الرسامة الفلسطينية رلى عبدو-حبيبي: رلى فلسطينية قصورها الألوان

dfgdszgdfg983.jpg

رلى عبدو/ حبيبي، رسامة تجريدية وتصويرية وخبيرة في التصميم الجرافيكي، انهت دراستها الثانوية في الكلية الارثوذكسية في مدينة حيفا سنة 1983، ثمّ أنهت دراسة مراقبة حسابات سنة 1985 وأيضًا دراسة فن التصميم الجرافيكي في جامعة حيفا عام 1987.

ولدت رلى ونشأت في مدينة حيفا لعائلة فلسطينية، وفي وقت مبكر من سنوات عمرها أظهرت رلى شغفًا وموهبة في الرسم تميز بالإلهام والخيال واختيار الألوان. إنسانة عاطفية تعطي البهجة والسعادة لمن حولها. تتسم بصفات الشخصية الهادئة التي تبحث عن الهروب من الفوضى والضجيج، حتّى تتمكّن من توسيع آفاقها وجعل خيالها الواسع يتجلّى في رسوماتها. تتميز لوحاتها بألوان جريئة وبارزة تتحد وتنسجم في تناغم سلس. تؤمن رلى وبشدة أن لوحاتها عبارة عن دمج بطريقتها الخاصة بين حياتها ومشاعرها وبين تاريخ شعبها. حيث تجمع خلفيتها الفريدة بين الشرق والغرب في مزيج رائع.

بعد عامين من زواجها، انتقلت رلى هي وعائلتها إلى مدينة الناصرة، حيث عاشوا لسنوات عديدة، وبعدها سكنت في امريكا عام 2003 في بلدة نوكسفيل في ولاية تينسي سعياً وراء العلم العالي لأبنائها: اميل وولاء وندى. ثلاثة أبناء بالغون، وتعتبر رلى أن أعظم عمل لها في حياتها هو تربيتهم ومشاهدتهم يكبرون ليصبحوا أشخاصًا ناجحين ومميّزين كما هم اليوم، وازدادت فرحتها بأحفادها: سلام جوليان، رمزي وجونا.

العمل في الصحيفة

عملت رلى في صحيفة "الاتحاد" الحيفاوية منذ سنة 1984 وحتى عام 1989 في قسم المونتاج. بعد فترة صغيرة وبسبب تطوّر أعمال مطبعة الصحيفة، صارت المطبعة تطبع صحفا أخرى، ومجلات وكتبا وغيرها. فأصبحت رلى المسؤولة عن القسم التجاري إضافة إلى عملها في المونتاج الفني.

لوحة راقصة الباليه

رلى: هذه اللوحة تشير الى أن الوقت يمضي قدما بدون إذن. يمكن للمدن القديمة ويمكن للمشاهد أن يرى بسهولة في لوحة "راقصة الباليه Ballerina" الملمس الغني للتاريخ في قالب المباني، وأن أقول للمتلقي أمام هذه اللوحة: لا تنخدع يا عزيزي، فقد مضى الوقت وظهرت الفتيات الجريئات اللواتي يرقصن بطريقة فنية، ويطالبن بأن تتحرر ارواحهن. ذات مرة لم تكن فتاة صغيرة تحلم ابدا بان تكون راقصة بالية ولا بامتلاك مدرسة لتعليم الفتيات رقص الباليه. وذلك حتى اليوم الذي تجرأت فيه فتاة ووقفت منتصبة القامة وكسرت المعتاد، نظرت الى وجهها بابتسامة وتمنيت ان أكون بشجاعتها ومكانها. لوحة راقصة البالية كرست لها ولكل الصبايا الشجاعات اللواتي يكسرن الاسقف الزجاجية كل يوم لمستقبل أفضل.

كل الرسامين يلفتون نظري

رلى: أنا أرى أن كلّ رسام مبدع يكون ذوقه حلوا في كل شيء في الحياة. فكل الرسامين على الاطلاق يلفتون نظري. عالميًا بيكاسو. دافينشي، فان جوخ، مونيه مايكل انجلو ومحلياً سليمان منصور، عبد عابدي، جهينة قندلفت/ حبيبي وغيرهم الكثيرون.

الناصرة والجذور

رلى: لوحة "الناصرة قصة وطن" هي بالنسبة لي هي حكاية وطن. في اللوحة أبحث في الاسمنت والمباني التي هي من صنع البشر الذين هم الجذور والأوعية الدموية للأرض. فأنا جذوري مترسخة في كل رسوماتي. حتى فرشاة الفنان كانت ذات يوم جزءًا من شجرة تتغذى من الجذور. في لوحتي "الناصرة" قلبي ينبض في كل شبر منها. تبرز اللوحة المباني القديمة، منازل شعبي واهلي، كنيسة البشارة، بالقرب من المنزل الذي نشأت فيه عائلتي وربيت أطفالي. هناك الكثير من الطبقات في قلبي منها أصداء خطى رجل سلام سار ذات مرة في تلك الشوارع، ضحك اطفالي في الطريق الى المدرسة، صوت أجراس الكنيسة في يوم زفاف ابني. قصة شعب لا يزال يسمي الناصرة وطنه.

