الحمار أم الأحمر ....!؟

أبو الشمقمق

- أيقظني يارفيق عند نهاية الاجتماع ..!

- لايجوز . الرفاق أعضاء القيادة وعلى رأسهم الأمين الام المساعد جاؤوا من آخر الدنيا ، ليزفوا إلينا انجازات وإعجازات وانتصارات الحزب واندحارالاستعمار والصهيونية ، وانت تدير ظهرك لهم وتنام ...؟

- من يوم انتسابي للحزب إلى هذه اللحظة وأنا اسمع نفس العبارات .انتصارات على انتصارت على انتصارات حتى تمنيت أن ُنهزم مرة واحدة ...! هل تريد أن تسمعها مني أم من الحمار أم من الأحمر ؟ ( يقصد عبدالله الأحمر وفي العبارة تورية لاتخفى على القارىء )

 قلت له مازحاً :

- لا ...! الله يرضى عليك . نم أنت وأنا سأسمعها من الأحمر ..! 

- إذن ..؟ جهز نفسك لساعتين للعذاب دون أن تفهم حرفاً واحداً ...

 هنا شعرت بحاجتي إلى النوم أيضاً . بعد ساعة من العذاب اسيقظ جاري النائم وسأل بكل بساطة وهو يفرك عينيه :

 - إلى اين وصلتم ...؟ الى المرحلة الراهنة أم إلى المنعطفات التاريخية ..؟

 - إلى المرحلة الراهنة ..

 - إذن نحتاج إلى ساعة أخرى لنصل إلى المنعطفات ال ......

 مال الرفيق برأسه مرة أخرى ، مد بساقيه إلى الأمام تحت المقعد الأمامي

 وانحنى بجذعه وراح يغط في سبات عميق . إنها حقاً موهبة قلما تتوفر لأحد ، أن تنام متى ماشئت وأينما شئت . حين استيقظ ثانية ، لم يتكلم بل سأل : 

 - هل من جديد لديك ؟

 لم ينتظرني كي أجيب بل استدار برأسه نصف دورة ثم شمل الصفوف الخلفية بنظرة سريعة فوجد الكثير من النيام مثله . قال :

- ولك يازلمه ..حزب كله مسخرة بمسخرة ...!

- لماذا تقول ذلك .؟ لقد وجه الدعوة للجميع إلى غداء دسم على حساب الحزب بعد انتهاء الاجتماع ، ألا يعتبرهذا مكسباً لصالحنا وانتصاراً على الاستعمار ؟

 ضحكنا معاً فقال :

- إنهم يطعموننا إبراً ويخ......ننا مسلات ....! كلها من اشتراكاتي واشتراكاتك .

- لا. غير صحيح .

- لم لا.؟ كلهم لصوص أباً عن جد ، من الأمين العام للحزب وحتى ( أم حسن ) التي تعمل في مؤسسة الخضار في حارتنا ..!

- لا أدافع عنهم كما فهمت حضرتك ، إنما اقول : كل اشتراكات الحزب من أوله إلى آخره لاتكفي مصروف جيب لواحد من أولاد رفعت ..!

- لاترفع صوتك ، الله يرضى عليك ، أنت حزبي ملتزم .

انتهى الخطيب من خطابه الغامض . دعا المستمعين بعدئذ إلى طرح الاسئلة فقال صاحبي بسخرية :

- هل تظن أن الأحمر كان يفهم ما يقول .؟

- لا . طبعا ً ، لكنه يتعمد مخاطبة المجتمعين بهذه اللغة . هل تعلم لماذا ؟

- لا .

- لأنه يتجنب الإحراج ويبتعد عن الإجابات على الأسئلة المطروحة من هؤلاء الرعاع المجتمعين تحت خيمة الحزب ؛ وأغلبهم موظفون عند المخابرات لذلك لاتغرك مزاعم الحرية داخل الاجتماع للأعضاء وتحريمها خارجه ، كلنا ندرك أنها نوع من المصائد لمعرفة من ينتقد قراررات القيادة من الحاضرين ، فتتلقفه المخابرات بعد الاجتماع لتريه نجوم الظهر وتنسيه الحليب الذي رضعه ...!

- معقول هذا الكلام ، هل نحن في غابة .؟

- نعم . أنت في غابة ونحن حيواناتها .

- والأحمر .؟ إلى أي فصيل ينتمي ؟

- أنت أجبت بنفسك . إنه من فصيلة الحافريات .!

- العمى ...! إذا كان الأحمر حافرياً ، فلا شك أننا من الديدان .! وإذا كانت غابة كما تقول فمن يملكها ؟ 

- حمار الغابة .

-- -------------------

لمن لا يعرف من الأجيال الجديدة ، مازال الأحمر على قيد الحياة حتى الآن ومازال يمارس مهامه الحزبية منذ ستين سنة ...!! وآخر رحلاته كانت إلى كوريا الشمالية منذ أشهر رغم أن القصة حدثت في بداية السبعينيات .