الجبل وشموخه والحضارات الغريبة والقها

والتسلق على الصخر والجليد

في مهرجان أفلام الجبال

والمغامرات العالمي في النمسا

بدل رفو المزوري

[email protected]

النمسا\غراتس

 

من أروقة مهرجان السينما

اختتم في مدينة غراتس النمساوية المهرجان العالمي السينمائي لأفلام الجبال والمغامرات في دورته 24 عبر تاريخه، وذلك يوم السابع عشر من نوفمبر لعام 1012،استغرق المهرجان 5 أيام غدت فيها مدينة غراتس قبلة للممثلين البارزين في الرياضة الجبلية وكبار المتسلقين ومستكشفي الحضارات المنغمرة وتاريخها.

عرضت أفلام المهرجان في 5 صالات سينمائية ومنها صالة قلعة الجبل ودار سينما شوبارت ب 3 صالات، أما قاعة شتيفاني والمسماة بقاعة المؤتمرات فقد عرضت أحدث الأفلام، كذلك كان الافتتاح الرسمي في صالة المؤتمرات مع حضور ألمع النجوم والشخصيات الكبيرة مثل حضور المصور البولوني داريوش زالوسكي الذي طاف العالم في 5 سنوات من أجل التصوير في رحلة رائعة مما زاد المهرجان ألقا.

يرأس مهرجان أفلام الجبال والمغامرات متسلق الجبال العالمي (روبرت شاور) والذي يمنح المهرجان نكهة خاصة بتقديمه للأفلام قبل عرضها وكذلك بتقديمه لأبطال الأفلام لإعطاء فكرة عن أفلامهم.

ويشارك في المهرجان 106 فلما ضمن مسابقة افضل فلم لجائزة (كراند بريكس) والتي تعد جائزة المهرجان الكبيرة وقد كانت من نصيب فلم (ميسنير) وقد أشادت هيئة التحكيم بأن فلم ميسنير من أروع الأفلام تقنية وإبداعاً، كما كانت 5  كاميرات ألب ذهبية جوائز من نصيب أجمل خمس أفلام موزعة على الأقسام الخمس لأفلام المهرجان وجائزة المهرجان للتنظيم، وهذه الجوائز وزعت في ليلة التتويج تسمى بليلة المهرجان الطويلة احتضنتها صالة المؤتمرات وعرضت فيها الأفلام الفائزة لغاية الساعات الأولى من الصباح.

افتتح المهرجان عروضه في صالة قاعة الجبل بأفلام التزحلق على الجليد والمغامرات ومنها فلم يوم آخر في الجنة وأفلام قصيرة حول التسلق على الصخر والجليد، ولكن الافتتاح الرسمي كان في صالة المؤتمرات بعرض أحدث تطورات وتقنيات عالم السينما في مجال الرياضة الجبلية، وخلال أيام المهرجان قدم إلى المدينة الآلاف من متسلقي الجبال والفنانين والمخرجين العاملين في صناعة السينما والممثلين يحكون عن تجاربهم الشخصية في غراتس.

توزعت الأفلام المشاركة إلى 5 أقسام، القسم الأول يضم 19 فلماً حول الافلام الوثائقية للألب وهي بحد ذاتها أفلام حول الاستكشافات والرحلات ومزودة بوثائق تاريخية لسلسلة جبال الألب، القسم الثاني يضم 13 فلماً حول التسلق على الصخر والجليد وهي أفلام حول الأشكال المختلفة للتسلق والتي تعد رياضة مليئة بالحركة والقوة والجرأة وتعرض حركات بصورة خارقة والصراع مع الصخر والجليد، القسم الثالث يضم 22 فلماً حول الحضارات الغريبة والثقافات والعادات والتقاليد التي يتمتع بها أهل تلك الثقافات والغرض من عرض هذه الأفلام من اجل مشاهدة الحضارات القديمة الحية واكثر هذه الافلام كانت حول البدو وجبال الهملايا. القسم الرابع يضم 34 فلماً لأفلام المغامرات وتعرض شخصيات لهم قوة خارقة من أجل توثيق الطبيعة الحرة واما القسم الخامس والاخير يضم 17 فلماً حول افلام البيئة والطبيعة ومواضيع هذه الافلام تتلخص بالمحافظة على البيئة والطبيعة مثل فلم حرب النمل والخفافيش وافلام اخرى.

يعد مهرجان افلام الجبال السينمائي العالمي من المهرجانات الشيقة والمثيرة ومحل جذب اهتمام كل عشاق الجبل والمتسلقين حسب شهادات الكثير من ابطال العالم الذين التقيتهم على هامش المهرجان ومنهم مدرب المنتخب الباكستاني (نذير صابر) وهو أول باكستاي يصعد قمة ايفرست .

