مسلسل "المسيح التلفزيوني"

مسلسل "المسيح التلفزيوني"

عصام عبد القادر غندور

رئيس الهيئة الشرعية

بيان الهيئة الشرعية

أصدرت الهيئة الشرعية في اللقاء الاسلامي الوحدوي بيانا حول ما أُثير من اعتراضات على بث المسلسل التلفزيوني "المسيح عليه السلام" من قبل الكنيسة المارونية في لبنان وهنا نص البيان:

بسم الله الرحمن الرحيم

"قُلْ هُوَ اللَّـهُ أَحَدٌ ?1? اللَّـهُ الصَّمَدُ ?2? لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ?3? وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ?4?" سورة الاخلاص

ثمة نقاط يجب توضيحها للآباء المحترمين ممن كان لهم اعتراض على مضمون السرد القصصي للمسلسل واعتباره مسيئا للسيد المسيح وللرسالة المسيحية السمحاء...

تمحور الاعتراض حول نقاط ثلاث هي:

1 ـ نكران أولوهية السيد المسيح عليه السلام وتسميته عبد الله

2 ـ ان السيد المسيح بشّر برسول يأتي بعده اسمه أحمد

3 ـ نكران صلب السيد المسيح وأن يهوذا هو الذي صُلب مكانه كما جاء في الاعتراض

واتهم الآباء الاجلاّء اعتماد المسلسل على انجيل برنابا الذي ترفضه الكنيسة دون الاناجيل الاربعة الاخرى المعترف بها كنسيًا.

نحن لا نريد ان نناقش الكنيسة فيما تعتقده من أولوهية السيد المسيح ولا في صلبه ولا في قيامته ولا في نكران البشارة بسيدنا محمد (ص) على لسان سيدنا المسيح عليه السلام، ولا في كون انجيل برنابا غير صحيح وغير مُعتمد، كل ذلك من خصوصيات الكنيسة ومسؤوليتها اعتقادا وتوجيها، ومن حقها لا بل من واجبها ان تدافع عن رسالتها وقيمها وعن ما تراه حقا.

وكنا نتمنى ان تترك الكنيسة للمسلمين حق الاعتقاد فيما يرونه حقيقة في سيرة أنبياء الله جميعا، والمستقاة من كتاب الله القرآن الكريم " لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ? تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ?42? سورة فصلتت، وما أحداث المسلسل التلفزيوني إلا ترجمة للسرد القرآني كمصدر أساسي لا شيء غيره.

لتعتقد الكنيسة بصوابية ما بين يديها، كما يعتقد المسلمون بصوابية ما عندهم، ولا نعلم الحكمة من اثارة هذا النقاش الذي مضى عليه أكثر من 1400 عام دون أن يبدّل في القناعات والمعتقدات. والمسلسل المشكو منه لا يمكن له لا اليوم ولا غدا ولا بعد ألف قرن أن يقول غير الذي بيّنه القرآن الكريم. وعندما يقول المسلمون بعبودية سيدنا المسيح لله سبحانه وتعالى فلأن القرآن الكريم أخبرهم بذلك "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّـهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ?30? وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ?31? وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ?32? وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ?33? ذَ?لِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ? قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ ?34?" سورة مريم.

وأما نكران المسلمين لصلب سيدنا المسيح فيقول القرآن الكريم "وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّـهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـ?كِن شُبِّهَ لَهُمْ ? وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ? مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ? وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا ?157? بَل رَّفَعَهُ اللَّـهُ إِلَيْهِ ? وَكَانَ اللَّـهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ?158? وأما نكران البشارة ببعث محمد (ص) فيقول سبحانه وتعالى" وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّـهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ? فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَـ?ذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ ?6?" سورة الصف.

وهذا غيض من فيض، والمسلمون قد يختلفون في كثير من الجزئيات والاجتهادات الفقهية، ولكنهم مجمعون على كتاب واحد هو القرآن الكريم، به يهتدون ويأتمرون ويسترشدون ويقول سيدي رسول الله "أشراف أمتي حملة القرآن وان هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم".وعندما يتحدث القرآن الكريم في محكم آياته عن أمر ما، يأخذه المسلمون على الامر والنهي والطاعة أخذا يقينياً نهائيا لا رجوع عنه. ولذلك يرون قصة سيدنا عيسى عليه السلام في مسلسل "المسيح" مستوحاة من السياق القرآني، ويرفضون بعنف أي خروج على النص القرآني زيادة أو نقصانا. ولا ننكر على غير المسلمين أن يروا الحقيقة في مكان آخر، فهذا شأنهم ولا نتدخل في عقائدهم كما لا نريد أن يغالطنا أحد في عقائدنا.

ونستغرب انعقاد المؤتمر الصحافي بعد الوقف الطوعي لبث المسلسل على محطتي المنار وNBN بناء لرغبة الاساقفة المحترمين ووجدنا فيه تجاوبا ورغبة في التواصل والحوار والعيش المشترك ونرى في المؤتمر الصحافي المشار إليه "لزوم ما لا يلزم" سيما وانه تطرّق الى العقائد وهو ما لا نجنده مع أي طائفة او مذهب.

وإذ ندعو الى طي هذا الموضوع نلتزم بقول الله تعالى "? وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ? وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـ?هُنَا وَإِلَـ?هُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ?46?" سورة العنكبوت.

صدق الله العظيم