حلب مطلع القرن العشرين

الجزء الأول

هذا كتاب أصدرته خﻻل احتفالية حلب عاصمة الثقافة اﻹسﻻمية 2006 . وهو يغطي الربع اﻷول من القرن العشرين بمراحله الثﻻث : 

- 1900 - 1918 نهاية العهد العثماني .

- 1918 - 1920 فترة الحكومة الفيصلية

- 1920 - 1925 بداية اﻻحتﻻل الفرنسي 

ويتألف الكتاب من مقدمة مطولة وخمسة فصول تتناول الواقع السياسي والسكاني واﻻجتماعي واﻻقتصادي والثفافي .

وأعرض اﻵن للفصلين اﻷولين على أن أتابع البقية في نشر ﻻحق . 

1 - الواقع السياسي : وقد شهد اضمحﻻل الدولة العثمانية وخلع السلطان عبد الحميد ومجيء اﻻتحاديين اﻷتراك ودخول الحرب العالمية اﻷولى الى جانب المحور اﻷلماني . وما تبع هزيمة هذا المحور من تنفيذ اتفاقية "سايكس-بيكو" ووعد بلفور وتقسيم بﻻد الشام . وشهدت فترة الحكم الفيصلي قدوم لجنة "كينغ - كرين" اﻻمريكية واستطﻻعها آراء الشعب . وتم تجاهل توصياتها بضرورة استقﻻل البﻻد .وشهدت فترة اﻻحتﻻل الفرنسي قيام ثورة الشمال بقيادة الزعيم الوطني ابراهيم هنانو ، ومحاكمته الشهيرة بعد إخفاق الثورة .

2- الواقع السكاني : ويﻻحظ فيه التنوع الاثني والديني والمذهبي في إطار العيش المشترك والوحدة الوطنية . والتنوع اﻻثني يﻻحظ فيه وجود العرب والتركمان واﻷكراد والشركس والسريان واﻷرمن . وجاليات أجنبية . 

أما التوزع الديني فيمكن أخذ إحصائية 1908 مثاﻻ وفيها نجد سكان مدينة حلب : 

- المسلمون : 83976 

- المسيحيون : 19320بطوائفهم وعددها 11 

- اليهود : 9353

- اﻷجانب : 7459

وبذلك يكون مجمل السكان : 119811 نسمة .

ويﻻحظ من خﻻل استقراء التوزع السكاني على أحياء المدينة ان هذا التوزع كان متداخﻻ ، سواء داخل المدينة القديمة بأسوارها ، أم خارج تلك اﻷسوار .

ولنا عودة إلى بقية الموضوع .


الجزء الثاني

استكماﻻ للحديث عن حلب في الربع اﻷول من القرن العشرين . وبعد أن عرضنا للواقع السياسي والسكاني في الجزء اﻷول ، نعرض اليوم للواقع اﻻجتماعي ، واﻻقتصادي ، والثقافي

3 -الواقع اﻻجتماعي : ترد في أقوال بعض القناصل والرحالة عبارات مثل : 

" حلب أجمل مدن الشرق " اﻻنكليزي بوكوك .

" حلب أنظف مدينة في السلطنة العثمانية " الفرنسي فولني .

" حلب ملكة الشرق " الفرنسي لورانسز .

" حلب ..أخﻻق أهلها تمتاز بالسمو والنبل " الفرنسي ﻻمارتين .

ومن المعلوم أن منظمة اليونسكو قد صنفت حلب أقدم مدينة في العالم . وفيها كل وظائف العمران والحياة اﻻجتماعية والتعددية المتناسقة ، ويﻻحظ وجود أسر تحمل اسمها اﻷوربي وقد أصبحت جزءا من النسيج اﻻجتماعي الحلبي مثل : بوخه ، ماركوبولي ، توتل ، صوﻻ ، بيجوتو ....

وفي حلب أسست مريانا مراش أول صالون أدبي نسائي ، وذلك قبل أكثر من ستين سنة من صالون مي زيادة في القاهرة .

وفي المجال نفسه يمكن أن نذكر " مجلة المرأة " التي أصدرتها نديمة المنقاري .

4 - الواقع اﻻقتصادي : وتظهر جليا في هذا المجال تأثيرات فتح قناة السويس على تجارة حلب التي خسرت 90% من حجمها بسبب تحول طريق التجارة العالمي من بري يمر بحلب الى بحري عبر القناة . وأدى ذلك الى هجرة كثير من اﻷسر للتجار ورجال اﻷعمال ، وبخاصة الى مصر وايطاليا وفرنسا وبريطانيا والهند .