ضمت هيئة "لجنة" منح الجوائز في المهرجان 5 شخصيات عالمية محترفة لها تاريخ في صناعة السينما وأفلام الجبال من حيث التصوير والإخراج والعمل السينمائي وهم (تيري كيفورد ـ بريطانيا)،(كلاوس فايخن بيرغر ـ النمسا)،آلون هوكهيس ـ بريطانيا)،(روبرت ايكهارد ـ هولندا)،(كيترودى راينيش ـ النمسا).

أفلام كثيرة ومتنوعة ومثيرة تشد الأعصاب عرضت في المهرجان وجذبت الأنظار، وخصصت صالة كبيرة للصحفيين والممثلين والمدعوين جمعتهم لتبادل الأحاديث حول السينما والجبال.

 وبخصوص الأفلام التي شاهدتها خلال المهرجان تنوعت ما بين التزحلق على الجليد مثل يوم آخر في الجنة ويعد من أفلام المغامرات التي لم تخل من التشويق والجرأة في التزحلق على الثلج وهذا الفلم النمساوي استغرقت مدة عرضه 35 دقيقة وعلى الرغم من قصره  إلا انه كان مشوقا للجمهور.

فلم أميرات راجستان ـ نساء في الصحراء ـ للمخرج الألماني (بيتر فاينوت) ومدة عرض الفلم 44 دقيقة، يطرق المخرج الألماني أبواب قرية صغيرة في صحراء تار والتي تمثل الجزء الاكبر من اقليم راجستان والمشهور بالسياحة وقصور الملوك وقلاع المسلمين، وقد سمى فلمه باميرات راجستان نسبة الى دورهن الكبير في الصحراء والقرية وحياتهن اليومية وبعدها يعرض حياة السياحة في الصحراء، فلم نساء الصحراء  نموذج للحياة اليومية التي تعيشها المراة الهندية وكفاحها وصراعها مع الحياة من أجل قوت عائلتها وبعد انتهاء الفلم تحدث المخرج للجمهور عن المصاعب التي واجهته وفي جلسة خاصة على هامش المهرجان تحدث لي قائلا حين سألته عن سبب اختياره لمفردة أميرات فاجابني بان نساء راجستان بجمالهن وكبريائهن وصراعهن مع الصحراء وعملهن الشاق بجنب الرجل في مجالات الحياة اليومية تستحقن تسمية أميرات راجستان ودار الحديث بيننا حول إنجاز فلم حول أميرات كوردستان فاقنعته بالفكرة واستمرت السهرة.

ألتقي سنويا ببطل الجبال والمتسلق العالمي البولوني (الكساندر لفوف) على هامش المهرجان وفي هذه المرة تحدث لي قالاً: لقد تفوق هذا المهرجان على المهرجانات السابقة ويعد من أرقى المهرجانات الأوربية على الإطلاق من حيث التنظيم والأفلام المشاركة وحين سألته عن مدى استحقاق الأفلام المشاركة للجوائز وإن كانت جديرة بها أجاب: من الصعب القول بان الأفلام الفائزة هي بحق من أجود الأفلام فالتقييم يعود كذلك إلى مزاج وثقافة ونفسية هيئة التحكيم ولكني اقول بان المهرجان كان جائزة للجميع من حيث التنظيم وجودة الافلام.

الهملايا ـ امبراطورية فرس الريح:لاداك،مدة عرضة 43 دقيقة .

يعد هذا الفلم ضمن افلام الالب والحضارات الغريبة وهي رحلة عبر المصور السويسري (مانويل باور)المهتم بثقافة وحضارة التبت، ولاداك أرض في الهند وهي في تضاريسها وطقوسها تشبه الى حد كبير اجواء التبت ولهذا اتخذها التبتيون و(الدالاي لاما) وطنا بديلا عن التبت. رحلة المصور المتكررة إلى هذه البلاد والتعايش معهم في معابدهم وحضور طقوسهم الدينية والرحيل في طرق ضيقة على سواحل النهر زاد من جمالية الفلم الوثائقي ..عدسة المصور مانويل عبرت التلال والجبال وفي اغوار الجمال والطبيعة القاهرة الساحرة. سبق ان التقى بالزعيم الروحي للتبت (الدالاي لاما) ..رحلة المصور هي رحلة تصوير ووثائق عن الجمال والطبيعة وحركة الكاميرا وخفاياها كانت سببا لامتلاء صالة العرض بالزوار.

