لماذا تعجبنا الصور؟

لماذا تعجبنا الصور؟

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

لعلكم تعرفون قصة لوحة المونليزا للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، فمن كان الأجمل يا ترى اللوحة أم صاحبة اللوحة؟ سؤال يخطر على البال كلما شاهدت تلك اللوحة العجيبة التي أبدعها ذلك الفنان ومنح الألوان والظلال شيئا من روحه وإحساسه، فجاءت أعجوبة فنية فائقة التأثير.

كثيرة هي الاحتمالات التي تجعلك تقف متأملا وجها في صورة ما، وما هي تلك الأفكار التي ارتسمت على هذا الوجه لحظة التصوير وحجب ظلها لتثير تلك الملامح أشجانك وتفكيرك.

فإن رأيت غموضا تحاول معرفة أسبابه، وإن رأيت وضوحا وتلألأ يملأ فضاء اللوحة تحاول أن تعلل ذلك رابطا ما تعرفه بما تتوقعه، لتنتج صورة متخيلة أخرى تستقر بوعيك تاركا لعقلك الحبل على غاربه ليسرح في ملكوت التفسير والتأويل.

تتداعى الخواطر شتى في تأمل الأعمال الفنية الرائقة، والصور البديعة، واللوحات الفنية، تحس بجمالها، تحاول التفسير، تحاول أن تقتنع بشي ما، لكنك تعجز بالتأكيد أن توضح لنفسك ما تريده، وكأنه السحر، يفيض بعقلك وقلبك ووجدانك فيغمر أركانك بشي ما تحسه نورا يملأ جنبات النفس دون أن تستطيع وصفه، أليس ذلك هو السحر، فمن منا يستطيع أن يعلل السحر أو يفهمه.

والآن: فلنقارن، مع أنني لا أحب المقارنات بين الأشياء المختلفة، لأن لكل شيء ميزته وسحره، ولكن نحاول ذلك سريعا عقد مقارنة بين الطبيعة الخالدة واللوحة الفنية، فلعلنا نجد في اللوحة ما هو أبعد من الطبيعة الصامتة، فالعمل الفني الإبداعي لا يمكن أن يكون صامتا ولا بد أن يتميز عن الجمال الطبيعي بتلك الروح وذلك الإحساس المودعين فيها، لذلك كله:

فالإبداع والسحر والغموض والتأثير والحياة المستكنة في الصور والأعمال الفنية، لعل كل تلك الاحتمالات هي التي تجعلنا نحتفي بالصور فنعجب بها، ولا ننفك نستمتع بجمالها، فتعيش معنا ظلالها الساطعة كالنور إن غاب أشخاصها أو ابتعدوا عنا مكرهين لظروف وادعاءات لعلها غير واقعية.

ومع ذلك يبقى في الأمر سر لا أستطيع أن أفهمه، فهل سيفهمه الآخرون ويقدرونه لعلهم هم الأذكى مني والأوفر حظا في التأويل والتفسير وخلق الحقائق.