حكم العدالة

في ا لعاشرة من عمرها ، خرجت لتشتري جرزة من البقدونس ، وفي طريقها الى السوق اعترضهاابن جيرانهم ، راكبا دراجة نارية ، قال لها : الى أين أنت ذاهبة ياعزيزة ، قالت له الى السوق ، لأشتري البقدونس قال: اركبي خلفي رأيت في السوق البعيد بقدونسا غضا طريا ، استجابت لدعوته ، وكيف لاتستجيب ، وهو ابن جيرانهم في الباب المقابل لدارهم ، وأخته معلمة في الخياطة ، وأختها تتعلم الخياطة عندهم ، وفي كل يوم ، تذهب الى بيتهم، وفي كل يوم يأتون الى بيت أهلها ، جيران قرية منذ عشرات السنين ، الأبواب متقابلة والنفوس متآلفة وليس عيبا في أن تتباهى في امتطاء دراجته ، وهو الشرطي ذو البذة العسكرية ، انها مفخرة لها .

سار بها في طرق جانبية ، وعندما خرج من حدود القرية ، أسرع سيره فقالت : الى أين أنت ذاهب قال لها الى بستان قريب حيث يوجد بقدونس في بستان صديق . 

ماذا تفعل اذعنت . 

دخل بها طرقا جانبية ، وفي غابة كثيفة الأشجار بعيدة ، لاحيوان ولا بشر شجر وتراب وحجر حط الرحال قال لها : نحن الآن في نزهة لاأحد يرانا ، ومد يده اليها فصدته بعنفوان ابنة القرية ، تماسكا، تعاركا ، هددته انها ستروي القصة لأبيها ، أفلتت من قبضته جرت ، جرى خلفها ، قذفها بحجر ، أصابت رأسها ، و قعت أرضا مغشيا عليها .

أفاق من صبابته ، على جثة مرمية أمامه ، تتنفس بصعوبة .

تلفت حوله فرأى رجما من تراب وحجر فقرر دفنها تحت الرجم . 

عاد أدراجه الى القرية ، بعد أن أرسل الفتاة الى بارئها تشكو ظلم البشر للبشر . 

طال غيابها ، خرج أبوها وتبعه أخوها و شقيقاتها ، خرج الجيران ، الكل يبحثون عن الفتاة وكان الشرطي بين الباحثين ، وكيف لايكون بينهم وهو جار وصديق .

البحث يجري مر النهار وجاء الليل بظلمته ، وما من بريق نور يضيء ظلمة قلوب منكسرة هلعة جزعة تريد ابنتها .

في اليوم التالي شاع الخبر في القرية ، الفتاة مفقودة ، أعلم مخفر الشرطة ، بدأ البحث مجددا وكان الشرطي الفاعل بين جموع الباحثين . 

علمت رفيقتها في المدرسة بخبر فقدها ، فقالت أنا رأيتها البارحة تركب خلف ابن الجيران ودراجته كانت متجهة صوب الغابة . 

أحضر الشرطي فأنكر قوبل بالفتاة فأصرت على ماقالته ، وأصر على الانكار ، أحيلت الأوراق الى النيابة العامة ، وفتح التحقيق ، انهارت قواه أمام المحققين ، اعترف ، مثلت الجريمة ، أخرجت الجثة ، سلمت لذويها . وروى القصة .

أحالت النيابة العامة الأوراق الى قاضي التحقيق ، ومن ثم الى قاضي الاحالة ، فطعن بالادانة أمام محكمة النقض ، عادت الأوراق مصدقة حكم الادانة . 

تمت محاكمته أمام محكمة الجنايات ، صدر القرار بادانته وحكم عليه بالاعدام شنقا حتى الموت . 

طعن أمام محكمة النقض ، عادت الأوراق مصدقة الحكم .

وللصدفة أنه كان شرطيا سجانا في نفس السجن ، سجانوه اليوم رفاق الأمس ، كانوا يعطفون عليه ، ولا يعطفون ، يعطفون عليه أحيانا كبشرورفيق ضل الطريق ، ثم يعودون الى فعلته التي لاتغتفر 

صدق المفتي الأوراق وشاهدها ، ووقع عليها ، وبالمراسم المعتادة لمثل هذه المناسبة نفذ حكم الاعدام في ساحة السجن .

وسوم: العدد 706