الصورة الشريرة للعرب في السينما الأميركية

بدر محمد بدر

[email protected]

مئات الأفلام التي تنتجها الولايات المتحدة واستديوهات هوليوود، منذ بداية صناعة السينما عام 1896م وحتى الآن، تقدم صورة شديدة السلبية للعرب والمسلمين بشكل متعمد، هذه خلاصة ما كشفت عنه دراسة تحليلية عميقة للباحث الأميركي من أصول لبنانية "جاك شاهين"، وهو أستاذ علم الاجتماع ووسائط الاتصال، بعنوان "الصورة الشريرة للعرب في السينما الأميركية".

الدارسة الجديدة صدرت هذا الأسبوع في جزأين و1148 صفحة من القطع المتوسط، عن المركز القومي للترجمة بالقاهرة، يحلل فيها المؤلف نحو 900 فيلم روائي، ليخرج من ذلك الجهد، الذي استمر أكثر من عشرين عاما، بنتيجة مؤداها أن "المخرجين الأميركان، وعلى نحو جماعي، وصفوا كل العرب بتهمة العداء للجماهير، وبأنهم متوحشون لا قلوب لهم، وهمجيون متعصبون دينيا، ومهووسون بالأموال، وبرابرة معتصبون حقراء، وأغنياء البترول الأغبياء..إلخ!

تشويه الإسلام

ويكشف المؤلف أن الإسلام تعرض بصفة خاصة إلى معالجة سينمائية ليست عادلة، ويربط صناع السينما باستمرار بين العقيدة الإسلامية من جانب، وبين السيادة الذكورية، والحرب المقدسة، وعمليات الإرهاب التي تصور العرب والمسلمين باعتبارهم أعداء دخلاء غرباء فاسقين، وعندما تظهر على الشاشة صور مآذن، تقطع الكاميرا حتما، لتتجه إلى العرب وهم يسجدون، ثم مباشرة وهم يصوبون بنادقهم نحو المدنيين!.

ويؤكد شاهين أنه على مدى قرن كامل والمنتجون في هوليوود يرسمون بـ "القار" جماعة كاملة من الناس، بنفس الفرشاة الخبيثة، عبر مئات من الأفلام، التي تصور أبطال الفيلم الغربيين وهم يلفظون وابلا من أناس قساة ومغفلين وغافلين يسمون العرب ويطلقون عليهم ألفاظ مثل: حمير، وأوغاد، وراكبو الجمال، وخنازير، وعبدة الشيطان، وفئران، وتافهون، وضفاع، وقمامة.. إلخ هذه الأوصاف بهدف التحقير والازدراء!.

ويرى المؤلف أن المخرجين الأميركان لم يصنعوا بأنفسهم هذه الصورة النمطية للإنسان العربي، وإنما ورثوها و"زخرفوها" عن الأوروبيين، الذين كانوا أول من أوجد الصور الكاريكاتورية للعرب في القرنين الثامن والتاسع عشر، حيث ساعد الكتاب والفنانون الأوروبيون على اختزال المنطقة العربية إلى مجرد مستعمرة مليئة بالفساد والأسواق العامة القذرة، التي يسكنها ذلك الإنسان العربي المسلم الكسول الهجمي ذو اللحية.. إلخ.

إيجابية نادرة

لقد اكتشف المؤلف أن 12 فيلما فقط من بين الـ 900 فيلم، تتحدث عن العرب بإيجابية، أي بنسبة أقل من واحد ونصف فى المائة!

وخطورة هذه الصورة النمطية السلبية أن الأفلام الأميركية، التي تنتجها هوليوود، تصل عبر شبكة توزيع ممتدة في أكثر من مائة دولة، إلى كل شخص في العالم تقريبا، فهي صورة لا تؤثر على المتفرجين فقط، بل على صناع السينما في العالم كله، وتنتقل هذه الأفلام من دور العرض إلى محلات الفيديو، ثم إلى شاشات التليفزيون، لتتسلل مباشرة إلى كل منزل.

ويطالب المؤلف هوليوود بأن تضع "نهاية للحرب غير المعلنة على العرب، وأن تتوقف عن تقديم الصور السيئة المنحازة ضدهم، وأن يتعامل المنتجون وصناع الأفلام مع صورة العربي، بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع الأجناس الأخرى".

ويقدم الكتاب قائمة "ألفبائية" تحليلية، عبر أكثر من ألف صفحة في الجزأين، لمئات الأفلام الروائية الأميركية، القديمة والحديثة، التي تتحدث بصورة نمطية سلبية عن العرب.

جهد كبير

المخرج السينمائي وليد فتحي أشاد بالجهد الكبير المبذول في إعداد الكتاب والذي كشف حقيقة يلمسها كل متابع للأفلام الأميركية، لكنها لم تكن بهذا الوضوح.

وطالب فتحي، في تصريح خاص، النقاد والفنانين العرب بالاهتمام والضغط من أجل تصحيح هذه الصورة، التي تؤثر على رؤية الغرب لنا، وتفاعله سلبا ضد قضايانا العربية العادلة.