التشكيلية شريهان بكلرو: لا توجد قاعدة ثابتة لفهم اللوحة التشكيلية … ولا إبداع بلا فطرة

تفضل بكلرو العزلة أثناء الرسم

clip_image004_ca3b4.jpg

اتسمت في مرحلة الطفولة بطابع الخجل والميل للانعزال إلا أنها كانت مقبلة على الحياة بشغف وتفاؤل، وشكل حبها للرسم وولعها بالفن دافعًا لتلتحق بإحدى مراكز الفنون لصقل موهبتها أكاديميًا، ومع بروز نزير الحرب وما آل إليه الحال في سوريا، كان خيار النزوح إلى تركيا لا مفر منه لها ولأسرتها، وبعد مكوثهم بضع سنين هناك، تنتهي بهم المطاف بألمانيا، إنها الفنانة التشكيلية الكُردية شريهان بكلرو ابنة مدينة السلام والجمال والزيتون، مدينة عفرين بريف حلب ـ سوريا.

درست فن الرسم والنحت في مركز تشرين للفنون الجميلة إلى جانب دراستها الجامعية في قسم الفلسفة بكلية الآداب بحلب، وشاركت في العديد من المعارض الجماعية منها: – معارض جماعية مع الطلاب في صالة تشرين بحلب بتواريخ 2009-2010-2011 – معرض جماعي مع نخبة من الفنانين التشكيلين في مدينة فيليش بألمانيا 2017 – معرض جماعي في مدينة كريفلد بألمانيا 2017 – معرض مشترك مع الفنان سلام أحمد في المكتبة الرئيسية بمدينة كارلستاد في السويد 2018 ـ معرض فردي في Galleri 2 في مدينة سفلا في السويد، ب 27 أكتوبر 2018

وكان لنا هذا اللقاء معها ….

لا ترى التشكيلية شريهان بكلرو للموهبة أي بداية، وما سلكت درب الفن إلا لإرضاء الذات: لا توجد للموهبة بداية مطلقة أو نقطة الانطلاق فهي تولد في داخلنا بعامل فطري ثم تترجم رويدا رويدا إلى واقع ملموس من خلال مزيج عفوي رائع بين المشاعر والريشة لتكتمل اللوحة بأبهى صورة كما ترتضيها خلجات الروح، فمنذ نعومة أظافري كنت أقلد أخي الأكبر في رسمه وكان حافزي أن أكون الأفضل وعندما بدأ أهلي وأصدقائي يلتمسون تلك السحنة الفريدة في رسمي كانت نظرات أعجابهم كافية لأقدم المزيد وكل ما هو بوسعي وخاصة أنني كنت فتاة خجولة، فما كنت أتفرد به بيني وبين ذاتي كنت أوصله للآخرين بشكل غير مباشر. والذي استهواني حقًا في هذا الفن هو إرضاء ذاتي وجعل الآخرين يتذوقون معي انعكاس الواقع من خلال ريشة فنان وإحساس إنسان بسيط.

تؤكد على ضرورة توفر الشرطين لبلوغ الإبداع: الموهبة تولد بالفطرة ولا إبداع بلا فطرة ولكن عندما نمتلك الفطرة فنحن بحاجة للتوجيه تلك الفطرة وتنميتها وكسب خبرات تؤدي بنا إلى بلوغ مرحلة الإبداع فكلاهما الفطرة واكتساب الخبرة شرطا الإبداع.

تنوي الرسم عندما تريد أن تعبر عن أعماقها ومشاعرها: أنوي الرسم عندما تشعر ذاتي بالحاجة إلى التعبير عن انفعالاتها وأن أترك العنان لها لتتصور على شكل ألوان فتلك الألوان هي تعابير صادقة عنها وهي لسان حالها المرئي، فحين أشاهدها تجسدت على قطعة قماش أشعر براحة مميزة بين خلجات نفسي وقد تتغير حقًا وفقًا للحالة وتقلباتها بين اللحظة والأخرى.

أفكار لوحاتها هي من تجاربها، لذا تراها أصدق التعبير: التجربة الذاتية هي موضوعات لوحاتي ففي كل مرحلة من مراحل حياتي نصيب من رسمي وتوصيف الحال الذاتية هي خير تعبير وصادق عن الشعور فعلى سبيل المثال :(عندما كنت حامل بابنتي “إليانا” شعرت بإحساس الأمومة وتلك العواطف الجياشة التي كانت تنتابني حينها كأم فما كان مني إلا أن أتناول ريشتي وأن أجسد صورة المرأة الأم التي هي رمز العطاء وهي في حالة التأمل وما تعنيه من تجدد وبداية الوجود).

لا مدة محددة لإنهاء اللوحة لديها: بالنسبة للمدة فلا إطار زمني للوحة فكل لوحة أبدأها، أمنحها حقها من الانفعالات والعاطفة حتى تبلغ مرحلة الكمال بالنسبة لي.

