أصداء 2-6

أصداء

فراس حج محمد /فلسطين

[email protected]

أصداء (2)

مِنْ أَجْلِ عَيْنٍ أَلْفُ عَيْنٍ تُكْرَمُ!!

-7-

ماذا عليها لو كتبت كلمة حب جميلة ومرهفة بدلا من علامات الاستفهام والتعجب التي لم أستطع لها عدا!!

-8-

كأنّ الوقت لم يحِن بعدُ ليستعيد القلبُ مكانته بين أناملها، فقد بقيت أشعر بالبرد وتشعر اللغة بالغثيان، ويتمدد الأسود في ثنايا الكلام.

-9-

كلما رأيتها رأيت دمي نازفا، فتناديني القصيدة، وتبكيني القوافي، فينفتح الجرح، وتتساقط الدروب وجعا في طريق طويل.

-10-

هل سأفتح الذاكرة يوما فأنفض عنها غبارا متراكما يحجب ما تراءى مني حرفا في هوامش ميتة؟!

-11-

علامتان للتعجب!! وأخرى للسؤال، وما زالت الجملة بدون توقف....

-12-

فلتكسري قلمي، لم يعد في الروح شوق للظلام!!

-13-

أوشك السؤال اليوم أن يكون كاشفا عن العصب، فتداركتُ، وخشيت أن تتلبد السماء بالغيوم من جديد!

-14-

هل يمكن أن تحب شخصا وتكره بلدا تحتضن اشتياقاته؟ كأنني لم أتعلم يوما: من أجل عين ألف عين تُكرمُ!

أصداء (3)

لماذا كل هذا أيها الغبيُّ أنا؟

-15-

يمتعض من مقابلتي، وعندما أردت الخروج، يريدني أن أشرب فنجان قهوة، كأنني قطعت كل تلك المسافة، لأنه لا يوجد في بيتنا بُنٌ.

-16-

لماذا كل هذا أيها الغبيّ أنا؟ متى ستقلع عن الإدمان؟ إنها ما زالت تحتل دمائي، وما زالت المسافة تتسع!!

-17-

أيهما أفضل: أنتِ أم أنا أم هو؟ أنتِ سر حاجتي، وأنا مصلوب في جدار الوهم، وهو فقط من يتحكم بالجميع. تذكري أننا لسنا في معرض المفاضلة.

-18-

"لا تدعوا الفرصة تفوتكم" مكتوبة بالخط العريض على لوح إعلانات جليدية تذوب كلما مرّ الوقت متثاقلا، ومرّغ جبهة الذكرى وأرغمها على البقاء!!

-19-

أدخل في تدريبات طويلة الأمد، فقط من أجل أن أحتمل رؤيتها بين سطوري، تقول لي: "أنا هنا في قلبك وإن رحلتُ"، فيجيب الصدى.

-20-

هي كما أنا تبحث عن منفذ، وجدنا أخيرا مسربا مفتوحا، مشينا فيه، ارتطمت رؤوسنا بسارية هناك، فصحونا من غفوتنا.

-21-

الخوف ينام بين أناملها، ويمنع الحروف من الاقتراب، تحاول حواجزي التمرد على حواجزها، فترسم الحكاية شخوصها كأنهم يعيشون في المريخ، ولا يعرفون شكل الأرض أو طعم شقائها الحنظلي! كأنه العسل.

-22-

نصحتني بأن أتريث لشرب فنجان من القهوة، لعل ذلك الفنجان يفتح نفقا مظلما لحديث ما، فهل كان الحق على القهوة أم على من يصنعها بروتوكوليا ويشربها تأدية لواجب عزاء نفسيٍّ قاتل؟   

-23-

ستعرفين يوما بأنني أفضل الرجال الذين مروا في حياتك أو أقاموا فيها، لأنني فقط صادق مع نفسي، ولن يسلم عليّ مادح نفسه هذه المرة!!

-24-

بدأت، فانتكست، آهٍ، لو كنت أعلم خاتمتي!!

