علي إسماعيل القيمة والقامة

clip_image001_39484.jpg

الموسيقار علي إسماعيل من مواليد يوم الخميس 28 من شهر ديسمبر عام 1922 بالقاهرة وكان والده إسماعيل خليفة مدرساً للموسيقى في البداية وبعد ذلك قائداً لفرقة الموسيقي الملكية.

المبدع علي إسماعيل كان يكره القيود والروتين ولم تشبع رغباته وطموحاته الدراسة في مدرسة الصناعات البحرية بالسويس وعندما ألحقه والده بالعمل فى إحدى ورش القناة تركها واتجه إلى مدرسة الموسيقى العسكرية وتعلم أن يكون للموسيقى شخصية والتحق بالمعهد العالي للموسيقى المسرحية قسم الآلات بجانب عمله كموسيقي مجند بالجيش ودرس الموسيقى الغربية على الأستاذ برلتني .

دفعة الموسيقار علي إسماعيل في المعهد العالي للموسيقى المسرحية ضمت مجموعة متميزة وأطلق عليها دفعة الموهوبين ومنهم كمال الطويل وعبد الحليم حافظ وفايدة كامل وأحمد فؤاد حسن.

بعد التخرج عمل علي إسماعيل في مجال التدريس ولكنه ضاق بالوظيفة  وأيضا عمل عبد الحليم في التدريس وبعد فترة استقر به المقام فى ركن الهواة بالإذاعة المصرية وتفرغ أحمد فؤاد حسن للعزف بالقطعة فى الفِرق المختلفة وأصبح كمال الطويل مشرفا على قسم الموسيقى فى الإذاعة أما على إسماعيل فقد اختفى بعد أن حاول الالتحاق بالإذاعة ولكن لم تنجح محاولته حيث قال له أحد المسئولين : الإذاعة مش ملجأ رُوح اشتغل واكبر برة وبعدين تعالى.

لم ييأس علي إسماعيل فذهب إلى شارع عماد الدين وعزف خلف المونولوجيست إسماعيل يس وإحسان عبده وفي يوم من الأيام ضاق بما يفعله فصاح فى وجه إحسان عبده قبل بداية البروفات وقال : أنا بطّلت أعزف المزيكة دى أنا ماشى فقدمت إحسان شكوى ضده إلى رئيس اتحاد الملاهى الليلية فأصدر قرارًا بعدم العمل معه.

تميز علي إسماعيل في العزف علي الآلات النحاسية التي اتقنها من والده الذي كان قائداً لفرقة الموسيقي الملكية كما برع في التأليف والتوزيع الموسيقي

عمل علي إسماعيل في فرقة محمد عبد الوهاب كما أصبح رئيسا لفرقة الأختين رتيبة وأنصاف رشدي وكان يعزف على آلتي الساكسفون والكلارنيت في الملاهي الليلية في عدة فرق منها فرقة ببا عزالدين وإحسان عبده.

علم علي إسماعيل أن ثُريا حلمى مريضة فذهب ليطمئن عليها فقالت له : نفسى أسمع مزيكا فقال : فيه واحد صاحبى كان كاتب غنوة اسمها عيب اعمل معروف وغنَّاها لها وفى اليوم التالى كان علي إسماعيل يدرب فرقتها على الأغنية التى نجحت وأعادته إلى الملاهى والحفلات وذات مرة كان يعزف فوجد أمامه كمال الطويل فشعر بحرج وفى صباح اليوم التالى كان علي إسماعيل يجلس إلى البيانو فى الإذاعة يعزف لحنه ويغنى بصوته إحدى أغنياته وما إن انتهى منها حتى قفز عبد الحليم من مكانه وقال : أنا اللى هاغنّى الكلام ده وغنى عبد الحليم حافظ  يا عاشقين يا مغرمين كلمات إمام الصفطاوي وبعدها بأيام اقترب منه مطرب جديد طالبًا لحنًا وبعد أن انتهى من غنائه لم يرضَ عن نفسه وصارح علي إسماعيل بذلك فقال له علي : بداخلك موسيقى أكبر من مجرد الغناء وبعدها بسنوات كان على إسماعيل ومحمد فوزى يصطحبان هذا المطرب ويدخلان به على أم كلثوم وقالا لها : ده ملحن مصر القادم اسمه بليغ حمدي.

محمد حسن الشجاعي مستشار الموسيقى في الإذاعة المصرية كان صديق والد علي إسماعيل ولذا شجع علي حيث اشترك في برامج كثيرة مثل صواريخ مع المأمون أبوشوشة كما سمح له الشجاعي بتلحين الأغنيات وتكوين فرقة الثلاثي المرح ففي برنامج الهواة الذي كان يقدمه في الإذاعة ديمتري لوقا كان اللقاء الأول للثلاثي المرح سهام توفيق وصفاء لطفي وسناء الباروني شقيقة سهير الباروني ومن هنا كانت الفكرة لتشكيل فرقة مشتركة تجمعهن وشجعهن على ذلك أساتذتهن الذين كانوا نجوم الغناء والتلحين آنذاك ويعود الفضل الأكبر للملحن علي إسماعيل الذي تبناهن وأطلق عليهن اسم الثلاثي المرح وغنوا له في البداية عمركشي حبيت وتقدمت وفاء وصفاء وسناء إلى لجنة الاستماع بالإذاعة للحصول على إجازة بالغناء تحت مسمى الثلاثي المرح وهى المرة الأولى التي يظهر بها هذا اللون من الغناء وكانت فرقة الثلاثي المرح تقدم الفقرة الأولى من كل حفل واستمع إليهن الرئيس جمال عبد الناصر وتعززت شهرة الثلاثي المرح أكثر من خلال المشاركة في عدة استعراضات ولوحات غنائية .

