وداعا يا صاحبي محمد علي الميسري

clip_image002_78b5b.jpg

بقلوب ملؤها  الإيمان بالله  والرضا بقضائه وقدره  تلقينا خبر وفاة الفنان الصديق محمد علي ميسري والموت حق على الخلق ولا نملك إلا التسليم يقضا الله وقدره ولله ما أخذ وما أعطى غير ان مرارة  فقدان الأحبة تترك في القلب غصة .

هكذا ترجّل احد فرسان الفن وغادرنا بعيدا ويتركنا وحدنا نجابه المحن والفتن ونصارع الحياة بتبعاتها ومخاطرها بعد ان امتلأت البلاد بالمفسدين والمجرمين ننام ونصحو على أخبار الموت والمتفجرات والقتل والاغتيال مات وهو شامخ يصارع المرض الذي لم يستطع ان يهزمه .

تتهاوى النجوم المضيئة من أسماء جيلنا بين يوم ويوم ويختار الله سبحانه وتعالى احد أعمدة جيل دراستنا ولم يعد منهم إلا القليل وقد سبقهم أساتذتنا ولحق بهم زملاء الدراسة أسكنهم الله جميعا فسيح جناته

المبدعين عندما يرحلون يتركون بصمات ورائهم وذاكرة غير قابلة للطي والنسيان وبلادنا تزخر بأمثال هؤلاء  ونخص منهم المبدعين في عالم الفكر والأدب والفن.. يرحلون بأجسادهم ولكن أعمالهم وسيرتهم العطرة تبقى بعد رحيلهم تتداولها الأجيال . الميسري يعد نبراسا للأغنية الريفية وقدوه لمن جاءوا بعده من تلاميذه ومحبيه

ما يثير الأسى والحزن  ان احد رموز الفن في بلادنا يلقى هذا التجاهل والإنكار والجحود من قبل الجهات المعنية  كان يتمنى ان يجد سكن  في عدن قريب من المستشفى عندما تعرض للفشل الكلوي وكان من الصعب عليه ان يذهب للغسيل من مودية الى البيضاء أو الى عدن قوبل بالجحود والنكران  ولكنه ظل صامدا كالشجرة المثمرة الذي لم ينهكها الجفاف في زمن الجدب والجفاف

 المرحوم محمد علي ميسري تجمعنا به صداقه وروابط أسرية متينة فقد عشت ردحا من الزمن في مودية . وأتذكر انه وهو لا يزال في مرحلة الدراسة كون فرقة موسيقية مع اخوانه وبني عمومته .

عند ما علمت بخبر وفاته أصابني الحزن وعادت بي الذاكرة لتلك السنوات الخوالي    ووقفت أتأمل سيرة محمد علي الميسري فإذا هي سيرة إنسان جمع مكارم الأخلاق  وحاز على مجموعة خصائص فضائل الآداب والصفات الحميدة فقد كان شديد التواضع دائم الابتسام..

يا صاحبي عشت ورحلت بدون مقدمات وتركت ألحانك الدافئة تذرف الدمع على أنغام لوحة الحياة ما أصعب فراق رفاق العمر وأمرّه على النفوس ولاسيما رحيل رفقاء والشباب والدراسة

صديقي لقد رحل الكثير قبل رحيلك  من زملائنا ورفاق درب الحياة منهم من أهلكته صراعات السياسة ومنهم من قضى نحبه بانتهاء أجله  وها أنت تلحق بالركب ومن بقي منا يكابد وحشة الغربة ومرارة المعانات حتى يأتي اليقين وهذه سنة الحياة فلا بقاء للأبد.. الكل راحلون

ولا بقاء إلا للواحد الديان ذا الجلال والإكرام القائل في محكم كتابة       

{  كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام  }

الميسري من أسرة دينية معروفة   فجده الشيخ العلامة محمد بن شيخ علي إمام وخطيب المسجد الكبير جامع مودية  وعمه الشيخ عبد الرحمن محمد شيخ علي القاضي الشرعي لولاية دثينة

يتميز الميسري بأغانيه الريفية الجميلة كما ان له قاموسه الخاص ولهجته الاستثنائية  التي لها طابعها الخاص

نرفع اكفنا إلي المولي عزَّ وجلَّ بأن يتغمده برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته و يلهم أسرته وذويه ومحبوه الصبر والسلوان. اللهم يا حنان يا منان يا واســـع الغفران أغفــر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله وأغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس - وإنا لله وإنا إليه راجعون .

وداعا يا صديقي

فكلماتي أقصر من قامة حزني

وحزني يمتد عميقا في وجداني .

وداعا يا عم منصور

يا من غادرت البلد

تركت ألشيبه

والشاب والولد

لبيت نداء الواحد الأحد    

وسوم: العدد 654