الحمامة واليمامة (5)

سعيد مقدم أبو شروق - الأهواز

لم تنم اليمامة تلك الليلة بسبب الإهانة التي وجهتها لها الحمامة، وقررت

أن ترد الكيل بكيلين!

وانتظرت الفجر ...وقبل أن ينجلي سواد الليل طارت من وكرها واستقرت على

سلك كهربائي ودمها يفور غيظا.

وما إن رأت الحمامة حتى انفجرت صارخة بوجهها:

اسمعي أيتها الحضرية المدجنة، لا تستطيعين الطيران كما أطير ومتى أشاء،

ولا بالسرعة التي أنطلق؛ ولا تحسنين الهديل كما أحسن؛ أيتها الملونة

السمينة، لمن تُشترى الحبوب في الأقفاص؟! لحرة طليقة مثلي، أم لسجينة

طائعة مثلك؟!

إن كنت تنادين بالحرية كما تزعمين، عليك أن تبحثي عن حبوبك في الأماكن

الطلقة كما أفعل، لا أن تنتظريها في قفصك في ذلة واحتقار!

وهل تُقدم إليك هذه الحبوب من غير مقابل؟! ... يا من تصرفاتك مريبة!

ها هم يسقونك ماء أجاجا في قفصك ولا يحق لك أن تحتجي! اخرجي محتجة إن كنت

شجاعة كما تزعمين.

أم أن مفردة النضال شعارك تزمجرين به في الرخاء، ولا تفقهين معناه في

الشدة وحين البأس؟!

كوني نزيهة كما أنا... ولا تتجهي بسربك الذي يُعد بالأصابع نحو الانقياد والعبودية.

وانطلقت مسرعة قبل أن تسمع هديل الحمامة، تاركة إياها في قهر واحتقار.

وسوم: العدد 785