وتلقت حلب ضربة اقتصادية أخرى بعد الحرب العالمية اﻷولى بتقلص وﻻيتها الكبرى وانتزاع مدن كيليكيا ، ثم خسارتها ميناءها الطبيعي اسكندرون  . 

ومع ذلك كله بقيت حلب مركز اﻻقتصاد السوري الحيوي والفعال . 

كانت العملة المتداولة في تلك الفترة موزعة بين الليرة الذهبية العثمانية وتساوي 100 قرش . واﻻنكليزية 110 قروش . والفرنسية والروسية 87 قرشا . مع استعمال اجزاء الليرة : المجيدي والبرغود والبارة . ثم كانت العملة الورقية السورية المرتبطة بالفرنك الفرنسي .

- وفي مجال التجارة يﻻحظ وجود شبكة اﻷسواق التي ﻻمثيل لها في العالم ، والخانات . كما تﻻحظ المهارة التجارية لدى الحلبي داخل مدينته وخارجها . وكانت ابرز صادرات حلب : القطن والصوف والحبوب بأنواعها والصابون والفستق وزيت الزيتون والمصنوعات الخشبية والنحاسية والمصوغات الذهبية والفضية ..

ومن الطبيعي ان ترتبط الحركة التجارية بالمنتجات الزراعية ، وبالصناعات المحلية من نسيج وجلود وخشبيات ومعادن وخيوط .

وكمثال رقمي على حجم التجارة في حلب عام 1907 : 

الواردات للخزينة : 5106880 قرشا 

النفقات : 3123038 

وبذلك يكون الوفر : 1983842 قرشا 

ومن المعلوم ان حلب شهدت افتتاح اول فرع للبنك العثماني بعد استانبول . وشهدت تأسيس أول غرفة تجارة في المدن العربية .

5 - الواقع الثقافي : ويشمل الجانبين التعليمي واﻻعﻻمي  .

- ففي المجال التعليمي خﻻل الربع اﻷول من القرن العشرين نﻻحظ وجود 189 مؤسسة تعليمية مختلفة موزعة كما يلي : 

- 65 من الكتاتيب

- 10 مدارس دينية أشهرها الخسروية 

- 60 من المدارس الرسمية للبنين وسميت اﻷميرية 

- 32 مدرسة رسمية للبنات 

- 17 مدرسة خاصة مسيحية 

- 10 مدارس خاصة يهودية 

وﻻ ريب أن أبرز تلك المدارس جميعا المكتب اﻹعدادي الملكي المعروف اليوم باسم ثانوية المأمون .

- وفي المجال اﻹعﻻمي نكتفي بذكر بعض اﻷرقام للصحف والمجﻻت والمطابع .

شهد الربع اﻷول من القرن العشرين إصدار 66 صحيفة ومجلة توقف بعضها واستمر بعضها اﻵخر وهي موزعة كما يلي : 

- نهاية العهد العثماني 29

- العهد الفيصلي 12

- اﻻحتﻻل الفرنسي 25

كما اصدر الحلبيون 12 جريدة في الخارج موزعة على القاهرة واستانبول ولندن وباريس .

وشهدت تلك الفترة تأسيس 21 مطبعة 

ومن جهة أخرى كان في حلب في تلك المرحلة 12 مكتبة عامة و9 مكتبات خاصة و4 مكتبات للطوائف المسيحية . 

وشهدت تلك الفترة تأسيس 14 جمعية استمرت منها حتى اليوم جمعية العاديات التي تأسست يوم 2 آب 1924 بمسعى من الشيخ كامل الغزي واﻷب جبرائيل رباط .

وﻻ بد أن نشير إلى أبرز المفكرين واﻷدباء ودعاة اﻹصﻻح الذين عرفتهم تلك المرحلة : 

- المفكر اﻹصﻻحي عبد الرحمن الكواكبي في كتابيه : طبائع اﻻستبداد وأم القرى .

- الشيخ بشير الغزي والشيخ كامل الغزي 

- أبناء المراش فرنسيس وعبدالله ومريانا 

- ميخائيل الصقال وقسطاكي حمصي

- عبد الحميد الجابري . 

ويبقى الحديث عن حلب يبدأ وﻻ ينتهي .

وسوم: العدد 665