على أطلال قرية

هناك قرية نائية

في بلاد الواق واق

أهلها أميون

يحبون البطولات

والأساطير

ويبرز فيها كل مدة مهووس بالشهرة

يريد أن يلعب دور عنترة

ويكون له مجد عنترة

***

آخرهم ذاك المسمى قسورة

جسم قوي ممشوق

مفتول العضلات

يهدر بصوته كالذئب

ينظر كالعقاب يبحث عن فريسة

يتحرك كالأفعى في كل اتجاه

يتسلق الأشجار كالقرود

لا يكل ولا يمل من استعراض أمجاده

وكأن حواء لم تلد مثله

وإذا نسي شيئا منها

ذكره الشعراء بها

وغنوها مصحوبة

بالدبكة والطبل والدربكة

***

قسورة يعشق رؤية الدم

وسفك الدم

وشرب الدم

وأن يغتسل حتى بالدم..

ويصفق له البسطاء من الناس

وينظرون إليه بإعجاب

يظنون عضته أقوى من تمساح

وريقه أشد من سم العقرب

وقبضته أقوى من فك الأسد

به يصولون ويجولون

ويحمون المجد والتراث

ويواجهون مخاطر الغد

***

ذات يوم

جاء منطاد سياحي فوقهم

فخافوا

وارتعدت فرائصهم

ظنوه غزوا خارجيا من الفضاء

أو علامة ليوم القيامة

نادوا قسورة

فجاء يتبختر

وصرخ واستنكر

ونادى أنا الفتى الحامي الذمار...

وشهر سيفه اللامع كالفضة

وقرر أن يصعد أعلى صخرة

ويقفز بفرسه نحو المنطاد

فيسقطه

كان في المنطاد بضعة سواح

فجأة ارتفعوا بمنطادهم

وأخذوا يصورون قفزة قسورة

ويضحكون 

ويغمزون ويلمزون 

***

سقط قسورة بفرسه على الأرض

تكسرت عظامه

وانهد كيانه

ووقع فرسه في حفرة ضيقة..

وجاء شيوخ القرية والوجهاء

ليشدوا أزر قسورة

ولكن قسورة أكلته الأمراض والأسقام..

وكانت كل بطولاته

استهبالا ومسخرة

وصار يمشي القهقرى

***

قضى قسورة

فقام (شرشرة) ابن عم قسورة

ليكرر

القفز واللعب

والبطولات المزيفة

والمسخرة

والتف حوله

كل الأميين والبسطاء من قومه

في دورة جديدة

للأمية والوهم

والوعي الغائب خلف ألاعيب البطولات المزيفة

والسحر والفنجان والديدان

والصياح

والبهورة

***

في بلاد الواق واق

ينتحر أهل العقل

وتبقى الأساطير

والمهرجون

والمصفقون

والأبقار والأغنام

والموت والأوهام

والعسكرة

في رحلة لا تنتهي

ودورة مكررة

وسوم: العدد 1062