-25-

هي تماما مثل مقام الرست، أصل لكل جميل، ومنبع لكل لحن شجي.

-26-

هي وحدها من تملك سر الفرح، وهي وحدها من تنعش روحي وابتهالاتي في ظل هذا الكم الهائل من الحزن متعدد الطبقات.

-27-

حاولتُ أن أحرك مياها راكدة، فاكتشفت أنني قد ابتلعت المنجل، وربما خسرت شربة الماء النقية التي كانت بحوزتي.

-28-

أهالتْ عليّ عتابها مرة واحدة، وحمّلتني مسؤولية الفشل، كأنني أمتلك عصا سحرية لتغيير ما في النفوس التي لم تعد تقبل بوجودي أو رؤية شبحي قادما من بعيد.

-29-

أستعين على قضاء حوائجي بالصبر والكتمان، فتردني الأقدار إلى نقطة الصفر، وإلى تقاطع طريق مزروع بألغام نبوءات متوجسة.

-30-

جاءني شعور بالندم عند قراءة رسالتها الأخيرة، ولكنها لم تعلم بأنني ما زلت مقيدا في سجلات الانتظار استعدادا لقُبلة الليلة الأولى في مشوار عمر، سننهيه معا، لم أكن أحلم، ولكنني فعلا أصدق أغنياتها، وأومن بأنها لن تكون الخادعة.  

أصداء (4)

وليس لشهقتي أحد سواها

-31-

لَنْ يُفْلِحَ قَلْبٌ وَلَّى أَمْرَهُ امْرَأَة.

-32-

مُنْتَهى الْقَسْوَةِ أَنْ تَجِدَ امْرَأَةً تَتَوَلّاكَ، وَتَحْتَضِنُكَ بِسَرابِ ذَراعَيْها، ثُمَّ تَتْرُكَكَ لِلِّريح.

-33-

رُبَّما كانَتِ المَرْأَةُ أَرقّ المَخْلوقاتِ، كَالماءِ قَدْ يَشْرَقُ بِها الشّارِبُ وَيَغَصُّ فَيَموت!

-34-

كأنني واحدٌ من نِسْلِكم أيها المهووسون بالوفاء، والسجن في الذكريات التي لم تَعُدْ ترحمني، فهل سيبتهل الحرف بغوايته لينقذَ ما تبقّى من جروح الروح المسافرة تطارد طيفا راحلا؟ وأنا على قلق والريح تحتي، تُنضج ما تناثر من حكايات حزينة.

-35-

تُعَلِّمُني الغِوايةَ كلّ وقتٍ

 بفن عازف لحنا حكاها

  

وتسقيني شراب الحب صفوا

 وترويني بشهد من رضاها

  

وتنذرني ببعد ثم هجر

 فأبكي العمر يا عمري هواها 

  

أعارتني إلى ليلٍ لئيمٍ

 يقيدني بقيد من لظاها

  

فأسكن في جهنمها رمادا

 وليس لشهقتي أحد سواها

-36-

لا تكوني مثل بقايا وطن، نراه من بعيد فنتوهم أنه لنا، وإذا به يدخل مُختارا جيوب الفاسدين، فقط لكي ينسى أن هناك من يحبّه ومستعدا لأن يموت من أجله، فلا تداوي غيابي في عباءات الآخرين، "فالسمُّ في كأس الشراب يكونُ"!  

-37-

هل من قسوة أشد من أن تسلم حياتك لغيرك؟ ولا تجد من يربّت على كتفيك وقت التعب، ويخبرك بأنه مستعد لاستبدالك بآخر عندما تسنح الفرصة لقادم يطرق الباب طالبا أن يعزف على وتر قد يُودي بسامعيه ومنشديه إلى التهلكة. 

أصداء (5)

لحظة الإشراق الأولى أنتِ

-38-

عندما يعاود الليل حضوره تعاود أطيافكِ الاشتعال، ويصبح الجنون سيد المواقف كلها.

-39-

أعلمها السهر والأغاني، فتسهر لتراني وقد أصبحت بلا أي اتزان!!

