ظاهرة غياب المنشدين المصريين

ظاهرة غياب المنشدين المصريين

( 1 من 2 )

نجدت لاطـة

[email protected]

في السنوات العشر الأخيرة ظهر في ساحة النشيد الإسلامي بعض المنشدين المصريين ، أما فيما سبق ذلك فلا يوجد منشد مصري واحد . والمنشدون المصريون الذي ظهروا كانوا دون المستوى الفني المطلوب ، ودون المستوى الفني الذي يليق بحجم مصر وبمكانة مصر . فمصر التي خرّجت عمالقة الغناء العربي كان حري بها أن تخرّج ـ أيضاً ـ منشدين عمالقة ينافسون عمالقة الغناء العربي ، ولكن ـ للأسف ـ لم يحدث هذا .

فأتساءل : هل عقمت مصر أن تلد منشداً إسلامياً مرموقاً ؟ أم أن عقول الإسلاميين في مصر عقمت عن أن تفهم دور النشيد في العمل الإسلامي ؟ ولماذا غاب النشيد الإسلامي عن أنشطة العمل الإسلامي في مصر ؟ أليست في مصر بيئة فنية عالية وراقية مناسبة جداً لظهور عشرات المنشدين الذين من الممكن جداً أن ينافسوا عمالقة الغناء العربي ؟

ولماذا غاب دور النشيد عن أذهان أقطاب العمل الإسلامي في مصر ؟ وأنا هنا لا أستثني من هؤلاء الأقطاب أحداً ، فالكل مدان عندي ، لأن فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات شهدت مصر غياباً تاماً لأي إنشاد إسلامي . وأنا هنا أعني الإنشاد الإسلامي الخاص بالعمل الإسلامي ، ولا أعني الإنشاد الديني ، ففي الإنشاد الديني ظهر المنشد النقشبندي ، وقد كان ذا صوت جميل جداً وذا حنجرة قوية ، ولكن النقشبندي غير محسوب على العمل الإسلامي ، وإنما هو منشد ديني فقط .

وهل يُعقل أن نجابه حركة الغناء المتمثلة بأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وعبد الحليم حافظ والمطربين اللاحقين .. هل يُعقل أن نجابه ذلك كله بلا شيء من النشيد الإسلامي ؟ هل يُعقل هذا ؟

وكم خسر العمل الإسلامي في مصر حين لم يوجد البديل الإسلامي للغناء ؟ أنا أرى أنه خسر قطاعات واسعة من الجماهير .

وهل يُعقل أن يعيش المتدين المصري أو الإسلامي المصري بدون أن تترنم أذنه بأنشودة يروّح فيها عن نفسه ..؟ وكيف سيكون وجدان الإنسان حين يحذف الطرب من حياته ؟ ألم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام يترنمون بأناشيد في مناحي حياتهم ؟ فقد ورد في السيرة النبوية أن الصحابة حين كانوا يبنون المسجد النبوي كانوا ينشدون :

لئن قعدنا  و النبـي يعمل           لذاك منا العمـل المضلل

وأنشدوا في حفر الخندق :

للهم إن الأجر أجر الآخرة            فارحم الأنصار والمهاجرة

ثم كان للصحابة الكرام نشيدهم الخالد ( طلع البدر علينا ) حين استقبلوا الرسول صلى الله عليه وسلم .

فغياب النشيد الإسلامي فـي مصر يحتاج إلى دراسة هذه الإشكالية بتأنٍ وبعمق ، ولكن في نفس الوقت تحتاج أيضاً إلى شيء من الصراحة الواضحة جداً ، وأرجو أن نبعد عنا المجاملات ، لأن قطاعات الشعب تحتاج إلى البديل الإسلامي في كل مناحي الحياة ، والفنون في أولويات هذه البدائل . وفي الجزء الثاني من المقال سأحاول أن أتعرّف على جوانب القصور في العمل الإسلامي الذي كان في الماضي . والكلام ليس خاصاً بمصر وإنما بكل الأقطار التي غاب عنها النشيد الإسلامي .