الذئاب والضحية

في وسط السهل وبين الأشجار الملتفة، قامت قرية جميلة، مشت المياه في سواقيهان وغدت بسمة أهلها وسعادة زوارها، انتشرت البيوت في اركان حدائقها، سبّح الأهلون بخالقها، قريتهم رمز سعادتهم ونور قلوبهم، وكأن الحياة لا تجري في وادي واحد، لا احد يدري الأسباب فقد انقسمت القرية إلى قسمين الحارة الشرقية والحارة الغربية، الشارع الرئيسي في القرية أصبح معالم الحدود لكلا القسمين. أدى الخلاف بين قسمي القرية إلى تعيين مختار لكل قسم، وإلى إنشاء مدرسة ابتدائية في كل قسم، واشتد الخصام بين الأهالي في كلا القسمين، وتناول الناس في سهراتهم قصص الحقد والثأر من الطرف الآخر، عندما تهدأ نفوس أهل القرية المتخاصمة في آخر الليالي، يتساءلون عن أسباب الخلاف في كلا القسمين في القرية، فلا يجدون سبباً إلى هذا الشر المستطير، وكان يتدخل بين شطري القرية، ويسهر في مضافاتهم مدير المخفر، كانوا يشكون في فساده وكذبه، ولكنهم كانوا يخافون منهم لمسئوليته وقربه من المسؤولين في المدينة، وبعض أهالي القرية يتقرب من مدير المخفر بالهدايا خوفاً من بطشه وفساده، مختار القرية كان أكثر فساداً من مدير المخفر، الواحد منهما لا يقوم بواجباته كمختار، دائماً لسانه يرتفع بالتهديد والوعيد وأنه يهاب من مدير المخفر ومن ورائه. عاش أهل القرية في خصام وفرقة وعداوة بين عائلات الجسم الواحد وبين ظلم المختارين ومدير المخفر ومن ورائهم، وشعروا أن سعادتهم تلاشت، وقد أصيب أهل القرية جميعاً بالأسى والحزن، حين سمعوا أن المختارين ومدير المخفر وبعض الأشرار في نوادي المدينة، وتعج سهراتهم بالموبقات، أدرك أهل القرية أنهم الضحية، ودعوا ربهم أن يأتي السيل ويفرق الذئاب.

وسوم: العدد 664