فيلم تشكيلي تجريبي جديد بعنوان (أسود وابيض)

فيلم تشكيلي تجريبي جديد بعنوان (أسود وابيض)

من نوع "الفيديو آرت" للفنان الفلسطيني التشكيلي محمد حرب يطالب بوقف تعليب الرأي العام ونصرة الفلسطيني في محنة الحصار،

تيسير مشارقة

قمت بتحميل الفيلم القصير من نوع الفيديو آرت بعنوان (أسود وابيض) للفنان التشكيلي محمد حرب من قطاع غزة ، والتحميل كان عبر البريد الالكتروني ووصلني الفيلم المصنوع حديثاً (العام 2007) قبيل بزوغ الفجر الساعة الثالثة والنصف من يوم 13 ديسمبر 2007. ولأنه قصير لا يتعدّى ال (3:33 دقيقة) فقد كانت المشاهدة يسيرة ولعدة مرّات.

لقد أذهلني التجريب الفني لدى محمد حرب واقتحامه عالم الفيديو آرت بطريقة تجعل المشاهد يكتشف القلق الأصيل النابع من ذهنية الفنان. فاللوحة الفنية التقليدية و الخيش والألوان الخاصة (المصنوعة بيد محمد حرب) لم تعد أدوات تعبير كافية. ففي ظل الأجواء العصيبة في غزة والإعلام المتضارب والكاريكاتوري يلجأ الفنان حرب إلى التشكيل الفيديوي للتعبير عن الحالة التي تختلج في عقل وقلب وضمير الفنان الفلسطيني.

بالأسود والأبيض ، وهكذا هو عنوان الفيلم ، قام محمد حرب بصياغة شريط فيديوي يعبر عن الحالة التي يعيشها مع زملائه في القطاع (في المنطقة الرمادية والمحروقة من فلسطين) وهذا ظهر جلياً في آخر تصويراته الفوتوغرافية الفنية الموشّحة بالرمادي(الأسود والأبيض).

أهي حالة اكتئاب أم قلق أم تشاؤم من الواقع الراهن؟؟ لا بد من مشاهدة الفيديو آرت (أسود وأبيض) والصور الفنية الداكنة لغزة(من صنع محمد حرب) للتعرف على الحالة الراهنة في عقل الفنان.

وكما أعرفه، فإن الفنان محمد حرب الصديق من غزة، يمتاز بذهن متيقظ ومزاج فني راقٍ، ولا تجتاحه السوداوية بأي حال ، وهو نشيط ومبدع فنياً ويمتاز بحرص قلق على انجاز خيالاته الجامحة على الصعيد التشكيلي الفني من خلال التحليق عبر الفيدو آرت والفوتوغراف لغزة الآن بصناعة ستيل فوتوغرافي كلوحات طبيعية فيها رموز واقعية وطبيعية توحي بأنها مزيج لوني من صنع الفنان حرب ذاته.

عود على الفليم (أسود وابيض) الذي جاء من فكرة أن الإعلام يثقل كاهل الفلسطيني ولا يقدم له سوى التعليب ، أي (تعليب الرأي العام) بالمعنى الحرفي والمجازي والإجرائي . فالفلسطيني ضحية(التعليب للرأي العام العالمي والعربي) من خلال وسائل الإعلام المتنوعة التي تثقل ظهر الفلسطيني.

وفعلاً ، صار محمد حرب يلاحق ذلك البطل الفلسطيني الزاحف على بطنه والمغلّف في النايلون (المحاصر)وعلى ظهره التلفزيون بالأسود والأبيض مربوطاً كهدية أو علبة حلوى إخبارية على ظهره، وهي أثقال لا غير ، لا تقدم شيئاً لذائقته الجوعى لكلام آخر أو مزيج ألوان آخر( وليس بالأسود والأبيض) ولا تشبع حاجاته الإعلامية إلى معلبات أخرى بطعم آخر ونكهة أخرى .

الموسيقى والتنويع الضوئي الممزوج بايقاعات بصرية معينة حولت ذلك الزاحف على بطنه(وربما هو الفلسطيني) إلى مسخ من خلال تداخلات الصوت والصورة بما فيها تلك الإضاءة الصاخبة. ويظهر في الفيلم مواصلة الفلسطيني أو ذلك( المعلّب في النايلون ) المسير في تحوّلات غريبة ، وتظهر لقطات سريعة لمعاناة المواطن الفلسطيني في وطنه وكأنها أعمال درامية غير مفهومة.. هكذا كما تمر بعض اللقطات من الواقع الفلسطيني بلا شرح أو تفسير ، مبهمة أو مقفلة رمزياً ولا تؤثر على مثلث المعرفة والعواطف والسلوك ، لدى أي مشاهد كان في الكون.

يحاول الفنان محمد حرف فك التعليب عن التلفاز ، ولكن عبثاً ، يبقى الإعلام بالصورة الجنائزوية (بالأسود والأبيض) يعلب الآراء ويقدم الشعارات من خلال العديد من رجالات السياسة بمن فيهم جورج بوش وقادة آخرون وعمرو موسى أيضاً.

أسود وأبيض، فيلم تجريبي من نوع الفيديو آرت صنع في فلسطين بعد انقلاب حماس وسقوط غزة ، وهو تعبير ثقافي من فنان تشكيلي فلسطيني هو محمد حرب يعيش ويلات الحصار كما بقية شعبه ، وهو فيلم عبارة عن (صرخة من غزة) تطالب بإنهاء التعليب للرأي العام من خلال وسائل الإعلام وبالأخص التلفزيونات العالمية..وفك الحصار عن القطاع المقطوع عن الوطن الأم والعالم.