شموخ

سألت اللواء خطّاب عن رحلته إلى المغرب بدعوة من الملك الذي كان يدعو علماء الأمة من سائر الأقطار العربية والإسلامية، فتنهّد وقال:

-       هل حدّثك أحد عنها؟

-       نعم.. حدّثني عنها الأستاذ الأميري، وكان شاهدًا على ما حصل معك.

-       إذن؟

-       أريد أن أسمعها منك، إذا سمحت يا حجّي –وكان هذا هو اللقب الذي نطلقهُ عليه، ويرتاحُ هو إليه-.

قال: بعد أن التقينا مع الملك، وتكلّمت بما فتح الله عليّ من نصائح وآراء، عدت إلى مكان إقامتي، وبعد ساعة من الزمن، هاتفني وزير الأوقاف المغربي، واستأذنَ في زيارتي، فرحّبت به، وجاء ومعه تابعه، ونقل لي رأي أمير المؤمنين "الملك" بي وبما تحدّثت وسمع منّي، ثمّ قدّم لي محفظةً فخمة وقال: هذه هدية من جلالة الملك، وهو يسلّم عليك، وسوف تلتقيان.

سألته: ما هذه المحفظة؟

أجاب: هدية ثمينة من أمير المؤمنين، مكافأة على جهودكم الكبيرة في خدمة الإسلام والتاريخ العسكريّ الإسلاميّ.

أبعدت المحفظة عنّي، وقلتُ له:

-       سلّم على الملك، وقل له: الحاج محمود لا يقبل الهدايا.

وناقشني الوزير طويلًا فنهضت عن كرسيّي، وقلت له:

-       إذا لم تأخذها وتغادر الغرفة الآن، فسوف أغادر المملكة فورًا.

حاول معي، وأن هدية أمير المؤمنين لا تُردّ، فقلتُ له:

-       محمود شيت خطّاب يرُدّها.

وعندما رآني أضع ثيابي في محفظتي وأقول لهُ:

-       أطلُبْ لي السيارة لتنقلني إلى المطار.

اعتذر الوزير ومن معهُ، وغادرا.

بعد ساعة رنّ الهاتف وكان المتكلّم الشاعر السفير الرائع عمر بهاء الدين الأميري، واستأذنَ في زيارتي، فرحّبت به.

جاء ومعهُ الوزير وصاحبه، وحاولَ الوزير معي، وحاول إغرائي بالمبلغ الكبير الذي يليق بي وبجلالة الملك. فنظرتُ إلى صديقي الأميري نظرةً حادّة، فقال للوزير:

-       هذا اللّواء الرّكن، والوزير، والكاتب العظيم، وليس كأولئك المشايخ الذين دعوتهم.

وخرج الوزير وصاحبه، وهجم عليّ الأميري يُقبّل رأسي، ويقول كلامًا أستحي من ذكره.

قلت: أمّا أنا فأعرف ما قال الأستاذ الأميري، وقد نشرته في مجلّة الدعوةِ اللندنية.

قال في تأثر:

-       سامحكَ الله.

-       وإيّاكم يا أستاذي الجليل.

وسوم: العدد 794