فضائيات

حيدر الحدراوي

[email protected]

كان عندي حمارا انيق , اسمه دملوج , وهو في ريعان الشباب , لا يشبع من الاكل , و كلما قدمت له الطعام , طلب المزيد .

وكان لدى جاري حمار عنيد , طاعن في السن , لقد عزف عن الطعام , واكتفى بالقليل , فذهب دملوج اليه , و دعا نفسه على ما لدى ذلك الحمار الكهل , الذي كان بخيلا , فمنع دملوج من الاقتراب اليه , ونسي او تناسى انه كهل , ولا يستطيع الدفاع عن نفسه وطعامه , فأنهال دملوج عليه ضربا حتى ارداه صريعا , وشرع في الاكل , ونسى الغبي جريمته ! .

ولما خرج صاحب الحمار الكهل , فنظر الى حماره مدد , صريعا , ودملوج يأكل مفتوح الشهية , دخل الى البيت , وبعد قليل , عاد الى مكان دملوج , وبيده بندقية , فأمطر ه بوابل من الرصاص .

في هذه الاثناء , كنت في البيت , لا اعرف الخبر , غير اني سمعت صوت اطلاق النار , فطرق الباب , هممت بفتح الباب , فاذا انا بجاري , شاهرا بندقيته نحوي , والدموع تنهمر على خديه , يروم قتلي , فأغلقت الباب بسرعة , ودخلت احدى الغرف مسرعا , وحاول هو بدوره تسلق الجدار , فأخرجت بندقيتي , وتبادلنا اطلاق النار , اشبه ما نكون , كأننا في مسلسل وادي الذئاب , ولم اكن اعلم لماذا هذا الهجوم الشرس ! وحين علمت بالامر , انتابني الحزن على حماري دملوج , فتناولت قنبلة يدوية , رفعت حلقتها , ورميتها نحوه , فأنفجرت , واردته قتيلا , وسقط جدار البيت القديم .

فلاحظ اربعة رجال من عشيرة جاري , فهرولوا لاحضار اسلحتهم , و طلبت الاسناد من عشيرتي , والتقى الجمعان , واحتدم القتال , واشتد النزاع , فحضر رجال عشيرة ثالثة ينوون الاشتباك , فأن رجلا منهم قد ناله بعضا من الرصاص , واصبحت كل عشيرة تقاتل على جبهتين , واتسع ميدان القتال , واستبسل الرجال , فتهاوت الشجعان , فأطلقت عشيرة جاري مدافع الهاون , فأمر قائد قوات عشيرتي بأحضار المدفع , الذي غـنمناه من الجيش السابق , فأحدث انهيار البناء , وزلزل قلوب الرجال .

امتد القتال حتى وصل المدينة , فأغلقت الاسواق , واختفى الناس في بيوتهم , حتى تدخل الجيش والشرطة , طلبوا ايقاف النار , واللجوء الى المفاوضات , فتوقف القتال , لكن لا تزال البنادق في الايدي , والاصابع على الزناد , والحذر كل الحذر خشية الغدر .

انتهزت فترة الهدنة , فترك الخندق الذي تحصنت فيه , ودخلت بيتي , كي اشرب قليلا من الماء , فوقع نظري على شاشة التلفاز , فرأيت بعض الفضائيات قد نقلت الخبر , والتقوا بالمحللين فقالوا :

-         للبعثيين يد في ذلك .

-         للقاعدة دور بارز .

-         ان هذه المعركة من صنع الميليشيات .