سـباق

عصام الدين محمد أحمد

تنده بصوت حاد : 

يا حسام 

أكسر علي رنينها الجاف زير الصمت، تكرر : 

يا حسام 

تنسحب يداي من فوق الفارة، أدع المُتسابق في وسط الميدان، قد تصطدم به السيارات، أو يجرجره الشُرطي، أدخل الغـُرفة، وبتلبية هادئة أهمس : 

نعم . 

قـُل لأحمد ... ( فين ) الحاسبة ؟ ؟ 

وجهه يتوقع العقاب، ويداه تستعدان للدفاع، أغريه بالاعتراف : 

قُل لي الصدق ولن أعاقبك، ماذا فعلت بالآلة ؟ ؟ 

يصمُت، يفكر في إجابة تنجيه، وبنبره واهية يقول : 

انكسرت . 

أين هي ؟ ؟ 

سأحضرها . 

أخلف الغـُرفة، في اللعبة نقصت دمائي، ودراجتي البُخارية مُلقاة على الأرض، العسكري يكيل لي الضرب، وأنا – الآن – في ذي المُتسابقين، أدوس على مفاتيح ( البورت)، استقر فوق الدراجة، أجري، تعبُرني البيوت والحدائق، أجيد حفظ توازني مع  الضرب من الوضع طائراً، أركل الجندي، أزيد السُرعة، أتثعبن على الطريق، فأهزم الجميع، وما زال التباري قائماً . 

أحضر الآلة مُفككة، أتلمس الأجزاء، أجدها سليمة غير مهتومة الحواف، ليست لديه رغبات تخريبية، هكذا تأكد حدسي ,. 

أحاول نسج خلاياها، أفشل، أتوعده بالضرب، لا ... الضرب لن يُفيد ، ونكاية في فشلي أقرر خصم ثمنها من مصروفه، ألف الأجزاء بورقة بيضاء . 

أعود ثانية إلى الموتوسيكل النازف لمخزون دمائه، أتشعلق فوقه، أضغط على البنزين بـ ( الاستارت)، السبيل مليء بالسيارات، شُرطيان يطارداني، دمائي شارفت على النفاد، لا أقدر على الصراع، ألج حارة جانبية ضيقة متلولبة، بأعصاب جامدة أتوازن . 

لوحة السباق تعلن سُحقي لكُل المُتسابقين، بقى على خط النهاية ثانية، زئير زوجتي لخم يدي، تُهدد أحمد بشد الشعر، ونتف المصروف، وتتذمر من الخصم المؤجل، أحبال صوتها تتطارق، باق من زمن السباق ومضة، يداي تخذلاني، يتطوح الموتوسيكل بعيداً، على الشاشة تتعملق خسارتي، أفز مُخترقاً الفراغ، ها أنا شاخص أمامها الآن، أعوى : 

ماذا تريدين ؟ ؟ 

ثمن الآلة 

ألم أقُل أنني سأخصمه من المصروف ؟ ؟ 

بل هاته الآن 

أهناك من يُجبرني على أعطائك المُرتب بكامله ؟ ؟ 

مُرتبك- يا ننوس – لا يكفي لشراء العيش . 

وأنت لا تعملين .... فمن أين لك بالباقي ؟ ! 

أصمُت، ولكن عقلي ما زال حائراً، قررت الهرب، ولكن إلى أين ؟ ؟ 

ليس لي في الحي صديق، لبست هدومي، وفوق الكنبة قعدت، ومُصباح الصالة أطفأت، والكمبيوتر أغفلت، وإلى النعاس لجأت، بالطبع أثناء نومي كانت عيونهم تشمئز من الجسد المسجي، وأنا أقترب من النهر، وعروس مصبغة بالبرونز تُشير إلى، أعبر المياه ماشياً ، تنفتح الكبسولة المرمرية، أضواء فسفورية تتبهرج، تمديدها، أمسكها، إلى القاع تتهاوى، أتبعها، وقبل جلوسي فوق العرش تتيبس المياه، الأسماك تنتحب، تشنجها يتسامق. ذهبت الأسماك وتبخرت العروس، وفي الغبيط المُتدلى من أقصى يمين الصورة شخص، يُقال عنه عبيط . وبهزات يد مُتتالية أنقلب في فراشي . 

وسوم: العدد 700