الجامعة

خرجت سارة من بيتها بلباسها المحتشم وخمارها الذي ينم عن الجذور الأصيلة لهذه الفتاة المتمسكة بتعاليم دينها.. المتمسكة بأخلاقها وحيائها وسارت مع أخيها سليمان إلى الجامعة بكل ثقة وذلك للقيام بإجراءات التسجيل للانتساب إلى كلية الأدب العربي.. وكانت تشعر بالعزة والفخر أمام تساؤلات المتسائلين وإعجاب المتعجبين واستفهام المستفهمين حيث دخلت إلى كلية الأدب العربي رغم أن معدلها يخولها الدخول في أي كلية تشاء.. وعلى الرغم من صغر أخيها سليمان إلا انها كانت تفتخر وتعتز به ذلك لأنه الفتى الوحيد في البيت وهو الذي سيصبح رجل البيت عندما يكبر ويتشد عوده.. أما سليمان فقد كاد يطير من الفرحة وهو يسير مع أخته في أركان الجامعة وفروعها ومبانيها المختلفة فلقد كانت هذه الزيارة أول زيارة للجامعة في حياته.. لقد كان يمر على الجامعة وهو راكب في إحدى الحافلات دون أن يعرف ماهيتها وطبيعتها وضخامتها.. كل ما كان يعرفه عن الجامعة أنها مدرسة للكبار مثلها مثل أية مدرسة كان يعرفها من قبل أما الآن فلقد تغيرت نظرته وبشكل كامل إلى الجامعة حتى بات يترجى الأيام والأسابيع والشهور والأعوام كي تسرع في سيرها لتصل به إلى سن الشباب ليكون صديقاً ورفيقاً لأخته في هذه الجامعة الغريبة العجيبة.. أما سارة فقد لاحظت على أخيها التفكير والشرود فسألته بشكل مفاجئ وبلهجة بلدية محببة:

سارة: إيه يا سليمان.. سارح فين يا جميل؟

سليمان: ينتبه من شروده.. إنها جميلة جداً؟

سارة: ماذا تقول يا حبيبي؟! جميلة جدا؟

سليمان: أجل جميلة جداً!

سارة: ومن تكون هذه الجميلة جداً يا أخي الحبيب؟!

سليمان: الجامعة طبعاً..

سارة: ظننتك تنظر إلى البنات يا أخي الحبيب.

سليمان: معاذ الله يا أختي أن أنظر إلى ما حرم الله.

سارة: ونعم بالله يا أخي.. أنا أعرفك يا أخي وأعرف أخلاقك وتمسكك بدينك.. ولكني كنت أمازحك..

سليمان: شكراً يا أختي على هذه المداعبة اللطيفة..

 سارة: ولكن أين كنت شارداً يا أخي؟

سليمان: كنت أحلم أني كبرت لأصطحبك معي إلى الجامعة..

سارة: أجل ستكبر يا أخي وستكون في المستقبل طبيباً ناجحاً أو مهندساً بارعاً يا أخي الحبيب..

سليمان: هذا ما أرجوه وأتمناه يا أختي الحبيبة.

سارة: لا تتعجل الأمور فأمامك سنوات قليلة ما تلبث أن تنقضي وتصبح رجل البيت يا سليمان.. ثم تدخل الجامعة وتتخرج منها...

سليمان: سنوات..!! السنوات طويلة.. وإنني أحثها وأرجوها أن تسرع..

سارة: تضحك.. لقد أصبحت شاعراً يا سليمان.. السنوات هي .. هي.. كيف تريدها أن تسرع..؟

سليمان: أحلام.. خيالات.. ربما تتحقق..

سارة: بل ربما لا تتحقق.. يجب أن تترك الأحلام والأوهام وتعيش واقعك وتبذل جهدك وتتوكل على ربك حتى تصل إلى غاياتك.

سليمان: وماذا أيضاً يا أختي الحبيبة؟

سارة: لقد جاء رجل إلى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وسأله: يا رسول الله أأترك ناقتي سائبة وأتوكل على الله؟

سليمان: وماذا أجابه الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟

سارة: قال للأعرابي (أعقلها وتوكل)..

سليمان: صدق عليه الصلاة والسلام..

سارة: صدق عليه الصلاة والسلام..

سليمان: وهل أنهيت أعمالك في الجامعة؟!.. يجب أن نعود إلى البيت..

سارة: أجل يا أخي .. يجب أن نعود إلى البيت.. لا شك أن والدتنا مشغولة البال علينا.

يتأبط سليمان ذراع أخته عائدين إلى البيت..

وسوم: العدد 774