اما الفرنسي (اريك فالي) فقد حمل كاميرته للرحيل الى جبال الهملايا للبحث عن ذهبه عبر فلم الهملايا والبحث عن الذهب ومدة عرضه 52 دقيقة من الطبيعة القاهرة والذي يعد ضمن افلام الطبيعة والبيئة، وقصة الفلم تعرض الاعداد الهائلة بالالاف من الرجال والنساء والأطفال وكما يسمونهم في جبال الهملايا بالحجيج وبعد ذوبان الثلوج وعبر طرق وعرة والتواءات عرجة مليئة بالمخاطر وعلى ارتفاع 5 آلاف قدم وهم يبحثون عن عشب (ياراساكومبو) وهو عشب غريب ويبلغ سعر الكيلو 60 ألف دولار ويصور الفلم حياة الباحثين بصور دقيقة والأهم الاطفال كيف بوسعم استخراج هذا العشب من الارض،  وتتخلل الرحلة المصاعب وسوء الاحوال واما هذا العشب فقد كان عشب الأباطرة والأغنياء الان يبغون شراء هذا العشب لانه يقوي الرغبة الجنسية وكذلك يساعد على إطالة العمر وتنظيم دورات ضغط الدم وقد فاز هذا الفلم بجائزة المهرجان الكاميرة الذهبية عن افلام الطبيعة.

(ايرهارد لوريتان)بطل خالد في ضمير شعبة والجبل.

افلام تحبس الانفاس وابطال خارقون ضحوا بحياتهم من اجل ان يسجلوا تاريخا لبلدانهم وللانسانية، والجبال الساحرة ألهمت أبطال التسلق والتزحلق على الثلج ومنهم البطل السويسري الخارق الذي أبهر مشاهدي فلمه الوثائقي حول حياته(ايرهارد لوريتان)البطل الذي تسلق قمة جبل ايفرست في اقل من 40 ساعة وتسلق الكثير من الجبال العملاقة من دون الحاجة الى التنفس الاصطناعي وكانت الرحلة فقط بخيمته الصغيرة ولكن هذا البطل يودع الحياة في رحلة من دون عودة عن عمر ناهز 52 عاما ولم يبخل بحياته من اجل الجبل.

كازاخستان كانت حاضرة بقوة عبر فلم جميل تحت عنوان (ماركو كول ..بحيرة على سقف العالم) للمخرج الالماني (شتيفان كونريخ) وهو عين على طبيعة كازاخستان ويبحث عن الطبيعة الحرة في افلامه وعلى هامش المهرجان تحدث لي بانه صور افلامه في جمهوريات اسيا الوسطى  وهو يفكر بتصوير طبيعة كوردستان بعد احاديث متبادلة حول الطبيعة والتاريخ والسينما والشعوب.

فلم (ميسنير)يتناول فيه حياة اشهر متسلق جبال في العالم واكثرهم شهرة عبر التاريخ(راينهولد ميسنير) وقد تمكن من اجتياز حدود طفولته المبكرة  من أسوار عائلته والفلم يتناول بالوثائق الرحلات والاستكشافات التي قام بها ميسنير عبر حياته من تيرول الجنوبية إلى فرنسا وايفرست، وقد عرض الفلم قبل المهرجان في صالات النمسا واليوم يعرض ضمن افلام مهرجان الجبال ولقوة الفلم اختارت هيئة التحكيم بان يكون صاحب جائزة المهرجان الكبيرة وقد استعان المخرج الألماني بعائلة ميسنير للإدلاء بشهاداتهم حول أخيهم راينهولد ميسنير وفي أحاديث البطل ميسنير لم تفارقه نبرة الحزن الشديدة اثر موت اخيه في رحلة جبلية معه وعودته وحيدا، وهذا الفلم يعد سيرة لحياة ميسنير بالصوت والصورة  وهو يعرض صورة بطل نمساوي من زمننا هذا.

ايام وليال عاشتها مدينة غراتس النمساوية وهي تحتفي بمهرجان افلام الجبال السينمائي العالمي لعام 2012 فقد انعشت جمالية الأفلام بحرارتها جو المدينة البارد وتعد هذه الفرصة من أجمل أيام السنة للغراتسيين. تنوعت الافلام ورحلت الكاميرة لبلاد بعيدة وغريبة وكان الجبل وسحره حاضرا بقوة في مركز الثقل وابطال خارقون ضحوا بحياتهم وارادوا ان يصرعوا الجبل ولكن ظل الجبل وظلت حكاياتهم في افلام وثائقية ويظل المهرجان سنويا في مدينة الجبال غراتس.