أيضا كان علي إسماعيل قائد الأوركسترا في حفل قيام ثورة يوليو وعندما كون الأخوان علي ومحمود رضا فرقة رضا للفنون الشعبية كان علي إسماعيل هو رئيس الفرقة الموسيقية والمؤلف الموسيقى لكل الرقصات والتابلوهات الاستعراضية وطاف معهم أغلب دول العالم وكان له الدور المؤثر في نجاح فرقة رضا للفنون الشعبية التي مثلت مصر في عدد من المهرجانات والمسابقات الدولية ولحن جميع الأغاني والموسيقي التصويرية لأفلام فرقة رضا وهى أجازة نصف السنة وغرام في الكرنك .

كان على إسماعيل نقطة التحول فى شكل الموسيقى فى مصر بعد أن وضع الموزع أندريا رايدر السطور الأولى للثراء فقد كانت الألحان قبل علي إسماعيل جملة موسيقية واحدة تعزفها كل الآلات ثم صارت الأغنية على يده كموزع موسيقى عدة ألحان فى لحن واحد الأمر الذى منح الأغنية المصرية ثراءً جديدًا عليها.

ابتكر الموسيقار علي إسماعيل لونا جديدا كان غير متعارف عليه في مصر في ذلك الوقت وهو إدخال الهارموني في الأغنية المصرية وساعده الموسيقار كمال الطويل بحكم وظيفته في الإذاعة .

لحن ووزع الموسيقار على إسماعيل مئات الأغنيات ووضع الموسيقي التصويرية لأكثر من 350 فيلما سينمائيا مصرياً ونذكر منها أفلام الأيدي الناعمة والسفيرة عزيزة والحقيقة العارية والأيدي الناعمة ومعبودة الجماهير والعصفور والأرض ولحن الأرض لو عطشانه نرويها بدمانا في فيلم الأرض علي إسماعيل وفن المونولوج كما قدم الكثير من المونولوجات الغنائية لكل نجوم فن المونولوج في ذلك الوقت وأبرزهم : محمود شكوكو وسعاد وجدي وسعاد أحمد وثريا حلمي ولحن أغاني الأفراح لعايدة الشاعر مثل كايدة العزال والطشت قاللي وليمونة.

أثناء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 لحن علي إسماعيل الأغنية الشهيرة دع سمائي كلمات كمال عبد الحليم والتي غنتها المطربة فايدة كامل فألهبت المشاعر وقوت العزائم في هذه الفترة.

قاد علي إسماعيل الفرقة الموسيقية للأغاني الوطنية الرائعة لعبد الحليم حافظ وكمال الطويل في أعياد الثورة مثل المسئولية وصورة ومطالب شعب ووزعها كما وزع وطنى الأكبر والسد العالى وجبار وقاضى البلاج ودقوا الشماسى وخايف مرة أحب ونذكر أيضا من الحان الموسيقار علي إسماعيل على سبيل المثال رايات النصر وأم البطل وحلاوة شمسنا .

أغنيات على إسماعيل الوطنية جعلت مندوب منظمة فتح الفلسطينية يطرق بابه حاملا إليه الدعوة لزيارة معسكرات الفدائيين ليتعرف على الرجال الذين يلهب حماسهم بموسيقاه ويضع موسيقى النشيد الوطنى الفلسطينى وفى صحبة ياسر عرفات ورفاقه أقام علي إسماعيل 4 أيام ولحن النشيد الوطني ( فدائي ) عام 1965 والذي كتبه الشاعر الفلسطيني سعيد المزين وكان على إسماعيل أن يقيم كل 3 أشهر حفلا موسيقيًّا للمقاتلين وكان يصطحب معه فرقة رضا تارة ومشاهير الفنانين تارة أخرى ونتيجة لذلك أصاب الفزع إسرائيل وطلبت رأسه ولذلك طلب الرئيس ياسر عرفات من علي إسماعيل التوقف عن زيارة الجبهة حفاظا عليه .

تزوج الموسيقار علي إسماعيل من الشاعرة نبيلة حسين قنديل ورزقهما الله من الأبناء بشجون ومصطفى وحسين على إسماعيل .

 الموسيقار علي إسماعيل لم يكن يهوى إيقاف بروفاته لذلك عندما تسلل بليغ حمدى والمخرج حسين كمال إلى المسرح جلسا فى صمت إلى أن أنهى إسماعيل عمله فصفقا له بحرارة ثم قال علي إسماعيل لهما : مزيكة فيلم مولد يا دنيا هتكون جاهزة النهارده ثم عطس وقال : وسنسجلها قبل ما أسافر موسكو ثم عطس مرة أخرى ثم ابتسم لهما ثم سقط فى مكانه وكان ذلك يوم الأحد 16 يونيو 1974 م .

كانت حالة عبد الحليم حافظ الصحية غير مستقرة في ذلك الوقت والأطباء وضعوا له قسطرة وطالبوه بأن يستريح فى منزله ويبتعد عن الحركة لفترة وكان كمال الطويل في طريقه لزيارة صديقه عبد الحليم حافظ وما إن اقترب من مسكن عبد الحليم حتى وجده يقف فى مدخل العمارة بالقسطرة فى انتظار سائقه الخاص فهرول كمال الطويل فى اتجاه عبد الحليم منزعجًا ومتسائلا : فيه إيه يا حليم؟ فأجابه والرعشة تسيطر على جسده : على إسماعيل مات يا كمال.

وسوم: العدد 673