الألوان التي لا يحبها الناس

رلى: للألوان معانٍ مختلفة في فن الرسم، والألوان لغة تعبيريّة، يستطيع الفنان من خلالها إيصال أفكاره ومشاعره وأحاسيسه وحالته النفسية والظروف التي يمرّ بها. أنا أحب استعمال الالوان الزيتية. ارسم على القماش، وعلى الحرير وعلى الخشب، كذلك اتقنت الرسم بالاكريليك وغيرها من خلط المواد المختلفة بنفس اللوحة. أحب من الألوان الأحمر والأزرق والأصفر، فالمزج بين الالوان المختلفة وتجانسها لفتت نظري من صغري. كنت استغرب عندما أسمع أحدهم يقول بأن هناك ألوانا لا تندمج مع ألوان أخرى، وأجيبهم، أنظروا إلى الطبيعة وجمالها. فلا يوجد لون لا يندمج بالآخر. وبدأت أرسم بالألوان التي لا يحبها الناس وأخذت أدمجها معا، فألواني الباردة ترمز إلى الزرع والبساتين الخضراء والبحار والسماء، الألوان النارية ترمز إلى النشاط والإثارة كلون الشمس والنار. فالألوان تداعب الرسام وتجعله يشع بالدفء، والسعادة والثقة والمسؤولية.

أخاف قسوة الحياة

تقول رلى بعاطفة شديدة: أحب الحق وأكره الظلم. أحب الصدق وأمقت الكذب على اشكاله. أحب الجمال بكل ألوانه الطبيعية. أحب الناس كما أحب الوحدة أقعد مع ذاتي. أخاف من قسوة الدنيا، وشعاري "الدنيا قاسية كفاية، ولا حاجة بنا ان نقسى على بعضنا البعض"، وأنا عندما لا أرسم، أمارس التصميم وخياطة ملابسي لأن لي ذوق خاص بملابسي الشخصية غير المتوفّرة في الأسواق. منذ نعومة اظفاري عشقت الرسم، لكنني وجدت طريقي الفني في فترة شبابي المتقدّمة. وبعد عقدين من الرسم الزيتي، بدأت آخذ دروسًا بالرسم التجريدي في جامعة تينسي الأمريكية.

خبيرة في التجميل

تبتسم رلى قائلة: أحب الجمال في كل شيء، وبما ان المرأة تحرص على أن تبدو جميلة الجميلات، الأمر الذي يجعلها شخصية جذابة ويعطيها الثقة بالنفس، فقد رأيت بأن هذا المجال يستطيع أن يقوم به الفنّان المتذوق للجمال، فعملت به وأصبحت من أبرز خبيرات التجميل في منطقتي، فأنا خبيرة تجميل ومديرة قسم سابقًا لمستحضرات التجميل والعطور في متجر ديلارد.

الحب الفلسطيني

عن لوحة "الحب الفلسطيني" تقول رلى: القلب الفلسطيني قلب مكسور نصفه مفعم بالحب والنور. والنصف الآخر ينزف ويتألم.

هذه اللوحة تتلون بلون الربيع والتجديد والنهضة والحنين إلى الماضي والغموض والعمق البصري. أحب الالوان واتقن دمجها معا بجدارة.

فلسطينية/ أمريكية

دائما عندما أتحدث إلى رلى، يطول حديثنا ويتشعّب، ودائمًا أتذكّر خلال حديثي معها القصيدة التي مطلعها "رلى عربٌ قصورهمُ الخيامُ"، وأنا أقول: "رلى فلسطينية قصورها الألوان".

تعتقد رلى أن بإمكانها رسم حياتها على القماش بلون دافئ وإيجابي يدل على روحٍ رائدة وقيادية، ويمكنها مزج لونها ومشاعرها وروحها بطريقتها الخاصة. تعرّف بأنها فلسطينية/ أمريكية، ولم تفقد الأمل في تحقيق السلام في شرقها الحبيب. تجمع خلفيتها الفريدة بين الشرق والغرب في مزيج رائع. رسوماتها تجسد حالاتها النفسية، وغالبًا ما تتجلى أنواع شخصيتها في لوحاتها ويستطيع من يرى لوحاتها أن يرى رلى نفسها، حتى الالوان التي تستعملها هي خير دليل على حالتها. ومنذ فترة، لفتت لوحاتها نظر الصحافة والاعلام الأمريكي، وقد قامت بالتبرع بلوحاتها لمنظمات مختلفة على مر السنين مثل جمعية سرطان الدم والأورام اللمفاوية والنادي العربي الأمريكي وغيرها من الجمعيات الخيرية.

وسوم: العدد 983