الطريق

د. عامر البوسلامة

[email protected]

كلما تحدثنا عن المال يمد ولهان رأسه، ويرتفع عنقه، وإن تكلمنا عن فرص الوظائف شنف آذانه، مع اهتزاز في رقبته، أما إذا سمع بمساعدات تقدم، ينتفض كل جسمه، وتعلن أجهزته النفير العام،  نظراته كأنها رصاص من مسدس قديم، ثاقبة حادة مدببة، تذكرني بمسدس جدي المائل، الذي قعد على جدار بيتنا العتيق.

طلب مني يوماً نزهة على الطريق العام، طريق جميل، أنيس، على جوانبه نشأت أشجار كريمة، بين الشجرة والأخرى مقعد، وثير يسع عدة أشخاص في وقت واحد، ورأيت على أحدها ثلاثة رجال، كل واحد منهم يزيد وزنه على المائة كليو غرام.

الطريق واسعة، ورصيفها سهل، تسع أجيالاً من الماشين، وقوافل من الراكبين، وأعداداً كبيرة من المتظاهرين، ومجموعات من منظمات المجتمع، ويسع الطابور الخامس.

نمشي في الطريق، نأكل بعض ما طاب مما بأيدينا.

صاحبنا له طباع خاصة، رغم سعة الطريق، إلاّ أنه يضيق به، كلما وسعنا خطونا في المشي على الطريق زاحمنا، حتى يكاد يعصرنا على جدرانه الوهمية، ذهبنا يمنة يدخل في أعماقها، نروح يسرة يزاحم حتى على أطراف العشب المركب على حافة الفوارز، قلنا نوسع له، فنمشي وسط الطريق رغم مخاطر المرور، إلا أنه زاحم في قلب الحدث، لما يلوح له من خاطر فرصة، ينسى أن له عقلاً، يفكر فيه، ويدبر شؤونه به.

وبعد لأي التفت إلينا وصرخ:

- الطريق تسعنا جميعاً، بل تستوعب أضعافنا، فلماذا هذا الإزعاج ؟؟