وجوه وقصص مضت

وجوه وقصص مضت

قبل تكمل مشوارها الفني !!!

سليمان عبد الله حمد

[email protected]

نسلط الضوء على أولئك الأشخاص الذين وضعوا أسماءهم في سجل مشرف نتحدث عنهم الاجيال جيلاً بعد جيل ... يفخرون بما قدموه للوطن ونسعد نحن بتسجيل تلك البصمة !!!

لم تعرف أحلام مصطفى العقاد حدودا, ولم تولد كبيرة لتضمحل وتنزوي في ركن ما من الذاكرة. أحلام العقاد كان يولدها الواقع العربي الذي كان يدفعه إلى مواصلة كفاحه في الغرب لإزالة الغبار عن صورة العرب والمسلمين.

الحديث عن مصرع العقاد عكسته مراسم تشييع الإبداع في سوريا والأردن، فدموع ذويه وبكاء محبيه لونت صورته السينمائية التي بعثرتها شظايا الانفجارات وخلفت تساؤلات حانقة جوهرها لماذا يودع العباقرة بمشاهد مأساوية؟ ولماذا لا نتذكر عظماءنا إلا وهم أموات؟

مسيرة العقاد من سوريا إلى الولايات المتحدة ومن هوليود إلى الأردن ومنها إلى مثواه في حلب أكبر وأطول من أن يحتضنها تقرير إخباري, لكن من حقه علينا أن نسرد للعالم حكايته مع الطموح والغربة والشهرة والموت.

العقاد عاش أميركيا بحلم عربي !!!  صدى حلم قديم !!!

ولد مصطفى العقاد في مدينة حلب بسوريا عام 1935 وتلقى تعليمه الابتدائي والثانوي فيها, ومنها سافر إلى الولايات المتحدة لدراسة الفنون المسرحية في جامعة كاليفورنيا عام 1954, وتخرج منها عام 1958.

رسم تراث مدينة حلب وقلعتها القديمة صدى حلم قديم ظل حيا في ذاكرة العقاد. وكبر حب العقاد للسينما بعد أن كان جاره في حلب الذي كان يعمل مشغلا لآلة العرض السينمائي في إحدى دور السينما, يريه كيفية عرض الأفلام وكيفية قص المشاهد الممنوعة.

عندما بلغ العقاد الـ18 قرر أن يصبح مخرجا سينمائيا مشهورا يقدم أفلامه للعالم من هوليود. في ذلك الحين ضحك كل من يعرف العقاد من أهالي حلب على هذا الحلم وقالوا له "احلم على قدك", ونصحوه بالذهاب إلى دمشق أو القاهرة لدراسة الإخراج, غير أن العقاد الشاب كان مصرا على هوليود.

ومن عاصمة السينما العالمية أنتج وأخرج فيلم الرسالة عام 1976 بنسختين عربية بطلاها عبد الله غيث ومنى واصف وإنجليزية كان نجماها أنتوني كوين وإيرين باباس. وقد كسر فيلم الرسالة (The Message) بقيمته الفكرية حاجز تغييب الدين الإسلامي في الذاكرة الغربية، وكان بانوراما سينمائية تحكي للعالم قصة الرجل الذي أصبح أمة.

أنتج  العقاد الرسالة بتحفة ثانية أسماها "أسد الصحراء" عام 1981. ويسرد فيلم (The Lion of the Desert) الناطق باللغة الإنجليزية قصة نضال الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي. وكان الفيلم الذي جسد السيرة النضالية للبطل عمر المختار تحفة سينمائية تعاون في نقشها مع الزعيم الليبي معمر القذافي الذي كان يؤمن بأن "السينما سلاح أقوى من الدبابات". ويؤكد العقاد أن القذافي مول فيلمي الرسالة وعمر المختار.

وبالإضافة إلى هاتين التحفتين أخرج العقاد وأنتج ثمانية أجزاء من سلسلة افلام الرعب "هالوين" (Haloween) الذي استمر في إنتاجها وإخراجها منذ عام 1978 حتى عام 2002. كما قدم "موعد مع الخوف" (Appointment with Fear) عام 1985 و"جولة حرة" (Free Ride) عام 1986.http://www.aljazeera.net/News/KEngine/imgs/top-page.gif

 

 
 

أميركي بحلم عربي

عاش العقاد أميركيا بحلم عربي ومثلت تجربته السينمائية قدرة فذة ومتجددة عكست الرؤى العربية التي غيبتها العتمة. لقد نقل العقاد في "الرسالة" تاريخ السيرة النبوية المضيء بعد أن حصل على موافقة المرجعيات الدينية كالأزهر والحوزة في النجف الأشرف.

كان العقاد معجبا بالتاريخ العربي وأبطاله، ورغم حياته في الغرب فإن هواه ظل عربيا، وطالما تمنى أن يجسد بصورة البانوراما الكبيرة ملحمة الحروب الصليبية مجسدة في شخص القائد صلاح الدين الأيوبي. كما حلم بصناعة فيلم عن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن, يكشف من خلاله التعريفات المتضاربة التي رافقته.

المفارقة أن العقاد قتل بسلاح يعتقد أنه لتنظيم القاعدة وشاء القدر أن يكون موجودا في الأردن للقاء ابنته ريم التي جاءت من بيروت لحضور حفل زفاف في فندق غراند حياة, غير أن الموت القادم عبر فتيل المتفجرات غيب مبدعا أظهر للعالم بأس حمزة بن عبد المطلب وأسطورة سيف الإمام علي بن أبي طالب وصلابة أسد الصحراء عمر المختار.

رحم الله مصطفى العقاد وستبقى ذكراه عطره بإبداعاته كمخرج سينمائي عالمي ترك بصماته في مجال الإخراج السينمائي وكذلك لأعماله المضيئة في الدفاع عبر الإنتاج والإخراج السينمائي من أجل الدفاع عن حضارتنا وقضايانا   !!!

القصد من وراء هذا الطرح والسرد هو رسم الحروف من خلال الكلمات لوجوه وقصص مضت سطروا اسماءهم بحروف من ذهب على كف التاريخ الفني الحديث والمعاصر حتى يكونوا مثل يحتذي عبر الاجيال لما يعرف بعصر الحداثة ،  فهم مشعل من مشاعل التبشير الثقافي والاجتماعي والفني فهؤلاء تركوا لنا بصمات خالدات في ظل التاريخ الحديث !!! فهل يسعى الجيل الحديث للسير على خطى هؤلاء العمالقة ولو بالتشبه بهم  ؟؟!!!