الفائز الأول في مسابقة (منشد الشارقة)

إبراهيم الدردساوي

والخطوات الأولى للمنشد الواعد

( 3 )

نجدت لاطة

[email protected]

فوز المنشد في مسابقة إنشادية مرموقة تعني أنه وضع نفسه في طريق الاحتراف ، ولكن يعني أيضاً أنه ما زال ناشئاً ، وما زال برعماً صغيراً ، وأمامه الطريق طويل وشاق ومتعب ، ويعني أيضاً ضرورة أن يتقن الفن الإنشادي على أصوله ، ففن النغم فن قائم بذاته ، له أصول وقواعد ومدارس ، وهو موهبة وممارسة وتعلّم .

 فماذا يفعل المنشد الواعد وهو في بداياته الأولى ؟ لا بد من اتباع الخطوات الآتية :

 أولاً ـ دراسة فن النغم في معهد فني ، وبما أنه لا يوجد معهد خاص بالنشيد فهذا يعني ضرورة الالتحاق بمعهد فني خاص بالموسيقى ، وما دام هناك فتوى شـرعية تبيح استخدام الموسيقى فلا ضير في الالتحاق بهذا المعهد الموسيقى . وتشمل هذه الدراسة كل ما يخص فن النغم ، كتعلم المقامات والسلم الموسيقي والعزف على بعض الآلات الموسيقية وغير ذلك ، ثم نيل شهادة رسمية منه . وقد قام بعض المنشدين الجدد بهذه الخطوة ، ولكنهم لا يريدون أن يتحدثوا بذلك خشية القيل والقال .

 ثانياً ـ الاستفادة من المنشدين القدامى والجدد ، والاحتكاك بهم ، وبما أن المنشد إبراهيم الدردساوي ساكن في عمان فهناك المنشد محمد أمين الترمذي ، وهو علم كبير في النشيد الإسلامي ، وهو أيضاً أستاذ في فن النغم . وقد ذكر لي الأستاذ الترمذي أنه يعطي دروساً كثيرة للمنشـدين المبتدئين ، وهم يأتون إلى بيته ، وهذه الدروس مجانية ، وما على المنشد إلا أن يتصل بالأستاذ الترمذي ليحدد له مواعيد الدروس .

 ثالثاً ـ الاستماع بكثرة وبشكل دائم إلى أشرطة المنشدين الدينيين السوريين ( وأعني الحلبيين ) مثل ( حسن حفار ، صبري مدلل ، أديب الدايخ ، الحلاق ، خانطوماني .. ) فهؤلاء عمالقة في فن الإنشاد ، وهؤلاء يقفون في صف واحد مع عمالقة الغناء العربي . وكثرة الاستماع إلى أشرطتهم تكوّن لدى المنشد في عقله الواعي واللاواعي تذوق الطرب الأصيل ، وبالتالي يعرف كيف يتعامل مع الألحان ، ويعرف كيف يختار اللحن الجيد ، ويعرف كيف يتقن الإنشاد . وقد تتلمذ موسـيقار العرب سيد درويش على المنشدين الحلبيين في بداية القرن العشرين ، فقد سافر سـيد درويش من مصر إلى مدينة حلب مرتين ، وبقي فيها شـهوراً كثيرة يتعلم منهم فن النغم والإنشـاد . وهنا مقولة لدي أهل الغناء تقول ( مَن صفّقت له حلب صفّقت له العرب ) لأن مدينة حلب عاصمة الطرب في البلاد العربية .

 رابعاً ـ الاستماع بكثرة ـ أيضاً ـ إلى عمالقة الغناء العربي ، وأعني بذلك أشرطة ( أم كلثوم ، محمد عبد الوهاب ، عبد الحليم حافظ ، صباح فخري ، فيروز ، فريد الأطرش ، وديع الصافي ، ناظم الغزالي ، أحمد عدوية ) وطبعاً سـيتستجهن البعض مني هذه القضية ، ولكن هؤلاء المطربين والمطربات هم تجارب فنية رائعة ، وينبغي للمنشد الاستفادة منهم . وتبرير الاستماع إلى المطربين والمطربات يحتاج إلى شرح أوسع ، وسوف أكتب في القريب العاجل مقالاً أبرر فيه قضية استفادة المنشد من عمالقة الغناء العربي .

 خامساً ـ قراءة الكتب الفنية الخاصة بالنشيد الديني والغناء ، وهناك كتب كثيرة تحكي عن تاريخ الغناء عبر عصوره الطويلة ، وتتحدث عن المقامات والألحان وغير ذلك . فينبغي للمنشد الواعد أن يجعل لنفسه مكتبة خاصة تحوي أمهات الكتب الفنية ، ويدوام على قراءتها باستمرار .

 سادساً ـ قراءة الدواوين الشعرية القديمة والحديثة ، كي تتولّد لديه ثقافة شعرية ، فيعرف الشعر الجيد من الشعر الرديء ، وبالتالي يختار لأناشيده القصائد الجميلة .

 سابعاً ـ أن يحوط المنشد نفسه بأصدقاء من أهل النشيد والشعر والأدب، فيسهر معهم سهرات فنية ، ويتناقش معهم ، فيستفيد منهم ويستفيدون منه . فمثلاً كان من بين أصدقاء المطربة أم كلثوم الشـعراء والأدباء والملحنون والموسـيقيون .. وكانت أم كلثوم تُسمعهم أغنيتها الجديدة قبل أن تخرج بها إلى الجمهور ، فتأخذ آراءهم وتعدل في أغنيتها إن وجد أحدهم فيها نقصاً أو ضعفاً . فالأغنية عند أم كلثوم لا تخرج إلى الجمهور إلا قبل أن تمرّ على هؤلاء الشعراء والملحنين والموسيقيين .

 ثامناً ـ ـ ضرورة أن يعرف المنشد كيف يقوم بالدعاية لنفسه ولأناشيده ولفيديو كليباته ، وهذا يحتاج منه أن يسأل ويستفهم من أهل الخبرة في ذلك . ولا بأس أن يكون من بين أصدقائه بعض الصحفيين والإعلاميين الذين يكتبون عنه وينوهون به في وسائل الإعلام المختلفة . وإن معظم المطربين لديهم أصدقاء صحفيون وإعلاميون يكتبون عنهم ، بمعنى أن هؤلاء الصحفيين يكونون بمثابة الناطقين الرسميين للفنانين . لأن الدعاية والصحافة والإعلام شيء مهم بالنسبة إلى الفنان ، وأي تقصير من المنشد في هذا الجانب فقد يغيّبه عن الساحة الفنية . ولعل خير مثال لذلك المنشـد سامي يوسف ، فهو قد أجاد الدعاية لنفسه بشكل كبير ، وبالتالي بيع له أكثر من مليون شريط وسي دي .

 أعتقد أن هذه الخطوات ضرورية جداً بالنسبة إلى المنشد الواعد والمبتدئ ، وإن أي تقصير منه تجاه أي واحدة من هذه الخطوات سيشكل لديه ضعفاً ونقصاً . فقد آن الأوان لمنشدي النشيد الإسلامي أن يحترفوا الفن الإنشادي ، ويتفرغوا له تفرغاً كاملاً ، لأن النشيد الإسلامي أصبح يشكل أداة مهمة في توعية الجماهير العريضة ، لا سيما الشباب منهم والفتيات.