا مجلة الأذكياء ع 280 أكتوبر رمضان 1427هـ 2006م ص 5-10

([188] ) صحافة الأطفال / 355-376

([189] )  فن الكتابة للأطفال 122-125

 [190])) أدب الأطفال – الهيتي  / 94

([191] ) مجلة تصدر عن المجلس الأعلى للطفولة والتنمية في القاهرة : ينظر : صحافة الأطفال / 37

[192] ينظر كتاب أدب الأطفال عند محمد سعيد العريان ص 73، 93، 97، 106، 108

وسوم: العدد 663