أهازيج الحساوية

لقد أُعجِبتُ كثيراً بأحد الأخوة حينما رأيته يتغزل بمزماره (المايكروفون) فـي أحد الأفراح الأحسائية، وهو يُجري بعض المقابلات مع من حضر للحفل فتارةً يجري مقابلة مع ذاك الصغير وتارةً أُخرى مع هذا الكبير، وكذلك مع الأصدقاء وكوادر الصالة من طاقم تنظيمٍ ونظافةٍ واستقبالٍ..

بصراحةٍ شد انتباهي هذا العزيز بما يفعله، فآليت على نفسي ألاّ أخرج من العرس حتى أتشرف بلقائه والحديث معه، وبعد برهةٍ من الزمن سنحت لي الفرصة وجلسنا فـي زاوية من الصالة، فسلمت عليه ورد عليَّ التحية بأحسن منها وسألته: ما سر إعجاب الصغار والكبار بك؛ فابتسامتك قد ألبستك هالة حب الآخرين؟!

فأجابني مبتسماً: بالصدق نؤجر، وبالحب نسحر، وبالاحترام نظهر، وبالاهتمام نزهر..

ثم قال لي: أنظر إلى ذلك الشيخ الكبير فـي السن، باحترامي وحبي له جعلته يبتسم بأريحية مُطلقة، وجعلت قلبي يعانق قلبه..

علماً بأنه لم يهوى مقابلتي في البداية، ولكن بالدعابة والبسمة جعلته لا يتركني إلا بالدعاء والبركة والصلاح..

فأردف قائلاً: أنا لا أعي ما في داخله، ولكني تيقنت بأن الآباء والأمهات (الكبار) لا يريدون منا شيئاً سوى إعطاءهم الاحترام والاهتمام، لا بالقبلة التي نمن نحن عليهم بها كل أسبوع على رؤوسهم، حتى صيرناهم كتحفة قديمة وضعت فـي زاوية البيت قد مرَّ عليها الزمن، وألبسها حلةً من غبار الجفاء ونكران الجميل!!

ثم همس هذا العذب فـي أُذني: جرب مع والدك وأمك وكل من حولك بأن تذكره بأيام أمجاده وأن تستمع إليه بإنصات واحترام..

فسوف تجد قلبه مُتعلقاً بك، ومداوماً على السؤال عنك، ناهيك عن الطفل إذا أعطيته احتراماً واهتماماً، فماذا ستجني منه ساعتها وفي المستقبل؟

ثم قال لي: نحن سنكبر ويختلط وجهنا ببياض الشيب، ونصبح شيوخاً مثل هؤلاء فستجد هؤلاء الأطفال والشباب يعاملوننا مثل ما نعاملهم اليوم.

تماماً مثل هذا الأستاذ الذي يدرس فـي الصفوف الأولى، وبعد مرور الأيام يُصبح تلاميذه أصحاب شأنٍ عظيم بإذن الله، وحينما يرون معلمهم وقد هرم هرعوا إليه بالتحية والوفاء، وكالعادة يسألهم من أنتم؟!

فـيقولون: نحن طُلابك في المرحلة الابتدائية كومضة ختامية وتكاملية كما تزرع تحصد..

وسوم: العدد 1061