العود العجيب

نعس خالد فذهب إلى سريره لينام، ولم ينظّف أسنانه كعادته، فحزنت أسنانه، وخافت من الجراثيم، وقالت:

- لماذا لم ينظّفني خالد كعادته، هو ينظّفني كل يوم قبل نومه، وبعد طعامه. ماذا حدث؟ هل نسي؟ 

جلس خالد في سريره، وأخرج من جيب قميصه كيسًا فيه شيء يشبه القلم، ثم فتح الكيس، وأخرج منه عودًا طريًا، وقال:

- شكرًا يا عمي على هذه الهدية! 

وبدأ يفرك أسنانه بالعود، ويقول: 

- لا تقلقي يا أسناني، لم أنسك، لكني اليوم سأنظفك بالمسواك، نعم، بهذا العود النافع.

وفجأةً ظهرت أمام خالد صورة فمه، والمسواك يمر على أسنانه بلطف سنًّا سنًّا، ثم بدأت الصورة تتحرك، فصاح بدهشة: إنه فمي! وهذه أسناني! وهذا المسواك هدية عمي! 

بدأ فمي ينفتح، وبدأت أقترب شيئًا فشيئًا من أسناني، وكأنني أمام تلفاز، صار فمي ضخمًا بحجم البيت، وصرت أمامه قزمًا، واقتربت بحذر من الشفتين اللتين في الصورة، إنهما شفتاي! ثبتُّ في مكاني، ولم أتقدم أكثر؛ لأني خفت من المسواك الذي بدأ يمسح الأسنان من أولها، ويتابع إلى آخرها، ثم يعود من آخر الأسنان إلى أولها، حقًا لقد خفت أن يمر المسواك الضخم من فوقي، ثم بدأت أسمع صوت الأسنان، وهي ترحّب بالمسواك، وتبتسم له كلّما مرّ عليها! كانت سعيدةً سعادةً كبيرةً كسعادتها بمرور صديقتها الدائمة الفرشاة!

شممت رائحةً زكيةً تفوح في المكان، لقد حدّثني عمي عن رائحة هذا العود، وحدّثني عن طعمه، وذكر لي أنه لا يضرّ إذا بلعت جزءًا منه، وذكر فوائد كثيرةً له.

بعد قليل بدأت أسمع أصواتًا غريبةً، لا تشبه الأصوات الرقيقة التي سمعتها قبل قليل! وكأنني في معركة! نعم، كأنني في معركة! 

قال المسواك بشجاعة: لن تفلتي مني أيتها الجراثيم المؤذية! 

نادت جرثومة كبيرة: تمسّكوا - يا أصدقائي - بالأسنان، وادخلوا بينها؛ فالمعركة شديدة! 

ردّت جرثومة: النجدة! النجدة! لا أستطيع الإمساك بالسنّ أكثر!

تابع المسواك: لن أسمح لك أن تنامي هنا! هيا ابتعدي عن هذا البيت الجميل! 

ومن طرف آخر صاحت جرثومة: سيقضي علينا هذا العود العجيب!

ردت جرثومة ثانية: آه، آه، أجل، سيقضي علينا. 

صاحت جرثومة ثالثة: ليته كان قلم رصاص، أنا أحب قلم الرصاص، وأحب الممحاة والأظافر! إنها لذيذة! لا، لا، لا أريد أن أترك هذا المكان الجميل!

وقالت جرثومة رابعة: هذا العدوّ يقضي على أحلامي؛ كنت أريد أن أحفر بيتًا في هذه السنّ الجميلة!

كان المسواك لطيفًا على الأسنان، وكان في الوقت نفسه كالسيف على الجراثيم، لم أشاهد معركةً حاميةً مثل هذه المعركة! وصرت أهتف وأصفق للمسواك، وأشجعه كلما قضى على جرثومة، والمسواك لا يملّ، وما زال يسير فوق الأسنان ذهابًا وإيابًا يطارد الجراثيم حتى خفتت أصواتها، وهزمها.

دخلت أم خالد مسرعةً إلى غرفة ابنها خالد، وقالت متعجبةً:

- حبيبي! سمعت أصوات معركة من غرفتك! 

رد خالد بسرور وحماسة: كانت معركةً حاميةً يا أمي! انتصرنا فيها على الأعداء! 

لم ترَ أم خالد ما رآه خالد عندما دخلت عليه؛ لأنه عاد إلى حجمه ومكانه بسرعة، وقد قرّر أن يستعمل المسواك مرةً أخرى.

أما أسنانه فقد أحبت المدافع الجديد عنها حبًا جمًا، ونامت وهي سعيدة.

وسوم: العدد 979