الزجاج الساخن

انتصار عابد بكري

كان يوم حارا في اخر شهر حزيران ،يوم عادي من أيام الصيف لكنه اليوم الأول من شهر رمضان الكريم، بعض الناس قالوا انه الأكثر حرارة من أيام السنة ، لم يأت يوم بحر مثله لكن في الحقيقة  مدى الذاكرة عند الانسان للظروف المناخية قصير فكل عام نعيش ظروف رمضان الصيفية الساخنة ذاتها يعيننا الله على صيامه وقيامه... 

لست في نهار عمل ولكنه نهار فيه دراسة وتعليم  والأمًَّر من ذلك سفر ساعة الى ساعتين وهذا مربوط بحركة السير ،غرفة الدراسة لا يعمل فيها المكيف الهوائي و من طبيعتي ان لا أجض ولا أشكوه  ، عند الاستراحة انتقلت الى غرفة اجوائها لطيفة، إنارتها كافية، رطوبتها معتدلة  ونافذتها واسعة كاشفة على شوارع المدينة. الكرسي الهزاز مرن جعل كل الصور حية ومباشرة ..لقد كنت انعم بهذا المكان كالمنصة  وبدا الشارع كمسرح متنقل .

الكهل يمشي مثقلا يمسح جبينه من العرق بيده، وتلك الصبية تجر خلفها حقيبة الدراسة نزلت من البناية التي كنت فيها متجهة الى محطة القطار...

يا الله تخيلت نفسي لوهلة أني في فلم سينمائي... الطقس الحار لم يمنع من هذا الرجل ارتداء القميص الطويل الذي اختفت يداه من تحت أكمامه ... وبدت بمكان الكفين أدوات معدنية . إحداهم كانت ب... أصبع معكوف كأنه لهدف تعليق شيء !وفي اليد الثانية مركبة يد آلية تحمل عدة آلات في آن واحد...هذا المشهد أعادني الى الأفلام التلفزيونية المرعبة هنا درت ظهري لأكتب عنهم فما ان أعدت النظر حتى بدا الشارع فارغا من البشر ....