جَامِعَةٌ.. وَمَدْرَسَةٌ..

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

اِسْتَيْقَظَ حَمْزَةُ مِنْ نَوْمِهِ مُبَكِّراً ,فِي حَوَالَيِ السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ صَبَاحاً , صَلَّى التَّهَجُّدَ وَأَخَذَ يُرَاجِعُ سُوَرَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ  الَّتِي حَفِظَهَا فِي الْكُتَّابِ, وَأَخَذَ يَقْرَأُ فِِي الْمُعْجَمِ الْوَجِيزِ وَ فِي بَعْضِ الْعُلُومِ الْعَرَبِيَّةِ كَالْبَلاَغَةِ وَالْأَدَبِ وَالنُّصُوصِ وَالْمُطَالَعَةِ وَالْعَرُوضِ وَالنَّحْوِ وَالصَّرْفِ, تَعَجَّبَ أَخُوهُ طَارِقٌ وَقَالَ : وَمَا عَلاَقَةُ الْمَعَاجِمِ وَاللُّغَةِ بِالْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حَيْثُ تَطَّلِعُ عَلَيْهَا مَعَ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَقَالَ حَمْزَةُ:- بِثِقَةِ الْعَارِفِ الْفَاهِمِ - اِسْتَمِعْ مَعِي إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ يُوسُفَ ( الر تلك آيات الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أنزلناه قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) وَاسْتَمِعْ مَعِي إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي أَوَّلِ سُورَةِ الزخرف ( حم (1) وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا جعلناه قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) ), وَأَنْتَ تَعْرِفُ يَا ذَكِيُّ الْعَلاَقَةَ بَيْنَ عُلُومِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , اِسْتَيْقَظَ أَخُوهُمْ مَهْرَانُ عَلَى هَذَا النِّقَاشِ الْجَمِيلِ الْمُمْتِعِ وَالْهَادِفِ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ وَقَالَ : يَا طَارِقُ , حَمْزَةُ أَخُوكَ -بَارَكَ اللَّهُ فِيهِ- يَقْصِدُ أَنَّ عُلُومَ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ كُلَّهَا بِلاَ اسْتِثْنَاءٍ بِمَثَابَةِ خَدَمٍ لِِلْْقُرْآنِ، وَيَنْبَغِي لِمَنْ يُرِيدُ فَهْمَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ حَقَّ الْفَهْمِ أَنْ يَتَبَحَّرَ فِِي عُلُومِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ, اِسْتَيْقَظَ مُعَاذُ وَكَانَ نَائِماً صَاحِياً يَسْمَعُ حَدِيثَهُمُ الشَّيِّقَ وَيَسْتَمْتِعُ بِهِ , وَقَالَ : يَا إِخْوَانُ لَقَدْ سَخَّرَ اللَّهُ لُغَتَنَا الْعَرَبِيَّةَ الْجَمِيلَةَ لِفَهْمِ هَذَا الْكِتَابِ الْمُعْجِزِ وَالتَّعَمُّقَ فِيهِ انْدِرَاجاً تَحْتَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحِجْرِ: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (9) , اِسْتَمَعَ الْأَبُ وَالْأُمُّ إِلَى تِلْكَ الْمُنَاقَشَةِ الْجَمِيلَةِ وَكَانَا نَائِمَيْنِ مُسْتَيْقِظَيْنِ فَقَالَ الْأَبُ لِلْأُمِّ: الْحَمْدُ لِلَّهِ يَا (سَمِيرَةُ ) أَنْ خَلَقَ مِنْ صُلْبِي أَوْلاَداً كَهَؤُلاَءِ الْأَوْلاَدِ الطَّيِّبِينَ الْحَرِيصِينَ عَلََى رِضَى رَبِّ الْعَالِمَينَ, قَالَتْ (سَمِيرَةُ )  : بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ يا حَاجُّ سَيِّدُ, فَأَنْتَ الَّذِي رَبَّيْتَهُمْ وَعَلَّمْتَهُمْ , قَالَ الحاج سَيِّدُ : لاَ أَنْسَى وَ لاَ يُمْكِنُنِي أَنْ أَنْسَى دَوْرَكِ يَا (سَمِيرَةُ )  , فَأَنْتِ الْأُمُّ , وَأَنْتِ الْمَدْرَسَةُ , اَلطِّبُّ وَالْهَنْدَسَةُ ،هَلْ تَذْكُرِينَ يَا (سَمِيرَةُ ) قَوْلَ شَاعِرِ النِّيلِ حَافِظْ إِبْرَاهِيمْ:

 الْأُمُّ مَدْرَسَةٌ إِذَا أَعْدَدْتَهَا    أَعْدَدْتَ شَعْباً طَيِّبَ الْأَعْرَاقِ؟!!!

قَالَتْ (سَمِيرَةُ )  :- بِسَعَادَةٍ بَالِغَةٍ-

 وَلِمَاذَا ـ يَا سَيِّدُ ـ لاَ تَذْكُرُ قَوْلَ شَاعِرُ..الْعَالَمْ الذي بنوره اكتنف الألباب الشاعر والروائي/ محسن  عبد المعطي محمد عبد ربه:

الْأُمُّ جَامِعَةٌ الْأَوَائِلِ قَدْ عَلَوْا      فِيهَا وَصَارُوا خِيرَةَ الْقُوَّادِ ؟!!!

 قَالَ سَيِّدُ : لَقَدْ قَرَأْتُهُ وَاللَّهِ يَا (سَمِيرَةُ ) يَا حَبِيبَتِي فِي جَرِيدَةِ الْجُمْهُورِيَّةِ مِنْ قَصِيدَةٍ لَهُ بِعُنْوَانِ (جَامِعَةِ الْأَوَائِلِ ) قَالَتْ (سَمِيرَةُ )  :-إِذاً فَاعْتَرِفْ أَنَّنِي مَدْرَسَةٌ وَجَامِعَةٌ, قَالَ سَيِّدُ : أَعْتَرِفُ وَاللَّهِ يَا زَوْجَتِي الْحَبِيبَةَ أَنَّكِ جَامِعَةٌ وَمَدْرَسَةٌ تُرَبِّي وَتُنَشِّئُ وَتُعَلِّمُ خِيرَةَ الْأَشْبَالِ فِي هَذَا الْعَالِمِ , وَأَبْصُمُ بِالْعَشْرَةِ إِنْ أَرَدْتِ، قَالَتْ (سَمِيرَةُ )  :أَثِقُ فِي تَقْدِيرِكَ لِي يَا أَبَا حَمْزَةَ ، قَالَ سَيِّدُ : وَأَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي أَهْدَاكِ لِي يَا أُمَّ حَمْزَةَ , رَدَّدَ الزَّوْجَانِ فِي نَفَسٍ وَاحِدٍ: اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالِمَينَ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ مَنْ أَهْدَاهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالِمَينَ.