الكلبة

محسن عبد المعطي عبد ربه

الكلبة..

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

اَلـْكَلـْـبَةُ (هَاوْ) كَلـْـبَـةٌ طَـيِّـبَـةُ الـْقَلـْبِ,عَفـِيفَةُ اللِّسَانِ مُخْلـِصَةٌ جِدًّا لـِصَاحِبـِهَا,أَمِينـَةٌ عَلـَيْهِ وَعَلَى بَيْتِهِ وَأُسْرَتِهِ, اَلـْكَلـْـبَةُ (هَاوْ) تَسْهَرُ طَوَالَ اللـَّيْلِ خَلـْفَ بَوَّابـَةِ بـَيْتِ صَاحِبـِهَا الـْمُعَلـِّمِ(السَّلـْخِ)تـَاجِرِ الـْبـَهَائِمِ وَالـْمَوَاشِي,وَالـْفَلاَحِ فِي نَفْسِ الـْوَقـْتِ ,كَانَ الـْمُعَلـِّمُ (السَّلـْخُ) رَجُلاً طَيِّباً يُتـَاجِرُ فِي الـْبـَهَائِمِ وَالـْمَوَاشِي يَوْمَيِ الثـُّلاَثـَاءِ وَالـْخَمِيسِ, وَكَانَ تـَاجِراً أَمِيناً,لاَ يُحِبُّ أَنْ يَكْسِبَ إِلاَّ الـْقِرْشَ الـْحَلاَلَ ,وَمَعَ ذَلـِكَ كَانَ كَثـِيرَ الإِنـْفَاقِ, وَكَانَ دَائِماً مَا يَتَذَكَّرُ قَوْلَهُ تَعَالَى:(يَا أَيُهَا الـَّذِينَ آمَنُوا أَنـْفِقُوا مِمَّا رَزَقـْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلـَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالـْكَافِرُونَ هُمُ الظـَّالـِمُونَ) سُورَةُ الـْبَقَرَةِ الآيَة 267,يُقَابِلُهُ بَعْضُ أَصْدِقَائِهِ وَيَطْـلُـبُونَ مِنْهُ أَنْ يُقَلـِّلَ مِنْ إِنـْفَاقِهِ عَلَى الـْفُقَرَاءِ فَيُذَكِّرَهُمْ بـِقَوْلِهِ تَعَالَى:(وآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الـَّذِي آتَاكُمْ) الآيَةِ33 سُورَةُ النـُّورِ,وَقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ:(وَالـَّذِينَ فـِي أَمْوَالـِهِمْ حَقٌ مَعْـلُومٌ24 للسَّائِلِ وَالـْمَحْرُومِ25) (سُورَةُ الحاقة) فَيَقُولُونَ بَارَكَ اللهُ فِيكَ يَا(عَمُّ السَّلـْخُ) وَأَكـْثـَرَ مِنْ أَمْثـَالـِكَ وَفَتَحَ لَكَ أَبـْوَابَ رَحْمَتِهِ وَكُنُوزَ سَعَادَتِهِ, كَانَ الـْمُعَلـِّمُ (السَّلـْخُ) لاَ يَشْغَلُ بَالَهُ بِهَذِهِ الدَّعَوَاتِ النَّابِعَةِ مِنْ قُلُوبِ النَّاسِ بِقَدْرِ مَا يَشْغَلُ بَالَهُ أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ,وذَاتَ يَوْمٍ نَامَ (عَمُّ السَّلـْخُ) بَعْدَ أَنْ صَلَّى الـْعِشَاءَ والسُّنَنَ الـْبَعْدِيَّةَ وَالْوِتْرَ فَرَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ رَجُلاً ذَا جِلْـبَابٍ أَبْيَضَ وَطَاقِيَّةٍ بَيْضَاءَ مُرَبَّعَةٍ يَقُولُ لَهُ:يَا سَلْخُ لـَقَدْ كَبُرَتْ كَلـْـبَتـُكَ وَوَجَبَ عَلـَيْكَ أَنْ تـُزَوِّجَهَا,أَصْبَحَ (عَمُّ السَّلـْخُ) فَصَلـَّى الـْفـَجْرَ ,وَقَالَ:اللـَّهُمَّ اجْعَلـْهُ خَيْراً وَفَكَّر كَثِيراً فِي هَذَا الـْحُلـْمِ,وَقَالَ:-فِي نَفـْسِهِ-لاَبُدَّ أَنْ أُدَبـِّرَ زِيجَةً طَيِّبَةً لـِهَذِهِ اَلـْكَلـْـبَةِ السَّمْرَاءِ الصَّالِحَةِ,وَفِي تِلـْكَ اللـَّحْظَةِ قَفَزَ إِلَى ذِهْنِهِ الـْكَلـْبُ الأَبـْيَضُ الـَّذِي يَحْرُسُ النـَّاحِيَةَ الـْقِبـْلـِيَّةَ لِبَيْتِهِ فَهُوَ كَلْبٌ شَهْمٌ وَوَفِيٌّ ,فَأَحْضَرَهُمَا وَوَضَعَ لَهُمَا الطَّعَامَ مَعاً,وَجَهَّزَ لـَهُمَا عُشَّةً جَمِيلَةً جِوَارَ النـَّاحِيَةِ الـْقِبـْلـِيَّةِ, وَبَارَكَ زَوَاجَهُمَا وَتَرَكَهُمَا شَهْراً كَامِلاً حَتـَّى حَمَلَتْ اَلـْكَلـْـبَةُ (هَاوْ) حَمْلاً ثـَقِيلاً,وَأَخَذَ الـْكَلـْبُ الأَبـْيَضُ(رَاجْ)يَرْعَاهَا أَثـْنـَاءَ الـْحَمْلِ وَيُسَاعِدُهَا,وَيَجْلِبُ لَهُمَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ حَتـَّى تَمَّمَ اللهُ لَهَا,وَأَنـْجَبـَتْ اثـْنـَيْ عَشَرَ جَرْواً (مُلـَبـَّطَةً) بِالأَسْمَرِ وَالأَبـْيَضِ,رَائِعَةَ الـْجَمَالِ فَرِحَ بِهَا (عَمُّ السَّلـْخُ)وَاسْتـَبـْشَرَ خَيْراً بـِقـُدُومِهَا,بـَعْدَهَا كَانَ(عَمُّ السَّلـْخُ)يَمْتـَلـِكُ فَدَّاناً مِنَ الأَرْضِ الزِّرَاعِيَّةِ جَاءَ فِي زِمَامِ الـْكَرْدُونِ الـَّذِي تـُخَطـِّطـُهُ الدَّوْلـَةُ لِلـْمَبَانِي,وَبَنَى(عَمُّ السَّلـْخُ)عَشْرَ عِمَارَاتٍ سَكَنِيَّةٍ لأَهْلِ قَرْيَتِهِ الطـَّيِّبـِينَ بِأَسْعَارٍ رَمْزِيَّةٍ ,وَكَبُرَتِ الـْجِرَاءُ وَأَصْـبَحَتْ كِلاَباً شَابَّةً تَـتَـنَـاوَبُ فِي حِرَاسَةِ الـْعِمَارَاتِ الـْعَشْرَةِ,وَقَالَ أَهْلُ الـْقَرْيَةِ: يَا (عَمُّ السَّلـْخُ)فَتَحْتَ لـَنَا بَاباً مِنَ الـْخَيْرِ فَفَتَحَ اللهُ لَكَ عَشْرَةَ أَبْوَابٍ  (و اللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلـِيمٌ)سُورَةُ الـْبَقَرَةِ الآيَة 261