جراب الحواديت

عصام الدين محمد أحمد

ربما يبحثون عن نص ، ربما يتجملون !  ربما يقضون وقت فراغهم أو هكذا

 يتوهمون! يتربعون فوق المقاعد،يفرغون جراب الحواديت،أحيانًا يتشدقون بالمعسول؛ أتعجن الألفاظ بالعسل؟

أيفيد الكلام عن كلام؟ لا أدري ، لا أستريح لهذا الحفل.  

 لماذا أتيت - فعلًا - إلى ما لا تركن إليه؟

لا أخفيك سرًا أنني لا أنصت إلى ما يقال أو يثار.

جئت لأرى الوجوه،التي لم أرها قبلًا ، وجوه حليقة الشعر ،متكلينة،ووجوه يرهقها 

التعب كأنها قدت من صخر بأزميل ثلم،أسفل جلد الرأس عقول تبحث عن وجود ؛ أتدرك هذه الأدمغة الوجود الذي تريده؟

أي نعم تخطط لما تبغيه!  

 لماذا يكابدون مشقة المجيء؟    

انظر إلى هذه المرأة ؛ جميلة ؛ أليس كذلك؟

أعتقد أنها من زمرة الشاعرات، على وجهها بثور أكاذيب خلفها السهر،أتراها في 

دائرة الخواء؟ ، ألم تسمع هسيس قدميها الداهستين الشقة مائة ألف مرة؟

 تجلب زهرة وإناء الحروف،تشم العبير،تلسعها الأشواك،تمارس التجربة،تخشى

 فضيحة الحروف، تمزق الورقة،تسقط فى التكرار متدثرة رداءً  فضفاضًا،يخبئ بين جنباته جنوح الهوى والوهم ، تتسلل - عنوة - إلى لاقط الصوت،تنشد عبارات قالت إنها شعرًا،يرتج جسدها الموبوء بعفن التخبط ، يا ليتها ما قالت وما نطقت!

الرجل الذي يجاورني يتجمر فى جسده المعروق،أسفل قميصه جلباب،تنتفش أوداجه، يشعل غليونه،يربكه القلق،يجلس،يقوم،ينام،ينزلق أسفل السرير،يسكب مِخْلَاته؛ كلام مرصوص فى سطور قديمة ، يبحث عن كشكول حكمته المعنون: الحياة أسطورة.

الإضاءة أسفل السرير خافتة،ترسم ظلالًا، يعتري الحروف الشتات،أرض قاحلة  مجدبة فى دفتره؛في الحقيقة إنه كان لا يملك إلا أربعة قراريط، باعهم قبل أن يستقل القطار إلى العاصمة،استأجر غرفة بمنافعها،اشترى سريرًا مستعملًا، أمسى مرتعًا للذكريات  والكوابيس ، يعرض مِخْلَاتَه على حوانيت الكتب،ما أكثر السطور التي وأدها دون ذنب؛ فقانون الترويج له أحكام الطمس،يلملم الرجل حكاياته التائهة،لم يسجل نجاحًا فوق الفراش، حشية اللوف والدائنون مرابطون،دعك من شأن هذا الرجل،فلن يجد منك سوى السخرية.

أقترب من هذا الصحفي الكبير، تشرئب له الأعناق،بيده النَشْر الذي هو غاية كل الجالسين؛فى جيبه الحبل وما  أكثر الغسيل،رابطة عنقه رفيعة كالدوبارة،يتصفح 

الرواية موضوع الندوة،ربما تعلق بذهنه بضع عبارات،يلقيها على الآذان،الحضور يترقبون نظرات عطف،ربما تعصف بهم الخزعبلات! 

 ربما ترديهم الهواجس! 

 يجهزون صورًا إبهامية، المرأة تعجن قصيدة على السريع مستدعية خيوط مدح مكرورة ، والرجل يدبق أنامله بأسطورة نفيسة  وعويس ،الآن حل الدور على الناقد ، يستغيث: المماليك قادمون،فليتأهب الرماة فوق الأسوار،اجمعوا الحجارة،سنوا السيوف،ارتدوا الخوذات، ودعوا النساء  والغلمان. اختلط الأمر على الناقد، فالمماليك يحكمون البلاد ، يا سيدي الناقد ،يحفز العبيد للانتفاض ، سأترك الرجل

 يغوص ويسترسل ويصطاد اللآلئ .

تهجر نفيسة - فجأة - عويس ، تخلعه ، مئات الأشخاص يخرجون،ينفضون غبار النعاس،يسبحون فى الفضاء،ينصبون المشانق،صراخهم الصراخ،يمزقون    النصوص، تتوه معالم الطريق المرسومة لهم ، تتناثر جذورهم فى الأجواء،يتظاهرون.

يصيحون: لا نظام لا نصوص.

وسوم: العدد 643