ريشة البدوان .. وترنيمة الفنان (3)

عبور هادئ.. على ضفاف لوحته

" بيت لحم قلب العالم"

سامح عوده- فلسطين

أحد عشر ريشة، وألوان، وخيال فسيح، وبعض من عبق الأرض الطاهرة، اجتمعت معاً في ساحة المهد، ترسمُ للحب لوناً، وترنمُ ترانيمها على قماشٍ مصلوب على لوحة، فيها تفاصيلُ لحياة خلت، ونظرة تأملية لمستقبل نبتغيه..!! مستقبلٍ بات قريباً وان طال المسير، فسحة من أمل لعل الأمل الذي غاب آتٍ على عجل

 آتٍ مع ليلة الميلاد 

آتٍ مع دقات الساعات

آتٍ من ذاك السفح الحزين

آتٍ من تلك البقعة العطشى لسلام، فيها الصليب باكي .. والهلال حزين، تلك الثنائية التي لم تتحقق نبؤتها  بعد!!.

أحد عشر ريشة، التقت يجمعها الحب، يوحدها الهدف، يجمعها مخيلة مبدعة وجهت بوصلتها نحو فكرة راقية، ذات مضمون، تنقل بتفاصيل دقيقة شوق غفى على أهدب ليل حزين، تعيد الى المهد الحزين بسمة كبت على وجوه الرعاة الغائبين.

أحد عشر ريشة، التقت في ساحة المهد قبل نهاية العام تلون ما أبدعته المخيلة، وتحطُ في الزوايا الصغير ابداعاً فنياً يسمو بفكرة كعشبٍ طري ما تلبثُ أن تراه زرعاً، على صوت ترانيم منبعثٍ من خلف أسوار المهد، أو من ذاك المدى القريب تسابيح الائمة، وتهاليل الأذان، أظن أن الإيمان الساكن ذاك المكان لا يضاهيه إيمان،  كيف لا ومريم البتول تهزُ نخلتها الباكية ليتساقط رطبها نفحات إيمان  على وجوه المؤمنين الذين هلوا ملبين ومهللين داعين الله الخلاص، لأرض ملت طعم الدم .

أحد عشرَ ريشة، وبعض من ألوان داكنة، تلون قماشاً بالأحمر، لكن الأحمر هذه المرة ليس دماً، إنما حبٌ، لتراب لا يسكنه إلا الحب، أحمر ليس " لعيد العشاق " .. أحمر لأرض تعشقُ العشق عشقاً، فيها تسامح الأديان عنواناً عريضاً لا ينطفئ.

بيت لحم قلب العالم، عنوان اللوحة التي أراد لها الفنان الفلسطيني العالمي المبدع جمال بدوان أن يزاح الستار عنها مع الثانية الأولى من العام الجديد – العام 2014 – لتكون رسالة الفلسطينيين أن المدينة الفلسطينية " بيت لحم " هي قلب للعالم، وهي مهد التسامح بين الأديان، فيها الفلسطينيون يعيشون على تراب واحد لا تفرقهم العقائد.

الفنان المبدع جمال بدوان عمل بصمت عاماً كاملاً لم يبح بالفكرة إلى أن اكتملت فجاء من بلاد الثلج، ومعه فنانين من خمسة دول أخرى كي يخرجون إلى العالم عملاً فنياً مشترك، اجتمعت فيه " أحد عشر " ريشة، واختاروا ساحة المهد بالقرب من شجرة الميلاد مكاناً كي يكون بلاطه العتيق شاهداً على خطوات أقدامهم وريشهم المبدعة، تبلغ مساحة اللوحة - التي مول هذا العمل الفني الضخم رئيس دولة فلسطين – خمس عشرة متراً مربعاً .

بيت لحم قلب العالم، لوحة فنية غاية في الروعة، وفي تفاصيل اللوحة تخرج من رحم ساحة المهد حورية فلسطينية ترفع إلى الأعلى قلب أحمر، على يمينها مسجد عمر، وعلى يسارها كنيسة المهد، مشهد الصليب والهلال، والفلسطينيون يمشون من أسفلها، المهم في هذا العمل الذي شاركت فيه " أحد عشر " ريشة كلما تأملت مربعاً صغيراً وجدت تاريخ مدينة بيت لحم ماثلاً فيها، وكلما دققت أكثر زاد ذهولك أكثر، وأنت تفك الرمز تلو الرمز .

نحن الفلسطينيون أحوج شعوب الأرض إلى استثمار كافة المواهب وتوجيهها إلى درب التحرير الذي نريده، فالثورة التي انطلقت ببندقية ثائر، أكملها المناضلون بقلم كاتب وريشة فنان حالم، على اعتبار أن نضالنا مع الاحتلال يجب أن يوظف له كافة الإمكانيات والمواهب الموجودة دون استثناء أي منها.