قصص وعبر 941

الرحلة قصيرة

يُروى أن فتاة كانت تجلس في حافلة، فتوقفت الحافلة وركبت امرأة حشرت نفسها وحقائبها الكثيرة بجانب الفتاة وضايقتها لكنّ الفتاة بقيت متبسمة راضية ولم يبدُ عليها الانزعاج وكأن شيئًا لم يكن. لكنّ رجلًا كان يراقب المنظر وانزعج مما رأى، وسأل الفتاة لماذا لم تتكلمي وتقولي شيئاً للمرأة الفوضوية..!!

فأجابت الفتاة بابتسامة هنيّة : ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل في كل شيء تافه، *فالرحلة قصيرة* وانا سأنزل في المحطة القادمة..

تأمل هاتين الكلمتين

*الرحلة قصيرة*

تستحق أن تكتب بماء الذهب ونعمل بها في تصرفاتنا اليومية"..

ليس من الضروري أن تكون قاسياً وتجادل في كل شيء لأن *الرحلة قصيرة*..!!

إذا تنبه كل منا أن رحلتنا في الدنيا *قصيرة* لن نجعلها مظلمة،مليئة بالجدل  والخصومة،والكيد وعدم العفو عن الآخرين لكي لا يضيع جهدنا ووقتنا وشبابنا وجمال حياتنا..

هل كسر أحدهم قلبك..؟

كن هادئاً *فالرحلة قصيرة* هل ضايقك أو استهزأ بك احدهم..؟.كن هادئاً *فالرحلة قصيرة* ...مهما كان وقع عليك من ظلم تذكّر دوماً أن *الرحلة قصيرة* ..

هل نسي أحدهم معروفك ووقفتك معه وسؤالك عنه .. كن هادئا *فالرحلة قصيرة*

هل أنتقص أحدٌ قدرك ولم يقدرك حق التقدير ..!!

كن هادئاً *فالرحلة قصيرة*

رحلتنا هنا قصيرة جدا ولا يمكن الرجوع إليها بعد تركها ..ولا أحد يعلم مدتها ومتى تنتهي ..

لا أحد يعلم هل سيبقى للمحطة التالية أم لا ..

لنكن هادئيين طيبين كاظمين الغيظ ، صبورين ومع الآخرين متسامحين..

*فالرحلة قصيرة* ..

الدنيا ممر والآخرة مقر ..

فإما نعيم مقيم وإما سقر .. نسأل الله أن نكون من أهل النعيم مع محمد وآله الغر الميامين صلوات ربي عليهم اجمعين..

**************************************

فلاح عجوز حمل زوجته المريضة في المقعد الخلفي من العربة التي يجرها حصان هزيل، حملها إلى المدينة البعيدة لعلاجها…

وفي الطريق الطويل، بدأ الرجل يتحدث،

يفضفض... كأنما يناجي نفسه، ولكنه في الوقت نفسه يواسي زوجته المريضة التي عاشت معه طوال أربعين عاما في شقاء وبؤس ومعاناة تكد وتكدح، تساعده في الحقل، وتتحمل وحدها أعباء البيت…

الآن..

أحس أنه كان قاسيا معها طوال السنوات الماضية، وأن عليه، الآن، أن يعاملها بلطف ولين، وأن يُسمعها الكلمات الطيبة،

قال لها إنه ظلمها، وأن الحياة أيضا ظلمتها، لأنه لم يجد الوقت في حياته اليومية ليقول لها كلمة طيبة حلوة وعذبة، أو يقدم لها ابتسامة صافية رقيقة كالماء أو يعطيها لحظة حنان!!!

وظل الرجل يتحدث بحزن وأسى، طوال الطريق والكلمات تحفر لها في النفس البشرية.. مجرى كما يحفر الماء المتساقط على الصخر.. خطوطا غائرة. ليعوضها ـ بالكلمات ـ عما فقدته خلال الأربعين عاما الماضية من الحب والحنان ودفء الحياة الزوجية وأخذ يقدم لها الوعود بأنه سوف يحقق لها كل ما تريده وتتمناه في بقية عمرها…

عندما وصل المدينة، نزل من المقعد الأمامي ليحملها من المقعد الخلفي بين ذراعيه لأول مرة في حياته إلى الطبيب  ولكن وجدها قد فارقت الحياة...

كانت جثة باردة.... ماتت بالطريق...

ماتت قبل أن تسمع حديثه العذب الشجي!!!

وإلى هنا تتوقف قصة الألم، التي كتبها تشيخوف ليتركنا نحن مثل الفلاح العجوز الذي كان يناجي نفسه ولكن بعد فوات الأوان...

فالكلمات لم تعد مجدية الآن،..فقدت مغزاها !!!

*الحكمــــه*

نحن لا نعرف قيمة بعضنا إلا في النهايات.!!

