شِيكْ..

محسن عبد المعطي عبد ربه

محسن عبد المعطي عبد ربه

[email protected]

نَامَ الْأُسْتَاذُ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ يَوْمٍ مَرِيرٍ قَضَاهُ فِي صِرَاعٍ عَنِيفٍ بَيْنَ الْأَنَا وَالنَّحْنُ وَبَيْنَ نُفُوسِ الزُّمَلَاءِ الِاسْتِغْلَالِيِّينَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ تَحْقِيقَ مَصَالِحَ مَادِيَّةٍ عَلَى حِسَابِهِ وَنَفْسِهِ الطَّيِّبَةِ الشَّفِيقَةِ الَّتِي تُرِيدُ تَوْفِيرَ كُلِّ جُنَيْهٍ بَلْ كُلِّ قِرْشٍ بَلْ كُلِّ مِلِّيمٍ مِنْ أَجْلِ أَوْلَادِهِ هَؤُلَاء الْأَوْلَادِ الْغَلَابَةِ الَّذِينَ كَمْ يَتَأَلَّمُ مِنْ أَجْلِهِمْ عِنْدَمَا يَسْمَعُ أَنَّ الْمُوَظَّفَ الْفُلَانِيَّ يَتَقَاضَى عَشَرَاتِ الْآلَافِ مِنَ الْجُنَيْهَاتْ وَالْإِعْلَامِيَّ الْفُلَانِيَّ يَتَقَاضَى مِلْيُونَيْ جُنَيْهْ وَالْمُدِيرَ الْفَنِّيَّ لِلْفَرِيقِ الْفُلَانِيِّ يَتَقَاضَى عَشَرَاتِ الْمَلَايِينِ مِنَ الدُّولَارَاتِ أَوِ الْيُورُوهَاتْ وَرَئِيسَ الدَّوْلَةِ الْفُلَانِيَّةِ الْمَخْلُوعْ لَدَيْهِ عَشَرَاتُ الدَّوَالِيبِ الْمَلِيئَةِ بِالْمَاسِ وَالذَّهَبِ وَالْأَلْمَاظْ وَلَدَيْهِ فِي حِسَابِهِ الشَّخْصِيِّ مَا يُقَارِبُ الْمِائَةَ مِلْيَارْ يُورُو وَابْنَ فُلَانٍ الَّذِينَ كَانَتْ مَاشِيَةً مَعَهُمْ بِسَتْرِ رَبِّنَا يَتَقَاضَى رَاتِبَهُ بِالْجُنَيْهِ الْإِسْتِرْلِينِي وَالطَّالِبَ الْفُلَانِيَّ الَّذِي كَانَ بَيْتُ أُسْرَتِهِ بِالطُّوبِ اللَّبَنِيِّ وَلَا يَحْلُمُ أَنْ يُغَيِّرَ هَذَا الْوَضْعَ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامْ  قَدْ بَنَاهُ عِمَارَةً وَتَزَوَّجَ دُكْتُورَةً أَجْنَبِيَّةً مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلْ دِرَاسَتَهُ الْجَامِعِيَّةْ.

يَاهْ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَاهْ!!! كَمْ هِيَ غَائِبَةٌ الْعَدَالَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةْ!!! وَهَلْ هِيَ مَوْجُودَةٌ أَصْلاً؟!!! أَيْنَ أَنْتَ مِنْ هَؤُلَاءْ؟!!! أَيْنَ أَوْلَادُكَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ؟!!! أَيْنَ زَوْجَتُكَ مِنْ زَوْجَاتِهِمْ ؟!!! هَلْ هُنَاكَ مُقَارَنَةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ وَالْخَدَمَاتِ الصِّحِيَّةِ وَالتَّرْفِيهِيَّةِ وَالْمَدَارِسِ الْخَاصَّةِ وَالْجَامِعَاتِ الْأَهْلِيَّةْ؟!!! يَاهْ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَاهْ!!! هَلْ تُشَاهِدُ زَمِيلَ الدِّرَاسَةِ الَّذِي يَمْلِكُ ثَلَاثَ عَرَبَاتٍ مَلَّاكِي وَيُشَغِّلُهَا مَشَاوِيرْ لِيَكْسِبَ فِي الْيَوْمِ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُكْمِلِ الْإِعْدَادِيَّةِ الْأَزْهَرِيَّةِ؟!!! هَلْ تُشَاهِدُهُ يَقِفُ فِي الشَّارِعِ وَيَقُولُ بِلِسَانِ الْحَالِ لَا الْمَقَالِ{يَا أَرْضِ اشْتَدِّي مَا عَلِيكْ قَدِّي؟!!!} يَاهْ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَاهْ!!! كَمْ تَحْمِلُ مِنَ الْهُمُومِ وَالْأَحْزَانِ والْآلَامِ بَلْ وَالْمَصَائِبِ وَالْكَوَارِثْ وَلَا تَشْكُو بَثَّكَ وَحُزْنَكَ إِلَّا لِلَّهْ وَتَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَعْلَمُهُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسْ كَمْ كَانَ قَلْبُكَ يَتَقَطَّعُ حَسْرَةً وَأَلَماً عِنْدَمَا شَاهَدْتَ الْكَثِيرَ مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ الَّذِي يَقُولُونَ عَنْهُ:"إِنَّهُ مُتَقَدِّمْ" يَتَلَذَّذُونَ بِمُشَاهَدَةِ الْقَتْلَى وَالْجَرْحَى مِنْ دُوَلِ الْعَالَمِ النَّامِي لَا تَحْزَنْ يَا عَبْدَ اللَّهْ فَاللَّهُ يَنْتَقِمُ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِينْ بِالزَّلَازِلِ وَالْبَرَاكِينْ وَيَجْعَلُ قَنَابِلَهُمُ النَّوَوِيَّةَ عَاراً وَوَبَالاً عَلَيْهِمْ نَامَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ كُلِّ هَذِهِ الصِّرَاعَاتْ وَبَعْدَ يَوْمٍ مَلِيءٍ بِالِاحْتِجَاجَاتِ وَالْمُتَنَاقِضَاتِ وَالْمُظَاهَرَاتْ وَاسْتَيْقَظَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِي الْوَاحِدَةِ صَبَاحاً وَيُحَضِّرُ بَعْضَ الدُّرُوسِ مُسْتَعِيناً بِكِتَابَيْ شَرْحِ أَلْفِيَّةِ ابْنِ مَالِكْ وَشَرْحِ ابْنِ عَقِيلْ وَكِتَابِ الْقَوَاعِدِ النَّحْوِيَّةِ مِنَ التَّعْلِيمِ الْعَامْ وَبَعْدَ أَنِ انْتَهَى عَبْدُ اللَّهِ مِنْ تَحْضِيرِ دَرْسِ التَّمْيِيزِ فَهْماً وَكِتَابَةً وَأَمْثِلَةً وَقَاعِدَةً وَتَطْبِيقاً بِكَامِلِ الدِّقَّةِ وَالْإِتْقَانْ نَامَ فِي الثَّالِثَةِ صَبَاحاً وَرَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ أَنَّ رَجُلاً يُعْطِيهِ شِيكاً ذَا قِيمَةٍ طَيِّبَةْ وَأَنَّ مُوَظَّفَةَ الْبَرِيدِ تَبْعَثُ لَهُ طُرُوداً إِلَى  بَعْضِ الصُّحُفِ وَالْمَجَلَّاتْ وَاسْتَيْقَظَ وَهُوَ غَايَةِ السَّعَادَةِ قَائِلاً:"خَيْرٌ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ خَيْراً".