المستحمر

معاذ عبد الرحمن الدرويش

يئس من البشر ، من ظلمهم ، من قهرهم من جورهم ،أراد أن ينتقم من البشرية ، فقرر أن يتخلى عن إنسانيته  و أن يلتحق بعالم الحمير.

هام على وجهه بعيداً عن الناس ، حتى التقى بحمار في إحدى البوادي البعيدة ، فحكى له قصته و أخبره بأنه يريد أن يصبح حماراً مثله،فأخذه الحمار إلى حيث أمير الحمير، قال له أمير الحمير، يا بني لا تظن أنك بسهولة يمكن أن تصبح حماراً، و لكي تصبح مثلنا لا بد لك من خضوع  إلى دورة تدريبية طويلة و شاقة ، و من ثم ستتعرض لعدة اختبارت و عليك أن تتجاوز كل تلك الإختبارات ، قال الشاب أنا مستعد و جاهز لكل شيء، فأنا متأكد أن كل معاناتكم لا تعدل شيئاً مقارنة مع ما كنت أعانيه مع البشر،وعلى الفور تم إلحاق الشاب بدورة تدريبية قاسية في سبيل تقوية بنيته لكي يصبح قادرا على حمل الأشياء الثقيلة والسير بها لمسافات طويلة، وتجميد فكره لكي يكون حماراً مطواعاً.

انتهت الدورة التدريبية و جاء موعد الإختبار ، وقف الشاب وسط جمع غفير من الحمير، و كان على رأس الحضور أمير الحمير، وبدأ الإختبار الأول، باشر المختبرون بوضع أحمال على ظهر الشاب المستحمر،و الشاب المستحمر واقف، و الأحمال تزيد و تزيد ، و فجأة صرخ الشاب المستحمر كفى لم يعد لي طاقة بهذا الحمل ،انتهى الإختبار الأول و فشل في اجتيازه، في الإختبار الثاني تم وضع حمل على ظهر الشاب المستحمر و من ثم تم المسير به في طريق طويلة و وعرة ، حتى وصلوا إلى مفترق طرق، و قبل المفترق وقف الشاب المستحمر و سأل هل أذهب إلى اليمين أم إلى الشمال،انتهى الإختبار و سقط الشاب في اختباره الثاني أيضاً.

عاد الشاب المستحمر إلى الجمع ، فقال له أمير الحمير ، الحمار لا يتذمر و لا يعترض لو وضعت على ظهره الكرة الأرضية ، و الحمار لا يمكن أن يفكر لحظة أو يناقش أبداً، يا بني التفكير لا يليق بنا نحن بني الحمير، نعتذر منك لكي نقبلك حماراً بيننا ....

وسوم: 642