أن تقدم وردة في وقتها خيرٌ من أن تقدم كل ما تملك بعد فوات الأوان ..

أن تقول كلمة جميلة في الوقت المناسب خير من أن تكتب قصيدة بعد أن تختفي المشاعر ..

أن تنتظر دقيقة في الوقت المناسب خير من أن تنتظر سنة بعد فوات الأوان ..

ان تقف موقف انساني عند الحاجة إليك خيرا من أن تقدم مواساة بعد فوات الاوان.

لاجدوى من أشياء تأتي متأخّرة عن وقتها كقُبلة اعتذار على جبين ميّت .

الناس الأصيلة لا تتكرر،

لا تؤجل الأشياء الجميلة، فقد لا تتكرر مرة اخرى

**************************************

    حكاية وعبرة ..!!

* أحد زعماء المافيا إكتشف أن محاسب لديه إختلس منه عشرة ملايين دولار، وكان المحاسب أصم وأبكم، فقرر الزعيم أن يواجه المحاسب بما اكتشفه فأخذ معه خبيرًا في لغة الإشارة، وقال له :

* قم بسؤاله أين العشرة ملايين دولار

سأله الخبير عن طريق لغة الإشارة :

* فأجابه المحاسب أنه لا يعرف عن ماذا يتحدث، فأشهر الزعيم مسدسه وألصقه بجبهة المحاسب وقال للخبير : إسأله مرة أخرى..

* قال الخبير : سوف يقتلك إن لم تخبره عن مكان النقود، فأجاب المحاسب بلغة الإشارة : النقود في حقيبة سوداء مدفونة خلف المستودع

* وسأل الزعيم خبير اللغة ماذا قال لك : أجاب الخبير أنه يقول إنك جبان ومجرد حشرة ولا تملك الشجاعة لإطلاق النار عليه، حينها أطلق الزعيم النار على المحاسب، وانتهى الأمر لصالح خبير لغة الإشارة وذهب وأخد النقود

* العبرة : من الخطأ أن تضع ثقتك كلها في من ينقل إليك الكلام وتبني قراراتك على كلامه، فقد تكتشف بعد حين أن تلك الثقة لم تكن في محلها، فتكون خسارتك فادحة لا تقدر بثمن..

**************************************

انطلقت مُسرعة بإتجاه الحافلة الكبيرة التي ستقلها إلى منتصف العاصمة بالقليل من القروش.كانت تسير حزينة مُنزوية بعيدة عن العيون تحاول إخفاء دمعها الغزير،ولم تشعر إلا ّويداً حانية رقيقة تربت على كتفها،التفتت بعينيها البائستين فإذا هي(وداد) تلك الفتاة الوضّاءة التي تحيط بوجهها هالة من الضياء والنور تزيدها جمالاً وهيبة وإشراقاً،لكم تعجب(دعاء) من (وداد) إنها فتاة مُعدمة مثلها،وقد تكون أشدّ منها فقراً وحاجة،ولكنها مع ذلك تفيض بشراً ورضاً وشكراً..في براءة السماء وطهارة الضياء،وسكون الأصيل،وخشوع السحر..وعندما تسألها(دعاء) عن سر إشراقها ورضاها تجيبها وداد بكلامها الهادئ البيّن المعدود وهي تشير إلى السماء باسمة:

"فليتكَ تحلو والحياةُ مريرةٌ.  وليتكَ ترضى والأنامُ غضابُ

وليتَ الذي بيني وبينك عامرٌ    وبيني وبين العباد خرابُ

إذا صحّ منك الودُّ فالكلُّ هينٌ  وكل الذي فوقَ التراب ترابُ"

ولكنها في هذه المرة زادتها شرحاً وإيضاحاً فقالت بصوتها الخاشع الذي يخترق الحُجب:

"يادعاء،الليل الليل خذي منه زاداً وصبراً وصلاة وضياء ً وخشوعاً ورضاً،يادعاء الليل محطتنا"

هبّت دعاء من فراشها على صوت منبه الساعة،فنهضت وأغلقته ونفسها تراودها على أن تعود لإكمال نومها في فراشها الدافئ،لكنها تمنّعت وهمست:

-"الليل الليل،خذي منه زاداً وصبراً وصلاةً وضياءً وخشوعاً ورضاً،الليل محطتنا"

سكبت الماء البارد على أطرافها مُتوضئة فازدادت يقظةً وصحواً وانتباهاً،أطلت من النافذة على طريق الحي الطويل الذي تحيط به المساكن الصامتة المتلاصقة،هدوء عجيب يلفّ المكان،وكساء رقيق من العتمة يُغطي كل شيء..الناس نيام والله حي لا ينام..حمدت الله ربّها على أن رزقها مُتعة الحضور مع الأقلين المُقربين.

**************************************

وسوم: العدد 941