سجين الذكريات

عبد القادر كعبان

[email protected]

أخذت أجول في أركان غرفتي الباردة مثل السجين. سحبت نفسا عميقا من سيجارتي اللعينة. عدت و نفثه في قوة غضب و استياء. استعدت كلمات أحد أصدقائي المقربين. للحظة تطلعت إلى الفوضى التي تحوم بأجواء الغرفة. فهمت قصده حين قال:

- أنت لا تزال سجينا للذكريات.. أنا أفهمك جيدا، و لكن أتظن أن هذا هو الحل الذي سيعيد البسمة الى حياتك؟

عن أية حياة تحدث ذلك الصديق. كل شيء انتهى و لم يعد هناك شيء لإستعادته.

ثم عاد يقول حين وجدني مدفونا في صمتي:

- هي ستظل تحبك رغما عن أنفك.

أجبته بنبرة لا تخلو من سخرية القدر:

- و ماذا تريدني أن أفعل لإمرأة تزوجت و تركتني؟

ثم أكمل:

- غلطتها أنها تحبك.

قاطعته:

- لا أريد أن تكرر غلطتها. لها أطفال و لا أريد أن يكون لي يد في طلاقها يوما.

أيقنت أنني فعلت الأمر الصحيح حينما ابتعدت عن حياتها. ربما أحببتها يوما أكثر من نفسي رغم الألم الذي سببته لي. هربت الدموع من عيني حين تذكرت موعدنا الضائع أين أخبرتني أنها ستتزوج من رجل ثري. أصابتها موجة من التوتر و القلق حينما تحدثت للحظات:

- يجب أن أتركك و لكن..

هل أيقنت اليوم بعد هذه السنوات أنها كانت تعيش تحت سقف فخم يغلفه جو من الأكاذيب؟ أم أنها رائحة الحنين لحبنا اللي كان؟ أيمكن أنها اكتشفت أن حياتها ستصبح معه شبه مستحيلة مستقبلا؟

خيم الصمت على أجواء غرفتي الباردة حتى قطعه رنين الموبايل حيث فاجأني صوت أنثوي خافت يطلب فرصة لقاء قريب في تضرع و دموع بريئة.