رسائل إلى الأسرة المسلمة..

السيد إبراهيم أحمد

السيد إبراهيم أحمد

[email protected]

في كتاب تتجاوز صفحاته المئة صفحة بقليل، وجه الأستاذ أحمد محمد أحمد مليجي عددًا من الرسائل الهامة إلى الأسرة المسلمة تحت عنوان: "إليكِ أيتها الأسرة المسلمة"، وكاف الخطاب دلالة من الكاتب على قرب المسافة والحميمية بينه وبين تلك الأسرة، والخوف عليها، حتى بات يرسم لها الطريق مسترشدًا بكتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ومزيج قوي من علومٍ شتى إسلامية وعصرية تدل على سعة اطلاع الكاتب، ودأبه في الإلمام بأطراف مادته العلمية، كما تدل صياغة الكتاب على ولوع الكاتب بعربيته كلغة وثقافة وانتماء وحب.

 وكما قلت فهيَّ رسائل لأنها لم تكن فصولًا يضمها أبواب؛ فالكلام مفتوح بين الكاتب والأسرة الذي لم يشأ أن يشغل قارئه بالهوامش والإحالات، وبالتالي لم يكن هناك ضرورة للصفحة قبل الأخيرة تلك التي تثبث أهم المراجع، وأما الصفحة الأخيرة وهيَ الفهرس فقد أغفلها الناشر، وهيَّ من الأهمية بمكان ولهذا فإني أوصي على ضرورة وجودها في الطبعة التالية.

 استهل الكاتب كتابه بالحديث عن مكانة المرأة في الإسلام، ومن خلال تلك الرسالة تناول مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة المطهرة ثم ختم بواجباتها في الإسلام مستشهدًا بقصة الراحلة السيدة بنان العطار ابنة شيخنا الجليل على الطنطاوي، ثم تعرض في رسالة تالية للحديث عن الزواج في الإسلام، ولم يشأ أن يتركها دون أن يتناول موضوعات تتعلق بالزواج وتلتصق به التصاقًا وثيقًا، مثل: الجماع، والحيض، وتعدد الزوجات، وتحريم الإجهاض، مستندًا في ذلك كله إلى الآيات الكريمات من كتاب الله تعالى، والأحاديث الشريفة، ومعلومات تتصل بالطب والأرقام ليدلل على صحة ما انتهى إليه الإسلام من آداب وتعاليم ونواهي كلها تصب في صالح الأسرة، ثم تحدث عن الزواج المثالي في رسالة أخرى، أردفها بالحديث عن عدة رسائل يربطها رابط واحد وهيَ:العدل وتعدد الزوجات، الترابط الأسري، دورالآباء في تربية أبنائهم، دور الأم في بناء الأسرة المسلمة، الوقاية خير من العلاج، وبالرغم من تناوله موضوع التعدد ضمن الزواج، آثر أن يفرد له رسالة وحده لأهميته، وتوضيحه، وللذب عن دين الإسلام أمام منتقديه.

 ثم في عدة رسائل أخرى تحمل عناوين طويلة لا تترك لقارئها مساحة كبيرة من التخمين تأتي الرسائل الباقيات وهيَ تعزف على موضوعات اجتماعية لصيقة بالواقع والأسرة، وهيً: المرأة العاملة والضغوط الأسرية، المشكلات الأسرية وتأثيرها على الأبناء، رمضان وفرصة العودة إلى الحق، الارتياح النفسي الكبير محفز كبير على الانتاج في العمل، تقوى الله توفر للإنسان السعادة الحقيقية، الإعاقة والإنجازات، دعوة إلى التسامح، النفس البشرية ودوافعها، سلوكيات منبوذة، كيف يتحول الأشقاء في لحظة إلى أعداء؟

 غطى الكاتب ببراعة موضوعات كبيرة من حيث الأهمية، كثيرة من حيث العدد، متنوعة من حيث التناول. فكما تكلم عن العلاقات الإنسانية المتشابكة بين الرجل والمرأة، وبين الأب والأم وعلاقتهما بأبنائهما، ثم علاقة الأسرة ككل بالمجتمع، ثم تحولات العلاقة بين الأشقاء، لم يشأ أن يغادرنا دون أن يتناول موضوعًا شائكًا حول عقوق الوالدين ومردوده من خلال عنوان غير مباشر "كما تديم تدان"، وإلى هنا كان يجب أن ينتهي الكتاب، لكن الكاتب أضاف رسالتين بموضوعين مختلفين، نقلنا فيهما من الخاص إلى العام أي من الأسرة الصغيرة إلى الأسرة الكبيرة، وهما العالم، والمجتمع المسلم من خلال عنوانين بسؤاليْن: الأول: هل استفاد العالم من الأزمة الإقتصادية؟، وثانيهما: أين نحن من التقدم التكنولوجي؟

 كتاب شيق، خاطب فيه صاحبه الأسرة المسلمة بخطابٍ سهل، شيق، مفيد تستوعبه، وتسترشد به، وتتأمل فيه، وتعمل به وبما فيه، وهذا هو المقصود الأكبر، والغاية المثلى من إصداره.