-40-

كم  كان صوتكِ خفيضا وناعما ومؤثرا،  تكلمني وهي تنزع عنها أغشية المنام، فتبدو بكامل أنوثتها أحسها وكأنها تسكب في قلبي كل شهوة ممكنة.

-41-

بدت كلحظات الإشراق الأولى، كالسنا الخافت القادم من بعيد يأخذ بالوضوح مرات ويتشكل شبه لغز مرات أخرى. كم أنت كاملة أيتها القديسة الغافية على جناح حلم.

-42-

يعتمد كلانا سياسة الأبواب المغلقة، نحاول أن نمنع العين أن ترى ملامح خيبة طافحة، قد نلجأ أحيانا بمداراتها بضحكة بلاستكية تفضح غباءنا المحض.

-43-

نستقلّ مراكب ليست لنا، فنغدو حمولة زائدة أمام أول محطة ينتظر فيها راكب محمل بالورود والعطر المسروق من بقايا أحلامنا.

-44-

نشتاق العناق، فيردنا سيف من عيون الآخرين، ليقتل غوايتنا في مهدها.   

-45-

تعريف ممكن للبؤس: عاصفة ميتة لم تحدث التدمير المطلوب، وتوصيف آخر للشقاوة: شراعُ قلقٍ آيلٌ للسقوط.

-46-

الرماد: جسد متناثر كان يوما يسافر على أجنحة الغيم الشفيفة تحمل مطرا ليلكيا باردا.

-47-

صدّقتها، فرسمت بريشة طاووس أملا كان فائضا عن الحاجة، وصدقتني، فرسمتني غبارا في عبارة محنطة.

أصداء (6)

العودة على مفترق حديث

-48-

ذهب مع الريح، ولعله يعود مع العواصف محملا بكل ما يشتاق إليه الهدوء.

-49-

خمس دقائق أخرى، ويبتكر المحبّ طريقة أخرى، ليعبر فيها مسافة أخرى، كبعض ياردة أخرى، فلم يعد يقوى على قطع مسافات طويلة أخرى.

-50-

كل شيء بدا عاديا، الصباح عاديا، والربيع عاديا، والانتظار في مسامات الوقت عاديا، إلا أنا وهو وهي لم يكن أحد فينا عاديا. نقف على مفترق غامض من خلايا أحزاننا النازفة.

-51-

الليل كمفهوم ميتافيزيقي: ذرات مطحونة من وهم الرماد، تقف في الحلق شاهدة على غصّة قادمة.

-52-

لن يمرّ الهواء عابرا بين جسدين ملتحمين في روح واحدة، إن كان التحامهما كنهر يصب في ساقية المياه الدافئة حنينا متواليا معزوفا بأغنية القلوب المهتدية بنور السماء السرمدي.

-53-

تطول الجملة، فتبحث عن موقع لعلامة ترقيم واحدة فلم تجد غير انهيال بلا حدود يحاول استيعاب طوفان يحمل وردة عابقة، تحكي أوراقها عذوبة ملمس الحرير في خدين لؤلؤيين.

-54-

العودة على مفترق طرق حديثٍ متشكل يوزع ما تبقى من جراحنا في أسفار التاريخ، ربما يقرأها يوما عاشق ذو عقل كبير وقلب مفعم بالأماني، فيطمئن إلى إمكانية أن يشرب من يدي غائبته شربة المنى، ويرقص رقصة اللقاء الأبدي في عناق لا انفصام بعده!  

-55-

حركي المياه الراقدة هناك، لأستطيع أن أسبح في لجة المحيط، لعلني أمسك بوصلتي، فأتبع نبض السؤال الباحث عن إجابته بين دفاتر أحلامك!

-56-

لا تقولي انتفض وأنا معك، بل قولي علينا أن ننتفض وأنا أسكن بين جوانحك، وأنت من يقيني حرّ لحن مموج في زمان لا يحب سامعوه الأغاني الرصينة والأفكار المكتنزة.