فَارِسُ.. قَـلْبِي..

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

جَلَسَ(سَافَاتُ) بَيْنَ أَشْجَارِ الْغَابَةِ الْكَثِيفَةِ حَزِيناً, كَاسِفَ الْـبَالِ ,يَضَعُ يَدَهُ عَلَى جَـبْهَتِهِ ,وَانْحَدَرَتْ دَمْعَةٌ عَلَى خَدِّهِ ,فَـأَتَى الْقِرْدُ (نُوفِي) وَمَسَحَهَا وَسَـأَلَهُ: مَالَكَ يَا صَدِيقِي؟! ,قَالَ (سَافَاتُ): اِسْوَدَّتِ الدُّنْـيَا فِي وَجْهِي , قَالَ (نُوفِي):لِمَ يَا عَزِيزِي؟! اِنْهَمَرَتِ الدُّمُوعُ عَلَى وَجْهِ (سَافَاتُ)وَ قَالَ: كُـنْتُ أَظُنُّ يَا (نُوفِي) يَا صَدِيقِي أَنَّ هُنَاكَ نَاساً كَثِيرِينَ مِثْلِي فِي وَفَائِي ,وَلَكِنَّنِي صُدِمْتُ , قَالَ(نُوفِي): هَوِّنْ عَلَيْكَ يَا صَدِيقِي ,وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

"ضَاقَتْ فَلَمَّا اسْـتَحْكَمَتْ حَلَقَاتُهَا     فُرِجَتْ وَكُنْتُ أَظُنُّهَا لاَ تُفْرَجُ"

وَقَفَزَ عِدَّةَ قَفَزَاتٍ ,وَأَتَى بِسُـبَاطَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الْمَوْزِ , وَ قَالَ:- فِي تَوَسُّلٍ- آمُلُ أَنْ تُشَارِكَنِي الطَّعَامَ يَا أَعَزَّ صَدِيقٍ ,اِبْـتَسَمَ (سَافَاتُ) وَأَخَذَ يَـأْكُلُ مَعَ (نُوفِي) وَانْشَرَحَ صَدْرُهُ , وَكَانَتِ الْقِرْدَةُ الصَّغِيرَةُ (نُنَّهْ) تَقْرَأُ-بِصَوْتٍ عَالٍ- قَوْلَ الشَّاعِرُ:"عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتُ فِيهِ ,يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ" وَقَالَ(نُوفِي):أَوْقِدِي النَّارَ يَا(نُنَّهْ) ,مَاذَا جَهَّزْتِ لِصَدِيقِي (سَافَاتُ)؟!, قَالَتْ(نُنَّهْ): الْخَرُوفُ عَلَى النَّارِ ,وَقَدَّمَتْ(نُنَّهْ) الْخَرُوفُ (لِسَافَاتَ) ,فَـأَكَلَ (الْهُـبَرَ) بِنَفْسٍ مَفْـتُوحَةٍ ,وَأَخَذَ يُدَاعِبُ (نُوفِي) ضَاحِكاً :كُلْ يَا (نُوفِي) ,الْـبَـيْتُ بَـيْـتُكَ , قَالَ (نُوفِي): كُـلُّـهُ فِي الْمَوَانِي ,كَفَّكَ ,اِضْرِبْهَا (صَرْمَةً) تَهَلَّلَ وَجْهُ(سَافَاتَ) بِالْبِشْرِ ,وَعَادَ إِلَيْهِ صَفَاؤُهُ , وَقَالَ(نُوفِي):اَلشَّايُ يَا(نُنَّهْ), قَالَتْ(نُنَّهْ): شَايٌ فِي الْخَمْسِينَةِ ,لَكَ وَلِضَـيْفِكَ الْكَرِيمِ ,بَعْدَهَا امْـتَطَى(سَافَاتُ) وَصَدِيقَهُ (نُوفِي) ظَهْـرَ الْفِيلِ ,وَأَخَذَا يَـتَفَسَّحَانِ فِي الْغَابَةِ ,وَيَرْقُصَانِ عَلَى ظَهْـرَ الْفِيلِ ,و(سَافَاتُ) يُـنْشِدُ: "أَنَا بَيْنَ الْأَدْغَالْ   وصَدِيقِي  (نُوفِي)

نَسْـبَحُ فِي الْآمَالْ    بَيْنَ الْمأْلُوفِ"

وَيَرُدُّ عَـلَـيْـهِ(نُوفِي):"

(سَافَاتَ) صَدِيقِي    فَارِسَ غَابَتِنَا

وَسَمِيرَ خَيَالِي        رَائِدَ  رِحْـلَـتِـنَـا"

وَيُجِيبُ (سَافَاتُ):"

 يَا (نُوفِي) حَقًّا      غَابَـتُـكَ عَجِيبَةْ

رِحْـلَـتُـنَـا انْطَلَقَتْ      و(النُّنَّـه) رَقِيبَةْ"

وَتُجِيبُ(نُنَّهْ):

"أَمْرُكَ يَا (سَافَاتُ)   يَا فَارِسُ.. قَـلْـبِي

خُطُوَاتُكَ تَمْضِي     فِيهِ عَلَى الدَّرْبِ