ومن طقوسها أثناء الرسم: أفضل العزلة أثناء الرسم، وقليلًا من الموسيقى الهادئة حتى أتمكن من بلوغ مرحلة النشوة التي تزيح عني أعباء الحياة وتتركني لأصل إلى قمة التعبير عن الحالة المعنية.

لا ترى بوجود قاعدة ثابتة لفهم لوحة: إن تذوق الجمال يختلف من شخص لآخر وعندما أرسم لا أضع في حسابي المتلقي أو المشاهد للوحتي بقدر ما أشعر أنا بذاتي بالرضى عن عملي الفني، والعلاقة بين التعبير والتجريد علاقة طردية وقد يختلف الإحساس باللوحة الفنية من شخص لآخر بحسب الحالة النفسية للمشاهد، لذا برأيي لا توجد قاعدة ثابتة لفهم اللوحة التشكيلية، لذلك أصب جل اهتمامي بالألوان التي تعبر عن انفعالاتي والتي قد تكون أقرب إلى أحاسيسي وبالتالي لإحساس المشاهد للوحة بما أنها نابعة من عفوية وصدق المشاعر.

صقلت موهبتها أكاديميًا بعدة المراحل: كانت بدايتي مع قلم الرصاص في رسم الطبيعة الصامتة ثم توجهت بعد دخولي إلى المعهد للفحم والزيتي فكان لي تجارب متنوعة في رسم الحارات الشعبية وكذلك في تجربة النسخ من خلال تقليد لوحات فنانين عالميين أمثال الفرنسي (هنري لوتريك) وغيره، أي أني تعلمت الرسم حسب الأصول الأكاديمية إلى أن بلغت مرحلتي التشكيلية الحالية التي أعتبرها أنها تنتمي إلي كـ شريهان.

تأثرها بالفنانين له شكل خاص من خلال: بالنسبة لي كنت أعجب بأعمال الفنانين العالميين الذين كانت لهم بصمات فنية خالدة، وبالنسبة للتأثري فله نوع خاص والذي كان يأخذ على شكل تكريم لشخصيات فنية أو أدبية أو ما إلى ذلك فكنت ارسم تلك الشخصيات لأعبر عن امتناني لها وتقديري لعطائها وكان من بين أولئك الفنانين الراحل (عمر حمدي) الذي رسمته ببورتريه تخليدًا لذكراه وأعماله الفنية الرائعة.

ترى الأستاذة شريهان بأن العلاقة بين الفلسفة والفن علاقة جدلية: نعم العلاقة بينهما هي علاقة جدلية صعبة التحديد والخوض فيها، تحتاج إلى دراسات متمعنة حتى لا نأتي بأحكام ونتائج غير دقيقة وهي كانت محض اهتمام معظم الفلاسفة والدارسين أمثال أفلاطون الذي اعتبر الفن وهمًا وقدم الفلسفة عليها انطلاقًا لأحكام الفلسفة التي تنطلق من العقل بعكس الفن الذي ينطلق من المشاعر والأحاسيس.

درست الفلسفة لتأثرها بعمتها: اختياري للفلسفة بدأ مع مرحلة نضوجي العقلي في مرحلة الثانوية حيث أنني تأثرت بمعلمتي التي كانت عمتي (أيتان بكلرو) حيث أنها منحتني من الوقت لأعجب بهذا القسم لأتوجه إليه فيما بعد.

عن الغربة في ألمانيا، لخصت بالتالي: تعتبر اللغة وفهم ثقافة المجتمع من أهم أسس الاندماج في أي مجتمع وانطلاقًا من ذلك أعمل بجد في تعلم اللغة الألمانية، وعلى الصعيد الفني انضممت إلى مجموعة من رسامين ألمان ومن مختلف الجنسيات في مرسم (Art Togather) حيث كانت تجربة نوعية بالنسبة لي لأمثل بلدي بين أولئك الفنانين وأن أستفيد من خبراتهم أيضًا وربما كانت بوابتي نحو إثبات الذات في الغربة.

الفنانة التشكيلية شريهان بكلرو لا تريد أن ترسم عن مدينتها (عفرين) إلا عن جمالها لا كما أراد لها الأشرار: عفرين بالنسبة لي هي منبع الجمال والبساطة ولا يمكن أن أتخيلها غير ذلك، فما يطغو عليها اليوم من سواد وشحوبة ورائحة الدماء لا يمت لها بأي صلة فـ عفرين ولدت جميلة ولن أتخيلها إلا جميلة كما أشجارها وبساتينها وطيبة أهلها. لذا سأرسمها كما يليق بها وليس كما أراد لها الأشرار.

الجدير بالذكر … إن مدينة عفرين ترزخ حاليًا تحت الاحتلال التركي

 من صحيفة صدى المستقبل الليبية، التي تصدر عن منظمة صدى المستقبل الإعلامية

clip_image006_c393a.jpg

clip_image008_4092b.jpg

clip_image010_38b1d.jpg

وسوم: العدد 809