استحضار ابن خلدون في الناصرة!!

*مسرح الفرنج ينطلق قريبا في أول مسرحية له*

أسامة مصري

[email protected]

*ألناصرة- "تفانين"- شرع مسرح "انسامبل- الفرينج"، في الناصرة، بإجراء التمارين على إنتاجه المسرحي الجديد، وهو عبارة عن كولاج مسرحي، يحمل عنوان "ابن خلدون".

ويقدم هذا العمل عددا من المشاهد المسرحية المعربة إلى اللغة العربية، عن مسرحيات أجنبية باتت معروفة في العالم وللقارئ العربي المهتم بالمسرح أيضا، هذه المشاهد تقدم صورا نقدية شديدة الإيحاء وساخرة في معظم مواقفها، ويربط بين مشاهدها المفكر العربي العريق صاحب كتاب "المقدمة" عبد الرحمن ابن خلدون.

"إن الناس ثلاثة… بشر… وأصناف بشر… ولا بشر…" بهذه الكلمات يفتتح المسرحية ابن خلدون، ويرافق أحداث المسرحية كشخصية يعود تاريخها إلى (630) سنة، امتازت بالكتابة عن أحوال البشر والقدرة على استعراض الآراء ونقدها، وما زالت كتاباته حتى يومنا حاضرة بفكرها الثوري المميز، ففي المسرحية يستحضر ابن خلدون، ليس كشخصية فحسب، وإنما كفكر له أهميته، ولديه القدرة للإشارة إلى حالات إنسانية وشخصيات من فترتنا الآنية من خلال نصوصه التي كتبت عن الإنسان وتاريخه… 

تتعدد مواضيع المسرحية الاجتماعية التي تتحرك داخل اللغة الكوميدية للمسرح، لتنقل للمشاهد واقع الحياة العصرية بكل ألوانها وأطيافها ، فتنتقد استهتار السلطة المحلية للمواطن من خلال مشهد "زيارة مراقب الدولة" المأخوذ عن مسرحية "نيقولاي غوغول"، التي تتسبب في "لخبطة" الأوراق داخل المجلس البلدي.

كما تتطرق إلى الجانب الاجتماعي في العلاقة الزوجية بين زوجين  يتحاوران حول فتور الحب واختفائه نتيجة لهموم الحياة اليومية، إضافة إلى العلاقة الأبوية بين الأجيال واختلاف المفاهيم بين الأب والابن الشاب والذي يتحدث مع أبيه بشكل صريح حول حياته كما يراها هو وليس كما يريدها الأب .

وفي مشهد جميل للكاتب "نيل سايمون"، يعكس اهتمام العائلة  بالقشور الخاصة والمظاهر الخارجية  باحتفال ابنتهم في قاعة فندق بلازا  والتي تكلفهم مبالغ طائلة، مع العلم إن ابنتهم لا تحب الشاب فتحبس نفسها داخل حمام الفندق رافضة الاستمرار في هذه  اللعبة.

لا يغفل الإعداد جانب الفرد العصامي الذي يصبح مليونيرا،  داخل المجتمع المادي، حيث يستذكر الشاب الدرس الذي تلقاه من أمه، حول أهمية النقود في حياتنا فمن خلالها تستطيع شراء كل شيء، ولا يغيّب  الإعداد العلاقة بين الاحتلال الإسرائيلي للشعب الفلسطيني من خلال مشهد كوميدي كتبه "حانوخ ليفين"، تعبيرا لرفضه لفكرة احتلال إسرائيل للشعب الفلسطيني، في حالة كوميدية ساخرة تتصرف فيها الشخصيات عكس ما هو متوقع منها، إذ يقوم  صاحب البيت الفلسطيني، باستقبال الجندي المكلف من قبل المقاول-  الجيش الإسرائيلي!- في هدم بيته، والذي يحب أن يؤدي مهمته بإتقان دون أضرار نفسية أو جسدية، سخرية الحالة تصل إلى قمتها حين يقوم الأب بمساعدة الجندي في تفجير بيته،  فنضحك حتى البكاء، الم يقل في الأمثال: "وشر البلية ما يضحك".

هذا العمل من إعداد وإخراج مدير المسرح الفنان هشام سليمان، وأعد نصوص "ابن خلدون" الكاتب الأديب ناجي ظاهر، فيما اعد المشاهد المسرحية وترجم بعضها الفنان الممثل المسرحي طارق قبطي. وفي حديث مع معد المسرحية ومخرجها هشام سليمان، قال: إن هذه هي المسرحية الأولى التي ينتجها مسرح "الفرينج" بعد تأسيسه في الفترة الأخيرة، موضحا انه تم اختيار نخبة من الفنانين المحليين الذين عرفوا بعطائهم المجزي في مجال التمثيل المسرحي وذكر أسماء هؤلاء وهم: شادي سرور، مروان عوكل، سناء لهب، حسن طه، ميساء خميس/ عموري. ملابس وديكور المسرحية من تصميم الفنانة طالي يتسحاقي، موسيقى وسام جبران، مصمم الإضاءة آسي جوستمن. ويشارك في المسرحية إضافة  للطاقم الفني طاقم إنتاجي يعمل على مدار الساعة وهم: محمود مسلمة- مساعد إنتاج، وليد حمدان- مساعد مخرج وإنتاج.

وقال ظاهر معد نصوص ابن خلدون، في تعقيب له على المسرحية: إنها تريد أن تربط الماضي بالحاضر عبر استحضار مفكر عربي، عرف بجرأته وواقعيته في التعامل مع أحداث التاريخ، لمواجهة الواقع اليومي المعايش لحياتنا، وعبر تذكيره لنا بالقيم الثقافية والإنسانية الراقية التي تنادى بها في كتاب المقدمة.

وأضاف ظاهر يقول: انه بذل، بالتعاون مع معد المسرحية ومخرجها، جهدا كبيرا في إعداد النص الخلدوني بحيث يكون ملائما للمشاهد المسرحي في فترتنا الراهنة، وحاول أن يحافظ على مساحة معقولة فيما بين المشاهد وبين النص المسرحي باللغة العامية المحلية، موضحا أن إعداد النص الخلدوني استغرق جهدا حقيقيا.

ومن جهته أشار قبطي معرب النصوص المسرحية ومعدها، إلى أن المسرحية تقدم مشاهد من مسرحيات لكتاب عرفوا بأعمالهم المسرحية النقدية، وذكر من هؤلاء اوجين اونيسكو، آرثر ميلر، حانوخ ليفين واينجمار برجمان ، نيل سايمون ، ايلان حتسور وسعد الله ونوس وغيرهم.

وأضاف قبطي يقول، انه حرص على تعريب المشاهد المسرحية، بحيث تتلاءم مع الذائقة الفنية للقطاعات الشعبية الواسعة.

وأكد مدير مسرح "انسمبل فرينج" الناصرة على انه ستكون عروض مسرحية ابن خلدون الأولى في بداية شهر نيسان، في المركز الثقافي البلدي- الناصرة وبعدها سينطلق في جولة عروض في ضواحي الناصرة ومناطق أخرى .